جزاكم الله خيرًا على ما تبذلونه من جهد في هذا الموقع لتخفيف آلام الناس وإراحة نفوسهم.. نحن لا نملك أن نكافئكم على ما تقومون به إلا بالدعاء لمن بيده ذلك، فأسأل الله العلي القدير أن يجعلكم ممن سخرهم لقضاء حوائج عباده، وأن يجزيكم عن ذلك بمعرفته.. آمين.
لعلمي بالعدد الكبير من المشاكل التي تصل موقعكم، ولطبيعة العمل التطوعي الذي يقوم به مستشاروكم، أدرك أنه من العبث أو الطمع أن أطلب إجابة سريعة على مشكلتي، ولكن كل ما أرجوه ألا يتأخر الرد قدر الاستطاعة؛ نظرًا لتفاقم المشكلة ولرغبتي في أن أتخذ خطوات عملية تجاهها في أسرع وقت ممكن بناء على نصيحة المستشار.
أنا شاب في أو اخر العشرينات من عمري، من أصل عربي أعيش في الغرب منذ سنوات وأقوم بدراسات عليا، أعزب وأعيش منفردًا بعيدًا عن أهلي وإخوتي المقيمين في بلد آخر، وأنا أو سط إخوتي في السن، حياتي عادية، ولم يكن فيها صدمات أو مشاكل خاصة، سواء لي أم لوالدي ولله الحمد.
أنا ملتزم دينيًّا –أو هكذا ينبغي أن أكون- مواظب على الفرائض وأجتنب الكبائر، وأعمل في مؤسسة دعوية في البلد الذي أدرس فيه، وأحمل هموم أمتي كغيري من المسلمين، ولي صحبة صالحة ألتقيها من وقت لآخر رغم غلبة الحياة المادية، أنا منضبط في حياتي بشكل عام وأحب النظام وإتقان العمل وترتيب شئوني ومتعلقاتي الشخصية، وإن استهلك ذلك وقتًا وجهدًا.
أميل إلى الكمال في كل شيء، وأشعر بالضيق لأقل تقصير أتسبب فيه، أحب أسلوب التفكير والعمل المنهجي المرتب، ويشهد لي أصدقائي برجاحة العقل، بل يستشيرونني في بعض مشاكلهم وهذا هو الغريب في الأمر لما سأذكره بعد ذلك.
أنا أميل للعزلة والانطوائية إلى حد ما، لديّ أصدقاء طيبون كثيرون، ولكن لا أميل كثيرًا إلى الانفتاح في عرض مشاكلي أو التحدث في أموري الخاصة، ولعل هذا هو سبب أنني لا أجيد التعبير عن نفسي شفويًّا -أنا أفضل الكتابة-، وأشعر ببعض القلق أو الحرج وسط الناس في المواقف الاجتماعية.
مشكلتي التي أريد عرضها نفسية بالأساس، فلديّ أعراض مختلفة بدأت في الظهور تدريجيًّا منذ ما يقرب من ثمان أو تسع سنوات، كانت تظهر خفيفة أو منفردة وتذهب وتجيء، ونظرًا لقلة وعيي في هذا الفترة لم أدرك أنها أعراض لمشكلة نفسية، ولكن ظننتها تعكيرًا مزاجيًّا عابرًا أو مرتبطًا بمشاكل عارضة.
بمرور السنين وزيادة هذه الأعراض وتراكمها وزيادة قراءتي واطلاعي أيضًا بدأت في إدراك أنها قد تكون أعراض اكتئاب. قرأت كثيرًا عن الاكتئاب بما في ذلك بعض المشاكل الموجودة على موقعكم، وقمت بالإجابة عن عدد من الاختبارات الموجودة على الإنترنت في مواقع متخصصة، مثل اختبار جولدبرج والتي أشارت نتائجها إلى أن لديّ اكتئابًا متوسطًا أو بمستوى أعلى، رغم أني غير متأكد من صحة ذلك.
