أعراض الوسواس القهري الدينية في المسلمين: تصنيف مقترح2
ثانيا: الوساوس التعمقية في المسلمين:
التعمق – التنطع من أهم السمات التي ترتبط بمرضى الوسواس القهري الديني، وتجمع صفاتٍ من الكمالية والنزوع إلى الشك في الظاهر المباشر، وكذلك عدم تحمُّل الشك، والإصرار على طلب اليقين 100%، والنزوع إلى الشعور بالذنب وفرط المسؤولية، والتقويم المفرط لأثر الخطأ أو الذنب، والورع المفرط، ونوعًا من الغرور بالفكرة؛ وكأنَّ أحدًا لم يفكرها من قبل! والغرور كذلك بالفعل المثالي (الدقة- والتمام)... إلخ،
الشكل الأول: التعمق في السؤال:
ويشمل هذا النوع من التعمق مجموعة واسعة من الأسئلة الغيبية أو الأسئلة الفقهية والمسائل المتشابهة أو الملتبسة أو الخلافية، كما يشمل التعمق في تحري طهارة الشيء أو الحلال والحرام في المعاملات المادية أو في المأكل والمشرب؛ ومن ذلك مثلاً ضرورة مراجعة كل مكونات أي منتج غذائي قبل شرائه أو تناوله؛ للتأكد من عدم وجود محرم به، أو ما يترتب على ذنب ما في الماضي البعيد، ولعل الشكل الأكثر شيوعًا هو المتعلق بالسؤال عن طهارة الماء أو الملبس أو مكان الصلاة... إلخ، ومن أمثلة التعمق في السؤال:
(أ) التعمق في تحري الطهارة:
1- التعمق في تحري طهارة الشيء: ومن أمثلة ذلك التعمق في السؤال عن طهارة الشيء:
- السؤال عن طهارة الشيء دون وجود علامة نجاسة ظاهرة، وكذلك فرط السؤال عن كمال تطهير الشيء كالملابس أو السجاد وهل يكفي تطهيره مرة أم 3 مرات أم أكثر.
- السؤال مثلاً عن طهارة مكان قبل الصلاة إذا مر من فوقه حيوان أليف أو صبي صغير؛ إذ ربما تكون نجاسة عالقة به لأنه يمشي في الحمام حافيًا.
- السؤال عمَّا بقي من نجاسة مثلاً على الملابس بعد غسلها أو سور الشرفة لاحتمال تعرضها لروث الطيور!
- التساؤل عن طهارة الماء المتساقط من المتوضئ نفسه على عضو تم غسله من قبل، وكأن الماء الطهور ينجس بسبب استخدامه في الوضوء!
(ب) التعمق في تحري الحلال والحرام بالسؤال:
المقصود هنا هو الشكل المرضي في تحري الحلال والحرام في الرزق وفي الأكل وغيره، والذي يتجاوز الحرص المحمود على تحري الحلال ويتميز بــ : تكرار السؤال لأكثر من فقيه وللفقيه الواحد أكثر من مرة ومقارنة الردود ببعضها ثم الشك في الذاكرة للردود وفي صحة البعض أو الكل.
(ج) التعمق في الأسئلة الغيبية والتشكيكية
وهو تعنت في السؤال عن عويص المسائل التي يندر وقوعها في ذهن الإنسان العادي، وإن وقعت أهملها ببساطة ولم يقف عندها طويلاً، ومن أمثلة التعمق في الأسئلة الغيبية والتشكيكية:
- السؤال عن شكل الله عز وجل وصفاته، والتفريق هنا بين الموسوس المتعمق وغير المتعمق والجاهل الذي يود المعرفة فقط يكون في طريقة السؤال وتكراره وإعادته بأساليب متعددة المرة تلو الأخرى.
- كذلك السؤال عن يوم القيامة أو يوم الحساب؟ وهل هو يوم واحد؟ وكيف يحدث كل ذلك في يوم واحد؟ على ألا يكتفي المريض بالرد الشرعي المعروف ويستمر في التساؤل بعد التساؤل.
- تعنت في السؤال عن الحور العين في الجنة، وكيف يرضى الله لمسلمة في الجنة أن يشاركنها زوجها؟
- السؤال عن معنى الخلود في النار وعواقب أنه فعل ذنبًا عقوبته الخلود في النار... إلخ.
