مرة أخرى، ليست أخيرة غالبا، أدعو الله أن يساهم الإعلام –عاما وخاصا -أكثر فأكثر في دوره الإيجابي المسئول:
• لم يعد يكفي أن يهتم الإعلام أكثر فأكثر بدوره في "إعلام" الناس بما يجري، برغم أنها وظيفته الأساسية التي لا غنى عنها .
• لم يعد يكفي أن يركز الإعلام على الماضي، مهما تصور القائمون عليه أن دروس الماضي هي عظة للمستقبل، لكن الناس، وهم يدفعون ثمن ما حدث غاليا حتى يكاد يغلبهم اليأس من احتمال تغييره، حين تصلهم رسائل الماضي بكل قبحها، وبكل هذا الإلحاح، لا تنطلق منهم آمال المستقبل بقدر ما تتحرك فيهم غرائز الحقد والانتقام، مما يعطل حركة التغيير، وجهود الإنتاج، ويعوّق البناء القصاص حق، لكن له مكانة في ساحة القضاء وليس على شاشات الإعلام، الذي يمكن أن يلخص دوره في عبارات قليلة مفيدة تقول: إن ما حدث في الماضي كان بشعا، وأغلبه أمام القضاء الآن، دعونا نعمل فورا حتى لا يتكرر.
• لم يعد يجوز أن يمدح الإعلام شخصا مهما بلغ مركزه، أو أملنا فيه، بديلا عن أن يعلـِّم الناس كيف يقيسون آدائه إذا وفقه الله وقاد السفينة، يقيسونها بمقاييس موضوعية على أرض الواقع.
• لم يعد يصح أن ينشر الإعلام بشائع الجرائم المرعبة التي تحصد الأبرياء من الناس ومن حماتهم الشرفاء، لمجرد أنها بشعة، وغير أخلاقية، وضد كل الشرائع والأديان، فهذا يرعب الناس أكثر مما يحركهم في اتجاه محدد للبناء والمقاومة، كما أنه يسمح للمتربصين أن يبالغوا في تشويه صورة الأمن وسلبهم حق الدفاع عن النفس، وأيضا يسمح للأعداء والشامتين في الخارج أن يفرحوا بقوة أعوانهم التي لم يحدّ من عدوانها كل هذا التكثيف الأمني
• لم يعد يليق بالإعلام أن يتدخل في شؤون القضاء، لا بأن يعامل المتهم على أنه مدان، ولا بأن يشوه صورة المتهمين قبل الحكم عليهم، ولا بأن يصدر الأحكام بديلا عن القضاء دون أدلة قانونية نهائية لا يملكها إلا القضاة، حتى لو اطمأن الإعلام إلى عرض صورالفيديو التي سمحت لعامة الناس، (وللمغرضين أيضا)، أن يحملوا ما يوازي حق الضبطية القضائية، هذه الصور المشكورة أحيانا، قد تفيد القضاة، لكنها ليست للعرض العام على العمال على البطال،
• لا يجوز للإعلام أن يعلق على أحكام القضاء قبل الدرجة النهائية للتقاضي، حتى لو استضاف بعض المستشارين الأفاضل.
• لم يعد يليق بأبنائي وبناتى الإعلاميين أن يذيعوا أخبارا شديدة الإيلام، شديدة التحدي، وهم يجهرون عاليا بأصواتهم التي تحرض على المتهمين المحتملين، دون أن تظهر على وجوههم ما يتناسب مع الموقف من آلام نبيلة، ومسئولية متصاعدة
• لم يعد يصح أن تشغل الإعلانات مساحة متزايدة، وسط إذاعة أخبار خطيرة، وبالغة الإيلام والتحدي
• لم يعد يليق أن تحتل برامج التوك شو كل هذه المساحة، فكثرة الكلام تقلل من احتمال تحويله إلى فعل مسئول، ووعي فاعل، وإبداع قادر (من الشخص العادي قبل المبدعين والصفوة)
• لم يعد يصح أن يركز الإعلام على المشاكل الفردية، رغم حق الأفراد المضارين، وكأنها الحل السعيد لمشكلة عامة، دون أن يخرج من كل مشكلة فردية، باقتراح حل عام يمنع تكرارها ليرفع الظلم عن كل من يعاني مثلها، ولم تكن له فرصة اللجوء للإعلام
• لم يعد الحديث عن دماء الشهداء (في الإعلام خاصة) يصح أن يحل محل الدعوة لحمل رسالتهم، واستكمال مشوارهم، فالشهيد عند ربه في جنته، لا يفرح بالانتقام من قاتله، بقدر ما يسعده، وهو في جنة الله الرحمن الرحيم، أن يرانا نواصل ما أراده لبلده، ودفع حياته ثمنا له
وبعد
عذرا، انتهت المساحة، ولم أقل كل ما لا ينبغي، أما ما ينبغي، فله حديث آخر، أدعو الله أن أستطيع أن أقدم بعض هذا وذاك اجتهادا يخطئ ويصيب.
الخميس 3-4-2014
واقرأ أيضاً:
الدين لله والوطن لله والجميع لله / التآمر هو الحل !!!