السلام عليكم ورحمة الله وبركاته*
إلى كل من يساهم في هذه الزاوية البناءة.. تحية عطره ملؤها التقدير والتبجيل على ما تقدمونه من درر، وكلام يثلج صدر الأمهات. أنا بصراحة ليس لدي سؤال بقدر ما أحمل من استفسارات، وحيرة وتخبط من على صواب ومن الذي على خطأ، أصبحنا لا ندري أنحن في الاتجاه الصحيح أم أننا نسير عكس المسار؟
فمثلاً - وهذا يحدث بين معشر النساء- عندما تذكرين أنك تقرئين لأبنائك قصصًا قبل النوم، يكون رد الفعل الشفقة عليّ، والقول إنني مش عارفة كيف أتحكم في أولادي وقت النوم، فمثلاً الأم تقول متفاخرة "أنا أصرخ فيهم، ولا أجد نفسًا واحدًا"، أو مثلاً تمدح النساء فلانة بأن أولادها مؤدبون (فهي تشويهم شويًا)، وهذا كناية على أنها تضربهم ضربًا مبرحًا قاسيًا؛ لهذا هم مؤدبون ولا يثيرون الفوضى مثلي أنا؛ لأنني لا أضربهم وأدعهم يلعبون في البيت طالما أنه لا خطر عليهم.
والشيء الذي يؤرقني ويقتلني هو: هل أتفرغ للاهتمام بأولادي وطلباتهم لأنهم ما زالوا صغارًا وأقوم بالأشياء الضرورية في البيت أم أنني أكون عبدة للبيت وشغل البيت لا ينتهي؟ من هذه الغرفة إلى الأخرى، وتنظيف الصحون والغسيل وما إلى لا نهاية، وأولادي يصرخون بحاجة ماسة لي وابنتي الصغيرة (بنت سنة وأربعة أشهر) ورائي تجري تشد ثوبي وتبكي تريدني أن أحملها وأحن عليها وأنا غير مبالية، ليس لأنني لا أفهمها ولا أعرف أنها محرومة من حناني، ولكن خوفًا من أن تداهمني امرأة في بيتي وتعلق على نظافة البيت، وكيف أنني مهملة في البيت ومشغولة باللعب مع الأطفال!! وأشياء من هذا المضمار كثيرة.
وعندما يذهب أولادي إلى المدرسة يبقى عندي في البيت ابنتي راوية (ثلاث سنوات)، وسجى (سنة وأربعة أشهر)، فأغلق الباب لكي أتفرغ لهن وللبيت، فتبدأ الجارات في معاتبتي كيف أنني مغلقة على نفسي وبناتي الباب، بينما أولادهن يبكون يريدون اللعب مع ابنتي راوية، وأنا لا أريدها أن تخرج خارج نطاق البيت فأصبح متوترة لا أركز في عمل البيت ولا أنجز المطلوب، وأريد أن تبقى ابنتي تحت رقابتي؛ لأنها تخلع ملابسها وتبقى من غير بنطال، وهذا يجعلني أتوتر أكثر وأذهب إلى بعيد في التفكير لدرجة أنني أسألها هل لعب معك إخوة الجيران (هم أولاد عم، ولكن سيئو الأخلاق)، فأصرخ فيها وأمنعها من اللعب معهن فيأتين إلى البيت، فتبدأ ابنتي في الصراخ لكي أدخلهن البيت وساعتها أفتح روضة أطفال فأنا لديّ ابنتان، وجارتي ثلاث، والأخرى واحد، فأضطر لإخراجهم بعد لعبهم فترة ليست بالقصيرة، فتبدأ ابنتي بالصراخ لكي تلعب معهم.
أنا جدًّا آسفة على الإطالة، ولكن لو تعلمون كم أنا حزينة، لأنني مهلوسة في موضوع التحرش الجنسي للأطفال مما نقرأ ونسمع، لدرجة أنني عندما أحضرتها من بيت عمها بدأت أتفقدها، ولا أدري لماذا شعرت أنها غير طبيعية، فجن جنوني وبدأت أبكي بشدة وأتضرع إلى الله أن تكون سليمة، ومن هذه اللحظة عندما تتغافلني وتخرج إلى بيت عمها يجن جنوني، ويبدأ إخوتها يندبون حظهم لأنهم في اليوم الواحد يذهبون لإحضارها عشرات المرات، وسؤالي في هذا المضمون كيف أقنعها بعدم الذهاب إليهم، وهل أنا مضخمة الموضوع أم أنا أحافظ على بناتي؟
وجزاكم الله كل خير
والسلام عليكم.
