"أغانينا التي فينا تَماهَتْ....تُشافينا إذا بَصَرَتْ وقالتْ"
الغناء بحاجة لثورة تعيد ترتيب أوضاع النفس العربية، فعلى مدى العقدين الماضيين من القرن الحادي والعشرين، والأغاني تمضي على إيقاع القرن العشرين، أي أنها متأخرة لما يقرب من ربع قرن عن زمانها.
الثورة الغنائية تستدعي النظر في الكلمة واللحن والأداء وتثويرهما، بمعنى الإتيان بأنماط متوافقة مع العصر، ومنبثقة من أعماق الإنسان لإعادة بناء كينونته الذاتية، وصورته المستقبلية الكفيلة بإطلاق ما فيه من القدرات والطاقات الحضارية.
فالأغنية أصبح لها دور كبير ومؤثر في دوامات الضيم العربي، العاصفة في الأرجاء التي يتوطنها أبناء الأمة المنكوبة برعاتها.
ولابد أن يكون الدور إيجابيا بناءً لا ترفيهيا وحسب، فالظاهر في الحفلات الغنائية أن الناس تسكب ما فيها من المشاعر المكبوتة والأحاسيس المجهودة، وتظن بأنها ستستريح وستغنم راحة البال وحسن المصير، فتجدها بعد أن فاقت من نشوتها، قد عادت إلى مستنقعات الوجيع بلا قدرة على المساهمة في النهوض، وتعبيد سبل المسير نحو آتٍ منير.
فلا نريد للأغنية أن تكون مخدِّرة، بل مثوِّرة!!
والأغنية المثوِّرة، تمنح الإنسان أملا، وتزيده ثقةً بالقدرة على صناعة الحياة الحرة الكريمة.
والنفس العربية تعاني من الإنثلامات المتراكمة، وفيها يكون للأغنية دورها النفسي المهم، ويمكن القول أن الواقع العربي تستطيع الأغنية الواعية الآسية أن تشافيه، وتمده بمهارات التواصل المتوثب الخلاق. وعلينا أن لا نستهين بالأغنية، ونسقطها في مزادات المتاجرات البخسة الخسيسة، ونحسب ذلك نجاحا لها.
إن الأغنية العربية عليها مهمة إنسانية ودور حضاري، ومسؤولية بناء الإرادة المتحدية الصامدة المتفائلة، والمتحفزة نحو تحقيق جواهر العطاءات الأصيلة، الصالحة لأمةٍ ذات سطوع حضاري أثيل.
فهل لنا أن نغني ما يبعث في الروح الأمل؟!!
واقرأ أيضاً:
الأغاني النفسية!! / أشجان الطين!! / استشراق واستشفاق!!