وسواس التقدم في العمر وسواس الاختلاف ! م
لا أفهم نفسي
السلام عليكم. قد أرسلت منذ أيام استشارتي وهي بخصوص أني كنت أعاني من 4 سنوات من وسواس وأفكار إلحادية والشك في وجود الله استغفر الله والشك في كل شيء في الحرام وفي الحلال ..إلخ وقد زرت طبيبا ووصف لي دواء (زولوفت) ومازلت أتناوله حتى الآن بجرعة 50 غ قبل 6 شهور بعد أن كانت 100غ . وكما قلت قد خفت تلك الأفكار واختفت تقريبا. ولكن منذ أسبوعين عادت لي تلك الأفكار الإلحادية.
ولكن قلقي أصبح في ليس فقط وجود تلك الأفكار وإنما أني أشعر بالذنب إذا لم أعيرها اهتمام ويخبرني عقلي أنه مادمت لست قلقة منها فهي أفكاري أنا وبالتالي أنا ملحدة والنتيجة أني أصلي وأحس أني منافقة وبقيت واقفة في نفس المكان ولا أستطيع التفكير في شيء آخر وكأني أنتظر أن أتأكد أني مسلمة حتى أستطيع التفكير في شيء آخر وأعيش سعادتي. ودائما أتسائل أنا مادمت لا أشعر بقلق تجاه هذه الأفكار فما الفرق بيني وبين الملحد فعلا. هذا هو طبيعة الوسواس الأصلي لأنه في استشارتي الماضية لم أوضح ذلك. وأتمنى أن تجيبوني إذا الإجابة على استشارتي بخصوص الوساوس الكفرية تنطبق على حالتي هذه ولا وبماذا تنصحونني أن أفعل أريد فقط أن أستطيع التركيز في الأمور الأخرى والمضي في حياتي دون التفكير 24ساعة هل أنا مسلمة ولا؟ (أرجومسامحتي على سؤالي لأني بعد أن فرحت قليلا بإجابتكم شككت إن كانت لا تنطبق على حالتي وأنه يجب أن أوضح طبيعة أفكاري)
وبالنسبة لمشكلتي الثانية وهي أني أشعر بالذنب إذا فكرت في المستقبل وفكرت في الدنيا بعد أن قرأت سورا في القرآن تتحدث عن من تغرهم الحياة الدنيا ولا يفكرون في الآخرة. أعلم أنكم ستقولون لي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتزوج ويضحك ويعمل ويعبد الله في نفس الوقت ولكن لم أستطع تجاوز هذه الفكرة حيث أحس بالذنب ولا أستطيع القيام بشيء فأقول كيف يعيش الناس ويدرسون ويعملون مادامت الدنيا فانية.. ستذكرون لي آيات أننا مطالبون باستعمار الكون ولكن لم أستطع فعلا تجاوز هذه الفكرة ودائما أتفكر الآيات القرآنية التي تخاطب من غرتهم الحياة الدنيا ..إلخ حتى بحديثي هذا معكم وحتى إن حاولت أن أطلب من الله أن يشفيني من هذه الأفكار وأن أعيش بشكل عادي ولا أفكر في هذه الأشياء أحس بالذنب وأقول لنفسي أني أرفض شيء صحيح وحقيقي وأنا منافقة ولا أريد أن أتبع طريق الله بحق وأبحث عن أعذار كي أعيش مثل من خاطبهم الله بآياته.
وآخر مشكلتي أني أفكر أن كان الشيطان يوسوس للإنسان. فعند تفكيري بشيء جيد كالقيام للصلاة أين يكون الشيطان في ذلك الوقت وماذا لو كان كل شيء من الشيطان وكيف نفرق إذا .. هذه مشكلتي بشكل كامل والتي جعلت مني إنسان لا يضحك ولا يحس بأي شعور ولا أفكر في شيء وكل ما أردت تجاوز هذا إلا وأحسست أني منافقة كما أني أحس كأني رضيع لا يفهم في الدنيا شيء. حتى الحرام والحلال وماتعلمته على مدار حياتي شككت به والآن أمنيتي أن يكون دائما شخص معي يراقبني لأني لا أحس بأي شيء حرام وحلال ولا أحس بأي شعور بل تراودني فكرة أحيانا أنه مادام الله غفور رحيم وتواب والإنسان خطاء بطبعه إذا ليس عاديا أن لا يخطئ ويرتكب الذنوب وخاصة الكبائر (هذا ما أركز عليه) وهذه فكرة تزعجني لأني أحس وقتها أني لا أشعر بالخوف أبدا
وأنا أريد أن أخاف وأن لا أفعل تلك المعاصي (خاصة الكبيرة كالزنا أستغفر الله).. ولكن حتى آيات العقاب. عقلي اكتفى فقط بأن الله يغفر كل الذنوب. كم أكره هذه الأفكار وأكره أيضا شعوري هذا وأني أنا منافقة وأضحك على نفسي وعليكم الآن وأني أبحث عن أعذار.. شكرا لكم وسامحوني على الإطالة مرة أخرى وأتمنى تشخيص حالتي ولو أني لا أفهم نفسي هل أنا مريضة ولا وماذا بالضبط
أمنيتي فقط أن أعود لنفسي كما كنت في الماضي وأعيش بشكل عادي فأنا والله أشعر بالتغرب وفقدان كل شيء فهل حالتي لها علاج أرجو أن تصارحوني وأخيرا هل المستشارين هنا مختصين فقط في الأمراض النفسية؟ يعني هل الإجابة على الاستشارات تكون أيضا معتمدة على الدين؟ فأنا أخاف بعد أن أفرح بإجابتكم مجددا يقول لي عقلي أني يجب أن أسأل شيخ يدرس الفقه وينتقل الوسواس من المشكل الحقيقي إلى هل أصدق الإجابة ولا
(سامحوني على هذا التفكير ولكني أقسم أني أشك في كل شيء بالرغم أني سألت في الماضي رجل دين وأخبرني أن لا أقلق ولكن سرعان ما أشك وتجتاجني رغبة أن أتأكد مرة أخرى وماذا كان الشخص ليس متخصصا في الدين) .. وشكرا
21/1/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "مريم"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مرة أخرى طبعًا الأجوبة تعتمد على الدين والطب النفسي،
ويمكنك مراجعة استشارات الوسواس القهري الديني، وكذلك مقالات منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري، لتتأكدي من ذلك بنفسك. أنت موسوسة قطعًا يا مريم، وليس لك علاقة بالكفر والنفاق. وتبلد الحس الذي تشتكين منه من المعتاد أن يحصل عند الموسوسين ومن المعتاد أن يظنوا نفسهم كفارًا لأنهم لا ينكرون الأفكار، وأن ما يجري في عقلهم من أفكار يكون بكامل إرادتهم!! هذا شيء معتاد ومكرر كثيرًا، وتكراره عند الموسوسين دليل على أنه جزء من أعراض الوسواس وليس فكرة إرادية من موسوس بعينه. فإذا كان تبلد الحس، أو عدم الاهتمام للوساوس، مصاحبًا لقناعة بأنها غير مهمة وأنها ليست محرمة ولا كفرًا، فهذا يعني أنك قد تم علاجك من الوسواس، وأنك ستعيشين حياة طبيعية مثل غيرك بعد ذلك.
