مشكلتي باختصار دون أن أطيل عليكم:
أنا خارج وطني منذ ما يزيد عن أربع سنوات، وأريد أن أجد زوجة مناسبة لي تناسب ديني وفكري، ولا أحبذ فكرة أن أجعل الأهل يبحثون لي عن زوجة؛ فلن يستطيعوا أن يجدوا لي زوجة مناسبة لي؛ لأن فكر أهلي مختلف عن فكري، وإجازتي السنوية هي شهر ولا أستطيع أن أجد خلالها الزوجة المناسبة.
فكيف تنصحونني أن أجد الزوجة المناسبة لي وأن أعيش بعيدا عن وطني وحيدا؟
وجزاكم الله خيرا.
8/4/2025
أنا خارج وطني منذ ما يزيد عن أربع سنوات، وأريد أن أجد زوجة مناسبة لي تناسب ديني وفكري، ولا أحبذ فكرة أن أجعل الأهل يبحثون لي عن زوجة؛ فلن يستطيعوا أن يجدوا لي زوجة مناسبة لي؛ لأن فكر أهلي مختلف عن فكري، وإجازتي السنوية هي شهر ولا أستطيع أن أجد خلالها الزوجة المناسبة.
فكيف تنصحونني أن أجد الزوجة المناسبة لي وأن أعيش بعيدا عن وطني وحيدا؟
وجزاكم الله خيرا.
8/4/2025
رد المستشار
إذن نحن نواجه اعترافًا ثقيل الظل أو مجازفة مجنونة؛ فالاعتراف ذو الظل الثقيل هو حقيقة وضعك الذي يصعب معه تحقيق الحلم الذي تتمناه في الوصول لشريكة حياة قد رسمت ملامحها -الخارجية والداخلية- في وجدانك لتناسب فكرك وحياتك ومستقبلك وأنت هناك بعيد في بلاد الغربة التي تأكل سنوات العمر إلا من نفحة صغيرة تحمل ثلاثين يوما يضيع منها ما يقرب من السبعة أيام في الاستراحة والوصال وتوزيع الهدايا ورؤية الأصدقاء وتفقد الأماكن الغالية وإنهاء أوراق متعلقة وحزم حقائب العودة لبلاد الغربة مرة ثانية؛ فلا يبقى لك إلا بضع وعشرون يوما لا تسمن ولا تغني من جوع عليك فيهم أن تقرر، بل أن تأخذ خطوة جادة تجاه فتاة تراها لمرات قليلة قبل سفرك مرة أخرى لأنك ستغيب عاما من جديد على أحسن تقدير!
أما المجازفة المجنونة فهي أن تتزوج كما يتزوج أغلب من في وضعك تحت قانون: "لا أسمع لا أرى لا أفكر ولكني سأتزوج"!! لتستقر في نواح تتعلق باحتياجاتك العاطفية والجسدية وبعض الاحتياجات النفسية دون أن تفكر كثيرا أو تدقق، ولترى نصيبك كما ستأتي به الأيام وتكون حياتك الزوجية مثلما نقول في مصر: كالبطيخة – قرعاء أو حمراء- فتكون قد جازفت بحلم من أجمل أحلامك.
لكنني أستطيع وسط ثقل ظل الاعتراف وتهور المجازفة أن أترك لك عدة نقاط تحتاج أن تعيها جيدا، على أن أطلب منك طلبًا غاية في الأهمية سيكون هو سبب نجاح الاختيار حتى لا تستسلم للاعتراف استسلاما مؤذيا أو تترك نفسك "الغالية" نهبا لمجازفة يدفع ثمنها ما هو آت من حياتك:
• حين نثق في تفكيرنا ومعرفتنا لاحتياجاتنا نسحب بالمقابل من درجة ثقتنا في تفكير أهلنا؛ وهذا يحتاج لبعض التعديل؛ فالأهل قد لا ينظرون لنقاط بعينها تحتل بداخلنا أهمية خاصة، ولكنهم حتما سينظرون لنقاط أخرى هامة "قد" لا نلتفت لها رغم أنها قد تكون عصب الحياة الزوجية ونحن فقط لا نقدّرها؛ فالأم قد تنظر لمهارة الفتاة في المنزل وشئونه مثلا ولا يهمك أنت ذلك كثيرا؛ لأنك تنظر لوجهة نظرها في تربيتها لأبنائها مثلا، ورغم أهمية تربية الأبناء طبعًا فإنك حين تتعايش يوميا مع إنسانة مهملة أو رديئة في تعاملها مع شئون المنزل ستفقد تقديرك لوجهة نظرها في تربية أبنائها لأنها تزعجك يوميا في أمر حيوي جدا وسيزحف على الأبناء أيضًا!!
