السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالبداية أريد شكركم على الموقع الرائع الذي أفادني بحق، وأتمنى أن أستفيد مما قرأته بحياتي في المستقبل؛ فأنا من الزوار الدائمين للموقع.
أنا مشتركة بعدد من المجموعات البريدية، أحاول أكثر الأحيان أن أبعث بمشاركات دينية، في إحدى المرات تكلم معي شخص من المجموعة وأعطاني بعض المعلومات عنه وبعدها تكلم معي مرتين أو ثلاثا، ثم قال لي إنه يريد أن يطلب يدي فقلت له أعطني وقتا للتفكير.
والمشكلة هي أنه من قومية أخرى، أنا لست عنصرية، لكن أخاف مما قد يحدث بالمستقبل؛ لأن ببلدي تسوء الأوضاع يوما بعد آخر، وهو أيضا يكبرني بعشر سنوات، ولكن أنا أحب أن يكون الرجل أكبر مني، وأنا بصراحة أعجبني به الأدب وناضج ولم يطلب حتى صورة ولا أي شيء، وقال لي إنه يريدني لأجل ديني وأخلاقي.
سألت أختي قالت لي إنه لا يصلح لأنه من قومية أخرى، وإنني ما زلت شابة وهو في منطقة أخرى -ليست بعيدة عنا- وقالت لي أيضا: فكري بأن أولادك لن يكونوا عربا ونحن لا نعرف عنهم ولا عن ثقافتهم ولا تقاليدهم شيئا، مع العلم أنه أخبرني بأنهم يتكلمون العربية في المنزل، وقال لي عن قوميته فقط لكي أعرف، وصليت استخارة وبعد كلامي مع أختي تأسفت له.
وبصراحة شعرت بالأسف ليس لأجل الشخص لأني الحمد لله لم أتعلق به مثلا، لكن لأني شعرت أني رفضته لسبب طائفي وعنصري، ونحن المفروض بالإسلام لا فرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى.
المهم بعد أسبوعين كلمني مرة أخرى وأعطاني بعض المعلومات عن قوميته وعن وضعه المادي والاجتماعي؛ ففكرت أيضا وصليت استخارة وسألت، مع العلم أنني قلت له إنني إذا أعطيتك العنوان فأنت ستأتي لأبي وهو قد يقبل أو يرفض، أنا فقط دوري أعطيك العنوان وبصراحة ارتحت له وأعطيته العنوان.
وقال إنه سيأتي لطلب يدي أنا أتمنى مشورتكم
ظللت طوال هذه الفترة أتمنى مراسلتكم لكن لم أستطع للأسف.
5/3/2025
رد المستشار
أنا واحد من الذين يعتقدون أن المصاهرة من أهم وسائل تذويب الفوارق والحواجز والصراعات بين القوميات والمذهبيات والثقافات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بعد نزول الوحي ثم موت السيدة خديجة، وكان من مقاصد تعدد زوجاته جمع شمل الأقوام والقبائل في المنطقة التي عاشت فيها الرسالة وقتذاك.
ومثله فعل الكثير من المصلحين والسلاطين أذكر منهم عبد العزيز آل سعود الذي تزوج ممن عاصر من بطون وتجمعات لتوحيد ما أصبح يعرف بعد ذلك بالمملكة العربية السعودية.
ولا فارق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، وهذه كلها مبادئ نظرية مستقرة، وممارسات معتمدة ومتكررة جرت لأغراض ونجحت غالبا.
ولكن على المستوى الفردي البسيط يأتي سؤالك حول نجاح علاقة بين طرفين ينتمي كل منهما إلى قومية، والموضوع طبعا أوسع من مجرد مسألة القوميات، ثم كل علاقة تحتاج إلى مقومات اجتماعية ونفسية وذهنية لتنجح، فإذا استكملت العلاقة بقية مقومات النجاح ولم تبق غير مسألة اختلاف القوميات فإن المرونة الشخصية والتفتح والاستنارة العقلية كفيلة التخفيف من آثار هذا الاختلاف، بل وتحويله إلى عامل ثراء وإثراء، هذا إذا توافرت لأطراف العلاقة، وإلا تحولت الفوارق إلى عوائق ومنغصات وضغوط.
كنت أفكر منذ أيام أن استعداد طرف من طرفي العلاقة الزوجية للاندراج في الثقافة وأنماط العيش الخاصة بالطرف الآخر تبدو هي الحل الأمثل، فإذا تزوجت عربية من كردي أو تركماني أو إيراني مثلا، وعاشت وسط هذه الثقافة أو تلك كواحدة من بناتها بالتدريج، فإنه لا تصبح هناك مشكلة.
وأحسب هنا أن الاختيار أو الفيصل يكون في البيئة المختارة مكانا للاستقرار والعيش، أي بالمقابل فإن كرديا يتزوج من مصرية، ويعيش معها في مصر، يجدر به أن يتمصر ويتطبع بطابع البيئة التي اختار الاستقرار فيها، بما لا ينفي أو لا يتعارض مع الاعتزاز بالثقافة الأصلية كمكون من مكونات الهوية والشخصية.
أعتقد أن إدارة الموضوع خطوة خطوة هي الأفضل، فإذا قابل هذا الشاب والدك وسألتم عليه، وسأل هو عنكم، وتحققت المعرفة والموافقة على النواحي الاجتماعية والمادية والأخلاقية... إلخ.. ولم تبق إلا مسألة القومية.. فساعتها ننظر أين ستقرران الإقامة، فإذا كانت في الجزء العربي فلا أحسب أن لديه مشكلة، وإذا كان في موطنه هو يلزمك زيارة هذه المناطق، وقضاء بعض الوقت بصحبة بعض أهلك لتنظري في البيئة التي سيكون مطلوبا منك التأقلم معها، ولعلك ترتاحين ثم نفتح معا: أنت وزوجك وأنا معكما مكتبا لزواج القوميات وتشجيعه لعله يحل مشكلة أو بعض مشاكل بلدك العزيز علينا، وأنا أراقب أوضاعه الحالية في حسرة المحب العاجز عن فعل شيء، والله يقدر الخير.
واقرئي أيضًا:
زواج الثقافات: جدل الشمال والجنوب
زواج الثقافات: أهم من لون الجلد
زواج الثقافات ورضا الوالدين!
زواج الثقافات: التعميم مضلل، والناس معادن!
زواج الثقافات، ونظرات الشك المتبادل!