السلام عليكم
سؤالي يتعلق بمعاملة الزوج لزوجته، ولكنني أقصد بالمعاملة هنا بابا واحدا من المعاملة وليس جميع الأمور؛ إذ هي شائكة وكثيرة. أسمع من الكثيرين أن معاملة الزوج لزوجته (الصالحة) تكون بمخالفة رأيها في كثير من الأمور، فهم يقولون: إن المرأة يجب أن تُخالَف؛ لأنها إذا أخذت كل شيء ونالت كل ما تطلبه فإنها سوف تفتعل مشكلة، عندما لا يمكن تحقيق ما تطلبه في مرة من المرات.
وأيضا لأن المرأة ضلع قاصر ومعوج، وأن الرجال قوامون على النساء. ومع احترامي الشديد للمرأة المسلمة بشكل عام، وأرجو ألا يؤخذ كلامي على أنه حط من قيمة المرأة أو اجحاف لحقها، ولكن أرجو أن يكون الكلام موضوعيا، والغرض منه أن نصل إلى السعادة والراحة الزوجية والفوز برضوان الله لهذه العائلة المسلمة.
لقد قال صديق أمامي منذ فترة وهو أعزب: أنا عندما أتزوج سأخالف زوجتي في كل الأمور تقول لي: نذهب الآن، أقول: غدا. تقول لي: نريد أن نشتري كذا وكذا. أقول: كلا نشتري كذا أفضل أو ليس اليوم بل غدا أو الأسبوع القادم، تقول لي: أبيض، أقول لها: أسود، وقد استشهد بحديث للرسول -صلى الله عليه وسلم- لست أحفظه، ولكن معناه أن المرأة ترفض وهي تريد الشيء، وتظهر عكس ما في داخلها دائما.
أعتقد أن فكرتي قد وصلت لكم، ولكن سؤالي هو: هل هذا صحيح؟ أي أن يكون الزوج كذلك أفضل لدينه ودنياه، وإذا كان كذلك ألا يولّد هذا كرها في نفس الزوجة مع مرور الأيام للزوج؟ أم أنه إذا كانت الزوجة صالحة فعلى الزوج تأمين كل ما تريد وتحتاج له ما لم يكن حراما؟ وعلى قول أحد الأشخاص في الجهة المقابلة أيضا: "إن زوجتي امرأة صالحة، وهي نعم الزوجة المسلمة.. هي مثالية معي، لذلك فأنا أؤمن لها كل ما تريده أو تطلبه، ولا أترك شيئا ينقصها، ولكن في حدود استطاعتي طبعا، إنني أريد أن أجعلها أسعد امرأة في العالم".
أرجو الإفادة بخصوص هذا الموضوع الهام مع ذكر شواهد من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-
والصحابة الكرام إذا أمكن.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12/2/2022
رد المستشار
أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، والحقيقة أن ما تثيره هنا يا أخي الكريم كلام قديم سقيم، ولكن يبدو أنه الحاكم حتى الآن للنظرة الشائعة عن المرأة في بعض الأقطار والمجتمعات، وأنت تعرف -كما يتضح من أسلوب سردك- أن هذه الأنماط الذهنية والقواعد "الذهبية" هي محض ترهات لا سند لها من عقل أو نقل، وتستطيع في باب النقول أن تذهب لموقع يقدم الفتاوى، فهم أولى بالرد على الشبهات الملتبسة بالدين.
أما من الناحية النفسية والاجتماعية فأقول لك باختصار: لا يوجد شيء اسمه "المرأة" هكذا بإطلاق وتعميم، فمن الناحية النفسية تبدو معه النساء -كما الرجال- عوالم متنوعة ومختلفة منهن الجاهلة والواعية، والهادئة والمضطربة... إلخ.
وحتى من تطلق عليها صفة الصالحة، فإن من الصالحات من هي متسرعة أو "حامية" كما يقولون، ومنهن من هي باردة أو بطيئة، ولن نجد مثالا أفضل من أمهات المؤمنين، زوجات الرسول الكريم... فهل يمكن أن يدعي أحد أنهن -وهن الصالحات القانتات- كن على شاكلة واحدة؟!
هل خديجة الحكيمة –رضي الله عنها- كانت مثل عائشة المتحمسة؟ وهل تعامل الرسول –صلى الله عليه وسلم- معهن جميعًا بشكل واحد؟ أم بما يتناسب مع طبع كل واحدة؟! وهل كلماته عن بعض الصفات كانت شاملة لكل النساء في كل العصور؟! هل إذا كانت معه حفصة أو جويرية يوم صلح الحديبية.. هل كان سيسألها مثلما سأل أم سلمة، وكانت معه يومها، فأشارت عليه بما أنقذ المسلمين من مخالفة أمر الله ورسوله؟!
في التقرير الصادم الذي ظهر مؤخرًا بالتعاون مع الأمم المتحدة، وقام على إعداده لفيف من أهل الخبرة والتخصص في الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ظهر أن أوضاع المرأة لدينا إجمالا تبدو من أهم معوقات التنمية، ووراء هذه الأوضاع تقف أباطيل من النوع الذي سمعتَه، وتنقله لنا في رسالتك.
ببساطة المرأة إنسان، وكل إنسان له طباعه وتركيبته، وهو قابل للتطور أو الانتكاس، ويستحق الاحترام أو الإعراض، ويحقق الإنجازات أو يجلب المصائب ذكرًا كان أو أنثى.
وللمزيد من فهم الموقف الإسلامي من المرأة يمكنك الرجوع إلى العديد من الأدبيات من أمثال كتاب فضيلة الشيخ الراحل محمد الغزالي عن المرأة، أو موسوعة "تحرير المرأة في عصر الرسالة" للأستاذ محمد عبد الحليم أبو شقة -رحمه الله-، وسيرة الرسول الكريم واضحة ناصعة ومتاحة... ليست سرًّا أو لغزًا أو طلسمًا، فاقرأ وتعلَّم واعمل، ودعك من ثقافة الأباطيل والأساطير فهي لا تغني، ولكنها تضر.
واقرأ أيضًا:
المرأة في القرآن والسنة
المرأة رؤية واقعية بعيدا عن النصوص النظرية
المرأة والرجل على الميزان
محنة المرأة المتعلمة في بلادنا
د. هبة رؤوف: لست راضية عن وضع المرأة
هبة رؤوف: هذا دور المرأة في الإصلاح..