أود أولا، وقبل كل شيء أشكركم الشكر الجزيل على تواصلكم معنا، وذلك حتى نصل بهذا الجيل الذي هو أمانة في أعناقنا إلى أعلى المستويات فكريا وتربويا. سؤالي ينقسم إلى عدة أوجه:
الوجه الأول:
لدي طفل واحد يبلغ من العمر سنة وعشرة أشهر، يتمتع بذكاء عال يحس به جميع من يختلط به، ويتفاجأ الجميع بمن فيهم أنا بحركاته وكلماته، وحتى ردود أفعاله مما يزيد علي صعوبة التعامل معه؛ لأني أخاف أن أتعامل معه بطريقة خاطئة يكون لها الأثر السلبي عليه، المشكلة أنه عصبي جدا، وباله كما يقولون قصير جدا، ففي حالة أننا لم ننفذ طلبه، أو إذا كان يلعب بلعبة، ولم يجد فيها ما يتوقعه، فإنه يبدأ بعض أصبعه أو ضرب رأسه بالأرض، فهو عديم الصبر جدا، ولا أدري كيف أتعامل معه بهذا الشأن.
أحيانا أقوم بإهماله عندما يقوم بذلك، وأحيانا أسأله ما الذي يزعجه، وأشرح له كيف كان عليه التصرف حتى تستجيب له اللعبة كما يريد، وأحيانا أهدده بالذهاب إلى الطبيب لأنه يقوم بضرب رأسه بالأرض، وكل مرة أتصرف معه بأسلوب.. أحيانا ينفع وأحيانا لا.
فما هو الحل الأمثل لانعدام صبر ابني وعصبيته؟ وما هو العقاب المناسب في هذا العمر؟ وأود أن أسأل: كيف أنمي عند ابني دفاعه عن نفسه؟ لأني أحس بأنه يخاف أن يدافع عن نفسه أمام الأطفال بنفس عمره، مع العلم أن له ابن عم سلوكه عدواني يكبره بسنة ونصف تقريبا، وأخاف على ابني منه، فعندما أترك ابني عند أهل زوجي ويكون عندهم أشعر بعدم الأمان لأن ابن عمه لا يؤمن جانبه؛ فهو يضرب بأي شيء بيده، وأشعر في بعض الأحيان بأنه هو السبب في جعل ابني يخشى الدفاع عن نفسه، فعندما يقترب منه أحد الأطفال أو يمسك به يبدأ بالصراخ بطريقة تنم عن الرعب حتى لو كان هدف الطفل اللعب معه، فكيف أخلصه من هذه العقدة؟.
وأود أن أسأل عن قلة أكل ابني.. فإنه لا يحب الأكل مع أنه كثير الحركة ويصرف الكثير من الطاقة؟ كما أود أن أسأل متى أقوم بفصل ابني بغرفة خاصة عند النوم، خاصة أنني انتظر المولود الآخر؟ وما هو الأسلوب الأمثل لذلك؟.
الوجه الآخر:
هو أنني لا أحب ولا أحبذ أسلوب الضرب على الرغم من أني امرأة عاملة وعلى وشك الولادة، كما أني عصبية، ولكنها تظهر فقط إذا زاد الضغط علي كثيرا، أحب أن أتفاهم مع ابني وأكره قيام أي شخص بأذيته ولو كان أباه كأن يضربه على يده أو يصرخ فيه، مع أني أضطر أحيانا للصراخ؛ لأنه لديه قدرة كبيرة على الإهمال، بل أحيانا أقوم بجذبه نحوي والنظر بعينيه لكي أطلب إليه القيام بعمل معين ونادرا ما يجيبني؛ لأنني -ولا أدري إن كنت على صواب أم لا؟- أترك له المجال للعب بكل شيء لا يضره حتى يكتشف وينمي ذكاءه، مما يجعلني أقوم بالعمل نفسه ما يزيد عن خمس مرات يوميا حتى أعيد ما قام بتناوله إلى مكانه.
