السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
(أرجو عدم نشر الاسم ولا الإيميل ولاتفاصيل ......... -فيرجى عدم ذكر هذي المعلومات حتى)
أنا على مشارف دخول الأربعين من عمري بعد عامين تقريبا، وقد أثّرت فيني كثيرًا استشارة سابقة بعنوان: انتهاء الصلاحية... بين العنوسة والزواج. وضعي مع الأخت السائلة غير تام التطابق، لكنّي معها في معاناة العزوبية والوحدة وألم الحاجة التي ليس لها مخرج يكفيها ويصونها ويكرمها بما يليق ببشرية المرء وفطرة الله التي فطر الناس عليها! ذلك المخرج الحلال، الآية العظيمة من آيات الله حيث تكون الروح سكن للآخر، وتجتمع فيهما مودّة غير مسبوقة ولا يشبهها شيء، ورحمة تروِّض السمات والصفات فتخنع وتستكين برضاها بين المرء والآخر الذي لايمكن ولايجوز لغيره أن يكون له هذا الحق وهذا النوع من العلاقة! ولله الحكمة البالغة في أقداره وقضاءه منعًا كان او عطاءًا، وهو يعلم ولانعلم فلله الحمد على كل حال.
إنّما أرسل لكم لأن مانصحتهم به الأخت هي أمور عسيرة معقّدة بالنسبة لي. فقد تم تشخيصي عندما كنت تقريبا في الـ 23 من عمري بـ adult-ADHD comorbidity with general anxiety and OCD traits (OCD traits but not disorder)
منذ التشخيص وأنا أحمل أمل بالتمكّن من هذا الاضطراب والوصول للدواء الأنسب لي ولهذا الاضطراب. لكن معروف لديكم أن كثير من الأدوية تحتاج لبعض الأشهر كي يعرف الطبيب توافقها وجرعتها المثلى وفعاليتها للمريض بالمتابعة الفردي والشخصية له. انتقلت من SSRI إلى SNRI ومن الـ stimulants like Ritalin and Concerta to non-stimulant which is Wellbutrin إذ فقط منذ سنتين ذهبت لطبيبة استشارية نفسية أخرى وأشارت بأن الأدوية المحفزة لا يُنصح بها لمن عنده قلق وتوتر فوصفت لي ويلبيوترين الغير محفّز.
مع دواء wellbutrin رأيت أثرًا وفعالية لكن استنتجت أنها محدودة وليست بالتأثير والفعالية التي تقلب الطاولة أو تعطي مفعولا كما يسميه البعض glasses effect ليست بالتغيير الذي يجعل الشخص يرى كل شيء بوضوح وكأنه يرتدي نظارات مناسبة لتصحيح نظره للمرة الأولى! نعم، التأثير إيجابي لكنه يسير مقارنة بتبعات هذا الاضطراب التي تضطرب معها حياة المرء. وفقط منذ شهرين أو ثلاثة بدأت في تخفيض الجرعات تدريجيا، لأني أشعر بتخدر في شعوري ولامبالاة وعدم اكتراث ولاحزن ولا فرح، فقط خط واحد مستقيم من اللا إحساس، وأدخلت تدريجيا مكملات كالفيتامينات اوميغا ٣ ومعدن الماغنيسيوم والزنك... الخ. وأنوي أن أقطع الدواء نهائيا (حاليا wellbutrin 150mg, Effexor 75 mg) وأبقى على المكملات فقط.
مازلت لا أملك الدافع ولا أستطيع صنع المحفز لا خارجيا ولا داخليا، لذلك لدي صعوبة في بدء المهام واستمراريتها وإنجازها. Procrastination and perfectionist character that exacerbates ADHD symptoms like the deepened struggle in finishing tasks and finalising them!.O
أقول هذا لأن نصائحكم للأخت السائلة هي عسيرة جدا بالنسبة لي ويوجد تعقيد جسيم في تطبيقها. فبالعودة لحقيقتي قبل هذا التشخيص كنت أطمح ان أكون قارئة وموسوعية العلم، وأنفع الناس دعويا بهدايتهم للاسلام والحديث عنه ورد الشبهات، كنت أطمح أن انخرط في عمل خيري مثل نفع الأيتام، أود بشدة حفظ القرآن الكريم والالتزام بمركز تحفيظ وتتكون لدي صداقات طيبة مع نساء المركز، أن أنهي جامعتي وأستمر في الدراسات العليا وأنشر دراسات واوراق بحثية. لكن بعد التشخيص بل بعد ما اكتشفت أن الدواء لم يجدِ بالشكل الملحوظ، وبعد أن غيّرت وجرّبت مجالات عدة لأجد الحل ولأكتشف مايتوافق مع قدراتي، لكن في كل تلك المجالات تظهر أعراض الاضطراب بشكل يحجز ويعيق ويقيد. صعوبة بدء المهام، الكلام السلبي المحبط داخليا أثناء عملي في المهمة المطلوبة، والتوقعات السلبية الناجمة عن نهايات محبطة سابقة في تجاربي الماضية، التردد والثقة المهزوزة بالقدرات تجعلني أتاخر في تسليم الملف أو المادة المطلوبة وكذلك تجعلني أفكر كثيرا بالفرص قبل اتخاذ القرار فيها وقد أضيع عن نفسي الفرص!