* نشرت الاستشارة من قبل على صفحة معا نربي أبنائنا موقع إسلام أونلاين.
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أختي الكريمة.. شكرًا كثيرًا على رسالتك الحيرى التي أرجو بإذن الله تعالى أن تكون المعول الأول لهدم ما استقر كثيرًا من نمط التربية العشوائية. وقد بادرتنا الحديث بالسؤال الحائر: "هل نحن في الاتجاه الصحيح أم نسير عكس الاتجاه؟" وأتبعته بسؤال أكثر حيرة: "من على صواب ومن على خطأ؟".
واسمحي أن أجيبك:
أنت على صواب إن كنت تفعلين ما يؤدي بك إلى هدفك المحدد الذي تودين الوصول إليه. وهم على صواب إذا ما كانوا يفعلون ما يؤدي بهم إلى هدفهم المحدد. اسمحي لي الآن أن أسأل: ما هدف كل منكم في التربية؟ ظني ويقيني أن هؤلاء لم يفكرن أصلاً في هدف للتربية. لم يتصورن أبناءهن بعد عدد من السنين كيف سيكونون، بل ركبوا سفينة التربية غصبًا وكرهًا وتسليمًا بالأمر الواقع. كتبت عليهم الأمومة، فلا بأس. المهم أن تعبر الأيام، ومن بعد عبورها لا يهم إلى أين سيصلون، ولا في أي أرض سيستقرون. والحقيقة أن من لا هدف واضح له لن يمكنه الوصول أصلاً؛ لأنه ربما ركب القطار الخطأ وربما اتخذ الوسائل الخطأ. فضلاً عن افتقاده للمحفزات على طول الطريق لينشط للوصول لهدفه. وترى أي وسيلة يتخذونها كدليل أو إشارة أو علامة على أنهم على الطريق السليم أو انحرفن عنه.
معذرة إن أطلت عليك في تقديمي، ولكن مما يدمي قلبي اتخاذنا كأمهات مسلمات لأمر التربية بهذا القدر من الاستهانة والاستهتار، بل والأدهى أننا نزيد من عبثنا بدعوة الآخرين لانتهاج نفس سلوكنا المعوج السقيم، فلا نحن رحمنا ولا تركنا رحمة الله تشمل عباده.
أختي الكريمة.. جزاك الله كل الخير على محاولاتك الطيبة لأن تنزلي الأمومة منزلتها الكريمة العظيمة التي أرادها الله عز وجل لها وجعل بها الجنة تحت أقدام الأمهات. لا لشيء إلا لما تتكبده الأمومة الحقيقية من صعاب ومشاق جسمية وذهنية ونفسية. فضلاً عن الوقت والجهد والمال. هذه هي ضريبة الأمومة الحقة، ومن لم يدفعها لن ينال خيرها ولن يذق ثمرتها في الدنيا -والله أعلم بالآخرة-.
اطمئني حبيبتي وكوني أكثر ثباتًا، فالصواب لا ينبغي له الترنح والتشكك في نفسه، بل ينبغي له البحث عن أسباب رسوخه.. واستقرار بذرته ليصير بعد فترة شجرة وارفة تنشر ظلها ولا تقصره على حيزها الضيق. ولا يكون ذلك إلا حين نخلص النية لله سبحانه وتعالى، ونحدد هدفًا واضحًا –نراه متمثلاً أمامنا كرأي العين–، ومن ثَم نشغل حواسنا وأذهاننا في التخطيط للوصول إلى هذا الهدف، ولا يعنينا من بعد ذلك إن داهمتنا إحدى هذه الجارات أو تلك أو انتقضتنا واحدة من الأمهات أو تلك.
