هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة، ذلك ما يُعرف بالجدل البيزنطي، أو التفاعل البيزنطي، ويبدو أنه قد استشرى في واقعنا المثخن بالجراح، فالطعنات تسدد من كل الجهات.
نقاش عقيم، ينجم عنه تداعيات ذات مآل وخيم، فيتفرق الناس ويتقاتلون ويمحق بعضهم بعضا، وتطور الأمر فأصبح له فقهاء يفتون بما لا يعرفون، ولكل منهم ما يرى من التصورات القاصرات، والناس تتبع وتخنع وتطيع، ولا تتدبر وتتفكر وتتعقل.
وإرادة بيزنطة فاعلة فينا، فأدباؤنا وشعراؤنا وكتابنا ومفكرونا وعلماؤنا وفلاسفتنا ومثقفونا، وغيرهم وأمثالهم وما يسمون أنفسهم نخبا، غرقى في مستنقعات بيزنطة، وكل منهم يغني على ليلاه، وقد قتل ألف ليلى وليلى مع ليلاه، ولا يدري بأنه مذهول وبالبهتان مسطول.
وبعض المجتمعات هيمن عليها فقهاء بيزنطة الأجلاء، بأشكالهم وعناوينهم وما يعرفون به ، وما يضفى عليهم من آيات التهويل والتبجيل، حتى صار الواحد منهم سيد الأحوال ومدبر أمور الأجيال.
وما أكثر ما يطرحونه ويتنابزون حوله، ويتشاكسون، ويحللون سفك الدماء، وزج المساكين في أتون سقر، التي يعدونها ليتكسبوا منها، ويزدادوا قوة على التحكم بمصير الناس.
عقل بيزنطة وفكرها ومنطقها يتحكم بوجودنا، شئنا أم أبينا، ولن نصل إلى نتيجة بموجب هذا الاندفاع نحو مطاردة اللاشيء، ومحاولة الإمساك بخيط دخان.
إنها مأساة فاعلة في واقع منكوب بأهله، الذين عطلوا عقولهم، وأذعنوا للفاعلين بهم والقائلين باستعبادهم، وتسخيرهم لأغراضهم الدونية التي تمليها عليهم أمّارة السوء التي فيهم.
وتلك حكاية أجيال تدعس أجيالا، وأهوال تجلب أهوالا، وأفراد من مجتمعاتها تتساقط في مهاوي الخيانة والعمالة، وتأمين حاجات الطامع فيهم، وهي راضية مرضية، وقانعة بما تجنيه من فعل السوء، لأن الويلات أفرغتها من كل أرب، وفي هذا للحرّاقين عز الطلب!!
اقرأ أيضاً:
هل تنتحر الحضارات؟!! / مسرحيات وتضحيات!!