وساوس وقهور الصيام ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني10
وساوس وقهور أداء العبادات الأخرى:
1- وساوس وقهور تلاوة القرآن الكريم
والمقصود هو وس.وق. قراءة القرآن في غير الصلاة، ترافق هذه النوعية من الوس.وق. أعراض القلق والتوتر الجسدية التي تبدأ مع التهيؤ لقراءة القرآن وتستمر حتى يتوقف المريض، وأكثر الشكوى تكون من ضيق النفس وجفاف الريق والخفقان والرعشة، لكن هناك من يشتكي من الشعور بثقل اللسان مرتبطا بقراءة القرآن في غير الصلاة (وغالبا في الصلاة أيضًا-خاصة الفاتحة-) وبعض هؤلاء أيضًا يشتكي من ألم في اللسان وعضلات الوجه بعد المجاهدة للقراءة.
ومن هذي الوس.وق. ما يتعلق بقراءة الآيات نفسها ومنها ما يتعلق بما يحدث للقارئ أثناء القراءة، فأما ما يتعلق بالقراءة نفسها فيشمل فرط الانشغال بمخارج الحروف والشك في إحسانها وهناك من يكرر قراءة الآية وهناك من يعيد قراءة الكلمة وأحيانا عدة مرات أو لعدد معين، وهناك من يتغلب على ذلك برفع الصوت عاليا أثناء القراءة ليؤكد لنفسه صحة قراءته ومنهم من يطلب وجود مستمع أو يسجل لنفسه ثم يعيد الاستماع لما قرأ... إلخ. وهناك أيضًا من يخاف من قلب حروف القرآن خطأ أثناء التلاوة ومما قد ينجم عن ذلك.
وأما ما يتعلق بما يحدث للقارئ فنجد الوساوس الكفرية التشكيكية والتجديفية (أفكارا أو صورا) والتي تدفع المريض أحيانا للتكرار وأحيانا للاستغفار وربما نطق الشهادتين وتصل المعاناة بالمريض عادة إلى تحاشي قراءة القرآن، وهناك من يكرر لأسباب غير إحسان القراءة أو الشك فيما قرأ، مثلا أنه إن لم يكرر الآية 3 مرات فسيحدث مخشي ما.... أي أن الوسواس يرمي له خرافة مؤداها أن قراءة كل آية 3 مرات لازمة لمنع حدوث كذا (حدث مكروه)... إلخ.
2- وساوس وقهور الأذكار:
وأغلب هذه الوس.وق. يتعلق بالشك هل قلت الذكر أم لا؟ أو الشك في عدد المرات، وكذا طقوس التذكر والتكرار أو يتعلق باشتراط التركيز والتدبر أثناء تلاوة الأذكار، وهناك من يعيد -عند حدوث أي تشتت- من البداية مثلا إذا دخل عليه أحدهم، أو كما في وس.وق. التلاوة فرط الانشغال بمخارج الحروف والشك في إحسانها وهناك من يكرر قراءة الذكر كاملا وهناك من يعيد قراءة كلمة أو كلمات معينة وأحيانا عدة مرات أو لعدد معين حتى يتأكد من صحة نطقه لها، وهناك من يتغلب على ذلك برفع الصوت عاليا أثناء القراءة ليؤكد لنفسه صحة قراءته ومنهم أيضًا من يطلب وجود مستمع أو يسجل لنفسه ثم يعيد الاستماع لما قرأ... إلخ. كما ترتبط بهذا النوع الأخير شكاوى من ثقل اللسان عند الذكر أو التوتر والخوف الشديد إلى حد جفاف الحلق وضيق النفس والخفقان! وبعضهم أيضًا يشتكي من آلام اللسان وعضلات الوجه بعد المجاهدة للقراءة.
ورغم أن الذكر أو قراءة الأذكار هي من السنة النبوية ويرجى بها التحصين والثواب لكن ليس لتاركها عقاب رغم ذلك فإن المريض بالتدريج يشعر أنها أصبحت واجبة عليه، ولذا فإن من أشكال وس.وق. الأذكار أن نرى الخوف المفرط من إغفال الذكر يوما أو أكثر لأسباب عارضة، بسبب ما يولده ذلك من مشاعر ذنب شديدة وربما مخاوف من العقاب، وفي أحيانٍ كثيرة لا يشترط الإغفال، بل يكفي أن يتهم الوسواس المريض بأنه لم يستحضر نيته في الذكر أو لم يكن يذكر وقلبه مطمئن، ليخاف المريض مثلا من عدم وقوع التحصين المنتظر من الأذكار فيضطر لتكرارها والنتيجة بشكل عام هي قضاء وقت طويل أكثر من المعقول في الذكر.
