أحب في بادئ الأمر أن أشكر جهودكم المبذولة في هذا الموقع المميز لخدمة الناس وتبصيرهم في قضاياهم الدينية والدنيوية، أما بعد..
أنا شاب متعلم، خلوق، حسن الهيئة، محبوب اجتماعيا، وذو وضع مادي ممتاز ولله الحمد.. أواجه حاليا مشكلة تتلخص في أنني قد تعرفت خلال فترة عملي على فتاة خليجية جميلة، متعلمة، وذات خلق ودين، وتكبرني بعام واحد. وبمرور الوقت بدأ التفاهم والاحترام المتبادل، ونشأت بيننا علاقة حب طاهرة، وأشهد الله أني لست من النوع المستهتر أو اللعوب من الشباب، فقد كانت بالنسبة لي عرضي، فعملت على حمايتها ونصحها ومساندتها في أي عارض قد يؤرق بالها.
المهم أننا اتفقنا على ترتيب موعد كي أتقدم لخطبتها فوافقت، لكن جاءني الرد منها بأن أهلها قد رفضوني بسبب جنسيتي، مع العلم بأنني من مواليد الدولة وأغلب أقربائي فيها. وما "حز في نفسي" أنهم لم يعطوني أي فرصة لمقابلتي للتعرف عن قرب إضافة إلى تركيزهم على مسألة الجنسية.
أيضا أشعر بالخيبة لكون الفتاة قد بدا عليها الاستسلام، فلم تبد أي جهد لتقريبي نحوهم، وحسب ما فهمت أنها مكتئبة، ولكن أشعر عكس ذلك. وحاليا هناك شاب يرغب في الارتباط بها رغم أنه يكبرها بـ14 سنة، وهو مواطن ومتزوج ولديه 5 أطفال، والغريب أنها بدأت تميل إليه بحجة الحنان الذي تزعم افتقادها له.
المهم لدي قناعة تامة بالتمسك بالفتاة وعدم خسارتها بسهولة، والأهم عندي أن أطمئن عليها وألا أراها تائهة أو متخبطة في حياتها أو اختياراتها. فهل يعد موقف الفتاة تجاهي طبيعيا؟ لأني لاحظت تغييرا في معاملتها لي، وكيف يمكن لي أن أختبر مدى حبها وتعلقها بي؟ وجزاكم الله خيرا.
23/3/2025
رد المستشار
الأخ الكريم: نشكرك على حسن ظنك بنا وندعو الله أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، وأن يبارك في عملنا ويجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يرزقنا السداد والتوفيق، ومن قصتك يمكننا التعليق على عدة نقاط، ومنها: ما تذكره من شيوع لمسألة التمسك بضرورة الزواج من ابن نفس القبيلة وابن نفس الجنسية في بعض مجتمعاتنا، وبغض النظر عن اعتبارات التوافق بين الشاب والفتاة.
وفي هذا الصدد أجدني قد أتقبل بعض التحفظ على الزواج بين الجنسيات المختلفة إذا اختلفت النشأة، وإذا تزامن مع هذا غياب النضج عند طرفي العلاقة مما ينذر باشتعال أوار الخلافات مع كل اختلاف في العادات، أما إذا توافر النضج الكافي فإن هذا التزاوج الثقافي يكون مقدمة رائعة لثراء وتنوع ثقافي.
لكن ما لا يقبل بأي حال من الأحوال أن يكون الرفض بسبب الجنسية رغم أن نشأتك كانت في نفس البيئة ونفس الظروف المحيطة، وهذا يقلل كثيرا من اختلاف العادات بينكما. وأراني أتساءل متعجبة: متى يمكننا إزالة الحواجز التي تفصل بيننا كعرب رغم أن أوجه الاتفاق والعوامل المشتركة بيننا كثيرة ومتنوعة وتشمل الجذور والدين واللغة والموقع المكاني والتاريخ المشترك؟!
هل أكون حالمة وواهمة وأنا أتخيل اليوم الذي نصبح فيه كعرب وكمسلمين أكثر تماسكا. فالقوى من حولنا تتجه للتكتل والتوحد، ونحن فقط الذين نتجه للتشرذم والتفرق على أساس الاختلاف المذهبي واختلاف الجنسيات.
