السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي في بداية عامها العاشر من عمرها، ومنذ بداية الفصل الدراسي الثاني وأنا ألحظ عليها بعض التغييرات، التي أعتبرها -من وجهة نظري- خطيرة، وهذه الصفات لم تكن موجودة فيها من قبل؛ حيث إنها منذ صغرها وهي تتصف بالصدق الشديد حتى ولو كانت ستعاقب.
أما الآن أجدها تكذب، وأجد بعض التأخر في مستوى الدراسة وحفظ القرآن؛ حيث إنها تحفظ 5 أجزاء من القرآن واشتكى منها المحفِّظ، أما الشيء الذي آلمني ووالدها كثيرًا هو أني وجدتها تخفى في ملابسها علبة ألوان خشبية زهيدة الثمن عندما كنا في السوبر ماركت، علما بأن لديها 4 علب من الألوان من كافة الأنواع، ولم تستخدمها حتى الآن، فلا أعرف ما الدافع وراء هذا التصرف؟!!
كما أننا -والحمد لله- لم نحرمها من شيء، ونتعامل معها وأخواتها بنوع من التوازن الذي أمر به الله عز وجل، لكنها دائما تقارن نفسها بالمسرفين من أصدقائها، الذي يعطَون نقودًا بلا حساب، فهل أعطي ابنتي الكثير من الأموال حتى لا تشعر بالنقص أمام صديقاتها، ويعم الخطأ، أم أتمسك بما نحن عليه معها في جانب المصاريف؟
علما بأن ابنتي كانت تعيب على إحدى صديقاتها أنها تكذب، وكانت تقول لي: يا أمي صاحبتي تكذب، وتقول: إن الكذب ينجي، وأنا أقول لها: الصدق هو النجاة، ثم يتبدل حالها بهذا الشكل؟!! الحمد لله على كل حال.
بكيت بشدة أمامها عندما فعلت هذا الفعل، ولم أدرِ ماذا أفعل معها، وأحسست بخيبة أمل في تربيتها، وأن أحلامي في تربية أولادي قد باءت بالفشل، وأنا ووالدها -والحمد لله- نخاف الله كثيرًا، ونتحرى الحلال والحرام في كل شيء، وليس لدينا أي مشاكل عائلية أو اجتماعية.
وأحب أن أضيف بعض المعلومات عن ابنتي؛ فهي سمينة، ووزنها الآن 50 كيلو جرامًا، وحاولت أن أقنعها أن تقلل من أكل الحلويات والنشويات وهي تحبها جدا، ولها أخوين صغيران -حيث إنها الكبيرة- نحيفان، فتجدني أمنعها من تناول بعض الأطعمة التي تحبها، وأطعم الصغيرين أكثر منها، فهل سبب لها هذا نوعًا من الإحساس بالحرمان،
علما بأن ابنتي جميلة ومتكلمة ومقبولة من الجميع والحمد لله.
26/10/2017
رد المستشار
الأم الفاضلة: أهلا وسهلا بك على صفحتكم استشارات مجانين، وشكرا على ثقتك.
في الحقيقة سطورك الالكترونية كانت رائعةً في وصف مشاعرك المعبرة عن صدمتك في ابنتك، ولكنك في غمرة انفعالك الواضح هذا أعطيتنا كمية من المعلومات تأخذنا في اتجاهين تحليلين لتفسير الظاهرة، التي لا نراها محصورةً في قيام طفلة في العاشرة باختلاس إحدى علب الألوان الرخيصة الملقاة على رف أحد المحلات الكبيرة المسماة بالسوبر ماركت،
فواقع الأمر ينحصر في احتمالين:
الأول: هو أننا نتحدث عن طفلة تبدأ سنوات المراهقة أو هي على أعتابها، وقد بدأت تختلف عما كانت، ظاهرا وباطنا، وتغيرات المراهقة معروفة، ومعروف أيضًا أن الطفل المراهق يعاني -ضمن ما يعاني- من ضعف في ضبط اندفاعاته، والخطأ احتمال وارد، ومن ضمن ما قد تجدينه: الكذب، وقد تجدين إهمال الدراسة، وقد تجدين التهاون في الالتزام بحفظ القرآن الكريم، وقد يكونُ كل ذلك التغير تعبيرًا عن صيحة (أنا هنا)، ولي ذات مستقلة وأفكار مستقلة وآراء مستقلة، وأختلف عنك يا أمي، كما أنني ضقت ذرعا بفعل ما تريدونه أنتم، أريد أن أفعل ما أريده أنا!...... ولمزيد من الفهم لهذه المرحلة يمكنك الاطلاع على: ملف الرشد المبكر.