على أي حال هذه الأعراض جمعتها في النقاط التالية، وأنا أعتذر مبدئيًّا عن طول السرد أو عشوائيته، ولكن نظرًا لأنها تأتي بشكل متفاوت حاولت أن أصفها وأكتبها وقت حدوثها حتى أكون دقيقًا:
- الإحساس العام بالإحباط والفشل، رغم أن الظاهر في حياتي هو أن الأمور تسير برتابة، لكن على ما يرام.
- الشعور المستمر بالحزن كحالة مزاجية عامة دون ارتباط ذلك بمواقف معينة بالضرورة. وأحيانًا يحدث تغير ما بين نوبات سعادة وحزن دون أسباب مع غلبة حالة الحزن.
- التشاؤم والإحساس بأن احتمالات الفشل دائمًا أقرب كثيرًا من النجاح.
وعندما يكون لدي مسؤولية أو عمل عليّ إنجازه يسيطر عليّ الإحساس بأن الأسوأ سيأتي. يصاحب ذلك الشعور القلق من المستقبل إجمالاً وفقدان الأمل فيه. يصاحب القلق أحيانًا بعض الأعراض، مثل اضطرابات خفيفة في المعدة أو جفاف الحلق أو التنميل في بعض أعضاء الجسم، وأجد صعوبة في الاسترخاء بصفة عامة.
- لديّ عادة تحريك القدم باستمرار وأنا جالس أو القيام للحركة قليلاً حتى أخفف شعورًا مزعجًا بالتنميل فيها.
- لديّ عادة قضم الأظفار بكثرة خاصة وأنا منشغل بشيء.
- عندما أكون مقدمًا على مسؤولية ما أشعر بالقلق الشديد وأستحضر كل سيناريوهات الفشل المحتملة وكأنها تحدث أمامي.
على سبيل المثال طبيعة عملي الأكاديمية تستدعي أن أتحدث أو أعطي عروضًا تقديمية أو ما شابه أمام الناس، وهذا يسبب لي أعراضًا مثل تقلصات المعدة وشد عضلي في اليد والعرق الخفيف وفقدان التركيز وانخفاض الصوت أو تقطعه، وعند انتهاء العمل أظل أو بخ نفسي بشدة، وأتمنى لولم يأتِ هذا اليوم أبدًا، ويظل الغضب قائمًا لعدة أيام حتى أهدأ قليلاً وتبقى الذكرى المؤلمة تظهر من آن لآخر.
- تمر بي مواقف سعيدة ولا شك، وتؤثر إيجابيًّا في معنوياتي لفترات لحظية، ثم تتلاشى سريعًا لتترك المجال للأفكار السوداوية.
- عندي إحساس شبه دائم بالتوتر النفسي وأنني تحت ضغط لإنجاز شيء ما.
- من أكثر الأعراض شيوعًا أنه يحدث لي استرجاع لذكريات سلبية أو مواقف معينة من الماضي قد تكون حدثت منذ سنين، واجترارها وكأنها كانت بالأمس مع استعادة جميع أحاسيسها السلبية المصاحبة.
- أشعر أن إنجازاتي الشخصية الدراسية والعملية سببها مساعدة الظروف وأقدار الله وليست مرتبطة بكفاءتي الشخصية، وكلما أنجزت عملاً ما تضخمت أمامي مساوئه وبقيت أعاتب نفسي على أخطائي، وأفكر في الطريقة الأفضل التي كان يجب أداء العمل بها.
- لديّ إحساس قوي بعدم القيمة الذاتية، ويسيطر عليّ شعور بالذنب وكراهية الذات والرغبة في عقابها ولو بالإيذاء، ولكن لا أشعر برغبة في الانتحار، أو لاً لوعيي بحرمة ذلك دينيًّا، وثانيًا لإحساسي ببصيص أمل أن هناك أشياء ما قد تتغير للأفضل.
- أشعر بعدم قيمة الحياة إجمالاً أو جدواها من الناحية العملية، مع استيعابي لفكرة أنها دار اختبار، وأشعر أن لديّ روح شيخ في خريف العمر وليس شاب يطرق أبواب الحياة.
