بسم الله الرحمن الرحيم، إلى من يهمه أمري..
ترددت كثيرا قبل أن أراسلكم، ولكن طفح كيلي، أنا بنت الـ 24 سنة، جميلة المظهر، حسنة الخلق، من عائلة ميسورة، متزوجة برجل يكبرني بعشر سنوات من غير تعارف مسبق، فقط أسبوع قبل الزواج، أعيش معه ولكنه لا يبالي بي، مجرد من المشاعر مع أنه يقول إنه يحبني، ولا أرى حبه لي في أي وسيلة كانت. لا يوجد شيء لم أفعله له، أهتم دائما بنظافة بيتي ونفسي أولا، وراحته بعد العمل، وأفعل له ما لم تفعله امرأة لزوجها من قبل إلا أني أشعر بالاكتئاب الشديد، فهو لا يلاطفني أبدا حتى وإن كان يود معاشرتي، أشعر بالنفور منه، ولكني لا أستطيع أن أرفضه عندما يطلبني وذلك حتى لا أُلعن من قبل الملائكة، بل إنه عندما يعاشرني تستمر كامل عملية الجماع مدة الـ 5 دقائق فقط، وأنا ما زلت في الـ 24 من عمري (أي أني....).
وحاولت معه قدر الإمكان، بدأت أنا الكلام الحلو، تجرأت وأخبرته أني أحب الكلام الطيب والملاطفة وأني أحب أن أتلقى الهدايا بين الحين والآخر، لكن كلامي كأنه لم يكن، 3 سنوات وأنا أحاول حتى عندما تنتابني نوبة غضب فإنه لا يبالي، أبكي وأصرخ وكل ما يفعله لي النظر لي وكأني مجنونة، بينما أريد صدرا دافئا يربت علي ويواسيني ويسمع همي.
عرضت عليه أن يعرضني على طبيبة نفسية لكنه رفض، ومع سؤالي له والدموع في عيني ارتسمت على وجهه أعراض ابتسامة رأيتها وما زال يقول إنه يحبني.. الآن ومنذ أسبوع واحد تفاقمت حالي ما عدت أستطيع التحمل، أفكر كثيرا في الانتحار، ولكني أنظر إلى ابني الذي لم يتجاوز السنتين من عمره.
بدأت أفكر كثيرا وغالبا ما أتخيل نفسي مع شخص وهمي يُسْمِعني أحلى الكلام، بل أود معاشرته، شخص أرسم له صورة من خيالي.. أنجدوني.. بدأت أعاني من خسارتي لنفسي لم أعد أحتمل، أشعر أني بلا حياة، أنتظر ردكم فهو نجدتي بالبقاء أو النهاية.
19/12/2022
رد المستشار
الأخت الكريمة:
أقدر معاناتك فرسالتك تقطر ألما، وتنطق بحجم الضغوط النفسانية التي تمرين بها، فمن المؤكد أن السعادة الزوجية والاستقرار الأسري من أهم مقومات ودعائم الصحة النفسانية للإنسان؛ فمن حقك أن تسعدي بزوجك، وأن يسعد زوجك بك، ولكن كيف يمكن أن تتحقق هذه السعادة؟ كيف يمكننا تحقيق هذا الحلم الذي يعتبره البعض بعيد المنال أو من المستحيلات؟ وبينما نجد هذا التصور سائدا عند البعض نجد الآخرين يتصورون أنه يمكننا أن نحقق السعادة الزوجية والاستقرار الأسري بضغطة زر، وبدون بذل جهد مستمر ومتواصل.. جهد مادي ومعنوي، ولشيوع ما تشتكين منه في الكثير من بيوتنا سأحاول أن أصف لك ولغيرك خلطة سحرية للسعادة الزوجية، وبنود هذه الخلطة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
• يمكننا أن نعتبر أن تركيز أحد الطرفين على ميزاته وعلى ما يقدمه ويبذله للطرف الآخر حتى يصل الأمر لأن يعتبر نفسه شخصا فريدا يقدم ما لم يقدمه أحد من قبل، وبالتالي فهو يستحق عطاء غير مسبوق من شريك الحياة، هذه النظرة تعتبر من أوائل المسامير التي تدق في نعش السعادة الزوجية والاستقرار الأسري، ومما يضاعف من حجم الخطر أن يضخم أحد الطرفين عيوب شريكه بوضعها تحت المجهر والتركيز عليها، وغض الطرف عن أي ميزات لشريك الحياة، ومن نص رسالتك يمكننا أن نلحظ بوضوح هاتين الظاهرتين.
فأنت تفعلين لزوجك ما لم تفعله زوجة من قبل (رغم أن الكثيرات غيرك يحرصن على نظافة مسكنهن وأنفسهن وعلى راحة أزواجهن) .. وفي المقابل هو في نظرك مجرد من المشاعر (رغم أنه دوما يؤكد على حبه لك على الأقل بالقول)، والأمر يحتاج منك لأن تدركي مقدار الخطورة الكامنة في هذه التصورات مع مراجعة نظرتك لنفسك ولزوجك بموضوعية وحيادية.
