تنمر
كيف الخلاص من الآثار السلبية للتنمر ؟
وكيفية معاشرة والاختلاط مع ناس في حال عندي عيب وهم يضحكون علي؟
24/8/2022
رد المستشار
في بداية الأمر لابد من توضيح ما معنى التنمر لأن استعماله أصبح شائعاً لا يقتصر على عمر أو جنس ولا ثقافة دون أخرى. كذلك تزدحم المنشورات والمقالات العلمية والعامة حول هذا الموضوع وفيها أيضاً الكثير من المتناقضات. الاستعمال العامي والإعلامي للكلمة لا يعرف إطاراً يمكن القول بأنه إطار علمي متفق عليه بين جميع الناس.
التنمر هو الاستخدام السيء المستمر المتعمد والمتكرر للسلطة في العلاقات عبر سلوك لفظي أو جسدي أو اجتماعي، والذي يستهدف إلحاق الأذى الجسدي أو الاجتماعي أو النفساني. هذا السلوك لا يقتصر على فرد واحد وإنما أحياناً يشمل مجموعة من البشر الذي يسيئون استخدام سلطتهم أو ما يتصورون قوتهم، على شخص أو أكثر والذين يشعرون بأنهم غير قادرين على منع السلوك الموجه إليهم.
من هنا نلاحظ بأن سلوك التنمر يتميز باستمراريته وتعمده من قبل الإنسان الذي في السلطة، ومن جهة أخرى نلاحظ بأن الفرد المستهدف يشعر بأنه غير قادر على منع ما يحدث. لذلك تم استحداث مناهج وقوانين مهنية تمنح الإنسان الفرصة لتقديم شكوى ضد أي إنسان آخر في العمل، بل وحتى ضد المؤسسة التي يعمل فيها من خلال لوائح قانونية مهنية واضحة. في العالم الغربي مثلا هنا محاكم خاصة تبتُّ بهذا الأمر في جميع ميادين العمل بدون استثناء.
التنمر أيضاً هو ظاهرة جديدة بسبب استعمال المواقع الاجتماعية وهو أيضاً يخضع لشروط التعريف أعلاه. هناك أيضاً قوانين جديدة تستهدف حماية المواطنين من هذا السلوك، ولكن البت فيها يكون عن طريق الجهات الأمنية التي تقرر بعد ذلك وصول مثل هذه السلوكيات إلى الجهات القانونية.
ما هو ليس بالتنمر هو:
١- نوبات فردية من النبذ الاجتماعي والكراهية.
٢- نوبات غير متكررة من النكاية بالآخرين.
٣- سلوكيات عدوانية عشوائية.
٤- خلافات وصراعات بين الناس.
آثار التنمر
آثار التنمر (في واقع الحياة أو عبر عالم الفضاء) على الضحية لا تختلف كثيراً عن آثار التعرض لضغوط نفسانية وتشمل:
١- أعراض قلق
٢- أعراض اكتئاب
٣- اعتزال الآخرين
٤- سلوكيات انتحارية
٥- أعراض جسدية لا يمكن تفسيرها طبياً
٦- الشعور باليأس
هذه الأعراض والعلامات قد تتطور عند البعض لتصل عتبة الإصابة باضطراب نفساني مثل اضطراب الاكتئاب أو اضطراب القلق المُعَمَّم والرهاب الاجتماعي. هناك من يؤكد بأن الأعراض الناتجة عن التنمر لا تختلف كثيراً عن اضطراب كرب ما بعد الصدمة سوى في أن تعريف الصدمة بحد ذاته يختلف في الحالتين.
التعامل مع التنمر
حماية الطفل والأحداث من التنمر يقع على عاتق أولياء أمورهم والمقصود بولي الأمر ليس الآباء والأمهات فقط وإنما الكادر التعليمي والشؤون الاجتماعية، فعليهم مراقبة الأطفال والأحداث وملاحظة التغيير في سلوكهم وتدهور أدائهم الاجتماعي والتعليمي. هناك من الأطفال من يتوجه صوب أولياء الأمر شاكيا لهم وذلك دوماً يؤدي إلى وقاية الطفل من الأشقياء. هناك من الأطفال والأحداث من لا يشارك أولياء الأمر لسببين:
١- اختلال التواصل بين أولياء الأمر ورعاياهم.
٢- تعرض الطفل أو الحدث لعملية ابتزاز.
٣- سيادة مفاهيم اجتماعية مريضة في البيئة التي يعيش فها الأطفال والأحداث.
الأطفال غير البالغين الذي يتعرضون للتنمر في عملهم فالإنسان البالغ عليه مشاركة المقربين منه واستشارتهم والتمسك بحقه والمطالبة به. هناك أيضا نقابات العمال التي توفر الدعم اللازم لأعضائها. بعبارة أخرى على البالغ تحمل المسؤولية في مواجه المتنمر ضمن حدود العمل والمؤسسة التي يعمل فيها وعدم القبول بدور الضحية.. كذلك يجب ألا ننسى بأن سلوك التنمر لا يصعب مشاهدته في العلاقات الزوجية وأحياناً بين الوالدين وأبنائهم سوى أن مصطلح التنمر لا يستعمله أحد في هذا الإطار.
علاج آثار التنمر
في غالبية الحالات تنتهي الأعراض والمعاناة مع توفر الدعم العائلي والاجتماعي والتعليمي.
هناك من يستمر يعاني من أعراض آثار التنمر وهنا فإن الدخول في علاج نفساني كلامي لفترة وجيزة يساعد كثيرا.
هناك من يعاني من اضطراب نفساني وعليه باستشارة طبيب نفساني.
العلاقة بين المعتدي والضحية في حالة التنمر أشبه بعلاقة إنسان بكائن (إنسان آخر) تعلق به استوطن كيانه نفسيا. عملية الاستيطان تحتاج أولا إلى إدراك الضحية بأن هذا الكائن مصدر إزعاج مستمر وهو كائن ضعيف ينحدر من عائلة وضيعة أخلاقيا وتاريخهم يعكس عدوانيهم وضحالتهم. المعتدي إنسان ضعيف غير مستقر وعلى الأكثر مدمن على المخدرات عاجلا أم آجلا. عملية تهجير هذا الكائن السيء تحتاج إلى إدراك الضحية ضرورة طرد هذا الكائن من كيانه وتجاوز آثار التنمر في نهاية الأمر يحتاج إلى ما يلي وخاصة بعد عمر البلوغ:
١- مراجعة الإنسان لنفسه والقبول بأنه كان ضحية في الماضي، ولكن هذا الدور في الحياة الآن لا خير فيه وعليه أن يتجاوزه وينتقل إلى مرحلة جديدة في الحياة مواجها التحديات الراهنة وساعيا تجاه مستقبل جديد.
٢- عليه تغيير أفكاره. لكل إنسان القابلية على تبديل كل فكرة سلبية بإيجابية وإن وجدت فكرة سلبية في أي وقت هناك أضعاف ذلك من أفكار إيجابية هو الوحيد القادر على سحبها لتحتل المقدمة في عقله.
٣- على الإنسان أن يسأل نفسه كيف يفكر ويحلل الأمور وعلاقته مع الآخرين. هناك من يحلل الأمور ويفكر بإطار سلبي والآخر يفكر إيجابياً.
4- على الفرد مراجعة دوره في الحياة. الدور الذي يجب أن يرفضه هو دور الضحية ويبحث عن دور جديد مثل دور الإنسان المكافح، العامل، المفكر، المستجد.
هذا هو الطريق لتجاوز آثار التنمر وخير معالج للإنسان هو الإنسان نفسه.