وأيضا -وفي الوقت نفسه- قد تجدين الفشل في كبت اندفاعة لسرقة شيء من أحد المحلات، وكثيرا ما يبدو المسروق تافها، مقارنة بما يستطيع المراهق الحصول عليه من أبويه الكريمين اللذين لم يقصرا معه، ولم يحرماه من الحنان ولا الرعاية ولا من المال، وفي هذه الحالة أقول لك: إن ابنتك تحتاج إلى أن تتفهمي أنها تتغير وتتبدل، وتمر بمرحلة يحاصرها، فيها صراع التحكم في النزوة في مقابل الانفلات بالاستجابة لها، وسيكون كل ذلك عابرا.
وأما الاحتمال الآخر: فهو أن ما يحدث قد يكون إرهاصا لاضطراب التصرف Conduct Disorder، سرقة.. وكذب.. تأخر دراسي.. تقاعس عن الالتزام السابق بمعايير الأسرة التي تربت عليها، وتذمرٌ وانفلات في التحكم في النزوات، وهذا ما لا نستطيع التكهن به في حدود ما ورد في إفادتك؛ لأن المسألة كلها لا تزيد عن شهور ثلاثة حسب قولك، وليس عندنا ما يشير إلى فشلها المتكرر في كبح نزواتها، إلا فيما ذكرت -وربما نظلمها لو قررنا الاعتماد عليه- من انفلاتها في كبح نزواتها تجاه الأكل؛ خاصة أنكِ منعتها من الأطعمة التي تحب، وعرضتها لشكل من أشكال الحمية المنحفة، وهذا في الغالب يفشل على المدى الطويل، فضلا عن كونها في سن البلوغ يرحمك الله، ولا يصح إلا أن نعلمها السلوكيات السليمة تجاه الأكل، ونحضها على ممارسة التريض.
كما أن فعل السرقة لم يحدث غير مرة، ومن سوبر ماركت، يصدق عليه القول (بأن المال السائب يعلم السرقة)، أي أننا نحسن الظن بالله ولا نعتبر الأمر أكثر من أعراض قد توجد بشكل أكثر وضوحًا واستمرارية فيما نسميه (اضطراب التصرف في الأطفال).
لم تذكري طبعًا كيف تصرفتِ أنتِ ووالدها في ذلك الموقف، لكنك كلمتنا عن صدمتك أنت ووالدها فيما حدث، ورحت تنزلقين من تفكير سيئ إلى آخر أسوأ!! ولا ندري ماذا فعلت مع البنت، ورحت تصفين لنا بكائك وخيبة أملك، ثم أظهرت لنا كيف تحاربين ما ترينه سمنة فيها، ولا ندري هل هو حقا سمنة أم الزيادة اللازمة في الوزن قبل البلوغ؛ خاصة ونحن لا ندري طولها؟ ثم تخوفت من أن يكون حرمانك لها من الأغذية التي تحبها وإطعامك أخويها بكثرة لأنهما نحيفان كما قلت ما معنى ذلك؟ هل تتعمدين إغاظتها أو كسر نفسها؟
أنا بالطبع لا أستطيع إرجاع حادثة السوبر ماركت هذه لطريقتك في التعامل، لكنني أرجو أن تقرئي جيدا عن فترة المراهقة، وأن تعرفي أن الحمية المنحفة في هذه الفترة قد تكون: جريمة بحق،
وأحيلك بعد ذلك إلى الروابط التالية:
كيف أواجه مراهقة ابنتي.
تأرجح الوزن ونوبات الدقر (الأكل الشره).
"الإنجاز يعين على الإنجاز" متابعة تأرجح الوزن.
اضطراب نوبات الدقر (الأكل الشره).
وننصحك أيضًا بقراءة المقالات التالية على موقع مجانين :
أكذوبة كبيرة اسمها الحمية المنحفة.
تأرجح الوزن.
أكذوبة الوزن المثالي.
رؤية المرأة لجسدها من منظور اجتماعي.
وأرجو أن تحاولي تغيير طريقة تفكيرك فيما يتعلق بابنتك، وأن تجعلي احتوائك لها وإعانتك لها على مواجهة صراعات المراهقة سبيلا للمرور بسلام في تلك المرحلة،
وأهلا بك دائما على موقعنا مجانين.