على الطرف المقابل نجد من بدلا من الإفراط في الذكر يتوقف تماما عنه بسبب عدم الاستطاعة (أي عدم الاستطاعة بشروطه التي وضع لنفسه)، ومنهم من يتوقف بسبب ما يطرأ عليه أثناء الذكر من الوساوس العقدية و/أو التجديفية، وهو شكل من أشكال التحاشي الضار.
3- وساوس وقهور الدعاء:
يمكننا رؤية هذا الشكل من أشكال الوسوسة على نوعين نوع يتعلق بالدعاء أو الأدعية الطوعية والتي تعتبر نوعا من الذكر وغالبا ما تتشابه الوس.وق. مع تلك الخاصة بالذكر من حيث إلزام النفس بالدعاء وتكراره (بشروط معينة) مثلا بعد كل صلاة إلى حد الاستثقال لفرط صعوبة الالتزام ويرتبط بذلك عزو أي مكروه يحدث لنسيان الدعاء أو التقصير فيه، فالمريض يضع شروطا يلزم نفسه بها سعيا إلى إحسان الدعاء حتى تصعب عليه من جهة وتتعاظم مخاوفه من التقصير فيها في نفس الوقت من الجهة الأخرى، وغالبا ما ترى هذه الصورة من الوس.وق. في أشخاص ذوي ميول وسواسية عالية وكمالية مفرطة إضافة إلى الالتزام الديني. ومن هذا النوع أيضًا من تتمثل وساوسه فيما يطرأ على وعيه من محتوى كفري تشكيكي أو تجديفي فيضطر إلى التكرار حتى يقتنع بأنه دعا بالشكل الصحيح، وهناك من يلزمه الضحك أو الشعور بالاستهزاء، أو الشك في جدوى الدعاء أو النية في التوجه بالدعاء... إلخ.
وأما النوع الآخر فيتعلق بما يمكننا تسميته بالدعاء القهري والذي يجده المريض في نفسه يُدعى ويُكرر رغما عنه، ومن ذلك الدعاء على النفس و/أو الأهل أو الأبناء، فنجد من تتمثل الوسوسة بالدعاء في حالته بالخوف من الدعاء بالسوء على ذوي دلالة كالأهل أو الأحباب، وهناك من تبدأ هذه الحالة لديه فجأة ودون مقدمات -وعادة ما تختار الشخص الأقرب عاطفيا للمريض- لكن هناك أيضًا من يجد نفسه يدعو على كل شخص يراه، هناك كذلك من تبدأ هذه المشكلة لديه برغبة ملحة في الدعاء بالسوء نتيجة لغضب عابر إلا أنها تصبح بعد ذلك هاجسا ملحا يلجأ المريض بسببه إلى الأفعال الاستباقية أو الاحتياطات التي تمنع حصول الدعاء أو تحيد تأثيره إن حدث مثل الدعاء بالطيب، أو أيا من القهور التي يقنعه الوسواس بصلاحيتها لإلغاء الدعاء كتخيل كلمة لا أو باب مغلق... إلخ. وهناك من يحجم عن فعل النشاط الذي بدأ فيه أو نواه عندما حدث الدعاء القهري باعتبار ذلك يحيد الدعاء، هناك أيضًا من يبدأ الدعاء القهري عنده بأن يدعو على نفسه بالسوء إن هو استجاب للوسواس أو كرر الوضوء أو قطع الصلاة أو أو... إلخ. ثم أخفق في ذلك، وكثيرا ما يصبح الدعاء على النفس فعلا قهريا تلقائيا بعد فترة، وبشكل عام يشيع في مرضى وسواس الدعاء القهري شعور الذنب العميق والرغبة في عقاب الذات، وجدير بالذكر أن هذا النوع من الوسواس يرتبط في كثير من الأحيان بوسواس الحسد ووسواس الخوف من المرض.
هناك كذلك من النوعين حالات يظهر فيها التفكير السحري مثل الشكوى من قلب الدعاء أو عكس الدعاء والذي يحدث قهريا (أي الدعاء بالخير ينقلب إلى دعاء بالشر).. والخوف من عواقب ذلك... إلخ... وهناك حالات يحدث فيها ارتباط بين الدعاء والوساوس الكفرية بشتى صنوفها وقد ينتج عن ذلك تحاشي الدعاء، وهناك حالات تكرار قهري للدعاء لعدد معين من المرات (ليس لأنه عدد مأثور) ولكن لأسباب تتعلق بالوسوسة بالعدد فمثلا 3 مرات خمس مرات ولا تجد تفسيرا لذلك إلا في إطار القناعات الوسواسية أو الخرافية كالتفاؤل والتشاؤم.
