الثقة.. وصناعة الحياة 1
مقومات الثقة بالنفس:
1. الذكاء.
2. الذاكرة الجيدة.
3. الخيال الواسع.
4. التجارب الناجحة في السابق.
5. دعم المحيطين وثناؤهم.
ثقة الشخص في الآخرين:
الثقة في الآخرين ضرورية جدا لأننا لا نعيش وحدنا بل نعيش في سياق اجتماعي، وأولى تجارب الثقة هي الثقة في الأم الراعية الأولى للطفل والمتكفلة بتلبية احتياجاته من الغذاء والدفء والنظافة والأمان وكل ما يحتاجه، وقد وضع عالم النفس إريكسون أهمية كبرى على السنة الأولى من عمر الطفل وأطلق على هذه المرحلة وصف "الثقة مقابل عدم الثقة" (Trust VS. Mistrust )، وهذا يعني أن أمامنا احتمالين بالنسبة للطفل، فإذا تلقى الرعاية الكاملة والآمنة لاحتياجانه فإنه يثق في الأم (وهي تمثل العالم كله بالنسبة له) وبالتالي يثق في العالم ويصبح حين يكبر شخصا محبا مطمئنا ودودا متسامحا ومتعاونا، أما إذا لم يجد الإشباع في حياته المبكرة مع الأم كأن تكون أهملته أو كانت رافضة له، فإنه يفقد الثقة بها وبالعالم بعد ذلك وينشأ على أن الحياة خطرة ومهددة وقاسية، وأن عليه أن يأخذ حقه بذراعه وبالقوة وبالصراع مع الآخرين فتتولد لديه الرغبة في امتلاك القوة والتحكم والسيطرة لكي يحصل على ما يريد، ويصبح شكاكا عدوانيا قاسيا.
والثقة في الآخرين بالضرورة نسبية فقد تكون في شخص 90% وفي آخر 70% وفي ثالث 30% وفي رابع 0%، وهكذا. وهذا يتوقف على خبرة الإنسان في الحياة وقدرته على التمييز بين صفات الأشخاص وإمكانية الوثوق أو عدم الوثوق بهم. والثقة بالآخرين تكون عالية في أفراد الأسرة وبعض الأقارب والأصدقاء المقربين وشركاء الحياة، وتتفاوت بعد ذلك في علاقات الزملاء والمعارف والجيران وغيرهم.
والثقة بالآخرين ضرورية، وهي بمثابة الرابط الذي يربط أفراد المجتمع، ويسهل الحياة لأن الثقة تدعو إلى التعاون والتعاون ضروري لتحقيق الإنجازات المهمة، كما أن الثقة تعطي الإحساس بالسلام والطمأنينة والسعادة والأمان بين الناس.
وهناك ثقة الشخص أو ثقة الجماهير في المؤسسات (الشركات، الهيئات كالشرطة والجيش والقضاء، الجمعيات، البرلمانات، المؤسسات الخدمية كالتعليم والصحة والاقتصاد والحكومات)، وبناءا على هذه الثقة يكون التماسك الاجتماعي والتماسك القومي، وقوة الدولة واستقرارها، وقدرتها على الإنتاج والإبداع، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والقدرة على تحقيق الأهداف، وحل المشكلات وتحقيق الرفاه للشعب، وتحسين جودة الحياة. وهناك بعض الدول تجري استقصاءا لثقة الناس بالمؤسسات أو الهيئات أو الحكومات، والهدف من ذلك هو تحسين أداء هذه المؤسسات، ومثال على ذلك "دراسة مؤشر الثقة وجودة المؤسسات" والذي يجريه سنويا المعهد المغربي لتحليل السياسات، وأيضا ورقة عمل صدرت تتضمن دراسة لثقة الناس ببعض الوزارات والمؤسسات في المملكة العربية السعودية، وأيضا الدراسة التي تمت في مصر عام 2009 بمبادرة من وزارة التنمية الإدارية في عهد الوزير أحمد درويش وأشرف عليها الأستاذ الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة تحت عنوان "الأطر الحاكمة لسلوك المصريين".
أنواع الثقة:
1 – الثقة المتعلقة بأداء المهمة Task Related Trust وهي ثقة تنبني على قدرة الشخص أو المؤسسة على إنجاز المهام المنوطة بهم، وهي بالتالي ثقة موضوعية تقوم على استيفاء معايير واقعية، وهي بالضرورة ثقة مشروطة ونسبية.
2 – الثقة المتعلقة بالمشاعر Emotion Related Trust : وهي ثقة وجدانية نمنحها لأشخاص قريبين في حياتنا مثل شركاء الحياة والأبناء والآباء والأمهات والأصدقاء المقربين، وهي ثقة أحيانا تكون مطلقة وغير مشروط تجاه بعض ممن نحب وأحيانا تكون مشروطة ونسبية حسب مدى قوة معرفتنا وارتباطنا بالشخص القريب منا.