• وما قلته مجرد مثال تستطيع أن تناقش نفسك في غيره من الأمثلة، ولكن فقط تذكر أن للأهل وجهة نظر يمكن وضعها في الاعتبار فلا تستهن بها أو تلقها في سلة المهملات.
• الأهل على عكس الشريك؛ فالشريك لا يمكن تغييره وفقا لما نتمناه تحديدا لذلك نظل نتحدث عن القبول والتأقلم معه مرارا وتكرارا، أما الأهل فقد جُبِلوا على حب وإرضاء أبنائهم دون جهد كبير من الأبناء؛ لذا فقدرتنا على تعليمهم وتوجيههم لما نهواه أسهل بكثير، وكلما استطعت أن تضع يديك على خصال بعينها تحتاج لوجودها احتياجا لا فصال فيه لتوضحه للأهل كلما سهّلت عليهم البحث والترشيح.
• أحيانا تأخذنا أحلامنا بقوة تأثيرها وتشبثنا بتحقيقها إلى الخيال، ووضع خصال للشريك يعجز البشر في اكتسابها جميعا، وحين نحاول الحصول عليه على أرض الواقع يصبح المستحيل الرابع؛ فنظن أننا لا يمكننا الوصول للشريك المناسب ويزيد الطين بلة -زيفًا- حين نترك هذا البحث في يد الأهل غير الموثوق فيهم! ونغفل عن أنه أحيانا تكون الراحة والحصول على أفضل ما يمكن الحصول عليه في الواقع حين "نخفض" نحن من أحلامنا في المساحة التي يمكننا التخفيض فيها ما دامت ممكنة.
• هناك فئة "وسط" بينك أنت شخصيا وبين أهلك وهم "الأصدقاء المقربون" وأقصد بهم هؤلاء الأصدقاء الذين يهتمون لأمرك بحق ويعرفون كيف تفكر ومن هو الشريك الذي يتناسب معك فلتدخلهم في قصة الترشيح، ولكن تخيّر بدقة من هم أو من هو ذلك الصديق الذي يعرفك أكثر من غيره لتطلب منه الترشيح حتى لا تتوه ولا تمل أو تكره تكرار الترشيحات غير المناسبة بسخافاتها وآلامها وإحراجها أيضا.
• "القدر".. نعم ثق في قدر الله ما دمت ترجو رضاه وإعفاف نفسك وتأخذ بالأسباب قدر إمكانك، ولو أردت أن أسرد لك عجائب الزواج التي حدثت وستحدث على أبسط سبب وبقدَر عجيب وبتوافق سريع أو بسبب المصادفات والدنيا الصغيرة لما كفتني صفحات موقعنا، وأنا واثقة أنك شخصيا تعلم إحداها وتتندر بها، وليس معنى حديثي أن تنتظر القدَر أو تتصور قصصًا ملفقة مع فتيات قد تقابلهن لتلعب مع نفسك لعبة القدر العجيب، ولكن هي دعوة للارتكان على حسن ظنك بالله عز وجل متيقنا بأنه سيكرمك ويحصنك بزواج ذي قدر عجيب حتى إن كان زواج صالونات وترشيحا من الأهل كما نقول.
بقي الطلب والذي بدونه تكون قد جازفت بحلمك الجميل وهو أنه حين ترشح لك فتاة من قبل الأهل الذين أوضحت لهم احتياجاتك قدر الإمكان أو الصديق الذي تثق في فهمه لك جيدا أن تجعل تعارفك عليها معركة حياة أو موت!
فلا تتخدر بإحساس الارتياح لها أو تستسلم لسطوة لهفة الارتباط وضيق الوقت، ولكن لا تعد عيناك عن تعريفها نفسك بأصدق ما يمكن وتعارفك عليها بعمق مستندًا لطريقة تفكيرك وعمق ملاحظاتك ومراجعة احتياجاتك الحقيقية من شريكة حياتك التي سبق أن حددتها حتى تأخذ قرار الارتباط من عدمه حتى إن اضطررت لرؤيتها فيما تبقى لك من أيام إجازتك يوميا؛ لأنك ستقرر بعدها الزواج منها أو لا، ولا تنسى تخفيض الأحلام وعجائب القدر وأن هناك جزءًا يمكنك تعليمه للشريك حين يحبك ويرجو رضاك ما دام لا يتعلق بخصال أصيلة وما دام هناك قرب في التفكير.
اقرأ أيضًا:
كيف أختار شريك الحياة؟
اختيار شريك الحياة.. كيف أجد المناسب؟
خريطة طريق لاختيار شريك الحياة