قبل كنت بعت السؤال الموجود على الرابط هذا
الاضطراب الوهامي هل يعفي من العقاب
عن الاضطراب الوهامي وكان ليا استدراك بسيط وهو أن فيه خطأ أنا وقعت فيه أثناء عرض المشكلة وهي أن نسبة ذكائه مرتفع فوق المتوسط طبقا للتقرير الوارد من المستشفى.
ثانياً: مازال سؤالي لم يجد إجابة هل مرض الاضطراب الوهامي يعتبر من أنواع الجنون المطبق أو العاهة العقلية اللي تنتفي معه المسئولية الجنائية عن الجرائم؟؟
لأن في تعليمات النيابة العامة وتحديداً المادة 1320 قالت أن :
" المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية القانونية هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية"
فهل مرض الاضطراب الوهامي تنطبق عليه المواصفات والشروط هذه بحيث تنعدم معها المسئولية الجنائية؟؟
مع العلم أن التقرير ورد فيه أن معدل ذكائه 122 درجة، هادئ، واعي، متعاون، مهتم بمظهره، قادر على الانتباه والتركيز، عاطفته طبيعية، قادر على الفكر التجريدي، مدرك للزمان والمكان والأشخاص، ذاكرته جيدة للأحداث القريبة والبعيدة، كلامه متناسق، إجاباته مناسبة...
هل مع كل ما سبق تنتفي مسؤوليته الجنائية ويشكل خطورة، مما يبرر معه الإيداع في المصحة النفسية لأجل غير مسمى
10/1/2018
رد المستشار
السلام عليكم أيها السائل الكريم/
إذا أردت الحصول على إجابات دقيقة فعلى الأسئلة أيضا أن تتحرى أكبر قدر من الدقة، بالنسبة لسؤالك: هل الاضطراب الوهامي يعتبر من أنواع الجنون المطلق الذي تنتفي معه المسئولية الجنائية عن الجرائم؟ نعم ولا!! كيف ذلك؟ إن هذا السؤال يستدعي وجود سياق طبنفسي شرعي للإجابة عليه.
ما سأطرحه الآن هو مثال للتوضيح ليس إلا ولا يمكن الاقتباس منه بحذافيره أو الاستناد عليه للقياس على حالات أخرى، خذ مثلا رجل لديه اضطراب وهامي بخصوص إخلاص زوجته له في العلاقة الزواجية وقام هذا الرجل بارتكاب جريمتين أولاهما قتل زوجته لسلوكها الذي يعتقد بأنه ينطوي على خيانة زوجية بعد أن حضرت إلى المنزل متأخرة لأي سبب (غالبا ما يحدث هذا القتل بدون دليل ملموس وواضح ومقنع) وثانيهما قتل أو الاعتداء على مديره في العمل بعد مشادة بينهما.
الجريمة الأولى: لها ما يبررها وهو اختلال محتوى التفكير وفساد الإدراك والحكم على الأمور وهذا مرده لوجود "الضلالات" وهي الاعتقاد الراسخ الخاطيء الذي لا يقبل الشك رغم عدم وجود ما يؤيده ويتنافي مع ثقافة المريض وتعليمه بأن الزوجة خائنة.
أما الجريمة الثانية: فلا يبدو أن هناك سبب يبررها مرتبط بالتشخيص الطبنفسي وعليه قد يكون نفس هذا المريض غير مسئول في حالة ارتكابه الجريمة الأولى ومسئول في حالة ارتكابه الجريمة الثانية.... الغرض من هذا المثال السطحي هو بيان أهمية السياق وأنه لا يوجد "نموذج إجابة" واحد صحيح في كثير من الحالات، وعليك أن تعلم أنه من شروط الواجب توافرها قبل البدء في الفحص الطبنفسي في مثل هذه الحالات وكتابة التقارير الطبنفسية الشرعية، أن يتوافر لأطباء اللجنة ملف القضية متضمنا طبيعتها بل والتحقيقات التي جرت فيها.
هل وجود تشخيص طبنفسي يعفي المتهم من جريمته أيا كانت؟؟ لا بالطبع.
هل وجود اضطراب وهامي يضمن أن يكون المريض غير مسئول عن ارتكابه لجريمة ما؟ ليس بالضرورة.
هل يؤثر مرض الاضطراب الوهامي على مستوى الذكاء؟؟ لا في معظم الحالات...... الرجل في المثال السابق قد يكون مستوى ذكاؤه طبيعي أو ربما أعلى من الطبيعي.
ذكرت لنا شذرات من الفحص العقلي الحالي وهذا جيد لكنه لا يمثل ارتباطا سببيا بالجريمة أي لا يفسرها ولا ينفيها وما يهمنا أكثر هو الحكم على الحالة العقلية وقت ارتكاب الجريمة وهي ما يحاول الطبيب النفسي الشرعي استنباطه عبر مقابلته مع المريض وفحصه والحصول على تاريخه المرضي كاملا وإخضاعه للملاحظة التمريضية المستمرة أو المقاييس النفسية حسب الحاجة،
وهي عملية صعبة بالتأكيد؛ لذلك كثيرا ما يعزز قرار الطبيب النفسي مشاركة باقي أفراد الفريق الطبي سواء أكانوا أطباء متدرجي المهام الوظيفية، أو أخصائيين نفسيين أو اجتماعيين أو تمريض ملازم للمتهم طيلة فترة الفحص.
الإيداع بعد الحكم بعدم المسئولية يكون في أقسام خاصة تابعة لمستشفيات الصحة النفسية وهو بغرض العلاج في المقام الأول.
وفقك الله.