أتمنى لوأن نفسي أو ذاتي كانت كالرداء الذي يستطيع الإنسان خلعه وتمزيقه وتغييره بآخر. أشعر بمن حولي -حتى غير المسلمين منهم- أفضل حالاً وأقدر على الإنجاز والنجاح.
- أستيقظ من النوم بشعور ثقيل من الإرهاق حتى مع زيادة ساعات النوم، وهذا مع كثرة الأحلام واختلاطها وتشتتها حتى إنني لا أتذكر منها شيئًا بعد ثوان من استيقاظي.
- فيما يخص عملي، فقدت القدرة على التركيز في القراءة ولولربع ساعة متواصلة، ويأتيني إحساس بفقدان الطاقة والتعب والإرهاق رغم عدم بذل أي جهد.
أصاب بالسرحان وأحلام اليقظة كثيرًا، ولا أستطيع الاستقرار على مكتبي لشعوري بالملل، فما ألبث أن أبدأ في تصفح البريد الإلكتروني ومواقع الإنترنت والأخبار بداعٍ وبدون داع، وهذا بالتالي يؤثر على أدائي الأكاديمي؛ لأنني نظريًّا أقضي ساعات طويلة في عملي وفعليًّا لا أنجز شيئًا. هذا يسبب لي ألمًا نفسيًّا مضاعفًا، أو لاً لضياع الوقت الذي أنا في أشد الحاجة إليه وأنا في وسط برنامجي الدراسي، وثانيًا لأنني أعصي الله بتقصيري في عملي الذي آخذ عليه راتبًا من جامعتي وهذا من عدم الأمانة ويؤلم ضميري.
- عدم القدرة على الإنجاز يسيطر عليّ، بما في ذلك فقدان الدافع لأداء حتى الأعمال البسيطة. لترددي الشديد وعدم القدرة على أخذ القرار، أو عدم القدرة على تنفيذه رغم توافر كافة الأسباب العملية والموضوعية لذلك. ولديّ شعور بوجود عواقب وخيمة لأي قرار قد أتخذه أو مسؤولية أتحملها يجعلني مترددًا في أخذ القرارات الهامة كالزواج مثلاً، فأنا لم أتزوج إلى الآن، أو شراء سيارة رغم احتياجي لها ورغم توفر الأسباب والإمكانيات لذلك، وهذا بدوره يسبب ضياع فرص جيدة من بين يدي، مما يفاقم من إحساسي بالفشل وكراهية الذات.
- لدي شعور بضجر الناس مني ورفضهم لي رغم عدم وجود دليل مادي على ذلك، ولكن لدي حساسية عالية لما يقولونه أو يفعلونه وأفسّره غالبًا على أسوأ الاحتمالات.
علاقتي بعموم الناس فاترة، وعلاقتي بأهلي عادية فأنا أحبهم وأحرص أن آتيهم بالهدايا، وأشعر بسعادة وقتية عندما أراهم، ولكن تزول هذه الأحاسيس بعد ذلك ويبقى الشعور الفاتر نحوهم. أفرح إلى أقصى حد بمدح الناس لي وتشجيعهم، رغم زوال ذلك سريعًا، وأنهار داخليًّا تمامًا لأدنى نقد أو ملاحظة على أدائي، ويبقى هذا مدة طويلة للأسف.
- تنتابني أحيانًا رغبة شديدة في البكاء مع عدم القدرة على ذلك.
- أنا أمارس العادة السرية بكثرة مرة أو مرتين يوميًّا ليس بالضرورة بسبب استثارة الشهوة، ولكن لأنها تعطي إحساسًا وقتيًّا بالاسترخاء وفراغ الذهن.. فأنا أمارسها عند النوم حتى مع عدم وجود مثيرات؛ حتى يتوقف عقلي عن اجترار الأفكار، ويشعر جسدي بالخمول إلى أن يغلبني النوم. ينتج عن ذلك إحساس دائم رهيب بالذنب والتقصير في جنب الله والنفاق والفشل الديني، مضافًا إلى الإحساس بالفشل العملي.
