مساء الخير موقع مجانين
أنا اسمي عبد الرحمن... لدي مشكلة عاطفية تؤثر على دراستي، وأرجو من سيادتكم الإسراع في الرد.
لقد وقعت في حب زميلة لي في أحد الدروس الخصوصية لدرجة الجنون، ولا أستطيع تمالُك نفسي والتحكم في مشاعري تجاه حبي لها ولا تجاه دراستي، وأشعر أن مستواي الدراسي بدأ تدريجيًّا بالانهيار.
أرجو منكم بعض النصائح والحلول، وكيفية التخلص من ذلك الحب المُطَارِد لي...
شكرًا لكم، ومنتظر الرد...
السلام عليكم.
28/1/2021
رد المستشار
أهلا يا "عبد الرحمان" على موقع مجانين، وأعتذر عن التأخير الحاصل
أول شيء ينبغي أن أنبّهك عليه أنّ الحبّ شعور متداخل جدا ومعقد، شدّته أو ضعفه متعلق بهذه الأجزاء التي تتداخل لبنائه، فليس عاطفة خالصة كما يعتقد الناس، اعتقاد بأنها شيء واحد ومتفرّد وخالص يضعف مقاومتنا له وفهمنا له بالخصوص، فإذا فهمنا مشاعرنا كنا أكثر قدرة للتحكم بها أو التقليل من تأثيرها.
أعطيك أمثلة عن هذا التداخل، لما تُحبّ فتاة رجلا وهي في وضعية ضعف أو يُتم أو لم تعرف النموذج الرجوليّ في تنشئتها، إضافة إلى ظروفها السيئة من إساءة سلبية في الأسرة مثلا، فحبّها لهذا الرجل مبنيّ لا شك على معايير جمالية وفكرية، لكنّ ما يجعله حبا شديدا وتعلّقا غير عاديّ هي تلك الإسقاطات والحاجيات التي تنتظرها من هذا "الرّمز الأبويّ" فتُسقط عليه كلّ احتياجاتها العاطفية والوجدانية والجنسية معا. ستعتبره الخلاص ومصدر الانعتاق إذا أظهر لها بعض اللطف والتفهم، حسبته أفضل إنسان على وجه الأرض...
الآن لما تأتي هذه الفتاة لتخبرنا عن تجربتها تخبرنا فقط عن شيء اسمه "الحب ولا أستطيع أن أعيش بدونه"! فهي غير واعية بهذه التداخلات ولا تعلم أنّها في مرحلة انهيار ترى فيه الأمل والمتكأ الوحيد. بهذا إذا حصل عائق ما أمام هذا الحب لا تتحمّل الصدمة لأنّ الكثير من أمانيها وحاجياتها انهارت في تلك اللحظة وهذا ما لا تتحمله النفس. أعتقد أن المثال واضح.
الآن في وضع شبيه بوضعك تأمل مشاعرك جيدا ووضعك النفسي والمرحلة العمرية التي تمرّ بها، وكيف هي ثقتك بنفسك وكيف هي رؤيتك للمستقبل وهل تشعر بأنك تقوى على مواجهة الحياة.... إلخ
أسئلة يجب أن تجيب عنها بصدق ودقة ما أمكن، حتى ترى هل هذا التعلّق الكبير والجنوني كما تصفه، نابع من حالة نفسية واستنجاد لاشعوريّ، فشعرتَ للحظة بأنّ هذه الزميلة تُشكّل المخرج النفسي لكل ما تعيشه من إحباطات، وتُحمّلها ما لا يتحمله إنسان، أي أن تكون سندا لك على كل المستويات وأن تُرمّم ما عُطب من روحك!! هذه الاحتمالية الأولى.
أما الثانية فهي ما يطلق عليه وسواس الحبّ!! ولكي نُرجّح هذا الاحتمال ينبغي معرفة السوابق المرضية عندك وهل تعاني من نوع من الوساوس. يتخذ هذا الوسواس شكل أفكار متعلقة بشخص محبوب بحسب معاييرنا، لكن حضوره كشخص وكتفاصيل في ذهننا يتجاوز ما هو طبيعي، أي أنّ الأفكار المتعلقة به، بصوته، بحركاته، بما يعتقده عنّا وكيف يرانا والمواقف التي يمكن أن ألتقيه فيه وإذا تصادفتُ معه ماذا سأقول له إن قال كذا وكيف سأرد إن ردّ بكذا.... وهكذا، سلسلة من الأفكار الاقتحامية القهري التي لا يمكن لصاحبها مدافعتها أو طردها. نوع من التفكير الاجتراري (فكرة تعيد نفسها أو تجرّ معها أفكار أخرى إلى حدّ لا ينتهي) بخصوص الشخص المحبوب، وهذا التفكير الوسواسي يُشعر صاحبه أنّه فعل يحب بشكل جنوني، أي أنّ مشاعره صادقة حقا، لكنّ بها خللا ما ومبالغة.
والتأثر الدراسي وعدم التركيز يُحيل إلى ضعف القدرات المعرفة التي تترافق مع الحالات الوسواسية، تركيز صفر قراءة شيء وعدم استيعابه، تعب كبير جدا للتحضير وإنهاء الواجبات الدراسية..... بسبب أنّ النفسية مستهلَكَة تماما في التفكير الوسواسي في تفاصيل الشخص المحبوب وكل ما يدور حول عالَمِه.
سأتركك مع بعض الروابط حتى تقرأها وتحاول حصرَ مشكلتك وفهمها.
وسواس الحب بحذافيره
وسواس الحب المرضي : هل العشقُ إلا وسواس؟
هل هناك فرق بين العشق والحب
الحب الرومانسي من منظور الطب النفسي
وسواس الحب في بلاد الجزائر
وتابعنا بأخبارك.