عمري 19 عاما، أعيش بأسرة متدينة بين إخوتي.. أنتظر الالتحاق بالجامعة، ولهذا أجلس طوال النهار بالبيت؛ وهذا مما يكثر من الاحتكاك مع أمي والشجار معها لأتفه الأسباب..
أنا أعتقد وأومن أن أمي تميز بيننا وأنها لا تحبني، وأكره حياتي لأني إذا نمت كثيرا "تنقدني" (تزجرني)، وإذا جلست على التلفاز تقول إنني "على طول" أجلس أمام التلفاز.
وأنا أشعر "على طول" بالملل، لا أعرف كيف أقضي وقتي؟ أمي تقول إنها تشعر أنني لا أحبها، وإذا جلسنا نتعاتب ونتصارح ينتهي ببكائها.
(أنا أحبها ولكن لا أعرف كيف أنسى ما يجرحني من تصرفاتها "من كلامي؟")
27/5/2025
رد المستشار
لديّ نظارة سحرية حين ترتدينها ستجعلك ترين ما لا يمكنك رؤيته! ولكن احذري لأنك ستتخلين عن كونك ابنة؛ لأنها ستحولك إلى امرأة ناضجة لتري الأمور أكثر وضوحًا فاستعدي.
* والدتك تتحرق شوقًا للقرب منك؛ والدليل بكاؤها وقولها تلك الجملة الخطيرة وهي "أنها تشعر أنك لا تحبينها"؛ فالأم حين تبكي أمام ابنتها وتقول لها هذه الجملة فهذا يعني أنها تجتهد في كسب ودها، ولكنها تفشل فتصيح وتصرخ في مواقف قد لا تستحق تلك الثورات ولكنك لا ترين إلا الصراخ أو النقد من السطح تاركة السبب الحقيقي.
* كل أم لديها حلم مثالي يخص ابنتها، فيه تراها فتاة رقيقة مطيعة، جميلة، نشيطة، ذكية، عفيفة، سيدة منزل من الطراز الأول، متعاونة، تشعر بها دون حديث منها أو طلب...إلخ وبالطبع الحلم المثالي يظل رمزًا نتمناه ونحاول الوصول إليه، ولكنه قد لا يتطابق مع واقعنا، ولكن البعض يتأقلم مع هذا الفرق مع استمرار المحاولات للوصول للحلم، والبعض الآخر لا يتأقلم إلا بعد أن يفقد الأمل بعد طول وقت.
ووالدتك كلما رأتك في فراشك معظم الوقت أو لا تفعلين شيئًا يذكر -من وجهة نظرها- تستحضر الحلم وترى الواقع فتغضب وتثور، وأنت كما أنت ترين التعبير الخارجي وتنسين ألم فقدها لحلم كل أم.
* والدتك تحبك كثيرًا وتهتم لاستقامة شأنك فلا تدعك أو كما نقول "تريح رأسها منك" وهذا سر دأبها في مراجعتك ووضعك تحت الميكروسكوب، ولكنها تقع في الخطأ الشهير لمعظم الأمهات ألا وهو التعبير بتصرفات تزعجك أو بكلمات تجرحك، فكما أقول مرارًا فأنا أستطيع بكل تأكيد أن أدافع عن حب الأم لأولادها، لكنني قد لا أستطيع أن أدافع عن تصرفاتها أحيانًا.
* الأم تعطي الدفء والحنان لأنها أم، ولكننا ننسى أنها إنسان يحتاج هو أيضًا الحنان! فلا ضير أبدًا حين تعطي الابنة أمها الحنان والدفء.. ولم لا؟!.
* لا تميز الأم بين أبنائها، ولكن: قد يكون أحدهم أكثر رقة أو تهوينا عليها أو طاعة أو امتصاصا لبعض تصرفاتها، فتبدو أنها تتقبله أكثر؛ وهذا طبيعي مع كل البشر ولكن الحب واحد.
والآن تستطيعين أن تخلعي نظارتي.
وأعلم أن هناك سؤالا يدور برأسك وهو: "أين حياتي أنا أو ما أريده أنا؟"
وهذا بالطبع حقك وسيظل سجال التعارك "الخفي" و"اللطيف" بين جيل الآباء والأبناء مطروحًا حتى وإن حاول الأبوان الاجتهاد في فهم أبنائهم والإحساس باحتياجاتهم ووضع تغير الحياة في الاعتبار وحتى إن حاول الأبناء باجتهاد أن يكونوا مطيعين مسالمين، فنجد تفاوتًا بين البشر في تحقيق هذا الانسجام بالشكل الذي يرضي الطرفين تمامًا، ويكون الحل إذن أن نضع بدائل نحسّن بها العلاقة أكثر مما هي عليه لأننا فهمنا، على أن نحتفظ بقدر مناسب من رغباتنا، وسأعينك بعدة وسائل على أن تبدعي أنت في الباقي:
ـ البحث عن أهم مفاتيح رضاها لتستخدميه قدر الإمكان فقد يكون الكلمة الحلوة أو القرب البدني أو مساعدتها في شئون المنزل.
ـ الاجتهاد في تجنب المواقف أو المساحات التي تزعجها قدر الإمكان؛ فبدلا من النوم طوال النهار فليكن ربعه، وبدلا من مشاهدة التلفزيون وقتا طويلا يشعرها بالوحدة وهي معك في نفس المنزل فقد تستطيعين تقليله قليلا واستبدال فارق الوقت في الحديث معها في مساحات بعيدة عن الشجار بينكما، كأن تقولي لها مثلا: ماذا تتمنين لي من الكليات؟ أو تجعلي بينك وبينها حوارا دائرا حول ما تشاهدينه؛ فهذا سيجعلها تشعر ببعض الرضا عنك وأنك تهتمين بوجودها، وأن هناك حوارا بينك وبينها.
ـ فاجئيها بسؤالك عن اهتماماتها الخاصة وتقديرها، ومشاركتك لها فيها، أو معرفة أحلامها، أو بعمل لا تتوقعه منك، أو بمساعدة، أو قبلة على يديها، أو الاستيقاظ مبكرًا على غير عادتك.
واذكري أننا حين نرغب بحق في تحسين علاقة ما فإننا نهتم ونجتهد في التفكير في كيفية صيانتها ورأب صدعها، ولا يخفى عليك أن هذا يحتاج لجهد نبذله "بأنفسنا" على بعض الكراهة منا، ولا نتوقع أن الأقدار ستدبر لنا بدلا منا، خاصة حين نتحدث عن الأم التي يكرمنا الله جل وعلا لمجرد وجودها على سطح الأرض، والتي لن نشعر بقيمتها إلا إذا فقدنا رضاها ودعواتها الصادقة لنا.
اقرئي أيضًا:
مثل كثيرات: أنا وأمي..... سيرة ومسيرة!
ليس عندي أم.. ولا حضن ولا قبلات
أمي.. هلا أحببتني؟!
أكره أمي وأبي لكني أحبهما!
مشكلتي أمي: استفزاز... وخصام... وتمييز مادي
نفسي في أم غيرها!: أخي بكل احترام وأنا بالجزمة