(د) التعمق في الأسئلة الفقهية الخلافية
- كثرة السؤال أي طلب الفتوى في حكم أشياءٍ مسكوت عنها، أو نادرًا ما يخطر السؤال عن كونها حلالاً أو حرام؟ وغالبًا بعد الرد يضع الموسوس تخمينات وافتراضات تؤثر على الرد؛ بما قد يدفع المُستفتَى إلى التحريم بعد التحليل.
- كثرة السؤال والاستفتاء عن حكم الأمور الخلافية، وفرط التفاعل مع الاختلافات وعواقب اتباع رأي غير صحيح.
- كذلك السؤال عن قضايا فقهية مبنية على الشاذ أو غير المعتاد من الأمور.
الشكل الثاني: التعمق في الإحسان:
ويقصد به الإفراط في إحسان العمل وصولاً إلى اكتماله 100%، ومنه التعمق في طقوس طهارة الجسد أو الإسراف في الوضوء أو الغسل أو تكرار الصلاة... إلخ، ومنه التعمق في النية والتلفظ بها والشك في خلاصها لله، ومنه كذلك وسواس الخوف من الوقوع في أي ذنب مهما كانت تفاهته، وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن التعمق في تحري طهارة الجسد؛ نجد مثلاً:
- الإسراف في الوضوء: وهو من أشهر أشكال الوساوس الدينية
- الإسراف في الاغتسال من الجنابة: من الناس تجده يتعب تعبًا عظيمًا عند الاغتسال، في إدخال الماء في أذنيه، وفي إدخال الماء في منخريه، وكل هذا داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ) قالها ثلاثًا، رواه مسلم
ويمثل الجدول التالي مدرج المخاوف لمريض كانت جل وساوسه دينية تعمقية المحتوى، وللمتأمل في عباراته يظهر واضحًا مفهومه عن حساب الإله ومراقبته كحساب القاضي الذي يطبق نصوص القوانين والأحكام، لا حساب الإله المحب الرحيم بعباده، مثلما يظهر ولعه بالانضباط والمثالية والنقاء والتناظر والتساوي، وكيف أدى به إلى حياة كلها قيود لا تطاق، مرتبطة أكثر ما ترتبط بدينه وعباداته؛ بداية من الاحتراز الاحتياط القهري (الذي قد يمتد 24 × 7)؛ من أجل الجاهزية والاستعداد أو التهيؤ للعبادة؛ حتى ارتبط الشعور بالضيق بكل ذلك... أما ما خفي فكان إعجابه المفرط بأفكاره وآرائه ومقاييسه التي لا يستطيع تغييرها؛ لأنه مقتنع بها وبأنها الأفضل والأحوط والأزكى عند الله.
و.ض.ذ | المهمة المطلوبة |
30 | عدم ترديد صيغة النية في سري للصلاة |
عدم تكرار وضع العضو تحت الماء أكثر من مرة | |
عدم إعادة ضبط اتجاه القبلة قبل كل صلاة | |
40 | عدم رؤية الماء بعيني يصيب العضو أثناء الوضوء |
عدم التركيز مع التنفس والبلع في نهار رمضان خوفًا من أن يكون هناك شيء | |
ألا أتجنب ملامسة أختي بصورة مباشرة | |
عدم الانتباه لرذاذ الريق الذي يخرج حين الكلام في الصلاة | |
50 | الصلاة في مكان به صوت أو شخص |
عدم محاولة التذكر بعد السرحان في الصلاة | |
الوضوء من حنفية تنزل كمية قليلة من الماء | |
عدم الانتباه للحركات أناء الصلاة | |
| عدم استخدام منديل للتأكد من صحة الاستنجاء من الغائط |
عدم التحقق من الملابس الداخلية والذكر وخلوهما من أي أثر للنجاسة | |
عدم التأكد من نقاء الحلق وعدم وجود بلغم يؤثر على النطق في الصلاة | |
70 | وضع يدي في فمي أو أنفي أثناء الصيام دون مخافة أن يكون بها عرق فأبتلعه |
التكلم في الأمور دينية دون خوف من الخطأ | |
عدم التأكد من نطق الحروف وعدد الآيات في الصلاة رغم الشك | |
80 | النظر لأي شخص مخافة السخرية من شكله والعياذ بالله دون خوفٍ من الوساوس |
دخول الحمام في نهار رمضان دون خوفٍ من دخول الماء عبر الدبر | |
الوضوء ثلاثا للعضو مع عدم العد | |
