نفسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... جزاكم الله خيراً كثيراً على ما تقدمونه.
منذ ما يقرب السنتين وأنا لا أتحمل الأخبار السيئة أو الأخبار المفجعة أو حتى المشادات الكلامية سواء معي أو إذا ما حدثت أمامي، كل ما أفعله هو الهروب حيث أخرج من المكان وكل ما أفكر فيه هو السيء، وأشعر أنه لا مخرج وأن كل ما فى الدنيا سيء، وأنا لا أتحمل الضغط في الكلام حتى أنني قد أتهرب من الشخص الذي يحدثني، وإذا كان هناك شخص يمر بحالة سيئة أخاف أن أجلس معه فيشكو لي، لا أحب أن يشكو لي أحد (فلان فعل كذا... ابني متأخر في الدراسة... فلان مريض وحالته صعبة.. فلان لا يجد عمل... ابني عنيد وبيزعق أو بيعمل مشاكل في الشارع) لا أتحمل ذلك وخصوصاً إذا كان من أفراد أسرتي.
نحن أسرة سوية _ولله الحمد_ ووالداي يجنبونا المشاكل، لكن المشاكل التي تأتي من الخارج لابد منها في الحياة فلا أحد لا يمر بصعاب أو مشاكل، لكن أنا أحاول تجنبها ولدي حالة نكران (لا أتقبل أن هناك مشاكل تحدث وأن هناك شر) وعندما تحدث مشكلة يصبح كل شيء سيء في نظري ولا مخرج، وأفكر فى السيء وأن الدنيا مليئة بالسيء.
من فترة بالصدفة شاهدت فيديو لعصابة تهدد الناس بالسلاح الأبيض وتسرقهم، والذين لا يتجاوبون معهم ينهالون عليهم ضرباً، ورأيت صوراً للضحايا وكانت عبارة عن أوجه ممزقة وأطراف ظهر فيها العظم، ومنذ أن رأيته أشحت بوجهي لكن الصورة لا تفارقني وأتخيل كل ما هو سيء وأني لست بمأمن والأفضل لي عدم خروجي من المنزل، وأصبحت مقتنعة مؤخراً أن السفر لأي بلد قد يعرضنى لهكذا مواقف لذلك أفضل المكوث في بلدي، لكني رجعت أبحث عن تلك العصابة على أمل أن الحكومة في تلك البلد تتصدى لهم أو أن الفيديو قديم لكن لم أجد ذلك، وهكذا في كل شيء يظل المنظر أو الموقف في مخيلتي يومين أو ثلاثة وبعد ذلك أنسى تدريجياً.
أنا أقلق إذا ما آلمني شيء وأتصوره مرضاً مع أنه قد يكون شيئاً عادياً، هكذا أتصور دوماً حدوث السيء.
أنا في الطبيعي لدي قلق اجتماعي وأقلق على صورتي أمام الآخرين وأنشغل بهم (عرفت ذلك وأحاول تغييره)، وأيضاً من اختبار توكيد الذات وجدت حاجتي لتوكيد ذاتي، وأيضاً أعمل على تغيير ذلك.
لدي عادة التسويف والكسل حيث أحاول لكن أتكاسل أحيانا عن هذا التغيير... لا أتقبل النقد وأنكره مع نفسي، ولكن مؤخراً أحاول تقبله... وإذا ما سألني أحد عن أهدافي المستقبلية مثلاً أهرب أو أقول لا أعرف أو لم أحدد بعد، ودوماً أتمنى ألا يسألني أحد.. وخبرتي قليلة، وذكائي الاجتماعي العاطفي قليل ومحدود.
أنا بالعادة لديَّ عادة التقليد حيث أذكر وأنا طفلة أني كنت أمشي وراء شخص أقلد مشيته، وأقلدها مع نفسي فترة من الزمن حتى أنسى، وعندما كبرت كان التقليد مازال عندي في المشي أحياناً وفي حركات الجسم وطريقة الطبخ وهكذا.
صوتي يعلو في المنزل أحياناً، وهذا لا يعجبني.
سؤالي هو: عند محاولة قراءة نفسي وتقديرها وحبها يكون هذا بمثابة حواري مع شخص أمامي أو في مخيلتي، فهل نفسي تلك هي أنا؟ أم منفصلة ككيان مختلف أحدثه؟ وفي دعائنا "ربي إني ظلمت نفسي" هل هي فعلاً كيان أو شيء أنا ظلمته؟ وعندما أقول طاوعت نفسي، هل كل ذلك يعني أن نفسي هي أنا؟ أم أنها شيء آخر؟ ومتى أحنو على نفسي؟ ومتى أقسو عليها؟ ومتى أحملها سبب وقوعي فى ذنب مثلاً؟ وأنا عندما أحملها ذنب إذاً هي بمثابة شيء مقابل أو آخر غيري!
