طلب توضيح
قرأت مؤخرا فتوى بأن الموسوس يسقط عنه التكليف فيما وسوس فيه، وكذلك الموسوس بالكفر لا يكفر حتى يغير ديانته في الأحوال المدنية، فقلت آخذ بهذا القول لأرتاح لكن قرأت أنه لا يجوز الأخذ بالقول الشاذ حتى للموسوس، فأعتقد أن هذا قول شاذ، فأخاف ألا يعذرني الله إن عملت به وأنا أدري أنه شاذ
ما أعاني منه بالضبط في الخوف من الكفر هي المسائل التي اختلف العلماء في كفر فاعلها (من امتهن القرآن أو اسم الله أو تركه يمتهن دون قصد إهانة وإخراج الصلاة عن وقتها) ما أعاني منه بالضبط هو خوف شديد أن أكون في حالة أو بسبب من الأسباب سيتم إفتائي بأنه يلزمني الأخذ بقول أن من امتهن يكفر ولو دون قصد إهانة،
ما أقصده بسبب من الأسباب لأني قرأت أنه يجوز الأخذ بالأيسر بشرط عدم التلاعب، فأنا أتذكر مواقف وأشك أن ما فعلته تلاعب وتحايل لكي آخذ بالقول الأيسر، وكذلك أقول إن سبب وسوستي في الامتهان هو الخجل والخوف من استهزاء الناس بي وربما التكاسل أحيانا والخوف من غضب شخص، فأقول ربما هذه ليست أعذار لكي آخذ بالقول الأيسر
لكن لو أفتاني شخص أنه يلزمني الأخذ بقول أنه كفر سأعيش في رعب دائم واكتئاب حاد وأرق وستتعطل حياتي وسأهمل أسرتي وتتضرر صحتي الجسدية والنفسية، لأنه سيصبح كل تفكيري هو الأوراق والكتب، وسأخاف إن ذهبت عند شخص ورأيته يمتهن وأنا أدري إني سأخجل من نصحه أو أخاف استهزاءه، أو إن رأيت كتابا ممتهنا في منزله سأخجل أن أحفظه، وكذلك كتب أبنائي المدرسية لا تخلو من آيات والبيت غالب الأحيان غير نظيف وفرش الأطفال بها بول، وبيت أهلي عندما أذهب أجدهم يضعون ملابس متسخة فوق الكتب ونقودنا فيها آية، والعديد من المواقف التي سأخاف أن أقع فيها
كذلك قرأت أنه لا يجوز الرجوع عن القول، فأخاف أكون عملت بهذا القول أي عدم جواز الرجوع عن التقليد، وكذلك أكون أخذت بأن الامتهان كفر، فبالتالي أن لا يجوز لي الرجوع عن القول بالكفر فأكفر إن امتهنت ولو دون قصد إهانة (تكاسلا أو خجلا أو...)
فحتى لو أردت أن آخذ بأنه يجوز الرجوع عن القول سأتذكر التلاعب، وأقول إذا قصدت التلاعب للأخذ بقول جواز الرجوع فلا يمكنني الأخذ به
وإذا كان يجوز أخذي بقول عدم كفر من امتهن القرآن أو تركه يمتهن، هل يجوز لي الأخذ به دائما أم فقط في الأوقات التي أوسوس فيها، أما الأوقات العادية فأعتبره كفر؟ يعني مثلا كنت في البيت وحدي فرأيت كتاب به قرآن ممتهنا وتركته تكاسلا هل في هذه الحالة علي أن آخذ بقول الكفر لأنه لا توجد وسوسة ولا مشقة
أرجو أن تجيبوا سريعا لأني أعاني كثيرا
رغم أن هناك شيخا قال لي إن قول الكفر خطأ أصلا، لكن أقول هو صحيح في نظر آخرين .
24/3/2025
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "Fatima" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
تأخرنا في الرد عليك لأن متابعتك هذي كانت تنتظر الرد عند د. رفيف الصباغ والتي أدركتها المنية صباح الأحد 28 شوال 1446- 27 أبريل نيسان 2025، وأصبح لزاما عليّ أن أرد على ما لم ترد عليه الفقيدة يرحمها الله.
