التوبة وكيف أسامح نفسي؟
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب في 22 من عمري. أعيش في أوروبا منذ 7 سنوات تقريبا. كنت دائماً من الباحثين عن الطريق المؤدية إلى الله عز وجل. حتى تذوقت حلاوة الإيمان العام الماضي. لكن قبل ذلك كنت قد تعرفت على فتاة غير مسلمة وباءت محاولاتي بالابتعاد عنها بالفشل، حيث كنّا في نفس الفصل وكانت تفلح في إعادتي كل مرة...
مؤخراً، ذهبنا في رحلة مدتها 7 أيام مع الأصدقاء وكانت معنا...
فإذا بي أجد نفسي في حالة تقرب الزنا كل ليلة، فأجد نفسي أحاول إيلاج عضوي، فأتوقف عن ذلك.. وفي ليلة أظن أني قد ألجت الحشفة ثم خرجت ولكني لست متأكدا تماماً من ذلك... ففي الصباح بحثت في النت فصعقت أن ذلك كافٍ لتحقيق كبيرة الزنا... فصليت وعيوني تذرف دموعا، طالبا التوبة النصوحة لله عز وجل وأنا في حالة يرثى لها...
المشكلة هو أنه عدت إلى ذلك (دون الإيلاج) يومين بعد ذلك، وأنا كاره له... لا أدري كيف لم يكن باستطاعتي إيقاف كل هذا...
الآن قد انفصلت عنها، أحاول التقرب إلى الله عز وجل ببضع نوافل، وأدعو في صلاتي بالتوبة النصوحة، وأبحث عن محاضرات دينية، وصُمت اليوم يوم خميس... لكن أشعر بأن ليس هنالك ما هو كاف، والندم يداهمني، وهو قد اشتد علي! لا أدري ماذا أفعل؟ لا أدري إن كنت قد وقعت في الزنا حتما، وهذا الشك يقتلني، ويكاد الجزء الأيسر من جسمي أن يشل!
أرجو المساعدة لأن حالي قد اشتد علي! أعلم أن الله تواب رحيم لكني لا أستطيع مسامحة نفسي لأني أشعر أني ارتكبت كبيرة طالما حاولت الابتعاد عنها رغم أني كنت على علم وقدر من الإيمان، لا أستطيع تقبّل وقوعي في ما طالما كنت أحاول اجتنابه! وأخاف أن أهلك من ذلك.. بارك الله فيكم.
31/05/2014
رد المستشار
الأخ السائل:
الزنى نوعان: زنا حقيقي كبير، وزنى مجازي صغير، أما الزنى الحقيقي فهو أن يجامع الرجل المرأة التي لا تحل له، ويكون ذلك بدخول حشفة الفرج ولو بلا إنزال.
أما الزنى المجازي الصغير فهو مقدمات الزنى، وهو ما دون الجماع، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(العين تزني واليد تزني والرجل تزني والسمع يزني ويصدق ذلك كله ويكذبه الفرج).
وأنت قد وقعت في الزنى الكبير والصغير.
والزنى الحقيقي تكون توبته إما بإقامة الحد، وليس هناك إقامة حد في فرنسا، ولا في غيرها من بلاد المسلمين، ولكن هناك التوبة إلى الله تعالى، بل حث الشارع الحكيم أن يستر المسلم على نفسه، وأن يتوب إلى الله تعالى.
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى بما ذكره العلماء من شروط التوبة، وهي:
أولاً: أن تكون التوبة خالصة لوجه الله تعالى، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه، وكان من دعاء عمر - رضي الله عنه -: «اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا»
ثانيًا: الإقلاع عن المعصية والابتعاد عنها مطلقا، وعدم إتيانها بأي حال.
ثالثًا: الندم على ما سلف وفات من ارتكاب المحرمات، والبكاء منه، خشية من الله.
رابعًا: العزم على عدم العودة إليه أبدا ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «أذنب عبدٌ ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك»
خامسًا: عدم الإصرار على المعصية، فقد شرط الله لوجوب المغفرة ودخول الجنة عدم الإصرار على فعل الفاحشة أو ظلم النفس؛ قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135، 136]
سادسًا: أن التوبة بالعمل الصالح مع كونها بالقلب واللسان.
المطلوب أن تغير حياتك من المعصية إلى الطاعة، وأن تختار لنفسك بيئة تعينك على طاعة الله وأن تعيش مسلما طائعا لله.
والمقصود من الندم والبكاء: الخوف من الله وأن يكون دافعا لك لتصحيح طريقك إلى الله تعالى، فإن فعلت ذلك بدل الله تعالى سيئاتك حسنات، وجعلك من عباده الفائزين.
فاقلع عما حصل، وانس ذلك الماضي، وابدأ عهدا جديدا مع الله تعالى، والله يتولاك.ويمكنك الاستعانة بقراءة الاستشارات التالية على مجانين:
التائب من الذنب كمن لا ذنب له
التائب التائة ماذا يفعل؟
التوبة وكيف أسامح نفسي ؟
بعد الذنب التوبة، هل بعد التوبة ذنب؟