السلام عليكم ورحمة الله
هذه مشكلتي أضعها بين أيديكم، أو هي أهم مشاكلي فهي كثيرة، عمري 25 سنة، مغربية من الجنوب مجازة في القانون وأتحدث لغتين أجنبيتين فرنسية وإنجليزية، متفائلة، لكن لدي مشكلة تؤرقني وهي أنني بكل بساطة لا أعرف كيف أتحدت ولا ماذا أقول، وهي مشكلة كل بنات الأسرة؛ لأننا نشأنا في أسرة محافظة جدا لا تختلط بالناس إلا في المناسبات وللضرورة الشديدة.
وفي المدرسة كانت علاقاتي غير عميقة بل سطحية تقتصر على الدراسة، وأنا لا آخذ المبادرة فيها لأنني كنت متفوقة والصديقات يسعين إليَّ، وهكذا كبرت دون أن أشعر بفداحة المشكلة التي سببت لي الفشل في كل الميادين، وفي العمل عجزت عن تكوين علاقة مع الزميلات والزملاء، وفي علاقاتي مع الفتيات فشلت تماما وهلم جرا.
والنتيجة أنه بعد إتمام دراستي لم تعد لدي أي علاقة بمحيطي بعدما تركت العمل -وليس بسب هذه المشكلة فقط- إلا مع أسرتي؛ حيت أعجز تماما عن إنجاح أي حوار خصوصا إذا اضطررت لإدارته، فبعد التعارف وتبادل بعض الجمل من وحي الموقف أتوقف عن الحديث أو أقول أي كلام يتبادر لذهني بأي طريقة.
لاحظت مؤخرا أنني جدية في كلامي مع الآخرين وأتكلم بصوت هادئ لا أثر للمرح أو المزاح فيه، فعندما لا أجد تجاوبا أشعر بالملل، وعندما يطلق محدثي نكتة أحس بمدى جديتي وأجد صعوبة جمة في الموازنة بين الكلام مع الحرص على عدم التلعثم أو الخطأ وبين التفكير في مواضيع أتناولها في حديثي فيما بعد الجو (الموضة المراهقة....) حسب الشخص المحاور، أعتقد أن هذا ما يفعله الجميع، وحتى لو فكرت مسبقا فيما سأقوله عند (الاستعداد لمقابلة أحد) فإنني لا أعرف كيف أطيل الحديث عنها بحيث أطورها إلى موضوع شائق فأنتقل بينها بسرعة ربما تثير الانتباه لمشكلتي، ثم أصمت مجبرة لأنه لم يعد لدي ما أقوله، والنتيجة هي فشل العلاقة بعد أن أتعرض للاحتقار من محاوري، وحتى إذا تحملني وهذا نادر فحديثي يقتصر على المواضيع التي نكون تحدتنا بها غالبا في المرة الأولى، وإذا حاولت التجديد ألاحظ أن محاوري لا يستجيب ربما لأنه يكون قد أدرك مشكلتي فلا يجد حديثي مهما.... ولا أعرف كيف أكسر الحاجز بيني وبينه لنصبح أصدقاء.
أنا أنظر بإعجاب شديد لمن يتقنون فنون الحديث ومن لديهم ذكاء اجتماعي، وأتساءل كيف يحولون أفكارا بسيطة لحديت شائق مرح، بينما أفشل أنا في فعل ذلك، مع أنني أتناول نفس الأفكار في حديثي، ربما الطريقة خاطئة، لا أدري، كذلك أضعت فرصا كثيرة لمصادقة فتيات أو أستاذات أعجبن بي، لكن في (البداية الناجحة) لعلمي بنتيجة المحاولة تجنبتها مدعية الانشغال أو.... رغم أنني لست جبانة وأتحمل الألم النفسي الناتج عن رفض الآخرين لي.
لكن لأنني أتقدم ببطء شديد في كل علاقة أقيمها ولا يكون لدي جديد لأبدأ به علاقة أخرى، فليس لدي حتى الآن أي خبرة مهمة، ومشكلتي كما هي أتمنى أن أتعلم الخطوات الأساسية التي تمكنني من بدء علاقة جديدة مع الحفاظ على كرامتي والوصول بهذه العلاقة لأبعد نقطة ممكنة، أي أن يكون هناك تجديد في مصير العلاقة، وحبذا لو أفدتموني ببعض الحيل لتكملة الكلام أو ما يتيح لي أن أخفي عيبي هذا قدر الإمكان.
