السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو -جزاكم الله خيرًا- مساعدتي على حل مشكلتي، وتفاصيلها كالتالي: أنا شاب اقتربت من الثلاثين، وقد كنت أشتكي من داء الانطواء والانعزال فترة المراهقة حتى بلوغي السادسة والعشرين، وقد قمت بالتخلص من هذا الداء بقليل من القراءة والاحتكاك بالناس، وتخلصت تقريبًا من أهم مساوئه، لكني لست واثقًا من تمكني من القضاء عليه تمامًا،
أرجو توجيهي في ذلك من خلال معرفتكم بما يلي: لي ماضٍ سيء أثناء فترة الانطواء، وأحاول أن أهرب منه دون مواجهته؛ حيث أنني كلما تذكرت حالي أثناء تلك الفترة؛ أُصاب بالإحباط؛ مما يدفعني إلى البحث عما يخرجني من هذا الماضي ومحاولة نسيانه وتلافي آثاره. ما زلت لا أجد متعة في الاجتماع مع الناس، وأجد متعتي في الانفراد مع نفسي، وليست لي أي علاقات بالجنس الآخر؛ فأنا شاب ملتزم دينيًّا،
وأخشى أن تنفر مني من سأقترن بها –إن شاء الله- في المستقبل القريب عندما تكتشف قلة خبرتي في ذلك، أو حتى قلة خبرتي في التعامل مع الناس بشكل عام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
8/3/2025
رد المستشار
ليس مطلوبًا من كل الناس أن يكونوا نماذج متشابهة، ولا يوجد نموذج واحد فقط للنجاح على أي مستوى من مستويات النجاح البشري، وتنبع كثير من المشاكل أو ما يعتقد أصحابها أنها مشاكل من هذه النظرة: نظرة أن هناك صورة للتعامل مع الناس والاندماج معهم، إذا لم يكونوا مثلها فهم انطوائيون وانعزاليون، وهذا أمر غير صحيح، فالمقياس للصفات البشرية يكون من خلال مدى متسع، فقد نقرر من خلال تلك الصفة مثلا أن شخصًا ما طبيعي فيها إذا لم تتأثر حياته العملية والاجتماعية بها، أما إذا تأثرت خرجنا إلى الصورة المرضية، وبتطبيق ذلك على رسالتك فليس مطلوبًا منك صورة معينة تكون فيها متحدثًا إلى كل الناس مسيطرًا على كل الجلسات جالسًا إلى الناس في كل الأوقات حتى تصبح شخصًا اجتماعيًّا..
إن الصورة التي رسمتها لنفسك في تغلبك على انطوائيتك المزعومة تدل على نجاحك في هذا الأمر، ولكن ينقصك فهم هذا المعنى الذي ذكرناه... وأن تتكيف مع قدراتك في هذا المجال، وتعلم أنه بمرور الزمن ستزيد قدراتك وعلاقاتك الاجتماعية، التي ليس شرطًا فيها أن يكون لك علاقات بالجنس الآخر... ولا أظن أن هناك فتاة ستنفر من شاب متدين؛ لأنه ليس لديه خبرة في العلاقات مع الجنس الآخر... إنه مما يسعد الفتاة أن تعلم أنها أول فتاة في حياة من يرتبط بها حتى لو كان ذلك نتيجة قلة الخبرة، فلا تحمل نفسك على شيء تكرهه طالما كان ذلك في الإطار المقبول.
نرجو أن تنظر إلى المستقبل بأمل واستبشار، واعلم أنك مثلما نجحت في التخلص مما مضى من مواقف صعبة، فأنت أقدر على التغلب على ما قد يكون باقيًا، واعلم في النهاية أن المطلوب منك أن تكون في المدى الطبيعي في حدود قدراتك وطاقاتك وليس في صورة خيالية ليست موجودة إلا في ذهنك.
وفقك الله وفي انتظار أخبار عن ارتباطك، وحياة سعيدة هنيئة.
واقرأ أيضًا:
الانطواء اختيارا؟ اهزم خجلك وشارك!
قليل الكلام: خجل وانطواء أم تواضع؟؟
الانطواء وعسر المزاج!
الشخصية التجنبية: الفهم أول الطريق!
الشخصية التجنبية: الأبعاد الخمسة!
الشخصية التجنبية: تشخيص ووسائل علاج!