السلام عليكم
أريد أن أطرح مشكلة ابني البالغ من العمر أكثر من 4 سنوات أو بالأحرى هي ليست بمشكلة ولكنها تؤرقني حقا.
أريد أن أعلّم ابني وأحفظه القرآن وبعض الحروف العربية لكنه كل مرة يتهرب ويدعي أنه تعبان ونعسان ولا يريد أن يتعلم شيء، يحب فقط مشاهدة التلفزيون واللعب على الكمبيوتر وهذا يحزنني جدا.
فإنا أرى بعض الأطفال الذين في مثل سنه أو أقل يحفظون بعض من آيات القرآن ويحسنون قراءة الحروف وهو لا يريد أن يتعلم شيء بالرغم من أنه يذهب إلى الحضانة وقد تعلموا كل الحروف.
وللملاحظة هو بطيء الحفظ والفهم وقليل التركيز والانتباه وهو كسول جدا جدا لا يستطيع القيام بشيء ما بنفسه.
فكيف أعالج فيه هذه المشكلة (قلة التركيز و الانتباه) حتى يتجنبها في المدرسة مستقبلا وكي لا يعاني مشاكل في الدراسة (أمنيتي أن يكون من المتفوقين، أخاف أن أصدم وتحبط كل معنوياتي إذا كان عكس ذلك).
فهل من تدريبات وتمرينات أو تحفيزات لجلب انتباهه للتعلم أو أغذية تقوي التركيز والانتباه عند الأطفال، علما أنه قليل الأكل وضعيف الشهية.
وأعتذر على الإطالة ولو أني كنت أريد أن أحكي أكثر عن ابني وعن كل الأمنيات والأحلام التي رسمتها لكن أفتقدها في ابني.
شكرا لكم
ولكم مني ألف تحية واحترام.
7/6/2022
رد المستشار
عزيزتي.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
احترت كثيراً كيف أبدأ بالرد على استشارتك؛ لأنك أم وقلقة وتتمنين أن يكون طفلك- وهو الوحيد كما يتضح من البيانات المتاحة لدى-أن يكون أفضل طفل في العالم وهذا حق لك ولكل أم فالأبناء هم أغلى شيء في الوجود.
حقيقة أن ما تسألين عنه أصبحت أسمعه مرارا وتكرارً من كثير من الأمهات اللاتي يترددن على قسم الأطفال .. فهي قصة متكررة إذن أن زملائه في الحضانة قد تعلموا وأدركوا أشياء لم يدركها هو بعد، وحفظوا القرآن وهو لم يحفظ شيئاً بعد، وفى كثير من الأحيان يكون ردي كالآتي: "وإيه يعني"؟ لماذا أرد هكذا؟ لأن قلق الأم هو العدو اللدود للطفل الذي يجعله يهرب مما تطلبه منه ويشعره أن ما ستتطلبه هو واجب وحمل ثقيل.
على كل حال هيا نحلل الموضوع بتمهل:
ما معنى أن الطفل لا يتعلم الحروف ولا يحفظ.. ما هي الاحتمالات؟
1- مشكلة في القدرات الذهنية (نقص في الذكاء): وهذا له علامات أخرى كتأخر الطفل في المشي والكلام والقدرة على التحكم في الوظائف الإخراجية .. والمشكلة تكون في الفهم بوجه عام حتى في الحياة العامة، فمثلاً لا يفهم الأوامر الموجهة إليه ولا يستطيع إدراك الخطر.
ولا أظن أن هذه مشكلة ابنك فهو يلعب على الكمبيوتر إلا لو كان يلعب بشكل عشوائي ولا يفهم أسس ما يلعبه كما أنه يشاهد التلفاز إلا لو كان لا يعى ما يرى ولا أعتقد هذا فشكواك أنه لا يحب إلا اللعب .. حتى ولو كان الأمر أنه نقص في الذكاء فهو مازال صغيراً ويمكن أن يتم عمل تنمية قدرات للطفل في هذه السن بواسطة المتخصصين وأنت نفسك يمكنك تعلم ذلك لمساعدته في البيت.
2- مؤشر لصعوبات التعلم: فهو لا يستطيع إدراك شكل الحروف وهذا له علاج وتدريبات بإذن الله فلا تقلقي.
3- فرط حركة وتشتت انتباه: فهو يتحرك باستمرار وعصبي المزاج ولا يتحكم في انفعالاته وينتقل من نشاط إلى أخر ولا يستطيع الجلوس بهدوء حتى لتناول الطعام وهذا أيضا له علاج وتدريب بإذن الله.