- تأتيني في فترات متباعدة أفكار غير لائقة عن الذات الإلهية. أعرف أن الإنسان غير محاسب على الخواطر وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن ورود هذه الوساوس هي من صريح الإيمان، ولكنها تترك في نفسي إحساسًا رهيبًا بالذنب، وأشعر أن صاعقة من السماء تكاد تصعقني فورًا.
- تبعًا لما سبق كله لدي إحساس بأن الله يبغضني -وهذا أسوأ ما في الأمر كله- ويكلني لنفسي في كافة شئوني انتقامًا مني، وأشعر أن عقابه قادم لا محالة (أوأن ما أعانيه فعلاً -المعيشة الضنك- هو العقاب). والعقاب سببه أنني أعرف الصواب من الخطأ، بل أحث الناس عليه، ولكني أفعل الخطأ وأصر عليه، فأنا أعصي الله على علم لا عن جهل.
إدراكي القوي بوجود مشكلة نفسية لدي تحتاج لعلاج بدأ منذ حوالي سنتين أو أكثر قليلاً، ولكن طوال هذه الفترة لم أرغب في استشارة متخصص لعدد من الأسباب:
أولاً: لطبيعتي الشخصية في التردد عند اتخاذ قرار.
ثانيًا: لتكلفة ذلك ماديًّا، سواء في الاستشارة أم العقاقير، حيث إن التأمين الصحي في الغرب لا يغطي الأمراض النفسية.
ثالثًا: لخوفي من الآثار الجانبية أو طويلة المدى للعقاقير، وأنا في مرحلة مهمة من دراستي، رغم علمي بأن هناك تطورًا في هذا المجال.
رابعًا: لاختلاف الثقافة والدين. لا مشكلة لديّ في التعامل مع أطباء غير مسلمين في الأمراض العضوية، ولكن لأن الأمور النفسية تستدعي نوعًا من البوح بمكنونات النفس، فلا أشعر بأمان كبير في أن أفتح قلبي لغير مسلم.
خامسًا: لشعوري بعدم الرغبة في التحدث بمشاكلي الشخصية إجمالاً.
أنا أصلاً ترددت طويلاً قبل كتابة هذه المشكلة رغم طمس بياناتي، فما بالكم بالبوح بها لشخص غريب وجهًا لوجه.
أشعر أن نتيجة هذا لن يعدو بعض التحسن الوقتي، ثم العودة للوضع الأصلي، ولن آخذ من هذا إلا فضح نفسي.
قد تبدو الأسباب التي ذكرتها سخيفة وقد تبدو فكرة "العلاج الذاتي" أكثر سخافة، فأنا أدرك تمامًا أن المرض النفسي ليس كنزلة البرد التي يداويها الشخص بنفسه، ولكن رغم ذلك بدت لي محاولة التعامل مع الأمر بنفسي أخف وطأة من اللجوء لمتخصص.
اتبعت عددًا من الوسائل التي قرأت عنها على الإنترنت ومصادر أخرى، مثل:
- الارتقاء بنفسي روحيًّا، فقد حاولت استغلال رمضان الماضي للاجتهاد في العبادة وكان لذلك أثر طيب، ثم ما لبث الوضع أن عاد تدريجيًّا كالأول.
- أحاول الانشغال بالعمل الإسلامي أو لاً لأني أحبه وأشعر بالمسؤولية تجاهه، وثانيًا لعجزي عن التخلص من المعاصي التي أرتكبها، فأحاول تعويض ذلك بشيء من العمل الصالح ليبقى شيء بيني وبين الله، ولكن لا يزال يطاردني الإحساس بالعجز والنفاق وغياب النية واللاقيمة.
- قراءة كتب المساعدة الذاتية التي تتناول الاكتئاب والقلق وانخفاض التقدير الذاتي وخلافه. ساعدتني النصائح الواردة فيها لبعض الوقت، مثل التفكير الإيجابي وخوض التجارب تدريجيًّا ووضع أهداف، وغيرها...، ولكن ما ألبث بعد فترة أن أعود لوضعي الأول، وأحيانًا لا أطيق إكمال الكتاب لآخره.