الصعوبات ليست في الوظيفة فحسب -اليوم أنا مازلت عاطلة عن العمل، بل وأبحث عن العمل لكن بتوانٍ وبهمة ضعيفة لاعزم فيها ولا إصرار خوفًا من تكرار الفشل والدوران في لوم النفس- الصعوبات كانت في دراستي الأكاديمية حتى، تشتت، أفكار وخطط وأحلام يقظة في عقلي لا اتمكن معها أن أصب تركيزي ودراستي نحو هدفي، فرسبت، وأعدت السنوات مرات ومرات، ثم توقفت، ثم غيرت جامعتي، ثم رسبت، ثم تحولت لتخصص آخر بعيد جدا. واستمرت معاناة الدراسة والاختبارات وصعوبة الالتزام بحضور المحاضرات على وقتها وعدم الاستعداد المبكر لأي بحث أو اختبار. ثم نلت البكالوريوس منذ ٦ شهور تقريبا لكن دون قناعة وتقدير لذاتي بهذا الانجاز لأني أراه قد تحقق بجهد جهيد ينبيء أنني لم أتمكن من المادة والتخصص. فمن طبيعة الاضطراب أن الشخص يشعر بأنها المرة الأولى وإن كانت تسبقها خبرات وتجارب إلا أن ضعف الذاكرة العاملة واختلال الوظيفة التنفيذية بالدماغ تجعل مني كأني مبتدئة في كل مرة ولايمكن أن أصبح متمرسة ذات خبرة أو موظفة ذات تجارب وملف مشرف ممتليء! Weak working memory and executive dysfunction
الأمر يؤثر على حياتي الاجتماعية، فالاضطراب يصحبه ما يعرف بعدم النضج الكامل في إدارة المشاعر والعاطفة Emotional disregulation
لذلك أنا متحاملة على معارفي، مع شعور بالذنب لأني أشعر تجاههم هكذا! فقد رأيت أقراني من أبناء عمومتي والأخوال وقد هنت عليهم، يسخرون في حضوري من تصرفاتي وكلامي ومداخلاتي، خاصة بعد رسوبي أيضا وقد تأخرت كثيرا أكاديميا ومن ثم وظيفيا، بل وحتى في الزواج، إذ الغالبية تيسر زواجهم وكونوا أسرة وذرية بفضل الله. أنسى تفاصيل كثيرة بديهية، لا أستطيع متابعة نقاشهم، أسرح، أركز في جوانب غريبة في موضوع الحديث، هناك غرابة فيني وفي تعاطيهم معي وعدم تقبلهم لي.
انعزلت أكثر وانسحبت عن الاجتماعات العائلية، سطّحت العلاقة معهم، رأيت أمامي كيف أني هامشية بالنسبة لهم، على الرغم من زياراتي في المناسبات والمشاركات من زواج، ولادة، استقبال سفر، استقبال بيت جديد ووو، رأيتهم وقد تجاوزوا دعوتي لهم بعد فريضة الحج، وكذلك مناسبة ولادة زوجة أخي. علمتُ كيف ينظرون إلي، والوضع يشمل أمي. فهي قد تكون تعاني من هذا الاضطراب كذلك، لكن الأجيال الأقدم منا لم تعِ هذا الاضطراب وحقيقته، فكثرة نسيانها وعدم فهمها للممارسات الاجتماعية والتواصل الصحي والمشاركات المتبادلة جعلها شخص مهمّش؛ يؤدي مواجيب الأهل من زيارات وحضور المناسبات لكنهم لايبادلوها ذلك، رأيت كيف لاتعني مناسباتنا لهم شيئًا فلا يتعنّون الحضور ولا كلمة اهتمام أو حفظا لقدر ومكانة والدتي ولا حتى أنا ولا كأننا فرد منهم!