أما فتوى "الموسوس يسقط عنه التكليف فيما وسوس فيه" فهذه سطرتها أنامل د. رفيف الصباغ رحمة الله عليها وإن لم تخني الذاكرة فقد نشر ذلك أول مرة على مجانين بتاريخ 31 يوليو 2021في ردها على استشارة: وسواس الكفرية: الوسوسة تسقط التكليف أي أن هذه الفتوى كما ترين رأي حديث ومعاصر لفقيهة تخصصت في أمور الموسوسين وقد بنته على معرفة عميقة بما لم تتح معرفته لسابقيها، وما أفهمه أن تصنيف الأقوال والحكم عليها إنما يتعلق بالآراء الفقهية القديمة فعلى أي أساس اعتبرتها من الأقوال الشاذة؟
وأما مقولة "الموسوس بالكفر لا يكفر" فليست فتوى وإنما استنتاج علمي فقهي لي نشر لأول مرة أيضًا بتاريخ 3 مارس 2019 في إجابتي: الموسوس بالكفر لا يكفر ولو ظن أن أراد! وأتبعتها بمقولة "الموسوس بالكفر لا يملك حق الكفر" في إجابة: وسواس الكفرية: الموسوس بالكفر لا يملك حق الكفر م2 لأوضح انعدام أهليته للكفر! وأما إضافة "حتى يغير ديانته في الأحوال المدنية" فليست لنا ولا نفضل إضافتها لأننا رأينا من التباين الشاسع بين مستويات القهر والاستبصار في الموسوسين ما يجعلنا نفضل قصر المقولة على "الموسوس بالكفر لا يكفر" هكذا على إطلاقها، وهذا هو نفس موقفنا من مقولة أو فتوى فضيلة الشيخ مصطفى العدوي "طلاق الموسوس لا يقع إلا عند المأذون" فهذه أيضًا نفضل قصرها على "طلاق الموسوس لا يقع" هكذا على إطلاقها، وأتسائل أيضًا من صنف هذه المقولة بأنها رأي شاذ؟
تقولين (أخاف ألا يعذرني الله إن عملت به وأنا أدري أنه شاذ) هذا مستحيل، حتى لو اعتبرناه قولا شاذا فإن عليك الأخذ به لأنه الأيسر والأخذ بالأيسر مندوب للموسوس، بل إن عليه أن يتحرى الأيسر بما يعينه على وسواسه، ولذا فإن ما قرأته من (أنه يجوز الأخذ بالأيسر بشرط عدم التلاعب) هو كلام صحيح يتعلق ببعض الآراء في التلفيق بين المذاهب أو الخلط بين المذاهب لتتبع الرخص وهو كلام خاص من أوله لآخره بالأصحاء عقليا وليس أبدا بالموسوسين، ومثله مثل الكلام عن الرجوع عن القول فهو أيضًا لا يخص الموسوسين.
وتحددين وسواسك بأنه (الخوف من الكفر في المسائل التي اختلف العلماء في كفر فاعلها وخاصة امتهان القرآن أو اسم الله أو تركه يمتهن دون قصد إهانة) وأنا صدقا لا أدري كيف يكون ذلك؟ وأنا أراه يتناقض تناقضا صارخا مع قول سيد الخلق عليه الصلاة والسلام "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى...." صدق صلى الله عليه وسلم فكيف يكفر العاقل بفعل لم ينوِي به كفرًا؟! ولكن تعالي هنا نتوقف يا "Fatima" لنضع خطا تحت كلمة "العاقل" في تساؤلي أعلاه، فالكلام هنا يخص الشخص الصحيح عقليا، يعني إذا صح جدلا أن عاقلا يمكن أن يكفر جاهلا، أو ساهيا، أو لاهيا، أو بالصدفة! فإن هذا لا ينطبق على مريض وسواس الكفرية لأنه ليس عاقلا في موضوع وسواسه ولذلك يسقط عنه التكليف!.
تعالي بعد ذلك نتصور الحالة التي تعيشين فيها الآن حضرتك (كل تفكيري هو الأوراق والكتب، وسأخاف إن ذهبت عند شخص ورأيته يمتهن وأنا أدري إني سأخجل من نصحه أو أخاف استهزاءه، أو إن رأيت كتابا ممتهنا في منزله سأخجل أن أحفظه، وكذلك كتب أبنائي المدرسية لا تخلو من آيات والبيت غالب الأحيان غير نظيف وفرش الأطفال بها بول، وبيت أهلي عندما أذهب أجدهم يضعون ملابس متسخة فوق الكتب ونقودنا فيها آية، والعديد من المواقف التي سأخاف أن أقع فيها) لاحظي أن حذفت كلمة "سيصبح" قبل كلامك لأني أعرف أنه الآن كذلك وليس سيصبح! وكل الفرق أنك الآن في حالة تأهب دائم ومراقبة مسحية لكل ما حولك إما لتمنعي أو تصححي ما يمكن تصحيحه، وإما لتعذبي نفسك وتشبعينها ذنبا ولوما بسبب تقاعسك خجلا أو تعبا، تضحكين على نفسك إذن بقولك "سيصبح"، الأهم من ذلك أنك لا تعيشين في بيئة خاصة لا يعيش فيها آلاف المسلمين في بيوت مثل بيتك وأطفال مثل أطفالك ومعهم نفس الكتب المدرسية ونفس النقود ذات الآية الكريمة... كلهم يا ترى يمتهنون ولا يشعرون؟ أم لديهم شيئا ما ليس موجودا لديك؟ أم العكس؟
فيما يتعلق بوسواس قهري امتهان المقدسات وهو من أشكال وسواس الكفرية وحكمهما واحد كما تجدين في إجابة: وسواس الكفرية: وسواس الامتهان حكم واحد! وليس أفضل في محاولة تعديل أفكارك بخصوص هذا الخوف من أن تقرئي إجابة د. رفيف هذه وسواس الكفرية: الأوراق والأسماء المقدسة م13 وتأملي النص الشافعي الذي استشهدت به، كذلك اقرئي ردنا: وسواس الكفرية: جرائد وأوراق وأسماء مقدسة! والنصيحة بعد ذلك أن تتعلمي التجاهل لأنك غير مكلفة! كفي عن المراقبة وعن التأهب الذي تعيشين فيه من فضلك إن أردت بنفسك خيرا، عيشي كما يعيش الأقربون من حولك.
أخيرا فإن حالتك كما وصفتها هي اضطراب نفساني ذي أعراض وسواسية، وأؤكد أن أعراضها وأعبائها في حياتك لا تقتصر على ما ذكرته هنا، وتحتاجين بشكل عاجل إلى التواصل (الحي أو المرئي) مع طبيب ومعالج نفساني لاستكمال التشخيص ووضع خطة العلاج.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.