وهل تراني أحلم وأنا أتخيل مجتمعا كالذي عاش فيه صهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي مع إخوتهم العرب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهل أنا أعيش في عالم من الخيال وأنا أرانا نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو يستخدم المصاهرة كأسلوب من أساليب دعم وتنمية الوشائج والروابط؛ فيتزوج ابنة الصديق وابنة الفاروق رضي الله عنهما، كما يتزوج مارية القبطية المصرية، ومعلوم أن المصاهرة والنسب تعتبر من أكثر الوسائل التي تساعد على هذا التقارب والامتزاج.
فهل لنا أن نغير من رؤانا وتصوراتنا، فنعطي مساحة أكبر من الحرية لأبنائنا وبناتنا مع توعيتهم بضوابط زواج الثقافات، وفي هذا الإطار يمكننا الاطلاع على المشاكل السابقة التي ناقشت هذا الأمر ومنها:
زواج الثقافات: الحكمة مطلوبة والتعميم باطل
زواج الثقافات... التعميم مضلل والناس معادن
زواج الثقافات: أهم من لون الجلد
الزواج مع رفض الأهل... الاختلاف مذهبي
رفض الأهل ليس أهم الجوانب
أنت تتحدث عن رفض أهل فتاتك لارتباطكما، ومع رفضهم يظهر واضحا وجليا أن الفتاة لم تبد أي مقاومة تذكر، وأنها بالفعل قد بدأت في الاستسلام لضغوط أهلها، وهنا قد تختلف التفاسير حول مبرر تصرفها هذا، قد يكون استسلامها هذا داخلا ضمن نطاق وسياق الاستسلام التام للفتاة العربية قليلة الحيلة أمام ضغوط أهلها، وأنها غير مدركة لعواقب وتوابع الارتباط برجل متزوج وعنده من الأولاد خمسة وفارق السن بينهما أربعة عشر عاما، أو أنه راجع؛ لأنها بالفعل وجدت في العريس الآخر بغيتها، ولن يمكنك فعل أي شيء في كل الأحوال.
وبغض النظر عن المسببات والدوافع فإذا كانت هي راغبة فيك وعازمة على أن تقف هي في مواجهة أهلها مدافعة عن حقها في الارتباط بك -وقد يفيدك في هذا الأمر أن تناقشها موضحا لها توابع الارتباط بهذا الشخص ومستفسرا عن نيتها وعزمها لسلوك كل السبل لإقناع أهلها برغبتها في الارتباط بك- فإن وجدت منها استجابة فتوكلا على الله وضعا سويا خطة المواجهة، وحددا من يمكنه أن يقف بجواركما ويدعم رغبتكما من أهلها ومن أصدقاء العائلة لتستعين هي بهم، وإن لم تجد منها هذا العزم فلن يكون أمامك إلا الانصراف عنها كلية؛ لأن هذه المعركة معركتها ولا يمكنك أن تخوضها مكانها. من المهم أن تدرك أن فشل مشروع ارتباطكما لا يعني نهاية العالم، وأن قلبك الذي تعلق بها يمكنه بعد فترة أن يبرأ من حبها إذا اتبعت أسلوب دفن الحب الذي ذكرناه في إجابة: فشل الحب الأول، آلام في العمق وإجابة: الحب الأول.. إكرام الميت دفنه.
وتأكد أن الله سبحانه وتعالى سيرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دنياك وآخرتك إذا أحسنت التوكل عليه. مع دعواتنا لك بالتوفيق والسداد وتابعنا بالتطورات.
ويضيف د.أحمد عبد الله: أرى أن ميل الفتاة لهذا الرجل الذي تقدم لها يمكن تفسيره بأكثر من رأي؛ فهي إما أنها تستسلم للأمر الواقع أو أنها بالفعل ترى في الرفض من أجل الجنسية بعض الوجاهة، أو لعلها غير مستريحة تماماً لفارق السن بينكما، والأفضل عموماً أن يكبر الرجل المرأة. وقد لا تسلم الزوجة قيادها إلا لزوج يكبرها سنا وخبرة. وعلى كل حال لا أجد الكثير مما يمكن إضافته غير أن تنتهي من هذه المسألة سريعا بالسلب أو بالإيجاب، وفي حالة عدم الاستمرار لا أعتقد أنك ستخسر ما يستحق الندم أو الألم. مع تحياتي وتمنياتي.
واقرأ أيضًا:
أنا خليجية وهو من بلاد عربية
أحببت متزوجًا، وليس من القبائل