أما مشكلتك الثانية التي تقولين عنها: (أني أشعر بالذنب إذا فكرت في المستقبل و فكرت في الدنيا بعد أن قرأت سورا في القرآن تتحدث عن من تغرهم الحياة الدنيا ولا يفكرون في الآخرة)، فهي نتيجة تفسيرك للقرآن حسب تصوراتك، والمفروض أن تصححي تصوراتك حسب تفسيره، وأعلم الناس بتفسيره هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يكن يتعامل مع الدنيا كما تتعاملين معها، وأنت تعرفين ذلك جيدًا ولا تقتنعين!!! أنت تتبعين من إذن؟ هل الوسواس وهواه الذي يسيرك أم ماذا؟!! هل يعقل أن تشعري بالذنب إذا قمت باتباع النبي صلى الله عليه وسلم؟!! طيب... إذا كان اتباعه عليه الصلاة والسلام ذنبًا، فارتكبي هذا الذنب خير لك!!
المشكلة الثالثة: (أني أفكر إن كان الشيطان يوسوس للإنسان، فعند تفكيري بشيء جيد كالقيام للصلاة أين يكون الشيطان في ذلك الوقت؟ وماذا لو كان كل شيء من الشيطان؟ و كيف نفرق إذا؟) يا سلام عليك!!! أن تقولين (تفكيري بشيء جيد) ثم تقولين ماذا لو كان هذا من الشيطان!! ما أظرف هذا الشيطان الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر!!! كيف تفرقين إذن؟ الأشياء المأمور بها شرعًا ليست من الشيطان، والأشياء المنهي عنها هي من الشيطان!! هل تحتاج إلى كثير تفكير؟!!!! قال تعالى: ((الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة:268].
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً. فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالحَقِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ المَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) رواه الترمذي وانظري تفكيرك المقلوب في قولك: (تراودني فكرة أحيانا أنه مادام الله غفور رحيم و تواب والإنسان خطاء بطبعه إذا ليس عاديا أن لا يخطئ و يرتكب الذنوب وخاصة الكبائر (هذا ما أركز عليه) وهذه فكرة تزعجني لأني أحس وقتها اني لا أشعر بالخوف أبدا و أنا أريد أن اخاف)!!! (كل ابن آدم خطاء) هذا وصف لطبيعة البشر، وفهم طبيعته ليست ذنبًا، وما ينبغي أن تخافي من التفكير في ذلك...، نعم... أمر عادي أن تخطئي، ولكن الحديث جاء لبيان كيفية التعامل مع طبيعة الإنسان عندما يرتكب الخطأ: (وخير الخطائين التوابون).
هذا ملخص لحياة الإنسان: هو خطاء، وعليك أن تقري بذلك، وتسلمي لهذه الحقيقة، كي لا تموتي كمدًا عند وقوع الزلل منك، لأنه أمر معتاد! ولا أن تقتلي نفسك في سبيل عدم ارتكاب الذنوب، لأن هذا طبيعة الملائكة وليس للبشر علاقة بذلك. وفي الوقت نفسه عليك أن تبادري إلى الندم والتوبة (غير الوسواسية) ويطوى كل شيء، هذا ما يريده الله منك، ولا يريد ألا تخطئي. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ). رواه مسلم.
الله سبحانه أراد أن نكون على هذه الشاكلة: خلقنا خطائين، وأراد منا أن نستغفر عندما نذنب!! رجاء لا تحاولي تغيير تركيبتك البشرية، لأنك لن تصبحي ملاكًا، ولن تعيشي مرتاحة في بشريتك، فأنت في عذاب دائم، وما ذلك إلا لأن عقلك فهم الدين بالمقلوب! وأخيرًا الحل الوحيد هو أن تكفي عن التمحيص في كل فكرة ترد إلى ذهنك، وعن التأكد منها ومن حكمها. عندما تأتيك الرغبة في التمحيص التهي بأي شيء آخر، ولا داعي للحزن مما تعيشينه، ففي كل بلاء أجر على الصبر وتكفير للوزر، والمفروض في هذه الحالة أن تفرحي!! واقرئي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتمعني كيف كان يعيش، فهو قدوتنا لا الأوهام التي تعيشينها أعانك الله وعافاك