عدم استخدام كمية كبيرة من الماء المندفع من الشطاف عند الاستنجاء | |
الدخول في الصلاة من أول تكبيرة إحرام | |
قراءة الفاتحة بالتجويد دون خوفٍ من اللحن | |
90 | دخول المطبخ أثناء الصيام دون خوفٍ من استنشاق رائحة أو التفكير في الإفطار |
100 | مسح الفم بقطعة من الملابس بها فتل دون خوفٍ من وصول هذه الفتل لفمي |
عدم تكرار الاستنثار والبصق أكثر من مرة للتأكد من عدم وجود شيء | |
النطق بالشهادة في مكان بعيد عن أي مصدر للمعصية دون خوفٍ من ألا تقبل والعياذ بالله | |
الاكتفاء بنطق الشهادة مرة واحدة فقط | |
الصلاة على سجادة بها رسمة تشبه الصليب | |
ترك الماء على الوجه دون مخافة أن يدخل الفم أو الأنف في الصيام | |
قراءة أو سماع أي شيء ديني دون خوفٍ من الوساوس | |
مشاهدة أفلام أو مسلسلات بها عقائد كفرية دون خوفٍ من الوساوس |
ثالثا: وساوس المعاملات وأخرى متنوعة مثلا:
• تضم هذه الفئة الوساوس والقهور الدينية التي لا يمكن تصنيفها مع وساوس العبادات ولا وساوس التعمق وتشمل –ولا تقتصر على- ما يلي:
1- وساوس وقهور الطلاق
لكلمة طالق قوة غير عادية وهذا بالنسبة للموسوس فخ كبير!، إذ تتفاعل الخصائص المعرفية لمريض الوسواس القهري مع الخصوصية الفقهية للطلاق:
القناعة بالقوة السحرية للكلمات أو الأفكار أو الحروف
التحيز المعرفي لإغفال بعض الحقائق أو المقدمات
القابلية العالية للشك في المعلومات الداخلية
النزوع للتفكير الترابطي وهو شكل مميز منْ اللاعقلانية
القابلية العالية للانفصال أو الانشقاق
2- وساوس وقهور العين والحسد
من أشكال اندماج الفكرة الشيء أو الفكرة الشخص ويعني قدرة الفكرة أو الرغبة الشريرة على التأثير السلبي في الشيء المحسود
هنا يخاف المريض من أنه يحسد رغما عنه، ويبذل قصارى أفعاله القهرية في تحاشي ذلك، بما يصل ببعضهم إلى حد الانعزال عن العالم! فضلاً عن الإسراف في قول: "ما شاء الله تبارك الله" بشكل الفعل القهري المرضي الواضح.
النقطة الأهم في العلاج هي التذكير بأن الضار والنافع هو الله وليس الحسد ولا الحاسد.
3- تكرار البسملة قبل وأثناء الأكل، تكرار الصلعمة ..إلخ.
وهه عادة ما تكون جزءٍا بسيطا من الصورة الإكلينيكية لحالة الوسواس لكن الحالات التي يمثل تكرار البسملة أو الصلعمة فيها (بإفراط) العرض الأوضح أو الرئيس في الحالة غالبا ما تكون أقرب للاضطرابات الذهانية منها للوسواس.
4- التجديف أو الوساوس الكفرية في غير العبادات.
• تتعلق بالتجديف على المقدسات (اسم الله عز وجل أو الأنبياء والرسل أو كتاب الله أو المساجد إلخ) وقد تشمل السباب أو الربط بصور جنسية أو صور الحيوانات أو غير ذلك ومنها نوعان :
(1) الوساوس الكفرية ذاتية التولد
(2) الوساوس الكفرية التفاعلية
• والنقطة الأهم في مناجزتها هي إيضاح معنى وحكم حدوثها للمريض.
5- وساوس الحلف والأيمان
ومن الأمثلة عليها هذه الاستشارة عن الأيمان المنعقدة.
6- وساوس خاصة بصلاة الجماعة عادة بالمسجد
ومنها ما يتعلق بالتجديف ومنها ما يتعلق بفعل شيء غير مقبول في المسجد أو أثناء الصلاة كأن يركل المصلي الذي أمامه أو يشد غطاء رأسه ....... إلخ
واقرأ أيضًا:
لماذا الوسواس القهري أسباب الوسوسة القهرية4 / منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري (11)
التعليق: أرى أن المهمة الأخيرة خاطئة كيف نشاهد فلما به عقائد كفرية؟ فأنا أعرف أن هذا لا يجوز !