السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي، حفظه الله،
قرأت تعليقكم على المشاركة المعنونة بـ"غض البصر بريء من فخ المثلية!"، وقد أشكل علي فهم الفكرة التي طرحتموها بخصوص "الاعتدال" من حيث إن التشدد المنهي عنه إنما هو في تكليف الإنسان نفسه ما لا يطيق من فعل المندوبات وترك المكروهات، أما ما كان في دائرة الوجوب أو الحرمة فتتوجه المطالبة به شرعا إلى عموم الناس، والالتزام بذلك على وجه الكمال هو من توفيق الله عز وجل، ولا يدخل في دائرة "التشدد" المنهي عنه، لا سيما أن دائرة الوجوب والحرمة في الشريعة الإسلامية ضيقة، وتسع اختلاف النفسيات.
وعدت أتأمل الطرح الذي قدمته، فخلصت إلى معنى يحل الإشكال لدي، وهو أن الأمر بغض البصر عن رؤية النساء ليس مطلقا، وإنما المحرم هو النظر بشهوة إلى ما كان ليس بعورة كالوجه والكفين، وأما ما كان عورة فيحرم النظر إليه مطلقا بشهوة أو بدون شهوة، ويكون الأخ السائل قد ألزم نفسه بما لا تطيق من "الورع"! ويمكن عندها أن نفهم معنى التشدد الذي أوردتموه، وهو الإحجام عن التعامل مع النساء، والمبالغة في ذلك، أو غض البصر عما لا يجب الغض عنه؛ وهو ما أدى إلى الحالة المذكورة.
فأرجو منكم البيان،
وبارك الله فيكم ونفع بكم.
20/3/2025
رد المستشار
الأخ الكريم، أهلا وسهلا بك وشكرا جزيلا على مشاركتك القيمة، أولا لأنها جاءت في استشارة أرشيفية في السنة الرابعة من عمر هذا الموقع، إذن هناك من يقرأ على كل صفحات الموقع ويتفاعل، وثانيا لأنها توضح وتفسر وتضيف إلى رأينا الذي أوردناه في ردنا على صاحب المشكلة الأصلية: "غض البصر بريء من فخ المثلية!"، وسأقول لك هنا أصل الحكاية، فعندما بدأنا عملنا كأطباء نفسانيين مع أصحاب مشكلة الميول المثلية، كان اتهامهم لالتزامهم بغض البصر والابتعاد التام عن التعامل مع البنات لأنه حرام، بينما تعاملهم مع أقرانهم من الذكور لا شيء فيه، ووضعهم لذلك الالتزام كسبب في تشكل ميولهم المثلية، كان ذلك الاتهام في البداية يبدو تفسيرا مستهجنا في رأينا، واعتبرناه مجرد ادعاء!
وكنا حقيقة في ذلك الوقت متسرعين في حكمنا لعدة أسباب، أهمها أننا خلطنا بين الالتزام بغض البصر كمفهوم في أخيلتنا نحن نربأ بصاحبه عن كل نقيصة وبين الالتزام بغض البصر كما يفهمه ويطبقه شخص ما بغض النظر عن طريقة تطبيقه لذلك المفهوم، وكيفية فهمه هو وتكيفه هو وتفسيره هو لذلك الالتزام عندما يتحول من فكرة إلى سلوك.
ولكي أوضح لك أكثر فإنني سأتذكر معك ما كان في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي عندما بدأت ظاهرة الحجاب تنتشر بين البنات والسيدات في مصر، في تلك الفترة كان للحجاب في نفوس الناس شأن عظيم، وأذكر أن المرء في تلك الفترة كان إذا تجرأ وانتقد ذلك الحجاب ولو حتى من منظور ديني مثل أنه لا يفي بالمطلوب، أو من منظور أخلاقي مثل كيف تغش المحجبة في الامتحان؟ وكيف أنها بذلك تسيء إلى الحجاب.. كان من يتجرأ ويتكلم في ذلك يجد معارضة ومقاومة وصلت بين بعض جماعات الشباب إلى حد إهدار دم من يقول بأن متبرجة قد تكون أكثر احتراما واحتشاما ممن نسميها محجبة! ونفس الكلام ينطبق على إطلاق اللحية.