هذا الانعزال والانسحاب قيد ثقتي عن الانخراط بالدعوة وأعمال الخير والمبادرات المجتمعية؛ وإن كنت أحتاجها كما اقترحتم على الأخت السائلة.
هذي انعكاسات اضطراب adult-ADHD في حياتي، بل حتى عندما سعيت وتعرفت على بعض من يعاني ذات الاضطراب، وجدتهم ماضين في الصعوبة ويتعلمون تجاوزها، بينما في حالتي، الوضع متفاقم لغياب الجو الحاضن بالبيت وحتى الأقران الداعمين من الأهل، وهذي كانت ملاحظة أيضا من طبيبي ومعالجتي النفسية. فوالدتي ربما تعاني من الاضطراب، ووالدي هو الأوسط بين إخوته فلديه عقدة إثبات الذات، الأمر انعكس علينا بالتشديد والجفوة وغياب الجانب المعنوي المشاعري! بيتنا آلي الحركة، زياراتنا منذ الطفولة كالروبوت، نذهب ونحضر بتهميش دون انخراط ووجود حقيقي ثم نعود للبيت.
كنت الفضلى والمميزة لدى والدي، نحن أربع اخوة، يكبرني أخ بعامين ويصغرني أخوين كذلك ب ٣ ثم ٤ أعوام، البنت الوحيدة بين إخوتي الذكور. واكتشفت بعد رسوبي كيف انني قد هنت حتى على والدي! اليوم أشعر أن كل ماسبق من تقدير وتميز لم يكن لذاتي بل لأني كنت واجهة مشرفة له، كطالبة مدرسة متفوقة مثالية. اللمة والقبلة بعد كل درجة عليا أنالها او تكريم مدرسي، أشعر بها اليوم وكأني آلة تحقق له معنى وشعور جميل، بدليل انقلاب الحال مع أول رسوب لي بالجامعة. أتساءل: لماذا لم يقل لي، (لاتهتمي، الدراسة ليست أغلى منك، أهم شيء صحتك وسلامتك وراحتك) لا، بالعكس، رغم أني كمتفوقة تضايقت جدا من رسوبي والصعوبة التي أواجهها، إلا أنه زاد علي المكيال بتجريح، بلوم، بتقليل قيمتي، بفجوة وبعد، اخترت معها أن أصمت واتفادى رؤيته وحتى الخروج معه قدر الإمكان، وزاد مع هذا جلد الذات الذي يصاحب اي شخص يعاني adult-ADHD
اليوم في داخلي لوم مكبوت تجاه والدي ووالدتي! لم يصنعوا لنا مقام بين الأهل، رضوا بحال التهميش، دفعونا للصلة بالأهل وأنزلوا من حائطنا ليقفز عليه الجميع، يتجاوزونا، لايكرمونا ولانشعر إلا وكأننا كمالة عدد! وفي حاجتي لهم، جلدوني نفسيا ورموني باللوم دون مراعاة لنفسيتي وكسرة خاطري! اليوم، أبرهم لكن بغصة في قلبي، لماذا لم يدافعوا عنا في طفولتنا عندما استهان بنا الأهل؟ لماذا لم يضع والدي لأمي مقام عند أهله فيكرمونها في مناسباتها؟ لماذا والدتي لم تربطني بها رابطة الأم وبنتها الوحيدة؟ بل جفتني بمجرد رسوبي وتدهور حالي الأكاديمي والوظيفي ومن ثم تأخر زواجي! بل وقبلا عن كل هذا، كانت تسعد بنجاحاتي لكن لم تربطني بها رابطة خاصة، لم نخرج سويا نتكلم لوحدنا، لم تسأل عن شعوري، عن مابداخلي، لانتشارك يومياتنا! بيت آلي فقط بلا شعور!
والدتي متشائمة وسلبية في كلامها وفي نظرتها لنفسها وفي علاقتها بالناس، كثيرا ما أستعد لعمل ما سواء الخروج للجيم والتمرين فتعلق سلبا، اطلب منها أني أحب زيارة خالي فتنتقد ولايعنيها طلبي شيئًا، أطلب من والدي لو نزور عمي فهو وعائلته أقرب إلي من البقية فلا يعير ذلك اهتماما! أحتاج تكوين علاقات صحية مع ناس محبة لي، وأحتاج ان آخذ خطوات للأمام لكن سلبية البيت داخلة فيني بشدة وأخشى أي تغيير! ولطباع والدتي تأثير سلبي على نظرتي لنفسي وعلى نظرتي وسعيي للتغيير!