ولا أدري ما الذي أوقعك في هذه الحيرة. الحق ليس بين بين. وليس هناك في التربية اتجاه واتجاه معاكس. ولكن الحق أن هناك هدفا أو لا هدف .فدعينا الآن نفصل مفردات رسالتك جملة جملة:
هل أنت على صواب أم هم؟ ما هو بالضبط الذى تودين إخضاعه للمقارنة؟.. هل التي ترثى –لفرط جهلها– بمن تقرأ لأولادها القصص وبين من تصرخ الصرخة فينامون؟! هل تقارنين بين من تترك فلذات أكبادها ينعمن باللعب في بيئة آمنة –دون تخريب وبنظام معتدل– وبين تلك التي تشويهم شويًا؟!! هل تقارنين بين الرحمة بالعيال والقسوة التي انتشرت -لحس مشوه وأخطاء سقيمة- على أنها تربية ووالله ما هي إلا جهل وفطرة مشوهة. لما حال الجارات يهمك لهذا الحد؟!!
أختي الحبيبة.. نحن لا نربي لنرضي هذه الجارة أو تلك. ولا نترك للمحيطين بنا تحديد أهدافنا وطرق الوصول إليها، بل نربي لوجه الله تعالى محاولين بكل ما أوتينا من قوة الإبقاء على قدر من فطرة الأمومة السوية. وحين يخيب في ذلك مسعانا نظل بين يدي الرحمن الرحيم نبتهل وندعو حتى يمن علينا بفيض من رحمته ويعمر قلوبنا بالسكينة والرضا، بل ربما بكينا غلبة انفعالنا وشعورنا بالتفريط في الأمانة. وللحق أننا نبكي هذه اللارحمة التي ربما تظهر أحيانًا في تعاملنا مع هؤلاء الملائكة الصغار –أمانة الله التي أودعنا إياها-. نبكي خوفًا لتذكرنا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "من لا يَرْحَم لا يُرْحم"، ونحاول أن نتمثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما خلا منه شيء إلا شانه".
وحين نخطئ ويجافينا الصواب ندعوه سبحانه أن يلهمنا صوابًا ويثبتنا على الحق، وأن يهدينا، ويمن علينا بالرفق والحلم والأناة. وما هذا بالهين فلسنا جميعًا رفقاء رحماء، ولكننا نحاول ونؤمن كمسلمين بما قاله رسولنا عليه الصلاة والسلام: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم". ولا تكون الثقة والثبات إلا بإخلاص النية لوجه الله تعالى، فكل ما لغير الله باطل ولا يقبله الله سبحانه.
وأعرف أنه استقر بين كثير من الأمهات عدد من المغلوطات، ولعلّ أولها وأولاها بالمراجعة هو مراجعة النية وإخلاص النية في التربية لوجه الله العظيم. وثانيها هو تغيير ما شاع واستقر من نهج خاطئ للتربية. فالضرب والركل والصياح والصراخ ليست أدوات تربية، بل أدوات للقمع وللتنفيس عن غضب الأمهات لما يقابلهن من مشكلات لا يستطعن حلها. والمأساة الكبرى من تظن بنفسها قوة الشخصية لقدرتها الرهيبة على كبت أطفالها وسحقهم. ووالله إنها لبلية أن نستشعر قوتنا في سحق أبنائنا، بل والأدهى المفاخرة بذلك ودعوة غيرنا لنفس الوصفة!.
ولعلّ الخطأ الأكثر شيوعًا على الإطلاق هو عشوائية التربية وعدم اتخاذنا العلم والتدريب طريقًا لأداء مقبول فيها. وكأن التربية هي أبسط وأدنى منالاً من أن نتعلم ونتدرب على ما يجود أداءنا الذي يشهد له بالتدني كل ما نراه من عيوب وعلل في مجتمعنا. ولا يسأل عن تخلف مجتماعاتنا وضياع شبابنا وانحطاط أمتنا إلا التربية العشوائية التي نعاني من ويلاتها في ماضينا وحاضرنا على حد سواء. والتي يحاول الدعاة فيما بعد بجهد جهيد إصلاح ما أفسدته وتجاهلته التربية في مراحل الحياة المختلفة. والأولى البناء من لحظة الميلاد جنبًا إلى جنب مع محاولات الترميم والإصلاح.