السؤال هو: كيف أجعل ابني يستجيب لطلباتي ولا يهملني؟ وكيف أجعله يترك بعض التصرفات التي لا أريده أن يتصرفها مثل الكتابة على الجدران؟ فهو يحب الكتابة والرسم كثيرا حتى أنه على الرغم من عمره المبكر يجيد إمساك القلم ورسم الوجوه والأعين وبعض الأعداد، فكيف أنمي ذكاءه من خلال حبه للرسم والكتابة فإن القلم يعد عنده لعبته المفضلة، وكيف أصل به إلى جانب الإبداع حتى يكون له مستقبل مميز لما يمتلك من قدرات؟
وأخيرا أود أن أتساءل عن شعور ينتابني بأن ابني لا يكن لي المكانة التي تتمتع بها كل أم عند وليدها، وهذا الشعور ينبع من أني أغيب عنه وأتركه عادة عند أهلي أو عند أهل زوجي. ولا أدري هل هي أنانية الأمومة أم ماذا؟ وذلك يدفعني للبقاء معه وحدي في بعض الأحيان حتى يحس أني والدته، وذلك لأني أحس بأني أقل من تشاهده وتمكث معه وحتى الوقت الذي أقضيه بالبيت يكون الجزء الأكبر منه للقيام بأعمالي المنزلية مع أني أخصص له الوقت لألعب معه وأتكلم معه.
عفوا للإطالة
وأرجو أن أجد عندكم الجواب الشافي لكل استفساراتي
04/05/2024
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية نشكر للسائلة تواصلها مع الموقع واهتمامها بابنها وتربيته تربية صحيحة في هذه السن المبكرة، ونوضح لها أن غيابها عن ابنها في هذه السن لا ينبغي أن يزيد عن ست إلى ثمان ساعات يوميا وأن تتفرغ للتفاعل معه في بقية وقتها حتى يرتبط بها ارتباطا آمنا وتمثل بالنسبة له قاعدة الأمان والثقة في هذا العالم، كما ينبغي أن تغمره بمشاعرها الإيجابية وتكثر من المدح والثناء على أفعاله الصائبة واستجابته لأي توجيه تربوي حتى يكتسب الثقة في النفس ويكون صورة ذهنية إيجابية عن نفسه، وأن توصي من يقوم برعايته في بقية الأوقات بأن يقوم بالشيء نفسه.
أما بالنسبة للسلوكيات السلبية غير المؤذية فينبغي التغافل عنها وإهمالها وألا يكافئ عليها الطفل بأي شكل من أشكال الملاطفة أو التدليل أو تلبية الرغبات ونعني بذلك سلوكيات البكاء غير المبرر والصراخ وما شابه ذلك، أما في حالة السلوك المؤذي للذات أو للغير أو المدمر للممتلكات مثل الكتابة على الجدران أو ضرب الرأس بالأرض عند الاعتراض فينبغي منع الطفل من السلوك بلطف وحزم عن طريق تحديد حركته من خلال المربي بلف الذراعين حول الجذع والاحتفاظ بهما في هذا الوضع لمدة 10 ثواني مع العد بصوت مرتفع ثم رك الذراعين لإعطاء فرصة للطفل للتصرف بشكل جيد فإذا أعاد السلوك المؤذي يتم تحديد حركته لمدة 15 ثانية وهكذا، ولا نلجأ لأي عقاب بدني مثل الضرب وغيره، وينبغي إعطاء نفس الاستجابة للسلوك في كل مرة حسب نوع السلوك لبناء الارتباط الشرطي الإجرائي بين السلوك والعاقبة على مر الوقت وينطبق هذا على الطفل وغيره بمعني أنه إذا ضربه طفل من أقربائه فينبغي على أفراد الأسرة الموجودين تحديد حركة الطفل الآخر بنفس الطريقة أمام الطفل المعتدى عليه ولا نترك له المجال ليرد الضربة بمثلها أو نطلب منه الدفاع عن نفسه بنفسه وإنما يجب أن يحكم الكبار بينهما
أما بالنسبة للنوم فيستحب في هذا السن عمل سرير مستقل لكل طفل في نفس غرفة نوم الأم على أن يكون مطمئنا لإمكانية الذهاب إليها في أي وقت وهذا ينطبق عليه وعلى أخيه الرضيع حين يتم ولادته بإذن الله حتى يشعر بالمساواة ويمكن نقله في غرفة مستقلة بعد ذلك بسنتين أو ثلاث
نرجو أن نكون قد أجبنا عن معظم تساؤلات الأم ونتمنى لها التوفيق في تربية أبنائها بإذن الله تعالى