السلام عليكم..
أنا "واحد من الناس" بس مش "كريم عبد العزيز".. أصل الناس كلها غلبانة وتعبانة وعندها مشاكل كتيرة طايلة اللي ملتزم وغيره، معلش أنا هاطول عليكوا لأني نفسي أتكلم مع حد.. أنا مابتكلمش مع حد، ولو اتكلمت مابيريحنيش لتضارب وتناقض المجتمع، كلنا حافظين بس الواقع عاوز مرونة وعاوز ثقافة وكله بقى أبو العريف!!!!!!
أنا شاب في الثالثة والعشرين، في كلية تعتبر من كليات القمة في السنة النهائية، وفي حالة نفسية سيئة لأبعد الحدود أحتوي بداخلي بركانا لا أعرف سينفجر في مخدرات أم نساء أم ضياع غير معلوم لي الآن!!!!!
مشكلتي مع والداي ومع المجتمع، أساهم في المشاكل لكني مستعد للحلول لكن معا (أنا ووالداي والمجتمع) في وقت واحد لا أريد أن أتظلم.
مشكلتي مع والداي تتلخص في أني لا أستطيع التعايش بأسلوبهما معي، منذ الصغر كنت طفلا أحس دائما بالخوف من كل شيء.. من الناس.. كنت أخاف من أبي وأمي حتى اتضح لي أن أمي ضعيفة، وتخاف أيضا فاستغليت هذا العيب لأخفف من على نفسي الضغط الذي يضغطان علي به، الأول أبي يستخدم العنف معي ليس مثل كل الآباء، ولكني كنت أخاف منه بجانب العنف، وليس الضرب ولكنه ضربني وأنا في السابعة من عمري، فكان سرها باتع.. ماضربنيش كتير لكن بالشخط والنطر بامشي زى الألف.
كنت بخاف أوي أوي ولحد دلوقتي بخاف بس باشجع نفسي هو أنا لي إيه غيرها (نفسي)، لا أتذكر أن أبي حضنني في مرة، حتى وهو مسافر أو راجع من السفر رغم أنه رآني وأنا أبكي على فراقه، ولكنه عندما عاد لم ياخذ أحدا في حضنه إلا الصغير منا!! لم يقبلني لا لا لا لا إنه لا يتكلم معي وإن تكلم يعنف ويشخط وينطر.
حاولت أنا أتكلم مع أمي حول طريقة أبي فلما تخبره يزجرها (كيف تدعي أنه لا يحب أولاده)، وهو يحبهم فعلا فكل طلباتهم مجابة المصروف القليل (حتى لا ينحرف الأولاد)، واللعب في الشارع الممنوع لنفس السبب، قلة الخروج في أي مكان إلا مع الأهل حتى يضمن سلامة أولاده إلى أن أصبحوا في سن العشرين، أفضل ملابس أعترف بالملابس التي كان يشتريها على ذوقه وموضته وبماله حتى نلبسها نحن لأن إحنا مش هانعمل زى العيال الصايعين، وأنا بحلق شعري السوالف اللي واصلة لنصف الأذن ممنوعة، مش عارف إيه تاني اللي مش ممنوع؟ دا فىي كتير لسة ولا كفاية؟ نكمله..
على فكرة أنا لازم أكون عارف كل حاجة من غير ما أتعلم أي حاجة من أبويا وأمي.. مش عارف إزاي؟ هو كده أتحاسب على اللي ماعلمتوش!!!!!!!!!!!!
لما أقول رأيي في حاجة يقال لي أسكت يا عبيط أنت فاهم حاجة؟؟؟!! مع أن كل الناس اللي أكبر مني شايفني نبيه والحمد لله.. متفوق من زمان وأخدت جايزة في المدرسة.. اتعملت مرة واحدة وماتعملتش تاني.. وهي جايزة الطالب المثالي وكل الناس طلبة ومدرسين ومدير المدرسة كانوا بيحبوني، أكيد أنا عبيط..
أمي بقى صورة طبق الأصل من والدي، بس حنينة شوية بتاخدني في حضنها وبتذلني على أي فلوس أطلبها ودايما بتشتكي بقلة الفلوس مع أن حالتنا ميسورة ودايما بتهتم بوالدي في الأكل وإحنا أي حاجة!!
المشكلة فين؟
أولا: أنا فاقد الثقة في نفسي، مش واثق في كلامي وآرائي وتصرفاتي، عاوز أبقى لوحدي دايما أعيش مع أحلامي، وكتير أتلعثم في الكلام نتيجة الخضة في الكلام والخوف من الناس اللي باتعامل معاهم، عاوز أعمل لا شيء يعني كسول، عاوز أعيط كتير، عاوز حد يحن علي..
