يبدو أن ما حصل ويحصل في المنطقة له ما يشابهه في المجتمعات الأوربية، فعندما انطلقت الثورة الفرنسية وأسقطت الملكية، انتشرت روحها في الدول الأوربية الأخرى، التي تهاوت فيها الأنظمة المستبدة أمام الطاقات الجماهيرية الفوارة الملتهبة العنفوان.
وأصاب الثورة ما أصابها بسبب الأزمات الداخلية، التي عصفت بها فأردتها خاوية على عروشها.
ومع اندحارها بقيت مبادؤها، مثل حقوق الإنسان، والحكومة خادمة للمواطنين، وإقامة أنظمة دستورية تترجم القانون الذي هو السيد الأعلى في البلاد. وبعد انهيار الحالة في فرنسا التي استمرت لأقل من عقدين، نهضت أنظمة الطغيان والاستبداد، التي حاولت الالتفاف على مبادئ الثورة، كما حصل بين روسيا وبروسيا والنمسا، التي دخلت في معاهدات لتأمين الطغيان، والاستبداد بخيارات دستورية مكشوفة.
ومع ذلك توالت الثورات في أوربا التي توجتها ثورة (1848) في فرنسا بقيام الجمهورية الفرنسية الثانية. وبعد الحرب العالمية الأولى، انهارت العديد من الأنظمة الطاغية، وولدت جمهوريات ذات تطلعات جديدة، لكنها انحرفت، كما حصل في ألمانيا وروسيا وإيطاليا فيما بعد وغيرها من الدول.
فالبشرية تعودت على أنظمة الاستبداد والطغيان منذ البدايات الأولى لتأسيس الدول، وما عرفت الديمقراطية ومعانيها ومعاييرها، إلا في منتصف القرن التاسع عشر، وبدأ الحديث عن حقوق الإنسان والدستور الوطني السيادي الحر.
ومضى الالتفاف على الإرادة الديمقراطية، كما حصل في المنطقة العربية، سفكت فيه الدماء وخربت المدن وطغى الدمار بأنواعه، وتعاظمت النزعات الفردية والحزبية والفئوية والمذهبية، وتسيّدت الطائفية والمحاصصاتية، وغيرها من أدوات الاستلاب والانتهاب والاستعباد باسم الديمقراطية، وما يدور في ربوع المنطقة قد حصل في أوربا، لكن الإرادة الحرة والمواصلة في التحدي والنضال، أوجدت أوربا المعاصرة، والدول الغربية التي تحترم حقوق الإنسان، وتسعى حكوماتها جاهدة لتأمين كرامته، وعيشه المتوافق مع إنسانيته وعزته، وإن المنطقة العربية ستكون كذلك في أجيالها القادمة حتما وأكيدا!!
د.صادق السامرائي
8\9\2021
واقرأ أيضاً:
العرب والطاقة الشمسية!!الشك والسؤال!! / الخضرمة والأضرمة!!