لدي عادة أني بواسطة أظافري أقشر أى شيء حتى بثور وجهي أو الخشب أي شيء.
كيف يمكن للشخص تغيير الارتباطات الذهنية مثلا: روائح، أغنية، حركة وهكذا من الأشياء التي تذكر بالشيء السيء الذي أكرهه؟
نظرتي للحياة أبيض أو أسود لذلك كثيراً لا أغفر لمن أمامى (فقط مع نفسي، ولا أظهر ذلك)... وعندما أقرأ أي شيء أُسقطه على نفسي... لا أعرف هل ما عندى هو حقد أم أنانية حيث أنه كثيراً ما إذا سمعت ما يسر عمَّن يصغرني أتضايق لحظياً ولا يدوم ذلك، والعكس أيضاً حيث إذا سمعت ما يحزن قد أفرح أيضاً لحظياً.
أتمنى أن أكون ناجحة مثل من نجح فلما لم أفعلها؟
شيء مضحك مثلاً: مسلم جديد ويقص قصة إسلامه وكان سبب هدايته كذا فأتمنى أن أكون أنا من مر بتلك القصة وهكذا، لكن أرجع أقول "الحمدلله، ما أنتي مسلمة بالفطرة" لكن أتمنى أن تصلني تلك القناعة والتمسك بالإيمان مثلهم.
كيف أفكر مع نفسي بتركيز؟ لأنى أشرد كثيراً وأبعد عن الهدف، أفكر في شيء وأخرج منه إلى آخر، ويمر الوقت وأنتبه أني قد كنت أفكر في كذا ووصلت إلى كذا.
أنا أشاهد التلفاز كثيراً، وأحاول عدم فعل ذلك لكن أرجع لما كنت عليه، فمثلاً أقول "لن أفعل كذا لعيوبه وأضراره وتضييع الوقت والمداخلات الشاذة عن الفطرة والدين" لكن أعود.
أرجو التقييم لما كتبته والإرشاد،
مع العلم أني أقرأ في الكتب، والمعرفة تفيدني لكن ينقصني التطبيق والإسقاط على الواقع.
11/9/2020
رد المستشار
صديقتي.
تقولين "أنا بالعادة لديَّ عادة التقليد، أذكر وأنا طفلة كنت أمشي وراء شخص أقلد مشيته وأقلدها مع نفسي فترة من الزمن حتى أنسى، وعندما كبرت كان التقليد مازال عندي في المشي وأحياناً في حركات الجسم زطريقة الطبخ وهكذا".
في الحياة هناك الكثير من التقليد، ويمكنك استخدام عادتك القديمة في أن تحسني من حالتك... عليك بالبحث عن أشخاص في الحقيقة أو في الكتب والأفلام والمسلسلات ممن عندهم مقومات الشخصية التي تعجبك وتتمنين أن تكوني مثلهم... بعد ذلك فكري وحاولي استنباط الفكرة أو المعنى الذي يحتفظ به الشخص داخله وتكون سبباً أو دافعاً للتصرف الذي يعجبك... ثم ابدئي في تقليد لغة الجسد التي تنبع من الفكرة أو المعنى.... مثلاً الشخص الواثق من نفسه في مجال ما هو شخص قد حصَّل مهارة في هذا المجال ويعمل دوماً على تطوير مهاراته وزيادتها وزيادة الحنكة والدقة في الأداء... الفكرة المصاحبة لهذا هي: "أنا أريد أن أكون بارعاً في هذا الشيء ولن يثنيني أي شيء عن المضي قدماً في طريق البراعة.... أقبل النقد لأنه ينبهني لما ينبغي أن أجيده بشكل أفضل أو أن النقد ينبهني لمن يدَّعون صداقتي ولكنهم غير صادقين.... أقبل أن التعلم والبراعة لن يأتيان إلا عن طريق التجربة والنجاح والخطأ والتعلم المستمر من هذا".