- منذ عدة أشهر بدأت في تناول بعض محسنات المزاج المستخلصة من مواد طبيعية، باعتبار أنها أكثر أمانًا من العقاقير ولا تحتاج لتصريح طبي، مثل نبات سانت جون St. John’s Wart بمعدل حبتين يوميًّا كل منها 334 ملّي جرامًا لعدة شهور، كان لها بعض الأثر الإيجابي لعله بالإيحاء، ثم أصبحت بلا أثر بعد مدة. توقفت عنها وأجرب حاليًّا مستخلصات طبيعية أخرى من فئة 5-HTP التي تعمل على رفع مستوى السيراتونين لعلها تكون أكثر فعالية.
- أمارس الرياضة بانتظام وهي من الأمور التي تعطيني شعورًا بالراحة الوقتية.
- زيارة الأهل والأصدقاء، ولكنها وسائل -كغيرها- وقتية لا يستمر أثرها. بل كثيرًا ما أكون وسطهم سعيدًا مبتهجًا في الظاهر، ولكن من داخلي يسيطر عليّ شعور عميق بتأنيب الضمير والقلق من المستقبل والرغبة الملحة في العودة إلى عملي لإنجاز ما تأخر منه.
- حاولت القيام بشيء مختلف في حياتي مثل الالتحاق بدراسة أخرى عن بُعْد لا علاقة لها بتخصصي، ولكن أسير فيها ببطء شديد بسبب الإحباط العام.
ما جعلني أكتب هذه الرسالة هي أن المشكلة في ازدياد أو على الأقل مستمرة في فترة حرجة من حياتي، وبالفعل أشعر بالخطر على دراستي ومستقبلي، وأن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ. ولدي عدد من التساؤلات أرجو فيها الجواب الشافي:
1) ما الذي تعنيه الأعراض السابقة؟ ولماذا تفاقمت هكذا دون سبب واضح؟ هل هواكتئاب أم الأمر أعمق من ذلك؟ وما الذي عليّ فعله؟
2) ما الفرق بين المرض النفسي وضعف الإيمان؟ أي هل ما يحدث لي هوبسبب ضعف إيماني؟ إن كان الأمر كذلك، فالحل إذن ليس في العلاج النفسي؛ لأنه لن يمنع عقاب الله، الحل قد يكون في اتباع برنامج روحي إيماني قبل الشروع في العلاج النفسي.
المشكلة أنني أجد صعوبة شديدة في الارتقاء بروحي؛ لأنني أصلاً لا أجد العزم الكافي على أداء أي شيء، وأحافظ بمشقة على ألا تقل عباداتي وأخلاقي عن خطوط حمراء معينة. أشعر أنني في دائرة مفرغة، وأشعر بالذنب لأن الأصل أن أرضى بفضل الله عليّ –وهو كثير- لا أن أتسخط وأحزن.
3) بالإضافة لما سردته سابقًا، هل هناك أي أشياء أخرى أستطيع القيام بها كبديل عن مقابلة مستشار نفسي ولو مؤقتًا حتى تتيسر الإمكانية المادية؟
4) فكرت في التخلي عن عدد من الأعمال التي أقوم بها مثل المؤسسة الدعوية ودراستي الأخرى كمحاولة لتخفيف الضغط النفسي والتخلص من الشعور بالذنب، ولكن أخشى ألا يساعدني ذلك فأكون قد خسرت الخير ولم أحصل العلاج.
5) على النقيض فكرت في البحث عن وظيفة إضافية في وقت الفراغ ولوفي شيء تافه كالنظافة أو غيره حتى تشغل ذهني وأشعر فيها بشيء من الإنجاز، هل يساعد هذا؟
6) على أسوأ الاحتمالات لو اضطررت لمقابلة متخصص نفسي، ما هو الوقت المتوقع عادة للعلاج قبل ظهور نتائج؟ أسأل هذا السؤال حتى أستطيع تقدير الكلفة المادية على المدى الطويل.