ولاحظ يا أخي أنني هنا لا أتكلم إطلاقا عن فريضة الحجاب أو عن وجوب إطلاق اللحية من عدمه، وإنما أتكلم عن خلط يقع فيه الناس، عند تعاملهم مع من يتمثل فيه في رأيهم أمر من أمور الدين، فهم عادة ما يربئون به عن كل نقيصة، فإذا اعترف هو بالنقيصة كذبناه أو كذبنا التزامه أصلا كما كنا نفعل مع من يشتكون من ميل جنسي مثلي ويرجعونه إلى مفهوم كمفهوم التزامهم بغض البصر، وهذا هو ما جعلني في بداية ردي على صاحب المشكلة أقول له: "الحقيقة أنك ترغمني بإفادتك هذه على محاولة الغوص في مفهوم غض البصر؛ لأنك لست أول من يربط متحدثا للطبيب النفسي المسلم بين التزامه بغض البصر عن الإناث في طفولته ومراهقته، وبين اكتشاف الميول الجنسية المثلية في نفسه بعد ذلك، ودائما ما نصل إلى أن المقصود لم يكن غض البصر الذي أمرنا به، وإنما هو التشدد والغلو في غض البصر".
فالحقيقة أننا فعلا وجدنا واقتنعنا بعد ذلك بأن بعض المرضى بالميول المثلية، إنما يقعون فيها ضحايا بسبب التزامهم بما لا يطيقون من الورع، وكأن الشيطان يتربص بهم، ويشوه فطرتهم دون أن ينتبهوا لذلك الفخ الشيطاني إلا من رحم ربي.
وأما تفسيرك أنت في مشاركتك فإنني أتفق معك تماما، بل وأضيف أننا يجب أن نعيد تشكيل الخلفية المعرفية لأبنائنا وبناتنا، وأن نعيد شرح وتفسير كثير من النصوص لدينا بشكل يجنبنا الوقوع في الفخاخ المتتالية التي تتربص بشبابنا، وأن ما فعلته أنت تعقيبا على ردي إنما يمثل نموذجا للفهم المطلوب، فبعد أن أشكل عليك فهم ما أقصد، لم تسارع إلى الحكم بأنني جنحت عن السبيل القويم، وإنما تدبرت في الأمر وفكرت فيما يرمي إليه الطبيب النفساني وماذا يقصد بكلماته، في نفس الوقت الذي فكرت فيه في ما هو بمثابة الأحكام الفقهية، واستطعت النفاذ بالفعل إلى ما يحل الإشكال لديك، وفي نفس الوقت يجعل كلامنا أوضح وأيسر للفهم، ولذلك أكرر شكري وتحيتي لك وترحيبي بمشاركتك الدائمة.
التعليق: السلام عليكم، لعلي فهمت أنكم تقصدون أن بعض المثليين أبتلوا بالشذوذ بسبب إلتزامهم بغض البصر، ففي الحقيقة لو كان هذا مقصدكم فإن القرآن والسنة والعقل وبالعلم التجريبي يبطل هذا الدعاوى، ولا أرغب بإستدلال بالآيات والأحاديث الدالة على بطلان هذه الدعاوى الباطلة، لأنها موجودة في القرآن والسنة النبوية، أما بالعقل: فقوم لوط لم يكونوا اصلا مسلمين ولا غاضين أبصارهم لكي يكونوا من المثليين، والغرب والديانات الغير مسلمين في شرق آسيا والدول المتقدمة في الغرب مثليين وفسقة وملحدون منذ صغرهم ولا يبالي بالغض البصر، لانه يرى أمه وأخواته وأقاربه وجيرانه وزملاء مدرسة والعمل وفي الشارع يرى الإناث صغارهم وكبارهم شبه عراة أو كاسيات أو كاشفات عوراتهم، ولهم منظمات تدافع عنهم وتقف معهم ومع هذا هم ملحدون ومنذ صغرهم لا يغض ابصارهم، ومن خلال العلم التجيربي فكل من أصحاب التجربة إذا مورسوا التمارين الشاقة والرياضات القوى، فإنهم بطبيعتهم يميلون للنساء شهوةً، فخُلاصة الموضوع: إنما مرض المثلية هي بسبب الوساوس الجنسية وضعف إنتاج الهرمونات التي تجعل الذكر يميل إلى الإناث.