بجري وراء الناس عشان يحبوني ويحنوا علي (في ناس يقولولي أنت مشاعرك جياشة أوي مش عارفين اللي فيها).. في ناس بتحبني لكن مش بأبقى عاوز أقعد معاهم طول الوقت لأني مش بأبقى مركز طول الوقت وعاوز أقعد مع نفسي، بحب النت أوي لأنه بيحسسني أني بأعرف في حاجة..
للعلم أنا دراستي بعيد عن بلدي.. يعني من خمس سنين بأقعد برة البيت وعايش حياة مستقلة يعني بأتغير ببطء، لكن لما أرجع البيت الحال كما هو لم يتغير..
وفي حاجة تانية في شخصيتي.. أنا أسلوبي حاد جدًّا ما عنديش أعديها الناس لبعضيها، وفي نفس الوقت ممكن أسامح جدا لأبعد درجة، وأتكسف أطلب حقي أو أطالب بيه لأني لو طالبت بيه هازعل الناس مني بأسلوبي الحاد، مابقدرش أحلي الكلام.. يعني يا رييت المعنى يكون وصل .
الشق التاني أني كأي شاب متأثر باللي حواليا من مغريات كتير في كل وسائل الإعلام، وفي الشارع.. يعني من الآخر عاوز أتجوز.. الحمد لله لحد دلوقتي ما صاحبتش بنات بس حاولت وأوقات كتير كنت ببعد لكن شوية، وأرجع أحاول وبحاول برده على استحياء لحد ما كنت في مرة في حالة إيمانية جيدة وبنت حبتني وخلتني أحبها، واللي حصل بعد ما رفضت أني أخرج معها عرضت عليها الجواز، وتستناني لحد ما أخلص دراسة، رفضت وكرهتها بعدها وسيبتها.
وبعد 3 سنين قابلت واحدة قريبتي عايشة في الإمارات، وكانت في زيارة لينا ولأني نفسي أحب وأتحب علقت معايا على طول؛ لأنها مش متجوزة، وفي نفس وضعي الاجتماعي، لما قلت لأهلي إني عاوز أتجوزها رفضوا بكل شدة لأني هسافر معاها وهي هاتبقى اللي ليها الكلمة علي، ومش هاشوف أهلي تاني وهاسيبهم، وأولادي هايبقوا ولائهم لأخوالهم ومش هاقدر أسيطر عليهم وهاتعذب معاهم، وهاسيب أهلي ليه؟ (هم كده هايشتروك؟) وهي مش على درجة الجمال المناسب ليك.. وهكذا.. تنفير بشتى الوسائل..
سمعت كلامهم ونسيتها وبعد كده قابلتها تاني، ومقدرتش فصارحتها بحبي، هي كمان خافت من أهلها وطلبت مني إني أتجوزها وأعيش معاها بعد مانشوف رأي أهلها.. مع العلم أنها أكبر مني بـ3 سنين، لكن أهلها رفضوا مش عارف ليه إحنا يمكن أقل منهم، هي بتخاف من أهلها، وعليه بلغتني أنه لازم ننسى بعض ولأن أهلي مش موافقين الموضوع نسيانه كان سهل إلى حد ما، لكن كل فترة بحن ليها وبتلكك على أي حاجة وأكلمها.
الدنيا ضاقت في وشي ومش عارف أعمل إيه... السؤال بقى أني زهقت من تعامل أهلي معايا، وعاوز أستقل عنهم تماما، وأتجوز البنت اللي بحبها من غير موافقة أهلها لأن إحنا الاتنين مظلومين من أهلنا..
أولا.. قراري في الاستقلال صح ولا لأ؟ وهل لو اتجوزتها ممكن تحصل مشاكل؟ زي ما قالوا إنها مش جميلة فأتجه اتجاه غير سوي؟ وولادي هايبقوا موالين لأمهم أكتر؟
مش عاوز أغلط بس أنا تعبان.. أهلي على عيني وعلى رأسي بس أعيش مرتااااااااااح.. نفسي أبكي ومش عارف خايف لحد يشوفني.. مش مهم تردوا علي..
وآسف على الإطالة..