4- مشكلة سلوكية كالتمرد والعصيان: فهو يرفض أوامرك ويشعر أن كل ما يربط بينك وبينه هو رغبتك في أن يحفظ ويتعلم، لا تتعجبي فالأطفال يدركون ما بداخلنا دون أن نتكلم فهم حساسون للغاية، إذن التعليم أصبح لا شيء إلا أوامر ماما، إذن الرد الغير مباشر من الطفل: لن أفعل. وهذا أغلب ظني في حالة طفلك.
وأنصحك عزيزتي بالأمور التالية:
1- لابد أن تحبي ولدك على حاله، أسمعك جيدا "والله أحبه" نعم تحبينه، لكن الحب الحقيقي أن نفهم من نحب، ابنك يخاف من قلقك ويتجنب المواقف التي تجلب القلق ويراه حتماً على وجهك فالقلق إحساس بغيض للأطفال.
2- من حق ابنك أن يلعب ولا يحب إلا اللعب في هذه المرحلة، واللعب ضروري لنمو قدرات الأطفال، وإذا كان مقدراً لأبنك أن يكون مبدعاً في يوم من الأيام فاعلمي أن الحرمان من اللعب والضغط على الأطفال لعمل كل شيء على أنه واجب يقتل القدرات الإبداعية الكامنة فأعط له الحرية وقللي من القيود.
هل معنى ذلك ألا نعلمه الحروف والأرقام كأقرانه في هذه المرحلة، لم أقصد ذلك بالطبع لكن ما رأيك "لو ضحكنا عليه وعلمناه من غير ما يأخذ باله"-كيف؟؟ أقصد أن نبعد تماماً عن الطرق التجريدية في التعليم فلنجعل الحروف لعبة مثال ذلك: البازل الخشب للحروف يقوم بتركيبها في أماكنها وأثناء ذلك نسمى الحرف مثلاً نقول "بص يا حبيبي أنا آخذ الألف أحطها مكانها وأنت خذ الجيم أهي"
3- ملاحظة عدم الحرص على تعليم الحروف بالترتيب، وكذلك استعمال الأقراص المدمجة التي تعلم الحروف أو الورق والألوان وكتابة الحرف بحجم كبير وتلوينه ثم استعمال المقص لقص الورقة المحيطة بالحرف حتى يصبح الحرف مجسماً ملوناً.
4- أفضل أن يبدأ التعليم باللعب شخص أخر غيرك حتى لا يدرك طفلك الحيلة ويفسدها من بدايتها فهو يعلم جيداً ما تريدين.
5- لزيادة الانتباه عليك بالأمور التالية:
• نبدأ التعليم باللعب في الوقت الذي نشعر فيه أنه مستعد لذلك فلا يكون مجهداً أو جائعاً مثلا.
• أن تكون الغرفة خالية من المشتتات كالتلفاز أو وجود أشخاص آخرين يتحدثون أو يقومون بنشاط يجذب انتباه الطفل.
• ألا يكون هناك لعب أخرى في الحجرة وقت أداء النشاط المطلوب.
• من الأفضل ألا تكون هناك صوراً وبوسترات في المكان الذي نعلم فيه الطفل.
• حفزي طفلك على التواصل البصري معك قبل البدء في النشاط.
• اربتي على كتفه وعانقيه وأعط له المكافآت لتدعيمه كلما أطال مدة الانتباه معك.
• احرصي على مناقشة الأمر مع معلمة الحضانة وأود أن أعرف هل لها نفس شكواك من عدم الانتباه؟
• قللي الضغط عليه وامنحيه قدراً من الحرية والمتعة والترفيه.
• اعلمي أن الأطفال لا يملون من الأنشطة الممتعة ويصرفون انتباههم عما لا يجدون فيه غايتهم من المتعة والمرح.
• التغذية عنصر أساسي فلابد من الإكثار من البروتين (البيض، اللبن، اللحوم، الأسماك، الخضروات والفواكه الطازجة) والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوى على المواد الحافظة والوجبات السريعة التي تفسد شهية الأطفال وتصيبهم بالسمنة بالإضافة إلى أضرار أخرى كثيرة.
وأخيراً أحب أن أهمس في أذنك: اهدئي اهدئي اهدئي.. هذا هو المفتاح بإذن الله وإذا كنت تشعرين أنك تحتاجين لمساعدة متخصص ليساعدك في فهم طبيعة طفلك ويعلمك التدريبات اللازمة لإكسابه المهارات اللازمة التي يتعذر عليك تعليمه إياها .. فلا تتردى وهذا لا يعنى أن طفلك يعاني من شيء لا سمح الله لكن حتى تطمئني وتهدئي لا ليكون ابنك متفوقاً فقط حسبما ذكرت لكن ليكون في صحة نفسية جيدة.
والحمد الله أن عافاه الله مما هو صعب أو لا يرجى شفاؤه فهو بخير بإذن الله، بارك الله لك في ولدك وأكرمك فيه وجعله قرة عين لكما.. وتابعيني بأخبارك.