بالنسبة لمسألة النفس وهل هي كيان منفصل: عندما نفخ الله فينا من روحه واختلطت بالجسد نتج عن هذا ما نسميه النفس... جزء من النفس هو الوعي الفطري والأفكار والمعتقدات التي نعتنقها ونؤمن بها، والتي غالباً ما تأتي من التجارب والمجتمع والدين... الوعي والإرادة (أكاد أسمعك تقولين ليس لدي إرادة، ولكن هذه كذبة تصدقينها وتقنعين نفسك بها) والرغبة يحركون الكل، ولذلك يبدو لنا أن الوعي والإرادة منفصلان عن النفس التي كثيراً ما تدفعها الرغبات والمخاوف أو الرغبة في الأمان... الوعي يجعلنا نفهم أننا قد خالفنا القواعد أو اتبعناها عندما ننساق إلى رغبة ما... الوعي أيضاً هو ما نستخدمه في ترويض أنفسنا لنزكيها ونرتقي، وإن لم نفعل هذا فنحن نضع أنفسنا في خطر التدهور وانحطاط النفس عن طريق التسرع والاندفاع في إشباع الرغبات واللهاث والجري وراء الأوهام والأكاذيب.... لكن الوعي يجعلنا نفهم أننا لم نؤد الأداء الصحيح، وإن لم نصلح فقد ظلمنا أنفسنا المكونة من الروح الإلهية والوعي والإرادة وتركناها تنساق وراء الغرائز والمخاوف والخرافات والعادات السيئة والتقاليد البالية.
عدم مقدرتك على سماع المشاكل والسلبيات الموجودة في الدنيا معناها أنك تريدن أن تتمسكي بالطفولة عندما كنت محمية من كل هذا وكنت أيضاً مركز الكون ومحوره.... تفكرين بطريقة الأبيض والأسود ولكنك لا تتحملين الأسود؟؟؟ أمر عجيب هذا... هناك الأبيض والأسود وكل ألوان الطيف السبعة ودرجاتها التي قد تصل إلى الملايين... كل هذا في حيز ضيق من الموجات الكهرومغناطيسية (الضوء) الذي نستطيع رؤياه... من الافضل طبعاً أن نحد ونقلل من سماع الشكاوى والمشاكل، ولكن حين نسمعها علينا أن نركز في الحوار والأسئلة التي سوف تساعد الشخص في إيجاد حلول لمشكلته... العالم مبني على الخير والشر، ولا يمكننا الحياة والتقدم بدون معلومات عن كليهما على حد سواء.
تهربين من السؤال عن خططك المستقبلية لأنك ليست لديك خطة.. لماذا ليست لديك خطة أو شيء تريدين تحقيقه؟
قلقك الاجتماعي يكمن في خوفك من رأي الآخرين السلبي فيك ومن خوفك أن يكتشفوا كم هي خاوية حياتك... بيدك أن تملئيها، وبيدك أن تتركيها تتدهور... الخيار لك.
تريدين أيضا اهتمام واحتفال وإشادة الآخرين (الشهرة) بدون أن تفعلي أي شيء.. حياتك فارغة من أشياء ذات معنى شخصي.. تريدين تأكيد الذات في المطلق بدون بناء ذات في الأساس... هذا يعني أنك ترددين بسطحية ما يبقيك في دور الطفلة التي تحصل على اهتمام رخيص عن طريق الحساسية الزائدة والخوف... الحساسية الزائدة هي أيضاً رغبة في التحكم في الآخرين، وهي سمة من لا معنى شخصي لحياتهم، ولكنهم يستمدون المعنى من الآخرين... هكذا ندرب أنفسنا على ما هو مرضي فنكون قد ظلمناه.
النبش بأظافرك رمز لإحساسك بالوجود في سجنك الخاص أو قبرك الخاص وغضب يريد أن يجرح أو يزيل كل شيء وأي شيء.
الارتباطات الذهنية منها السلبي والإيجابي، ولكنك تركزين على السلبي... هذا اختيارك بالاستمرار في عادة... على أي حال الارتباطات الذهنية كلها مبنية على الماضي... أليس من المنطقي أن تركزي على الحاضر والمستقبل؟... شرود الذهن شيء عادي وطبيعي في حالة عدم وجود هدف محدد أو موضوع محدد للأفكار... المخ يحب التفكير ويحب مراجعة الأحداث لكي نتعلم منها أو نستخدمها في الحاضر والمستقبل.. مكوثك في الأحداث السلبية من الماضي هو شيء تسمحين به وتندمجين فيه بدون أن تدري أنك يمكنك أن تختاري طريقة أخرى في التفكير ومعانٍ أخرى مبنية على معلومات غزيرة تتراكم مع الوقت والخبرة والتعامل مع الناس.
أنصحك بمراجعة معالج نفسي لمناقشة هذه الأمور بطريقة أعمق ولوضع خطة صحية لتحقيق رغباتك وكيفية التفكير الصحيح في الأحداث اليومية وفي الذكريات وفي أحلام المستقبل.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.