علاج وسواس قهري التلاوة والذكر والدعاء:
من المؤكد أن مناجزة Management هذا الشكل من الوسوسة إنما تتم ضمن مناجزة أعراض الوسواس القهري في المريض ككل بما تشمله من مقاربات العلاج العقَّارية (عند الحاجة)، والسلوكية المعرفية، وما سيرد أدناه هو كيفية تطبيق هذه المقاربة الأخيرة وبالتحديد كيفية تطبيق طريقة التعرض ومنع الاستجابة "الت.م.ا. ERP".
بالنسبة لـ وس.وق. قراءة القرآن: ملخص العلاج هنا هو التعرض أو التدرب على التعرض لمثير الوسواس مع الامتناع عن الاستجابات المعتادة سابقا، أي التدرب التدريجي أو المكثف على الاستمرار في التلاوة مع التجاهل الكلي للوساوس سواء تعلقت بقراءة الآيات أو الكلمات أو مخارج الحروف أو الأفكار أو الصور أو المشاعر الكفرية، بعض الحالات ممن يرتفع لديهم مستوى التوتر الجسدي والانفعالي بمجرد الاستعداد أو البدء في التلاوة وأحيانا بمجرد رؤية المصحف الشريف- ربما يحتاجون إلى التدرب على الاسترخاء لفترة قبل التجارب السلوكية، ولابد أن يلي ذلك التدرب التدريجي على إهمال المراقبة للقراءة -خاصة في السور أو الآيات التي تتكرر قراءتها مقارنة بالتي تقرأ للمرة الأولى أو قلما تقرأ- وغني عن البيان أنه لابد بالتوازي مع ذلك من إهمال كل سلوكيات التأمين مثل تسجيل الصوت أو التصوير بالفيديو أو اشتراط وجود مراقب وهكذا
بالنسبة لـ وس.وق. قراءة الأذكار ولـ وس.وق. الدعاء الطوعي، يطبق نفس الكلام أعلاه، وذلك بعد التحليل السلوكي (أي ماذا يفعل؟ وبأي شروط؟ ومتى يكرر؟ وهكذا...) ويصاحب ذلك التغيير المعرفي من خلال النقاش السقراطي المدعم بالأدلة الشرعية مع المعالج، ثم يبدأ بعد ذلك التدرب على الاسترخاء عند الحاجة إليه، أو يبدأ التدرب على قراءة الأذكار أو الأدعية بالطريقة الشرعية دون زيادة أو نقصان في العدد مع الامتناع عن التكرار وإهمال سلوكيات التأمين التي يستخدمها المريض المعين.
وأما في حالات وسواس الدعاء القهري فلعل النقطة الأهم في المناجزة هي إيصال المريض إلى القناعة بأن الدعاء المقصود في حالته لا يعدو كونه وسواسا! لا تأثير له، وأحيانا يكون ذلك سهلا لكنه في كثير من الأحيان يكون مهمة شاقة والسبب هو عدم إمكانية نفي القناعة بأن الدعاء سيستجاب أو يتحقق! نظرا لطول المدى الزمني لتحقق الدعاء والذي قد يمتد سنوات... ويلاحظ أن المريض عادة ما يحكي لك وقد اقتنع تماما بالعواقب السيئة لدعائه القهري لسبب بسيط هو أنه يظل يتابع أحوال من دعا عليهم فكلما أصاب مكروه أحدا منهم اعتبره برهانا على قبول الدعاء! رغم ذلك فإن إحدى الطرق المفيدة هي أن يطلب من المريض تسجيل مرات الدعاء بالسوء وعند مناقشتها كثيرا ما نجد أمثلة تتميز بالمدى الزمني القصير ولم يتحقق فيها الدعاء... ويتم بالتوازي مع ذلك العمل المعرفي لتعديل القناعات الخاصة بالشعور بالذنب، ثم بمجرد هز القناعة بإمكانية تحقق الدعاء يطلب من المريض البدء في التخلي عن احتياطات التأمين أو قهور التحييد التي يلجأ لها في نفس الوقت الذي يعرض نفسه لمحفزات الوسواس القهري أي أن يتعامل مع أولئك الذين يدعو عليهم بالسوء ولا يتحاشاهم، وأخيرا فإن الحالات التي يشيع فيها التفكير الخرافي أو السحري كسبب للتكرار أو غيره من القهور غالبا ما تحتاج دعما عقَّاريا (م.ا.س.ا + مضادات ذهان) إضافة للعلاج السلوكي المعرفي.
ويتبع>>>>>: وساوس وقهور المبطلات ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني12
واقرأ أيضًا:
استشارات عن وساوس الصلاة / الدعاء حين يكون وسواسا قهريا