أشُكُّ في صديقتي ومَرَضِها
السلام عليكم. لا أعلم من أين سأبدأ، لكنِّي أشُكُّ في أن صديقتي تَدَّعي مَرَضَها. لست أدري إن كانت شُكُوكي من أسباب مَرَضِي أم لا، فأنا أُعانِي من "بارانويد سكيزوفرينيا" منذ الطفولة، وأشك في أي شيء وكل شيء يحدث من حولي سواء كان عندي دليل أم لا. كنت قد أُدخِلْتُ المستشفى السنة الماضية، وهناك التَقَيْت صديقتي التي تُعانِي من "ثنائي القطب"، وكانت هي في عمر السابعة عشرة من عمرها وقتها.
عندما كنت أَنْعَزِل عن الجميع بسبب هلاوسي كانت تقول لي أنَّها أيضاً تسمع أصواتًا ولكن لا أحد يُصَدِّقُها. خرجت هي قبلي من المستشفى، وخرجت أنا من بعدها، وهنا بدأت صداقتنا. قالت لي أنَّها تُعانِي من الفصام أيضاً وليس فقط ثنائي القطب، ولكن الطبيبة لا تُصَدِّقُها، فالمُمَرِّضَات يقُلنَ أنَّها لا تُوجَد عليها أي علامات وجود هلاوس عندها أو أشياء اخرى. وقالت لي أنَّ الطبيب الذي كانت تُراجِع عنده في عيادة خاصة صَدَّقَها و شَخَّصَها بهذا المرض. كل شيء كان طبيعياً إلى أن أصبح كلامها يتَدَاخَل في بعضه.
سأكتب هنا الأشياء التي تجعل لِشُكُوكي وُجُود، وأرجو أن تُخبِرُوني إن كنتم تَجِدُون لها أساسًا أم لا.
فقد قالت لي في المستشفى أن أعراضها بدأت عندما كانت في عُمرِ الحادية عشرة (مؤخراً بدأت أسألها أسئلة عن حالتها كانت قد أخبرتني بها سابقاً ولكن لا تتذكرها)، و عندما سألتها قبل أيام أجابت أنها كانت مريضة منذ بداية إدْراكِها، أي بعمر الطفولة المبكرة.
إنَّها على علم كبير جداً بأسماء الأمراض النفسية والعقلية والعقاقير المُستَخْدَمَة لعلاج هذه الأمراض. و لقد قرأَت كتاب الـ "DSM-5" الذي لم أعرف أنا عنه إلَّا عندما كنت في العشرين من عمري، وهي قرأته في عمر المراهقة. وعندما أُخبرِها عن أَعْرَاضِي دائماً تقول لي أنَّها مِثلِي أيضاً. وقد أخبرتني طبيبتي من أني أُعانِي من أفكار وسواسية، ولكن لم تُشَخِّصني بأيِّ شيء. أخبرت صديقتي عَمَّا أَخبَرَتْنِي به طبيبتي، ولكني لم أقل لها أني لم أُشَخَّص بشيء إلى الآن، و أخبرتها أن مَرَض الوسواس مرض شائع جداً في أقاربي من أُمِّي، وقالت لي أنَّها تُعانِي من الوسواس أيضاً، ولكنها أخطأت بفهم معنى "Obsessions" فأخبرتني كيف أنها مَهوُوسَة بمُرَطِّبَات البشرة، فشرحت لها معنى الوساوس، ومنذ ذاك اليوم أصبحت تشتكي من ذات الأعراض التي لم تُخبِرنِي بها قَطّ في السابق.
وفي شهر رمضان أخبرتها أنِّي لم أستطِع أن أقرأ القرآن حيث أن عندي وساوس تكرار جمل أو قرآن أو أغاني أو أي شيء أنا أحفظه لساعات وساعات، لذا أنا أتجَنَّب أي شيء مسموع أو مَقرُوء أحفظه، فقالت لي في المرة التالية التي تَحدَّثنا فيها أنَّها لا تستطيع أن تقرأ القرآن بسبب وجود وسواس تقوم بسبِّها في رأسها. و عندما أخبرتها عن الـ "Compulsions" التي أُعانِي منها بدأت تشتكي من أشياء أخرى، حيث قالت أنَّها عندما تتَوَتَّر تقوم بوضع أصابعها في أُذُنها إلى أن تنزف، و أنَّها تستيقظ من النوم وإصبعها في أُذُنها ومَلِيء بالدَّم، ولقد أَرَتْنِي قُطنَ أُذُن مليء بالدم، وعندما سألتها متى بدأ هذا الأمر قالت منذ ٣ شهور، ولكنها لم تذكر لي هذا الشيء مُطلقاً في الماضي. وأصبحت تقول لي أنَّ لديها عَمَّة تُعانِي من الوسواس القهري.