مربع الثقة في الأفراد:
لكي تثق في شخص فيجب أن يتوافر فيه العناصر الأربعة التالية :
1 – الأصالة: Authentisity بمعنى أن يتعامل الشخص بحقيقته وبذاته وأن يكون هو نفسه بلا أقنعة وبلا ستار يتخفى وراءه وبلا مراوغة أو خداع أو استراتيجيات.
2 – المنطق Logic: بمعنى أن تكون لأقواله وأفعاله منطق سليم ومترابط ومفهوم ويتوافق مع العقل السليم والمفاهيم السوية والأعراف الرشيدة.
3 – التفهم والمواجدة Empathy: بمعنى أنه يستطيع أن يتفهم ظروفك ومشاعرك واحتياجاتك، وكأنه يضع نفسه مكانك ليتفهم كل ذلك.
4 – الثبات والاتساق Consistency: بمعنى أن الشخص لا تتغير مبادئه وتوجهاته بشكل متناقض مع تغير مصالحه الشخصية وأهدافه الذاتية.
متطلبات الثقة في المجموعات والمؤسسات والحكومات:
1 – الصدق: وهو مطابقة الحقيقة في الأقوال والأفعال.
2 – تنفيذ الوعود والالتزامات: فهذا الوفاء يؤكد مصداقية المؤسسة أو الحكومة.
3 – الشفافية: وتعني تعريف الناس بشكل مستمر بما يجري، وإتاحة المعلومات في كل مايخصهم دون تزييف أو تورية أو إخفاء مقصود للحقائق أو بعضها.
4 – المساءلة: وهي قابلية المؤسسة أو الهيئة أو الحكومة لأن يسائلها الناس عن خططها وأهدافها وإنجازاتها وإخفاقاتها.
5 – المحاسبة: وهي قابلية المؤسسة أو الهيئة أو الشركة ممثلة في قياداتها للمحاسبة عند حدوث أخطاء أو تقصير.
6 – التواصل الفعّال: وذلك بين الرؤساء والمرؤسين، وبين المرؤسين وبعضهم البعض.
7 – الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها وتصحيحها فورا.
8 – مساعدة الآخرين وتلبية احتياجاتهم.
9 – عدم ادعاء معرفة كل شيء: وهذا يستدعي عدم الانفراد بالقرار، ويعني الحاجة لأخذ رأي الخبراء المتخصصين في المجالات المختلفة.
10 – وجود آليات "مستقلة ذات حصانة" للمراقبة والمتابعة.
بيولوجية الثقة:
وقد ثبت أن الببتيدات العصبية، وتحديدا الأوكسيتوسين (OT) وأرجينين فاسوبريسين (AVP)، تشارك في الآليات الفسيولوجية للسلوك الاجتماعي. وأيضا الهرمونات الجنسية. ويمكن أن يعزى تورط OT و AVP في الثقة والتعلق الاجتماعي إلى حقيقة أنه يمكن إطلاق كلا الجزيئين كناقلات عصبية أو هرمونات في جميع أنحاء الجسم. ويعمل OT و AVP كناقلات عصبية عند إطلاقهما مباشرة بواسطة منطقة ما تحت المهاد.
ويتم التوسط في الترابط الاجتماعي في العديد من مناطق الدماغ التي تستجيب لـ OT و AVP و DA. وتم استخدام الدراسات التي تستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في الأبحاث لتقييم مناطق الدماغ المرتبطة في التعلق البشري بناء على استجابات المحفزات السمعية والبصرية للدماغ لهدف الثقة والتعلق. ووجدت هذه الدراسات أن منطقة tegmental البطنية (VTA) والمخطط البطني في الدماغ تم تنشيطهما أثناء الاستجابات التي يغلب عليها الثقة والتعلق. وأظهرت الأبحاث الإضافية في دراسات الرنين المغناطيسي الوظيفي أن اللوزة ، والنواة المتكئة (NA) ، وما تحت المهاد، والشبكات العصبية للمكافأة تحت القشرية والقشرية تشارك أيضا في التوسط في الارتباط الاجتماعي. وتحتوي هذه الشبكات والمسارات على مستقبلات تسمح ل OT و AVP و DA بممارسة آثارها في عمليات عالية ومنخفضة المستوى في الدماغ توفر أساسا للثقة الاجتماعية. وفي الدراسات التي أجريت على البشر الذين عانوا من العزلة الاجتماعية ، كانت هناك زيادة في النشاط في محور الغدة النخامية والغدة الكظرية (HPA) - شبكة عصبية تشارك في إطلاق الكورتيزول ، وهو هرمون الاستجابة للإجهاد. وأظهر هذا البحث نفسه تنشيطا في مناطق الدماغ المرتبطة ب OT و AVP.
ويتبع >>>>: الثقة.. وصناعة الحياة3
واقرأ أيضا:
جائحة خطاب الكراهية / الدعم النفسي للأشخاص في زمن الأوبئة والحروب3