تحية من القلب على هذا الجهد الصادق، أنا شاب في التاسعة عشر من العمر، ما أزال طالب جامعة، ولقد اطلعت على كلامكم حول العادة السرية وأضرارها، ولكن تبقى المشكلة في المثيرات التي تنتشر في كل ما حولنا، وخذ الجامعة مثالاً.. فهل يستطيع الشاب ألا يتعرض للإثارة؟
وسؤالي: إذا كانت العادة السرية مشكلة، فهل هي مشكلة إذا كانت تستعمل فقط في حالات الإثارة الشديدة التي تترك الشاب فريسة لآلام نفسية رهيبة نتيجة الرغبة الملحة والحرمان الطويل، وبالتالي فهي تستعمل كمسكِّن (للضرورة فقط).
ومن ناحية أخرى.. فإن محاولة تناسي الأمر ممكنة –في حالتي-، ولكن الأمر يتطلب وقتًا ليس قصيرًا أشعر خلاله بضغط كبير في جهازي التناسلي، فهل الصبر على ذلك الضغط حتى يزول ولو طال الوقت ليس مضرًا؟
وإن كان مضرًا فهل هو أقل أم أكثر من ضرر العادة السرية؟؛ خصوصًا إذا كان الشاب مقلاً منها (مرة في الأسبوع مثلاً).
مع شكري الخالص، وبارك الله فيكم.
28/2/2025
رد المستشار
أخي العزيز: المثيرات تضغط عليكم، وتساؤلاتكم تضغط علينا: هل تعرف أن "الاستمناء" أو "الاسترجاز" هو الموضوع رقم (1) في عدد المشكلات التي تصلنا؟!
يا إخواني الأعزاء:
الابتعاد عن المثيرات صعب جدًا، ولكنه ممكن، بغضّ البصر عن الأجساد الفائرة؛ عارية كانت أو كاسية بملابس تكشف وتصف، أكثر ما تغطِّي وتستر.
البنات يدخلن في "المساومة الخطأ"؛ ففي الإسلام يكون الحجاب الشرعي هو "المساومة الصواب" التي صيغتها: إذا كنت تريد أن ترى وتتمتع، وتفعل.. وتفعل.. حسنًا سيكون هذا الأمر، وتكون هذه المتعة جزءاً من تعاقد أكبر، ومسؤولية حقيقية تقابل أو تتكامل مع اللذة التي تريد.
أما أخواتنا الكاسيات العاريات فيدخلن في "المساومة الخطأ" التي صيغتها: هذا الذي تراه عيناك الآن هو "عينة" مجانية مما لدينا، ادفع تصلح على المزيد.
والمشكلة أن "العري" و "التعري" ليس سوى لباس الشهوة والمتعة، وفعله في غير مكانه يؤدي إلى تشويش كبير في ثقافتنا ومجتمعاتنا، وهو من البلوى التي عمت، والفوضى التي شاعت وتشيع فينا.
ولا أميل إلى صب جام الغضب على هؤلاء البنات، وأغلبهن فارغات دون سوء طوية، ولكن في الوقت نفسه أقول: لا تضع نفسك وسط النار وتقول: إنها تلسعني، فقد يصعب على الشاب ألا يرى أبدًا ما يثيره، ولكنه يستطيع التغافل والتغاضي عنه حتى لا يسبب له الألم والضرر بعد ذلك.
لكن الحاصل أنك -وغيرك بالطبع- ترى" …??."يهتز فتصرف بصرك إليه تتابعه، فيرقص قلبك معه وتثور شهوتك وترى"…??" بارزة فتركز فيها تفكيرك، وتطلق العنان لخيالك، وترى الفتاة تلطخ الشفاه والعيون، وترسل الشعر، وتبرز معالم جسدها فلا تكتفي بالنظرة الأولى، ولكن بثانية وثالثة ويجمح بك الخيال لتجردها من القليل الذي ترتديه… إلخ مما يحدث في أحلام اليقظة والمنام.