أشير كذلك إلى أن كل من عرفتهم يقولون عني إنني جدية جدا رغم أنني لا أحس بذلك؛ فأنا أتعامل مع الجميع باستقامة دغري (في حالي) وأتكلم كلاما مباشرا، لكن لا أمزح؛ لأنني لا أجيد المزاح، وخوفا من أن أنعت بالتفاهة أيضا.
عندما يبدأ شخص تربطني به علاقة سطحية حوارا معي أحيانا لا أعلم ماذا يحصل لي، فلا أعرف كيف أتجاوب معه وأحس من رد فعله أن ما قلته يثير استغرابه رغم أنني لا أعلم سبب ذلك؛ وهو ما يجعله يحكم عليَّ بأنني لا أعرف شيئا؛ فأنا من جهة لا أعرف كيف أفتح معه حوارا، وإذا حاول مساعدتي ببدئه فلا أستجيب كما يفترض بي.
وملاحظاتي عن ردود فعل الناس تجاهي لم أستنتجها من موقف واحد بل من مواقف متكررة ومع أناس كثر، وأؤكد أن ثقتي بنفسي عادية لكنها تهتز للأسف! عندما أقابل باستغراب من أحدثهم فأتوتر وأبدأ بالشك في تصرفاتي وأقوالي وأنها غير ملائمة لما يفترض بي أن أفعل لأنني قليلة الاطلاع على عادات مجتمعي.
ورغم أنني أرى تصرفاتي طبيعية فإن استغراب الناس يصدمني ويثنيني عن الاستمرار في محاولة كسب من أكلمه، ولهذا عندما يتقبلني أحد -أقصد الفتيات- فأحبه حبا كبيرا وأكون كريمة معه لأبعد الحدود وشديدة اللطف، فأزوده بكل ما أعرف من معلومات قد يكون مهتما بها حتى دون أن يطلب مما يعرضني للاستغلال.
كذلك لست خجولة إلا مع الجنس الآخر رغم أنني حاولت التخلص من هذه المشكلة فإنني لم أستطع؛ فرواسب تربيتي المحافظة لا تزول بسرعة، فمثلا أحس أنني في ورطة كبيرة لو اضطررت للبقاء وحدي في مكان واحد مع رجال لمدة طويلة جدا عند استضافتهم مثلا أو بسبب العمل؛ لأنه سيتوجب عليَّ الكلام معهم بل وإقامة علاقة زمالة وهذا ما لا أنجح فيه أبدا رغم محاولاتي المتكررة، وهذا ما يعتبرونه تخلفا.
من المواقف التي أجد فيها صعوبة قصوى أيضا عند التحدث إلى شخص أعرفه مع انضمام شخص ثالث يتوجب عليّ تقديمه والتوفيق بينهما كذلك في مواجهة شخص جدي مثلي أو أشخاص أكبر سنا (تربيت على احترامهم وعدم إزعاجهم بكلامي وأستصعب مصادقة امرأة في سن أختي 34 سنة مثلا رغم أنه شيء عادي، أفكر أنها لن تقتنع بي، أحترمها وهذا حاجز بالنسبة لي).
أعرف أن مشكلتي لن تحل بمجرد ردكم علي؛ لذا أعد بالبقاء على تواصل معكم، وأشير إلى أنني حاولت الاستنجاد بالمحيطين بي من أقارب، لكن للأسف ليس لديهم الصبر الكافي للاستمرار في ذلك حتى تحقيق نتيجة ملموسة، وأعرف أيضا أن الحل هو في الاختلاط، لكن أحتاج إلى بعض النصائح التي تساعدني في بدء علاقات جديدة في تدريب العمل الذي سأبدؤه إن شاء الله فقط لتكوين علاقات تساعدني على حل مشكلتي ولو جزئيا.
كذلك سأحاول إن شاء الله أن أكلم كل الناس الذين أختلط بهم بغرض تطوير العلاقة مع كل منهم إلى علاقة ناجحة بإذن الله؛ فأهلي ليسوا مستعدين لاستقبال صديقاتي إذا تمكنت من مصادقة أحد.