والآن دعينا من المقارنات ومن على صواب ومن على خطأ. فمقياس صحة أفعالنا هو موافقتها لما يرضى الله عز وجل، ثم موافقتها لما نحدده من أهداف للتربية. وتحديد الأهداف والتخطيط لها علم ومهارة تحتاج لمعرفة وتعلم وتدريب. واسألي نفسك الآن: ما هي أهدافك؟ ما هي الأشياء الهامة في حياتك. لتقرري بعد ذلك ما هي أولوياتك. وهو ما يجيب بدقة عن تساؤلك الثاني: "هل أترك نفسي عبدة لشغل البيت أم أتفرغ لأطفالي؟" أحسبه أنه مما يراوض الكثيرات من الأمهات. وما يحدد إنفاقك في هذا البند أو تلك هو الأولويات.
وهناك دائمًا إمكانية لأن نجعل كل دقيقة في أوقاتنا تُعَدّ ويكتب بها لنا أجر. وذلك بأن تصب أنشطتنا جميعها في خانة الهدف المحدد. ويتحقق ذلك بوضوح الهدف (مدون –واضح - محدد بوقت – له دليل قياس نعرف به وصولنا). ويتحقق أيضًا بمعرفة تفاصيل التنفيذ. بحيث يظل دائمًا نظرنا معلقًا بالهدف المحدد، وتفكيرنا معلق بالنشاط الذي يقربنا من هذا الهدف.
ولعلها فرصة سائغة لأفصل لك الأمر. وسأحدثك في نقطتين هامتين:
* كيف تحدد الأهداف؟ وكيف يخطط لها؟ (وسأحدثك عن أهداف التربية تحديدًا).
* كيف نجعل كل ثانية من وجودنا مع أطفالنا مثمرة وتصب في مجرى أهدافنا؟
* وكيف نحدث هذا التوازن المطلوب في حياتنا ككل؟
أولاً: كيف نخطط للتربية:
هناك أهداف طويلة المدى وأهداف قصيرة المدى.
الأهداف طويلة المدى التي تستغرق وقتًا طويلاً للوصول إليها، وتكون الأهداف قصيرة المدى جزءاً منها؛ ولذا سجلي أهدافك التربوية طويلة المدى:
تخيلي هذا الأمانة (طفلك) التي بين أيدينا بعد فترة من الزمن. التقطي قلمًا وورقة ودوِّني إجاباتك:
* ما هي الصفات -النفسية والعقلية والخلقية- التي نتمنى أن يكون قد تحلى بها؟ (الصبر – الرحمة – التعاون – الإيثار – الكرم – الثقة والتقدير العالي للذات – المثابرة - ...).
* ما هي أهم المهارات التي نود تزويده بها؟ (النظام – الإبداع – التخطيط - القراءة – الكتابة -...).
* ما نوعية التعليم التي نتمناها له؟
على أننا ننمي ونربي ونرعى عدة جوانب:
• الجانب الديني
• الجانب الأخلاقي
• الجانب التعليمي
• الجانب النفسي
• الجانب العقلي
• الصفات الشخصية
• الجانب المعرفي
• جانب المهارات
ثم ضعي أهدافك قصيرة المدى: هدف واضح (تربية ابني تربية إسلامية) ليست بالهدف الواضح المحدد. وإنما لا بد أن يكون أكثر تحديدًا كأن نقول أرى لابني في نهاية هذا الشهر أن يحفظ سورة الرحمن مع قراءة تفسيرها، وإمكانية استحضار الآيات الدالة في موقف معين، وربما أعددنا نحن مثل هذه المواقف المحفزة للتفكير واستدعاء ما حفظه حيًّا موظفًا في مكانه في الدنيا. ويمكن أن نضع الوسائل لذلك بالذهاب مثلاً إلى المسجد مرتين في الأسبوع، أو استقدام شيخ محفظ، أو تولي تحفيظه بنفسك أو تولي الأب؛ المهم أن يكون الأمر واضحًا بكل تفاصيله ومحددًا بزمن أيضًا.
كذلك الهدف لا بد من وجود وسيلة لقياسه: فمثلاً يمكنني بعد تقسيم الآيات التي حددنا حفظها وفهمها على مدار الأيام أن أتمكن بعد عدد من الأيام من متابعة إذا ما كنا نسير باتجاه الهدف أم لا.. وكلما انتهيت من هدف قصير في ناحية من نواحي التنمية المختلفة وضعت آخر. وهذا بالطبع بعد أن تكوني قد تخيلت الصورة الكاملة واضحة (الهدف طويل المدى).
وهناك من الجوانب ما يحتاج لخطة مكتملة التفاصيل، وهناك ما نزرعه بذرة بذرة على طول الطريق.