7) هل يجب عليّ الامتناع عن أخذ أي قرارات مهمة قبل ظهور نتائج للعلاج؟ أعني هل أؤخر الزواج مثلاً حتى تنفرج هذه المشكلة بدلاً من أن ترتبط زوجتي بكومة من العقد النفسية؟
أكرر اعتذاري عن الإطالة، حاولت فقط أن أكون دقيقًا قدر المستطاع. أشعر أنني مستنزف ذهنيًّا، وأحيانًا بدنيًّا في معركة طويلة أحافظ فيها على بعض التماسك بعون الله، ولكني أدرك أن هناك "لحظة انهيار" ما قادمة لا محالة إن عاجلاً أو آجلاً، ولا أدري متى وكيف.
أسألكم الدعاء.. وجزاكم الله كل خير على ما تقومون به من جهد..
ومرة أخرى أعتذر عن الإطالة.. في أمان الله.
01/10/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
في بداية الأمر لا بد من الإشارة إلى أن الأعراض التي تتحدث عن بالتفصيل هي أعراض اكتئاب مزمن وقلق اجتماعي. رغم أن هذه الأعراض يمكن حصرها في إطار طبنفساني مبسط وهو القلق والاكتئاب والتي هي بحاجة إلى تدخل طبنفساني سواء كان ذلك بالعقاقير أو العلاج النفساني، ولكن في نفس الوقت لا يصعب صياغتها في إطار آخر وهو إطار عدم السعادة. الإنسان الذي لا يشعر بالسعادة ليس بالضرورة مصابا باضطراب نفساني يحتاج إلى علاج طبي ولكن إلى مراجعة ومعالجة لظروفه الاجتماعية والنفسانية والسلوكية.
الصياغة الاجتماعية لحالتك في غاية الوضوح، ويمكن الاستنتاج بأنك لم تتأقلم على الحياة في مجتمع ليبرالي مثل المجتمع السويدي. لا تزال لديك الشكوك حول جدوى استلام علاج نفساني هناك لكن الحقيقة هي أن أي معالج نفساني سويدي على دراية بالحواجز والعوامل الثقافية عبر مختلف الثقافات البشرية. جميع الأعراض التي تتحدث عنها تعكس حالة اكتئاب وعدم سعادة مزمن يصاحبها أعراض قلق ولا يوجد حرج في مراجعة طبيبك العام حيث تعيش. هناك تأمين صحي راقي في السويد ولا أظن أنك ستتحمل تكاليف علاج وأنت لا تزال طالبا مغتربا هناك. في نفس الوقت استعمال مضاد اكتئاب بجرع معتدلة لا مفر منه ولكن لا تتوقع استجابة سريعة للعلاج لأن أعراضك مزمنة.
استمر بالدراسة وابحث عن عمل مؤقت وشارك الناس همومك. استمر بممارسة الرياضة والحفاظ على إيقاع يومي منتظم، وستتحسن.
وفقك الله.
التعليق: وعليكم السلام، خذ إجازة صيفية إلى وطنك المغرب وأبقى شهراً، فإذا أحسست بالفرق وقل إكتئابك، فأنا أعتقد أن طقس السويد لا يتناسب مع طبيعية عِرقك العربي، من المعروف أن الطقس سويد يميل إلى ندرة أشعة الشمس والطقس البارد، والانعزال الاجتماعي والحياة الجادة، ليس فيها المرح والمزاح بين الأصدقاء، عكس بلاد العربية، فإذا لم تستطع الذهاب لوطنك المغرب، فأنا أنصحك بفحص المعادن والفيتامينات والإنزيمات في جسمك، وحاول تعويضها بحيث يكون إلى المعدل الطبيعي، وعليك بالتلاوة القرآن بالتدبر وتعلم تفسيرها (تفسير السعدي) وحفظ القرآن عن الغيب، وأيضا ممارسة الرياضة الجري أو المشي في أجواء أوكسجين نقي في الحدائق والمتنزهات ومنتجعات أو غابات الطبيعية بالدراجة الهوائية أو بالجري أو المشي في الصباح الباكر، وعليك بالدعاء مع قيام الليل 11 ركعة، مع ذكر الاسم الله الأعظم (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين). وفقك الله.