قالت لي أن الفِصام يُؤذِيها، فبدأت أسألها عن بعض الأعراض السلبية الموجودة عندها، فقلت لها "كيف التَّواصُل البصري؟"، عندها قالت أنّه سيء جداً وأنَّ الاختصاصِيِّين جميعهم يقولون لها هذا نظراً لأن تواصلها البصري مع الجميع ١٠٠٪ طبيعي. وعندما سألتها "لم لا تتوَاصَلِين بصرياً؟" قالت لي أنَّها تتوَتَّر، مع أنِّي أعلم جيداً أن التوتر ليس سبباً في عدم التواصل البصري في مرض الفصام لأني مريضة فِصَام! وهي أيضًا اجتماعية جداً. وأيضاً سألتها إن كانت تضحك لأشياء لا تستحق الضحك فقالت "أجل"، لكني لم أَرَها قَطّ تفعل هذا، مع أنَّنا نتكلم بالساعات يومياً. ففَكَّرت كيف لها أن تعلم قطعاً أنَّها تضحك على أشياء لا تستحق إن كانت لا تعلم بالأساس أنَّها تستحق أم لا! وفي حالتي أهلي يُخبِرُونَنِي عندما أضحك على أشياء لا تستدعي الضَّحِك لأنِّي لا أنتبه على هذا الشيء، ولست أنا من يُقَرِّر.
إنَّها قالت أنَّ مَرَضَها بدأ يَسُوء عندما كانت في عمر الـ١٣ وأنَّها لم تَكُن تعلم بالأمراض النفسية أو ما هي أصلاً. ولكن في مرة أخرى سألتها متى بدَأَت بإيذاء نفسها، فقالت "في عمر الـ١٣". وسألتها "متى عَرِفتِ عن الأمراض النفسية؟" فقالت "في عمر الـ١٣، و أنَّها كانت تأخذ اختبارات نفسية في الإنترنت مع صديقاتها" فظَهَر لها أنَّها تُعانِي من ثُنائِي القُطبِ. وفي نفس السنة تكلَّمت صديقاتها مع الأخَصَّائِيَّة النفسية في مدرستها أنَّها تُؤذِي نفسَهَا، وبعد التحدُّث إليها قالت لأبيها أنَّه يجب أن تُفحَص من قِبَل اختصاصي، ولكن أبيها رفض فتح مَلَف الطب النفسي عندنا عندما تَمَّ الطلب منه. وقد قالت لي أنَّها كانت تتحَدَّث بشكل غير مُنتَظِم مع الأخصائِيَّة النفسية والطبيبة التي رأتها ولا تعلم ما السبب. وعندما أصبحت في عمر الخامسة عشر أو السادسة عشر ذهبت إلى اختصاصية طب نفسي، وقالت لها أنَّها تُزَيِّف الأعراض وأنَّ أعراضها كأنَّها مَقْرُوءَة من كتاب، وأنَّها انهارت عندما لم تُعطِها دواءً، وأنَّ اختصاصي آخر لم يُصَدِّقها أيضًا وقال أنَّها فقط تعُانِي من اضطراب بالشخصية. لست أدري عنها، لكني لم أَسمَع قَطّ بمريض يُعانِي من الفِصَام يُريد أن يأخذ الدواء.
وسألتها إن كان أهلها قد لاحظوا شيئاً غريباً فيها عندما كانت طفلة، فقالت أنَّهُم لاحظوا ولكن قالوا أنَّها ستتَغَيَّر عندما تَكبُر. وفي مرة أخرى قالت لي أنه لم يَلحَظ أحد شيئًا مُطلقاً لأنَّها كانت تُخَبِّىءُ الأعراض عنهم. لكني أعرف أنه يَصعُب على طفل في عمر الخامسة أو الرابعة أن يُخَبِّىء أعراضًا كهذه الأعراض لأنه لا يُدرِك حتى إن كانت حقيقةً أم لا، وفي النهاية الوالدان سيُلاحِظَان وجود شيء ما لأن الطفل المريض لا يعلم حتى أن البشر ليس من المفترض أن يَرَوْا ما يراه، فكيف يُخَبِّئه؟! وأنا عندما كنت طفلة كنت أبكي ولا أنام وحدي بسبب الهلاوس، لأنِّي في النهاية طفلة، والطفل لا يتظاهر بعدم وجود أمور مُرعِبَة يراها. لست أدري إن كان هناك أطفال يُعانُون من الفصام ويُدرِكون أنَّ مَرَضَهم مرض.
وأيضاً عندما التقينا في المستشفى سألتها إن كان عندها أحدٌ من أُسرَتِها مريض، فقالت أنَّ خَالَها يعاني من "Schizoaffective" وهو نوع من ثنائي القطب. ولكن في كل مرة كُنَّا نتحدث يزداد عدد الأفراد الذين يعانون من أمراض، فأصبحت أُمُّها _رحمها الله_ تُعانِي من ثنائي القطب، وعمَّتها أيضاً، وعَمَّتُها الأخرى تُعانِي من وسواس قهري.
