شريفة من مصر (23سنة، معيدة) أرسلت تقول:
الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بارك الله فيكم وفى جهودكم الحثيثة المتواصلة للإصلاح وأعانكم الله على ما تجدونه من المشقة وجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة وجعلكم من أهل الفردوس الأعلى من الجنة آمين
أردت أن أشير إلى شيء لفت انتباهي على موقعكم وهو مقال السيدة بثينة كامل والذي هو بعنوان (اعترافاتي الشخصية:عندما تحشمت)، صحيح أن قرار الحجاب هو قرار شخصي ولا يجوز أن نجبر أحدا عليه حتى ولو كانت ممن ارتضت الإسلام دينا.
لكن المشكلة في هذا المقال هو تعرض الكاتبة للحكمة من فرض الحجاب أو لأهميته حيث قالت: (وأعلن أني محتشمة وفقط لكني بيني وبين نفسي لم أحس أن غطاء الرأس قد أضاف إلي شيئا على العكس وجدتني أبتعد عن الصلاة) فما العلاقة بين ارتداء الحجاب والابتعاد عن الصلاة؟
وتقول أيضا (ومن يومها قررت أني لن أقدم علي تلك الخطوة ثانية فإذا كنت أشكل إثارة لشخص ما فليغض بصره)، (وكم كنت سعيدة وأنا أوقع علي وثيقة انتساب ابنتي للمدرسة الفرنسية بعدم ارتداء ما يميز الأشخاص دينيا.. لا صلبان ولا طواقي يهودية ولا حجاب فالطبيعي أن ينحاز المرء لبني ملته إذن فلنكن جميعا مجرد بشر يكفينا التمايزات العرقية الشكلية التي تدلنا علي أصوله الإفريقية أو الأوربية أو العربية أو الآسيوية ولكل في الآخر مسبقا آراء وأفكار حتى قبل أن يفتح فمه ويعبر عن أفكاره.الدين عنصر فرقة وصراع بين البشر كما نقرأ من تاريخ الصراع البشري أو هكذا استخدم للحشد من أجل الحروب والتَسَيُد للطامعين في السيطرة).
وهذا الكلام ليس مجرد تعبير عن موقف شخصي وإنما فيه دعوة إلى ترك أحد شعائر الدين وفرائضه وهو الحجاب وهذا يتضح من قولها (إذن فلنكن جميعا مجرد بشر يكفينا التمايزات العرقية الشكلية) والحجاب وهذا أمر بدهي ليس مجرد وسيلة للتمايز والتفرقة بين المسلمة وغيرها.
أعلم أن هدفها أو ما أرادت أن تصل إليه هو احترام المرأة كإنسانة وآدمية وعدم النظر إليها على أنها مجرد جسد يجب أن يختفي فقد قالت في نهاية المقال (أخيراً لماذا تصر المجتمعات المسلمة على حجب المرأة عن الحياة باعتبارها سببا الغواية والإغواء للرجال الطيبين الضعفاء؟) ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة.
وفقكم الله وسدد خطاكم
والسلام عليكم ورحمة الله.
22/6/2007
الأخت الفاضلة؛
ربما رأى أخي وزميلي د.وائل أنني ينبغي أن أكون طرفا في هذا النقاش بوصفي مؤسس مشارك معه منذ بدأنا الموقع سويا، وإلى أن يشاء الله.
ارتضى موقعنا أن يكون ساحة لتبادل الآراء والأفكار، وهذا معناه أنه ربما يبدو أحيانا، وكأنه ينشر الشيء وضده، أو الرأي ونقيضه، وتلك هي الحرية التي لا تنفي أن أنحاز أنا أو غيري لهذا الرأي أو ذاك، ولكن بنفس الوقت أسمح وأرحب بإبداء غيري رأيه مهما كان هذا الرأي، ولا يصل الإنسان لاختيار صحيح إلا عبر اختلاف الرأي!
وبداهة أن كل رأي وانحياز إنما يحمل دعوة معينة ضمنه، أنا شخصيا حين أتبنى رأيا مفاده أن حجاب المرأة إنما شرع لإبراز إنسانيتها بتحييد أنوثتها، وأنه إنما شرع ليكون زي خروج المرأة ومشاركتها الحياة بأنشطتها مثل الرجال، وفي الحديث:"النساء شقائق الرجال"، حين يكون رأيي أن معنى الحجاب بداهة أن المرأة مثل الرجل سواء بسواء في المجال العام، بلا تمييز أو تفريق إلا بالكفاءة، وعلى أساسها.
حين يكون الرأي عندي أن هذا إنما يدفعنا إلى تقنين أو تفعيل، أو فهم وتطوير وجود المرأة وحركتها وتفاعلها في المجال العام، وليس حجبها عنه كما يرى كثير من المسلمين، إذا كان هذا هو رأيي فإن هذا يعني ضمنيا دعوة إلى الحجاب بهذا الفهم، ولا عبرة بالقول أو القصد أو الاعتقاد بأننا يمكن أن نسمح بالرأي، ونحجب الدعوة التي يتضمنها.
للأستاذة بثنية أن ترى ما تشاء، وتدعو إليه بالتالي، وبداهة أن هذا لا يعني شيئا أكثر من مجرد أن هذا رأيها، وأنها حرة فيه، وأن موقعنا اختار أن يكتب الناس كما ولدتهم أمهاتهم أحرارا، على الأقل بالرأي والاعتقاد، وتحياتي.
روابط ذات صله:
حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية / هل رفض الحجاب مرض نفسي؟ / الحجاب والهوية نص أول مثير مشاركات