• التوقعات المسبقة تعتبر من أهم العوامل التي تفسد على الكثيرين منا استمتاعهم بالحياة الزوجية، فالكثيرون منا يرسمون في أذهانهم صورة نمطية للحياة الزوجية.. هذه الصورة تبدو في معظم الأحوال غير واقعية، وتكون في العادة مستمدة من الصور المتكررة في الأفلام والأغاني الرومانسية.. فجاء تصورك للزواج على أنه كلمات حلوة وهدايا جميلة؛ رغم أن واقع الحال يؤكد في معظم الأحوال اختلاف الصورة الحقيقية عن الصورة المرسومة في أذهاننا، وبالرغم من وجود هذه الصورة في ذهنك فإنك لم تحاولي بذل أي جهد للتعرف أكثر على زوجك قبل الزواج، ووقعت في براثن الزواج السريع بدون أي تدقيق، وأصبحت أمام واقع يفرض نفسه عليك.. وهو أن زوجك مختلف كلية عن الصورة المرسومة في ذهنك.. فهل يمكنك أن تعيشي في الواقع؟ .. هل يمكنك أن تعيشي اللحظة الحالية؟ هل يمكنك أن تتقبلي زوجك كما هو الآن؟ هل يمكنك أن تصرفي نظرك عن عيوبه وعما ينقصك وتركزي على الجوانب الإيجابية في حياتك؟
من الواضح أن زوجك يتحمل مسؤولية أسرته جيدا، وهو يكن لك حبا كبيرا، وإن كان لا يجيد التعبير عنه، كما يبدو أنه يتمتع بالكثير من الحكمة والحلم فلا يبادلك ثورة بثورة.. يتجنب سبك وضربك وإهانتك.. الحل السحري لمشاكلك الآن هو أن تتقبلي زوجك الآن كما هو، وأن تتأكدي أن نوبات الغضب والصراخ لن تجدي شيئا، ولن تؤدي إلى أي تغيير مذكور في أسلوب تعامل زوجك معك.
• هذه النقطة أعتبرها استكمالا للجزئية السابقة، لكنني فضلت أن أجعلها منفصلة لأهميتها، ولأنني أعتبرها قانونا من أهم قوانين السعادة الزوجية والاستقرار الأسري، وهذا القانون يمكننا أن نطلق عليه "قانون التغيير" وهو ينص على أن "تغيير الطرف الآخر لن يحدث بكلمات، ولن يحدث سريعا، ولن يكون في صورة انقلاب من أقصى اليسار لأقصى اليمين.. التغيير سيحدث -إن حدث- في صورة تحسن بطيء، لكن حدوثه يحتاج لبذل الكثير من الجهد مع التحلي بالكثير جدا من الحكمة والصبر والتقبل"، وحتى يكون زوجك أكثر رومانسية توقفي تماما عن اللوم.
كفي عن الصراخ والعويل.. استعيني بالله وكوني أنت البادئة.. لا تطلبي الهدايا ولكن قدميها باستمرار وفي كل مناسبة، واستغلي اللحظات التي تسبق المعاشرة الزوجية في بث مشاعرك لزوجك، واجتهدي أن تطيلي فترة الملاعبة قبل الجماع، ضعي خجلك جانبا، واحرصي على التجديد والإبداع والابتكار في فنون المتعة والامتاع.
• رسالتك توضح أنك تعانين من أعراض الاكتئاب، وقد تفيدك الاستشارات الخاصة بالاكتئاب على موقعنا، لكن في النهاية أعتقد أن حالتك تستدعي العرض على المختص النفساني، وهنا يلزم أن توضحي لزوجك خطورة ما تعانين منه حتى يوافق على عرضك على الطبيب، كما يتضح من إفادتك أن زوجك قد يعاني من القذف المبكر، ولقد فصلنا في وصف هذه الحالة وفي التدريبات الجنسية اللازمة للعلاج في المشاكل التالية:
القذف السريع: اقرأ يرعاك الله
الدفق المبتسر أو القذف المبتسر
القذف السريع
علاج سرعة القذف: تقنية ما سترز وجونسون
سرعة القذف.. مشكلة القذف السريع
سرعة القذف...أم قذف مبكر؟ وهل هناك فرق؟
القذف السريع: الأسباب والعلاج
ويمكنني في النهاية أن ألخص مكونات الخلطة السحرية للسعادة الزوجية في تقبل الطرف الآخر كما هو، مع الصبر الجميل والحكمة والأناة في التعامل مع العيوب والمنغصات، ويصاحب كل هذا تفهم للطرف الآخر، وفهم لطبيعة شخصيته وطبيعة الاختلافات بين الشريكين، مع دعواتي أن ينفعك الله بهذه الكلمات، وأن يربط على قلبك ويرزقك الحكمة اللازمة للتعامل الأمثل مع زوجك ووالد ابنك.