فمثلاً الحاجات النفسية للطفل تتطلب من معرفة بخصائص المرحلة العمرية ومتطلباتها النفسية وكيفية التنشئة النفسية السليمة. وتكون خطتنا هي الوصول لهذه المعرفة (القراءة – السؤال - المتابعة للطفل - تدوين الملاحظات ...). ويكون التنفيذ الفعلي وصولاً لهذه المعرفة، ثم يجيء بعد ذلك الاستفادة من هذه المعرفة في التعامل مع الطفل وتنشئته. وهذا ما يتم في كل لحظة من لحظات تواجدنا مع الطفل.
إذا ما انتقلنا لتنمية القدرات العقلية: تكون الخطوة الأولى هي المعرفة أيضًا لطبيعة النمو العقلي في المرحلة العمرية المعينة، وكيفية دفع هذه القدرات لأعلى حيز ممكن. ووسائل ذلك، ثم تكون المرحلة الثانية من الخطة هي تحديد الخطوات التي سنتبعها: قراءة – نمو لغوي - زيارة أماكن - ألعاب معينة - ...
المهم هو أن يظل الهدف دائمًا يملأ علينا جنباتنا، ويكون هناك تحديدًا دقيقًا لوسائل الوصول لهذا الهدف؛ ولذا لا بد من التدوين دائمًا، فليس هناك تخطيط ثابت واضح في الذهن فقط. وإنما كما ورد في الأثر: "قيدوا العلم بالكتابة". فهذا ييسر التذكر والمراجعة والإضافة ووضع التساؤلات وتجديد الخطة والمتابعة.
والآن كيف سنجعل كل دقيقة من وقتنا تصب فى مجرى الأهداف المحددة؟ لدينا الأمر الآن واضح. فالأهداف محددة ووسائل الوصول محددة ومدونة ومترجمة لأنشطة:
* قراءة قصة * لعب بالكرة * تبادل النكات
* أداء بعض المهام المنزلية بما يتناسب مع عمر الطفل.
* حكي حكايات من طفولتنا. (قضاء وقت حميم مع الصديق الصغير)
* التدريب الرياضي * حفظ القرآن الكريم ....
كما وضح من هذه القائمة -التي يمكن لكل منا إضافة مئات الأنشطة لها– بها عدد من النشاطات التي تستغرق وقتًا وترتيبًا لها. وهناك ما لا يستغرق أكثر من دقائق معدودة، ولكنه يخدم كثيرًا تحقيق الهدف. ويمكنك أن تستفيدي من كل وقت، فوقت "الإفطار أو العشاء"، من الممكن أن يكون هو وقت مراجعة القرآن الكريم عن طريق شرائط المسجل. ووقت الخروج في السيارة من الممكن أن يكون وقت الاستماع إلى الموسيقى أو تبادل النكات أو سرد الحكايات الأسرية الجميلة أو...، كذلك وقت تنظيف المنزل من الممكن أن يكون وقت تدريب الطفل عل استخدام المكنسة أو تلميع الأثاث، كذلك وقت الطهي وقت مناسب لإشراك الطفل وتعريفه عددًا من الأشياء (أنواع الخضراوات – ألوانها – ما المحتويات الغذائية – ما المتشابه وما المختلف -...).
فضلاً عما يتشربه الطفل عن طريق القدوة والحديث المستمر مما يبني الجانب السلوكي والقيمي والأخلاقي. وهو ما يستمر على طول الطريق مع طفلنا. المهم أننا دائمًا مستحضرين في أذهاننا الهدف الذي نسير صوبه. ونستغل كل دقيقة في نشاط أو كلمات تقربنا منه. هذا هو الفارق بين حالة الهدف وحالة اللاهدف. يبقى لك أن تجيبي بنفسك: أتتركين نفسك عبدة لشغل البيت الذي لا ينتهي أم تلعبين مع أطفالك وتتفرغين لهم أم هناك إمكانية للتوازن مع الوضع في الاعتبار الأولويات؟
أما سؤالك الثاني: كيف تقنعين ابنتك بعدم الذهاب للعب بالخارج:
*أولاً ضعى قانونًا ثابتًا لذلك "سنلعب مع أطفال الجيران لمدة _________ بعد الإفطار أو الغداء أو ___ (حددي وقتًا لذلك)".