3/4/2025
رد المستشار
لا تتصور أنك فريد من نوعك، أو أنك من القليل النادر الذي تجرّع طريقة التربية التي تجرعتها؛ فأغلبنا نشأ تقريبا نفس النشأة، وكأنك تحدثني عن أمي وأبي؛ لكن يظل الفرق بين إنسان وآخر في مساحة "ثم ماذا بعد؟"
فالبعض يستسلم ويظل تحت وطأة تلك النشأة، متصورًا أنه لم يختر ولا يقوى إلا على البقاء تحت عباءة الشخصية المرسومة له من قبل والديه، وهذا كذب على النفس حين لا نعي أن "الضعف" اختيار فنظل أسرى الشكوى طوال حياتنا.
والبعض يرفض أن يكون إلا ما يريد أن يكون عليه، ويرضاه لذاته حتى إن تكبد من المشاق الكثير ودفع ثمن التغيير، ولكن هذا الصنف الثاني قد يقع في سوء تنفيذه لهذا التغيير المطلوب في كسر سياج الشخصية المرسومة له حين يتهور في قرار غير سليم لمجرد التمرد لا أكثر، أو حين يسير في الأرض هائمًا على وجهه لا يعلم لحياته خط بداية أو طريقا يحدده هو لنفسه في تلك الحياة.
وأراك من الصنف الثاني، فأنت الآن على مشارف التخرج من كلية قمة درست فيها دراسة تجعل ذهنك منطقيا ومرتبا في أفكاره، وبعدت عن أهلك خمس سنوات متتاليات في حياة دراسية واجتماعية وما زلت؛ وقررت الانفصال عن محبوبتك الأولى "باختيارك" فلا تنس تلك الحقائق التي ستساعدك كثيرا في التغيير دون إفراط أو تفريط.
فمن تمام الرجولة واختيارنا الواعي لحياتنا ألا ننجح "ظاهريا" على حساب تفكيرنا الذي نثق فيه، وهذا ما أراه في قصة محبوبتك الحالية والتي تضعها في مساحة غير مساحتها الحقيقية، برغم أن سببها الحقيقي مجرد ضغوط وهمية؛ ومن تلك الضغوط رغبتك في الصراخ بكلمة "لا" حتى إن كانت في غير موضعها؛ فأنت برغبتك في الزواج من قريبتك تلك تهدف لقول "لا" في وجه أبويك، ونسيت أنك ذكرت أنها لا تناسبك من حيث جمالها وأنك تخاف فعلا من ضياع كيانك بسبب تلك الزيجة، وأنك استطعت نسيانها بسهولة.. ناهيك عن أنك فكرت فيها لسد فراغك العاطفي كما قلت أنت بنفسك، حتى سبب رفض أهلها لك لا تعلمه!! فليس هذا حال المحب.
وضغط وهمي آخر اسمه -وإن كنت لم تصرح به إلا أنه سهل القراءة- عدم حب والديك لك بشكل "كاف"؛ فقد تخون الأهل تصرفاتهم للدرجة التي تجعلنا لا نستطيع أن ندافع عن تلك التصرفات، أما حبهم فلا، وهذا ما أستطيع الدفاع عنه وبقوة؛ لأنها فطرة فطر الله عليها الآباء، والعكس غير صحيح.
وأعود لأذكرك بالسؤال الفارق: ثم ماذا بعد؟ وسأحاول أن أعينك على إجابته ببعض النقاط فانتبه إليها:
* الغرق في دوامة الماضي لن يجدي نفعا بل، سيظل "شماعة" تحت الطلب نضع عليها المبررات لضعف مقاومتنا لاتجاه التغيير، وكلما هاجمتك تلك الذكريات تذكر أنك كبرت "كفاية" لتستطيع أن تقول لنفسك إنه برغم خطأ والدك الواضح في طريقة التعامل، فإنه كان يعبر عن حبه وخوفه عليكم، فهناك فرق كبير جدا لا يمكن إغفاله يخص نفس التصرفات حين يكون المنطلق منها حبا وخوفا عليك -كما يترجمه عقله وإدراكه- وبين أن يكون المنطلق سطوة وسخافة وتقصيرًا عن عمد.
* الثقة بالنفس= تعلم + عدوى + قرار.. فلم يولد أحد واثقا من نفسه هكذا، وإنما هي خصلة يتعلمها الإنسان على يدي والديه بدايةً، وتصقلها الممارسة والاحتكاك بالبشر والمواقف، فإن فاتنا تعلمها منذ الصغر فالوقت ما زال موجودًا بالإرادة والقرار والتعلم والممارسة والتدرج والتدريب، فقط كف عن جلدك لنفسك بسوط أنك ضحية تربية الوالدين الفاقدة للحنان والاهتمام، وأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان.