أتمنى أيضا أن تقترحوا حلولا مختلفة للمواقف الصعبة التي تحدثت عنها،
كذلك أطرح مجموعة من الأسئلة أرجو الإجابة عليها:
هل محتوى الحديث مع الجنس الآخر يختلف عنه مع بنات جنسي باعتبار اختلاف الأذواق؟ ما هي المراحل الأساسية أو المواضيع التي يجب أن يتضمنها الحديث في هذه المواقف عند التعارف لأول مرة؟ وكيف يمكن تكوين علاقة متينة منذ اللقاء الأول؟ كيف أتجاوز هذه الحواجز: الجدية، عدم الاستطراد، الانتقال من مرحلة التعارف والحديث عن الدراسة أو العمل أو المواضيع العامة إلى الاقتراب من الشخص المحاور؟
هل من الخطأ عدم إبداء استغرابي من تصرفات الآخرين البعيدة عن المثاليات التي تعلمتها من المسلسلات وأصبحت جزءا من شخصيتي وما زلت أومن بها رغم كل شيء لأنها من صلب ديننا؟ المشكلة أنني أستغل بسبب ذلك فكيف يمكنني المحافظة على أخلاقي مع تجنب الاستغلال وبقائي الطرف الأضعف دائما؟
أريد أن أعرف كيف أعامل زوج المستقبل إن كتب لي الزواج؛ فالحمد لله تقدم حتى الآن كثيرون لكن من همني أمرهم اثنان فقط، لكن لم أعرف كيف أوازن بين الثقل مع التلميح بالاهتمام دائما؟
علما أنني خجولة جدا لدرجة أنني أحمر عند كتابة هذا السؤال، كذلك لا أعرف أي شيء عن طريقة التعامل إلا ما قدمته المسلسلات المصرية والذي أجهل مدى ملاءمته لعصرنا مع التغيير الذي سببته الفضائيات وغيرها على أنواعها؛ فأنا لم أستطع التطرق لهذا الموضوع مع الفتيات لكيلا أنعت بالفضول أو قلة الحياء؛ فطريقة التطرق مهمة.
عذرا على الإطالة وأشكركم جزيل الشكر على سعة صدركم ومساعدتكم، وأعتذر عن الإزعاج، حاولت فقط أن أحترم قوانين الموقع، ولقد قمت بإرسال المشكلة من بريدي على الهوتميل مستعملة إيميل الموقع ولم أتلق أي إشارة تعلن عن نجاح الإرسال من عدمه، وشكرا مرة أخرى، والسلام.
14/7/2025
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
في بداية الأمر لا بد من الإشارة إلى تفوقك وعدم وجود أي إشارة إلى اضطراب نفساني. كذلك الإنسان يتغير وثقة الإنسان بنفسه أحيانا دون ثقة الآخرين بمواهبه وشخصيته عموماً.
مع ذلك أنك تواجهين بعض التحديات في التواصل الاجتماعي، وهو أمر شائع ويمكن العمل عليه لتحسين مهاراتك وتعزيز ثقتك بنفسك. هذه بعض اقتراحات الموقع:
ما ينصح به أي معالج نفساني هو التدريب على المهارات الاجتماعية حيث يمكنك البدء بالتدريب عليها من خلال مشاهدة مقاطع فيديو تعليمية أو قراءة كتب متخصصة. كذلك هناك التركيز على تطوير الذكاء العاطفي، وفن إدارة الحوار، وتقنيات الانفتاح على الآخرين. ليس هناك ما يمنعك من الانخراط في أنشطة جماعية كدورات تعليمية أو ورش عمل في مجالات تهمك. سيوفر لك ذلك فرصة للتواصل مع أشخاص جدد في بيئة أقل رسمية.
عند التعرف على أشخاص جدد، ابدئي بالمواضيع العامة مثل الهوايات، والاهتمامات الشخصية، أو آخر الأخبار والمستجدات. ومع مرور الوقت، يمكنك التعمق أكثر في مناقشات شخصية تعتمد على فهمك للطرف الآخر واهتماماته.لا مفر كذلك من التوازن بين الجدية والمرح في الحياة قد يساعدك محاولة إدخال بعض من خفة الظل في محادثاتك - ابدئي بخطوات بسيطة كالتعليق على شيء إيجابي أو طريف حدث في يومك.
أما عن التعامل مع التعامل مع الجنس الآخر فعليك أن تكوني على طبيعتك وأن تتعاملي معهم بنفس الأسلوب الذي تتبعينه مع صديقاتك. التفاعل الطبيعي والاحترام المتبادل سيؤديان إلى علاقات قائمة على الاحترام والتفاهم.
كذلك تذكري أن كل تجربة تواصل تمرين بها مهمة. فكري في تفاعلاتك السابقة - ما الذي نجح وما الذي يمكن تحسينه؟ من المهم أن تبقي مخلصة لقيمك وأخلاقك، ولكن يمكنك في ذات الوقت تعلم مهارات جديدة تحد من استغلال الآخرين لك.
بناء الثقة بالنفس والمهارات الاجتماعية يستغرق وقتًا وممارسة مستمرة، لذلك كوني صبورة ومثابرة والإنسان يتغير مع الوقت.
وفقك الله.
واقرئي أيضًا:
ملف تأكيد الذات