حموت وأسيبكم
ابنتى عمرها 5 سنوات. منذ عام بدأت تصرُّفاتها تتَغَيَّر، وأصبحت تَتَعَصَّب لأي سبب، ولا تريد التفاهم أو التحدث معنا.
وقتها كنت حامل، ولكن الوضع زاد بعد وجود طفل حيث أصبحت تتَعَصَّب وتقول لنا كل مرة "أنا حَرُوح بيت تاني. أنا حموت وأسيبكم أنتي وبابا لوحديكم. أنا حاخُد بَرَاء معايا يموت وأسيبكم لوحديكم"، وأصبحت هذه الجملة تتكرر. مع العلم أنِّي أتَعَصَّب من التصرفات، فأزعق، وكل مرة أعتذر لها.
وأمس عندما صَحَت وجدتها تقول "المسيح" أو "المسيخ" لم أستَطِع تحديدها، فسألتها أين سَمِعَتْها، فوجدتها تقول لي "عند ربنا"،
فأَعَدْت السؤال تاني فقالت لي "أنا كنت مَيِّتَة عند ربنا"، فلم أستطع الإجابة. هل هذا له تشخيص نفسي.
29/4/2021
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله.
تتميَّز مرحلة ما قبل المدرسة (من عامين إلى 5 أعوام) عند الأطفال بخصائص معينة لا بُدَّ من فهمها لنستطيع التعامل مع الطفل، ومن هذه الخصائص الأنانية الشديدة التي تدفع الطفل لمحاولة الاستئثار باهتمام وعطف الأخرين، وأَوَّلُهُم الأب والأم، مِمَّا يُسَبِّب حالات من التَّغَيُّر السلوكي والعِنَاد والعَصَبِيَّة نتيجة الغِيرَة عند ولادة طفل أصغر يأخذ مكان الطفل ويكون أقرب منه لِلأُم لظروفه العُمْرِيَّة كَرَضِيع.
ومن خصائص هذه المرحلة العمرية أيضًا التفكير الخيالي الذي لا يُفَرِّق بين الحقيقة والخيال، ولا يُدْرِك حقيقة الموت، فالموت بالنسبة لهذا الطفل لا يختلف كثيرًا عن النوم، وقد يُعَبِّر الطفل عن أحد المفهومين بالآخر، وبالتالي فإنَّ الطفلة تُعَبِّر عن غِيرَتِها وغضبها لاهتمام الأم بالطفل الأصغر عن طريق التَّمَرُّد وعن طريق التعبير عن رغبتها في الاختفاء بالموت الذي تراه مُرادِفًا للاختفاء.
أمَّا بالنسبة لكلمة المسيح فغالبًا سَمِعتها الطفلة من أي مصدر ولم تدرك معناها، وتكررت معها في حلم رأته وهي نائمة فعَبَّرَت عن ذلك بأنها رأتها وهي ميتة لعدم تفريقها بين الموت والنوم.
وننصح الأمّ بالبُعْد تمامًا عن العصبية مع الطفلة لأن هذا قد يَزِيد الأمور سوءً، وأن تُكثِرَ من المدح والثناء عليها خاصةً فيما يُمَيِّزُها عن الطفل الأصغر كأن نقول أنها تستطيع المشي والكلام أمّا الرضيع فلا يستطيع ذلك وهكذا، وألَّا نُسرِفَ في الاهتمام والالتصاق بالرضيع أمامها ونُظْهِرَ الضَّجَرَ منه أحيانًا، وأن نُظهِرَ تَمَسُّكَنا بها واهتمامنا بها بالتوازي مع اهتمامنا بالطفل الأصغر، وأن نُكْثِرَ من المكافآت على السلوكيات الإيجابية التي تَصْدُر منها.
كذلك يجب أيضًا أن نُفْهِمْهَا ببساطة أنَّنا لا يَصِحُّ أن نتكلم عن الموت لأنه من اختصاص الله _عز وجل_ الذي يُقَرِّر من الذي يُغادر هذه الحياة ومتى، وأنَّه علينا أن نعيش حياتنا بشكل إيجابي وجيد حتى يكافئنا الله حين يقرر ذلك بالانتقال إلى مكان أجمل، وأنَّنا نتمنى حين تَحِين هذه اللحظة أن نكون سَوِيًّا كما كُنَّا سَوِيًّا في هذا المكان الذي نحن فيه.
ولا مَانِع من الحرص على ألَّا يتوَفَّر للطفلة أي وسيلة لإيذاء النفس أو مغادرة المنزل دون صُحْبَة، فإن تكرَّرَت هذه التَّلْميحات للموت فيجب مراجعة الطبيب الاستشاري للطب النفسي عند الأطفال.