هذه الدورة المتصاعدة يمكن وقفها، ويمكن تجنبها إلى حد كبير بالتعقل والتعفف، والانشغال والتشاغل، فإذا فشلت يكون هذا لأنك فاشل أو ضعيف، وليس لأن هذا مستحيل. "والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. وفي كل خير.. واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، ولا تقل: لو كان كذا لكان كذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل"
هذه نصيحة ذهبية ممن لا ينطق عن الهوى، فكن المؤمن القوي، فهذا –والله- الأفضل لحاضر ومستقبل أعضائك التناسلية، وأدائك الجنسي نفسيًا وعضويًا.
كن المؤمن القوي، وأمامك الحياة بكل مجالاتها التي تهجرها، ولا تفكر فيها إلا فيما ترى من أعضاء، وما يثور لديك في البطن وما حوى، والحوض وما به.
وأمامك الجنس نفسه: تعلم عنه، وتعرَّف -عبر طرق كثيرة- على خبرات الناس وأحوالهم فيه، واستعد للزواج باذلاً أقصى وسعك أن يحدث هذا في أقرب وقت. وحين تفلت منك مرة أو يقع جوادك في كبوة فتهيج شهوتك، وينكتم الدم في حوضك، ويكاد ينفجر صدرك، وتلوح أمامك الفرص السهلة لتضع شهوتك في الحرام؛ فقل: إني أخاف الله رب العالمين، وأشهد الله عليك، وأنت تمارس الاستمناء بديلاً عن وقوع محقق في الزنا، أشهد الله عليك فهو يعلم صدقك، وجديتك، ومحاولاتك إن كنت حقًا صادقًا جادًا وتحاول.
ولا تشعر بعدها -بهذه الطريقة، وفي هذه الملابسات وحدها- بالذنب واللوم يكوي قلبك، فقد مارستها لضرورة قصوى، واجتهد ألا تفعل ذلك ثانية بقطع الطريق عليه كما أسلفت لك، ولكم من قبل.
يا إخواني: كونوا رجالاً فأمتنا تحتاج إلى رجال، وتزوجوا لتعرفوا أن الجنس ليس بهذه الخطورة والأهمية التي تصورها الحياة المعاصرة "الغربية" في ديارنا وأوطاننا. هذا الهاجس الجنسي الملحّ والضاغط عندنا بعضه طبيعي في أصله ومنشئه، ولكن أكثره مستورد مصنوع، والزواج هو الحل، وصعوبته عار كبير، وكارثة مدمرة، ووصمة ينبغي أن نبرأ منها أفرادًا وجماعات، وليس ممكنًا أن يطبق الإسلام مجتمع يصعب فيه الزواج، الإسلام لا يعمل بنظامه إلا في مجتمع يكون الزواج فيه أيسر من الزنا، فإذا حدث العكس فهذه طامة كبرى نأثم جميعًا بها، كل على حسب مكانه ودوره.
إنني أناشد الآباء والأمهات أن يتخفَّفوا من مطالبهم، ويتنازلوا عن اعتراضاتهم "السخيفة أحيانًا"، وأن يسعوا في تزويج أبنائهم وبناتهم فهذا خير لهم من سيارة يشترونها له أو لها، وخير حتى من بعض كماليات التعليم، وهو في صميم واجب الأهل "القادرين" تجاه الأبناء.
كما أناشد الشباب والفتيات أن يتقوا الله في هذه الأسماع والأبصار والأجساد والعقول التي وهبنا الله إياها، وأن يضربوا في الأرض ويعمروها: فكرًا وفنًا وثقافة، وعلمًا ينتشل أمتنا مما هي فيه، وأن يعدوا أنفسهم لتحمل مسؤوليات الأسرة، وهي كثيرة، بالنضج والمعرفة، والتعلم والعمل لتحقيق الجاهزية النفسية والمادية في أقرب وقت.. والله من وراء القصد. وتابعنا دائما بأخبارك