* هل يتسع صدر الرئيس السيسى للنقد؟
أعتقد أنه يتسع ويجب أن يتسع! أقول ذلك بسبب تحول بعض الشخصيات التي كانت تؤيد السيسى بشدة إلى معارضة حادة! فقد توقفت كثيرا عند مقالة د. غادة الشريف منذ أسبوع فى «المصرى اليوم» بعنوان «عفوا سيدى الرئيس: من يصنع الوحوش؟» د. غادة الشريف كاتبة متميزة أكن لها كل الاحترام، ولها قلم ساخر ورشيق، يتابعه الكثير من القراء. وما يهمني في هذا المقال كيف تتحول شخصية كانت من أشد المؤيدين للسيسي إلى معارضة بهذه الحدة. الكاتبة كانت لها مقالات مشهورة مؤيدة بشدة لانتخاب السيسي اعتبرها البعض مبالغة و«أفورة» ونالت ما نالت من الهجوم، واتهموها بالتطبيل وعبادة البيادة وإلى آخره من الاتهامات التي نالني منها أيضا بسبب وقوفي مثل ملايين المصريين وراء الرئيس السيسي في فترة من أخطر وأدق اللحظات في تاريخ مصر الحديث دفاعا عن حدود وهوية الدولة المصرية.
ولقد تحدثت كثيرا وكتبت عن الداعشية السياسية وذبح أي شخص يخرج عن الخط المرسوم، وهو الدعم اللامحدود لكل سياسات الرئيس _ عمال على بطال _ ومهاجمة أي شخص تسول له نفسه نقد الأداء السياسى للرئيس. وهناك عادة إخوانية انتقلت إلى دواعش السياسة الجدد مفادها أن أي موقف سياسي مع أو ضد يجب أن يكون وراءه دافع شخصي يحركه (يعني مصلحة من الآخر) هذا هو منطق السبوبة الذي يحرك الخيال المريض فلا يتصور أن هناك رأيا حرا مجرد ولا يطيقه أساسا.
فعندما طلب مني الانضمام للحملة الرسمية للرئيس ووقوفي بشدة دعما للسيسي .. دشن الإخوان وينايرجية نشطاء حقوق الإنسان حملة إلكترونية ضدي أني أعمل ذلك من أجل منصب (غباء منقطع النظير لأن تاريخي حافل بقلب الترابيزة وترك المنصب طواعية مرة أيام مبارك ومرة أيام مجلس طنطاوي العسكري)
وعندما وجدوا أن مصر شكرتني فعلا ولم أتول أي منصب اتخرسوا ودافع عني وقتها محبي السيسي ثم عندما انتقدت السيسي فى سياسة صندوق تحيا مصر الفاشلة وظهوره أمام البنك .. هذه المرة هاجمني محبي (دواعش) السيسي وقالوا هذا الموقف سببه أني لم أحصل على منصب!
نفس الغباء يتم مع د. غادة الشريف بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما كتبته فى المقال .. أشاعوا أنها انقلبت وتحولت ضد السيسي بسبب تجاهل مؤسسة الرئاسة لها في دعوتها للمناسبات العامة! وعودة إلى مقال الكاتبة، رأيي الشخصي أنها مثل الكثيرين من المصريين بعد تولي الرئيس، سقف طموحاتهم عال جدا وهناك عشم كبير في الرئيس وهذا ليس عيبا.
يريدون أن يروا تغييرا جذريا فى الفكر قبل الأداء وفي السياسات قبل الكيانات، وإذا كنت اتفق فى بعض ما جاء في مقال الكاتبة ولكن أختلف تماما فيما قالته: «أنتم يا سيدي والإخوان المسلمون وجهان لعملة واحدة»، في سياق منح صك الإيمان مقابل صك الوطنية! لا يمكن وضع السيسي أو الدولة أو الجيش في نفس الكفة والجملة والعملة مع جماعة خائنة إرهابية تحت أي ظرف. لقد تعلمنا الدرس جيدا في السنوات السابقة وأعتقد أنه «خانها التعبير».
أما بخصوص قلقها المشروع تجاه الدائرة الضيقة من المقربين فأنا أتفق معها في قلقها ولقد كتبت سابقا عن ضرورة اتساع قاعدة الفريق الرئاسي المعاون للرئيس والاعتماد على مدنيين أكفاء فلا يمكن أن يقوم بهذا العبء ثلاثة أو أربعة فقط يمثلون دائرة ضيقة جدا معظمهم من العسكريين السابقين الذين عملوا معه في القوات المسلحة وقد عملت معهم أثناء الحملة، وفعلا هم رجال مخلصون جدا للرئيس وللوطن وأنا أعلم جيدا قدر المجهود الخرافي الذي يبذلونه وكان لهم دور بارز في نجاح زيارة الرئيس للأمم المتحدة! ولكن مؤسسيا لدولة في حجم مصر صعب أن يستمر ذلك! ولكن أيضا هناك مجهودات لتوسيع القاعدة من خلال مجلس العلماء واللجان القومية المتخصصة التي تم الإعلان عنها مؤخرا وننتظر آلية واضحة محترفة لتفعيل هذه الكيانات الجديدة ونتمنى ألا تكون شكلية.
* العنوان الأصلي للمقال، نقلا عن اليوم السابع
واقرأ أيضا:
نظارة السيسي السوداء نهاية تمثيلية الثورة ! / تحليل نفسي لبيان الفريق أول عبد الفتاح السيسي / الاستبداد صناعة الحاكم والمحكوم / الحاكم الذي أعاد إنتاج بلهنية الخليفة هارون الرشيد !!