اعتياد القهور؟ أم التعمق المغرور؟ + وسواس وشركاه م2
التعمق
السلام عليكم، لدي وسواس خفيف -أي أنه لا يعيقني في ممارسة المهام اليومية- وهو وسواس فكري بدون طقوس، عرفت أنه للتخلص من هذه الوساوس الفكرية علي القيام بتجاهل هذه الأفكار وأتركها تمر في عقلي بدون محاولة قمعها، وهذا ما أفعله حاليا.
في هذا الجانب يمكن القول إنني بخير، لكن لدي مشكلة أخرى، أعاني من "طريقة" للتفكير، حيث أقوم بالتعمق في بعض الأمور التي أظن أن الناس الطبيعيين لن يتعمقوا فيها.
كمثال تخيلي لو حدث أن انطفأ هاتفي فجأة بدون سبب سأفكر بهذه الطريقة: "شخص ما اخترق هاتفي وقد قام بإطفائه لكي يقوم بتثبيت برامج تجسس عليه، لكن مصطفى لو أطفأه كيف سيقوم بتثبيت برنامج عليه؟ سيقوم باستخدام تقنية معينة لكي يقوم بهذا؟ لماذا سيقوم من البداية بإطفائه؟ لكيلا أرى عملية التحميل والتثبيت..." يُرجى العلم أنني أعرف أن هذا الفكر سخيف وليست أبدا أقلق منه، لكن إذا ما أقنعتني هذه الأفكار بسبب "منطقيتها" فهذا قد يسبب لي بعض القلق.
وهذا التعمق يحدث أيضا في مواقف معينة لا تستدعي لي أي قلق مثل التعمق في النظر إلى بعض أجزاء جسم الإنسان مما يجعلني أستغرب من شكلها والتفكير المعمق في طبيعة الإحساس بالألم ومتعة تناول الأكل...إلخ.
فهل هذا التفكير من الوسواس القهري أيضا أم مشكلة أخرى؟، وكيف أستطيع التخلص منه هل أقوم بتركه يمر بدون القلق حوله، علما أنه قد أجده منطقيا جدا لهذا السبب قد لا أستطيع تجاهله.
وأود إعلامكم أنني لا أستطيع حقا زيارة طبيب نفساني ولا حتى شراء دواء، فأرجو أن تقوموا بإعطائي أية معلومة مفيدة للتخلص من هذه المشاكل. جزاكم الله خيرا.
28/11/2022
رد المستشار
الابن المتصفح الفاضل "مصطفى" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك ومتابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
أحسنت فيما تفعله الآن من تجاهل للأفكار الوسواسية ونرجو أن يعينك الله حتى تبرأ، ولك منا تحية على الفهم والتطبيق الناجح.
وأما ما تصفه من فرط التعمق في أمور (الناس الطبيعيين لن يتعمقوا فيها) هو من سمات تفكير الموسوسين وإن لم يكن مقصورا عليهم، ففرط تقييم الخطر، وتوقع السيناريو الأسوأ، والشك في خبايا الآخرين كل هذا موجود في اضطرابات القلق وفي غيرها من الاضطرابات النفسانية... ولكن هذا النوع من التفكير ليس هو التعمق الوسواسي الذي سلطنا عليه الضوء في حالتك، وإنما هو التفكير الاجتراري أو التعمق (بمعنى التمادي) في التفكير في قضية ما أكثر مما يصح أو مما يلزم ويتداخل فيه التفكير الزوراني مع التفكير الكارثي مع التشاؤم ...إلخ.
وأما التعمق التأملي الذي تمارسه (التعمق في النظر إلى بعض أجزاء جسم الإنسان مما يجعلني أستغرب من شكلها والتفكير المعمق في طبيعة الإحساس بالألم ومتعة تناول الأكل...إلخ.) فهو من شكاوى الموسوسين الشائعة وكثيرا ما ترافق مشاعر اختلال الإنية العابرة لكنها تزعج الموسوس كثيرا وربما أوقعته في وساوس متباينة إذا استرسل معها، أما إذا استطعت تجاهلها والتوقف عن سلوك البحلقة (أو الحملقة) أو فرط التأمل في كيفيات لا يمكن إدراكها مثل ما ستجد من الأمثلة أدناه، إذا استطعت ذلك فإنه سيقل بالتدريج حتى يخفت لكنه قد يعاودك في أوقات الكرب أو الضيق وعليك دائما تجاهله.
لكن لدي سؤال عن المنطقية، ماذا تقصد بها يا "مصطفى" يا ولدي؟ أو بالأحرى من قال لك إن الفكرة الوسواسية يجب ألا تكون منطقية؟ بينما الصحيح أنها غالبا ما تكون منطقية بالنسبة للمريض، بل ومغرية أحيانا! بأن يفكر فيها لأنه يراها مهمة وجديرة بالتفكير ولو في حالته هو تحديدا، باختصار عندما تعرف يا "مصطفى" أنك توسوس أو تنزلق إلى ما يجعلك توسوس انتبه واعرف أن عليك التجاهل والاستمرار في سلوكك الهادف (النظر للإنسان -كإنسان وليس أجزاء- بغرض المعرفة والتواصل) وليس سلوكك القهري المعتاد في مثل تلك الحالات (التدقيق والتمحيص والتفكير المعمق)، أعرف أن الأمر ليس سهلا لكنك إن شاء الله ستوفق.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.