كما أنَّها تشتكي دائماً من الأعراض مهما أخذت أي دواء، فقد تمّ تجربة جميع الأدوية معها لكن لم ينفع معها شيء! ولكن عندما تتعب تذهب إلى المستشفى كي يُعطُونها إبرَة مُهَدِّئة ودواء "زيبركسا" لليوم الذي يليه للأفكار الانتحارية، وأن الأفكار الانتحارية تختفي في اليوم الذي يلي اليوم الذي أخذت فيه الإبرة و "زيبركسا".
وأصبحت تقول أنَّها تُؤمِن بما قُلته أنا لها عندما كنت في حالة أسوأ، وهو أنَّ الحياة غير حقيقية وأنَّنا يجب أن ننتحر كي نستيقظ في العالم الحقيقي، وأصبحت تشتكي من أشياء تُشبِه الأشياء التي أنا أشتكي منها. وقالت لي أيضاً أنَّها تشتاق إلى المستشفى، وفي مرة أخرى أنَّ المستشفى كالملاهي بالنسبة لها، وأنَّها تحب الاهتمام الذي تتلقاه كمريضة، وأنَّها تشتاق إلى الفترة التي كانت فيها بالطبيب العام بعدما حاولت الانتحار. وكنت أَظُنُّ أنَّها تُحِبُّ أن يَتِمَّ تقييدها بالسرير، حيث أنَّها عندما كانت تجرح نفسها تنظر إلى يديها كثيراً لكي يُلاحِظ أحد وجود جروحها. وقالت لي مرة أنَّها تُريدُني أن أُشاهِدَها وهي تُؤذِي نفسها، وأن نفعل هذا الشيء معاً.
هذا كل ما أستطيع تَذَكُّرَه الآن، ولكن لا أدري فأنا أرى أن هناك خَطْبٌ ما، فكل شَيءٍ يتضَارَب مع بعضه من أقاويلها. أنا أدرُس علم النفس في الجامعة الآن، لكني في النهاية لست مُؤهَّلَة نهائياً أن أتكلم، وفي النهاية الشَّك جزء من مرضي.
أرجوكم أن تُخبِرُوني إن كنتم تَجِدُون مشكلةً مِثلِي حتى أُكَلِّم طبيبتها، لأنِّي أُحِبُّها ولا أريدها أن تتأذَّى.
وإن كنتي تُراقِبِيني وتقرئين كلامي الآن فاعْلَمِي أنِّي أسأل من أجل مصلحتك، ولا أريد أن أَرَاكِ تَتَأَلَّمِين.
وأتمنى ألَّا تترُكيني لأنِّي أَشُكُّ فيكِ.
16/5/2021
رد المستشار
شكرًا على مُراسلتك الموقع.
رسالتك لا تختلف عن بعض الرسائل التي تَصِل الموقع حين يطلب المُستَشِير إجابة من الموقع عن طرف ثالث. يُجِيب الموقع إذا كان الأمر يتعلق بأحد افراد العائلة، وفي غالبية الأحيان لا يكون جواباً مُقنِعاً لأنَّ الطرف الثالث لم يَكتُب عن أعراضه.
السبب الثاني هو أن المُستَشِير الذي يكتب عن طرف ثالث لا يمكن أن يكتب بصورة موضوعية، وفي غالبية الأحيان هناك تَحَيُّز معرفي وعاطفي حول الطرف الثالث. بعبارة أخرى مُحتَوى الاستشارة يفتَقِد المَوضُوَعَّية اللازمة في وصف الحالة العقلية للطرف الثالث.
أمَّا القاعدة التي يجب أن يستعملها الموقع للرد على استشارتك أو أي استشارة مُشابِهَة هو أن تَوَجَّهْتِ نحو طبيبك تَطلُبِين منه تشخيص حالة أخرى لم يَرَها، فماذا سيكون جوابه؟
أولًا: قد يُعطِي الرأي، وإن فعل ذلك فقد أخطأ لأنَّه لم يفحص المريض، وخَالَف قواعد المِهْنَة أخلاقياً ومِهَنِياً.
ثانيًا: لا يُعطِي الرأي لأنه لا يعرف المريض، وهذا هو الصواب.
كذلك الأمر مع استشارتك، لا يوجد أمام الموقع سوى عدم إبداء الرَّأي لأنَّ الرسالة لم تَصِل من الطرف الثالث، وإنَّما من مُستَشِيرِه تُخبِر الموقع بأنَّها مُصابَة بفصام زوراني بدون أي حديث عن أعراضك وعلاجك وأدائك. رغم الفصام الزوراني الذي تُعانِين منه فإن رسالتك في غاية الوضوح.
التَّمارُض ليس بالأمر الغير المعروف، وهي ظاهرة لا تخفَى على أي استشاري في الطب النفسي. كذلك تشخيص الأمراض النفسية ووصف العقاقير قرار مصيري يتَّخِذُه الطبيب وهو يعلم ما هي الأعراض الجانبية لهذه العقاقير، ولا أَظُنُّ أنَّ هناك طبيبًا يَصِفُها لمريض لا يعاني من اضطراب نفسي.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>: أشك فيها وفي قصة المرض ! م