واستفد من ولعك بالنت واقرأ في الثقة بالنفس، وخطوات اكتسابها وتدرب عليها في أرض الواقع.. واعلم أن الظروف يمكنك قهرها وتحقيق قصة نجاح خاصة بك.
* التمتع بحب الناس لا يُشترى بالمشاعر الجياشة، وإن كانت تلك المشاعر جزءا من ثمن شراء القلوب، ولكن حب الناس نشتريه كذلك بأن يجدوا لدينا ما يحتاجون إليه، وما يسعدهم وما يرتكنون عليه حين يقعوا في أزمات، أو بما نحققه لهم من أمان ووقفات نبيلة والكثير والكثير؛ فلا تتصور زيفا أن من يهتمون بك فقط لمشاعرك الجياشة فهذا وهم بداخلك أنت فقط، فلو لم يشعروا بأن لديك ما تمنحهم إياه ما استمروا على علاقاتهم بك، فراجع هذا بصدق مع نفسك، واعمل عليه لتنعم بتلك النعمة الجميلة بشكل أكبر.
*الاحتياج لشريك حياة من أساسيات استقرارنا.. ولكي نضمن هذا الاستقرار علينا أن ندفع ثمنه؛ من جهد في حسن اختيار الشريك المناسب ومعرفته معرفة صحيحة لكل جوانب شخصيته قدر الإمكان، على أن يكلله موافقة أهل الطرفين والمحافظة على الضوابط الشرعية، وحين نفقد إحدى تلك الدوائر المتداخلة نكون قد أفسحنا طريقًا للمشكلات وبدل الاستقرار الذي نرجوه يحدث العكس؛ فلا يجوز أن نأخذ هذا القرار دون معرفة صادقة بالشريك وظروفه ودون موافقة من الأهل أو سدًّا لاحتياج عاطفي أو جسدي فقط.
* معاملة الناس برفق لا تعني قتل التعبير عما يدور بداخلنا، حتى إن كان سلبيا أو المطالبة بحقوقنا، فندفع ثمن ذلك ضغوطا داخلية تنفجر بعد حين طال أو قصر، ولا يجوز أن نطلب حقوقا لنا بطريقة فظة تفقدنا حقوقنا ومحبة الآخرين لنا؛ فلتتبنى مدرسة "الوسط" وهذا سيحتاج تدريبا وإعادة محاولة لفترة كبيرة نسبيا، فيها تتعلم كيف تطلب وكيف تعبر دون تحمل ضغوط نفسية ودون خسارة للبشر من حولك.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فكان يتعامل مع الفظ والكافر والمؤمن والمنافق دون خسارة لبشر ودون إغفال للحقوق، وهي مهارة يمكننا تعلمها ببعض الصبر والمحاولات في محيط معارفك كمكان لتدريبك على ذلك التوازن.
*الهروب كالإدمان حين نجربه مرة تلو الأخرى؛ وتكون النتيجة الظاهرية أنه لا احتكاك.. لا مشاكل.. لا مجادلات.. لا تفكير؛ ندمنه، وهذا ما تفعله فتجد نفسك وقد رسمت لنفسك حياة ترضيك تتقوقع داخلها -نت وغيره-، تهرب بها من مواجهة ما تحتاج للتفاوض فيه مع نفسك أو حياتك، ولقد فشلت في إقناعي بأنك ذلك العاجز الهارب؛ ولكني أراك وقد وقعت تحت أسر الاكتئاب حين أصبحت تريد البكاء وفقدت قدرتك على التركيز، والشعور بفقد الثقة بالنفس، وغيرها..
فانتبه لنفسك قبل أن تزداد درجة اكتئابك، خاصة أنك تستطيع حتى الآن أن تتغلب عليه.
*هناك اعتراف ثقيل الظل وهو أن هناك مشكلات ليس لها حل -بعيدا عن الصبر والتأقلم- وأشخاص يصعب جدا تغييرهم.. وآباؤنا غالبا أشخاص يصعب تغييرهم لأسباب كثيرة، منها تربيتهم وإدراكهم واختلافهم عنا وحقوقهم علينا من البر وغيره، ولكن يمكننا أن نحسن نوع العلاقة بيننا وبينهم، بدءًا من تفاهمنا مع أنفسنا تجاههم ووضع العذر بحق لتقصيرهم معنا، مرورًا بالتعامل معهم بما يتناسب مع شخصياتهم ومفاتيحها واختيار الطريقة المناسبة، انتهاء بالإصرار المهذب على اختيارنا لحياتنا ما دمنا فكرنا جيدا وتعلمنا أننا كما كنا أحرارا في اختياراتنا فنحن مسؤولون تماما عنها.