السلوك المطلوب لا بد أن يكون واضحًا -ممكنًا- محفزًا.
قولي لطفلتك بصوت هادئ حازم ما تتوقعينه منها (سأسمح لك باللعب وقتًا وأعرف أنك ستلتزمين بالاتفاق، حين تلتزمين يومين بالعودة في الوقت المحدد يمكنني أن أسمح لك باللعب ربع ساعة إضافية. ولكن إذا لم تحضري فهذا معناه أنك لن تخرجي للعب اليوم التالي). وتابعي تنفيذ هذا القانون ويمكنك عمل جدول يساعد كثيرًا في هذا الأمر وغيره. اكتبي لطفلتك الأيام، وضعي نجمة أمام كل مرة تلتزم فيها بالاتفاق. وحققي وعدك لها باللعب فترة إضافية.
* أشغلي ابنتك بالأنشطة المحببة داخل المنزل معك أو بمفردها، وهذا بدوره يقلل من رغبتها فى الخروج دائمًا لأطفال الجيران. من المهم والمفيد أن يتعلم أطفالنا، ومن ثَم شبابنا ورجالنا أن يقضوا وقتًا سعيدًا مفيدًا في منازلهم. فكم قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "فليسعك بيتك". ولكن ذلك يتم بالتدريب والتعود وتوفير البدائل المحببة واحترام القانون الخاص بذلك. ولا تتوقعي امتثالها من المرة الأولى، وإنما توقعي عدم الامتثال والاحترام للاتفاق، وكذلك اختبارها لجدية قانونك والتزامك به. وعليك بأن تظهري لها تفهمًا لمشاعرها ورغبتها: "حبيبتي.. أنت تريدين اللعب مع _______ . أنا أفهم ذلك وأشعر كم تكونين سعيدة بذلك؛ ولذا اخرجي واستمتعي معهم في الوقت المحدد لذلك".
ربما تبكي وتطالب بالمزيد من الوقت وتفاوض وتستخدم كل وسائل الضغط الممكنة. وحسب ذكائك ومهاراتك التفاوضية. وتفهمك لمشاعرها وإشعارها بهذا التعاطف مع الحزم. كلما امتثلت في وقت أقرب. والتعاطف لا يعني قبولك لرغبتها أو تنازلك عن القاعدة المتبعة، ولكن فقط إشعارها بالتفهم والتعاطف مع مشاعرها، وهذا يسهل كثيرًا في التفاوض، والاتصال بشكل عام.
* حاولي إفهام الجيران بلطف أنك لا تحبين لعب أطفالك وقتًا كثيرًا خارج المنزل بصفة عامة، وليس بالطبع مع أبنائهم تحديدًا. حاولي قدر جهدك أن توصلي الرسالة برفق ولطف فلهم حق الجيرة التي أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام بها، ولكن دون أن يكون معنى ذلك الامتثال لرغباتهم بصورة مستمرة أو الانخراط معهم فيما يعيقك عن تحقيق أهدافك أو حتى ضياع الوقت في التوافه من الأمور وما أكثرها بين النساء. واعلمي أن ثمار تربيتك لأبنائك ربما تقنعهم بعد فترة بأن يحذو حذوك.
وربما اتفقتم على صور للدعم فيما بينكم (تبادل الرعاية لعدد من الأطفال المتقاربين في العمر والقراءة لهم مثلاً أو اصطحابهم للحديقة القريبة أو التسوق للجميع أو توصيل الأطفال لأماكن ممارسة الأنشطة وغيره الكثير مما نحتاج بشدة لشبكة دعم من الأهل والأقارب والمحيطين للقيام به. وذلك بكل تأكيد يعين على ناتج أفضل للجميع). وللأمر تفصيله الذي أراه واجبًا، ولكن للأسف لا تسمح المساحة بتجاوزها أكثر من ذلك.
ولا يفوتني أو أؤكد على شكرى لتفاصيلك الكثيرة التي أوردتها رسالتك، ولا داعي أبدًا للاعتذار بشأنها فهو مما يعيننا كثيرًا على رسم صورة أوضح. فشكرًا لك مرة أخرى.
وفي انتظار رسائلك المفصلة القادمة.
واقرئي أيضًا:
نصائح حول تربية الأطفال
أمنيات مثالية.. ظروف غير مثالية