الحمدلله، رابطتهما كوالدين قوية معا، لكن لم يجعلوا لنا وقتا خاصا، رابطة خاصة بينهم وبين الأبناء! فما بالي انا كبنت وحيدة وشعور الأنثى مختلف وحاجاتها وتربيتها أيضا مختلفة!
كل هذا الكلام لايصمت داخل فكري، بل أدافعه بوجوب بر الوالدين والإحسان إليهما. لكن أشعر بالنفاق في داخلي! بل إنهما اليوم ضعيفين مرهفين يحتاجوننا ويجب علي أن ألين جانبي أكثر وأنزل لهما ولطلباتهما، لكن في داخلي جرح وفي داخلي برود وقسوة مغلفة بجهاد مدافعتها بالبر قدر الإمكان. لكن أحيانا يعلو صوتي، أحيانا أجيب بنفس سيئة أو أنظر نظرًا أحد به تجاههما وهذا حرام وكبيرة وعقوق! لكني والله أدعو الله أن أبر بهما وأن يحنن قلبي. لكن ربما طبيعتي جافة بحكم بيتنا الذي عشناه.
ولعلي أضيف أخيرا، خاصة بعد قراءتي لرثاء أم الموقع الدكتورة رفيف فقيهة الموقع، لعلي أضيف البوح بأن في داخلي لوم شخصي لصعوبة حفظ القرآن الكريم، فقد مرت سنون عديدة وأنا أحفظ سورة البقرة وانقطع زعلا من الصعوبة التي أمر فيها، ثم أعود لحاجتي للقرآن، ومايلبث أن أشعر بالصعوبة ثانية، فأنقطع وأنا حزينة جدا، جدا حزينة ومتألمة! أقول في نفسي أن لو عندي كرامة على الله لأخذ بيدي للقرآن ولسهّله ويسره لي! لعلي هنت عليه، ربما نيتي عطبة ومخلّطة ولذلك لا أواظب ولا يُفتح علي في باب حفظ القرآن؟ ربما أنا مرائية، أريد السمعة وبركات القرآن لذلك لم ينفرج لي حفظه ومعاهدته. ربما لم أرد القرآن رغبة في الله وحده، بل خالط ذلك رغبة فيما عنده من فضل وإكرام في الدنيا قبل الآخرة؟ ثم أعود لأقول إنما هذي تبعات الاضطراب نفسه، خاصة مع قلة الدوبامين التي تفسر قلة الحافز وضعف الرغبة في الشيء فأصاب بالتسويف والمماطلة، ومن ثم الملل والترك، كذلك ضعف الذاكرة العاملة تجعل من ربط الآيات صعبا ومتفلتًا، لكن آخر طريقة اتبعتها هي الاستماع لتربيطات قدمتها أ. أمل ثابت. ومازالت معاناتي قائمة مع الحفظ. وأعود لنفسي بالقول "صدَقَ الله فصَدَقَه الله" إذًا ربما أنا لست بصادقة مع الله ولذلك يتعسر حفظي ومعاهدتي للقرآن، ولذلك ايضا لم أًكرم بقيام الليل فأنا بين من يقومه ثم يضيّعه بل وقد أضيّع الفجر حتى، ثم أعود للفجر، ثم أعود للقيام، ثم أضيعها ثانية، وهكذا. أو ربما هذا اللوم جزء من OCD traits ?
البحث عن الدوبامين لدينا مختلف، ويسهل دخولنا في دائرة الادمان، وكمسلمين الحمدلله لا اعاني من إدمان مواد مذهبة للعقل، لكن عندي عادة نسيان الوقت مع تقليب السوشيال ميديا، وفي فترة مضت كان لدي ما يعرف بـ Bingeing فأتابع مسلسل كامل حلقة بعد أخرى في وقت قصير! وهنا اسال نفسي، كيف سأنال درجة الصالحين وانا لدي عادات سيئة وليس معي جهاد وتقديم وأثر اتركه نافع لأمتي؟ كنت آتمنى أن أصبح من خُلّص العباد الكرماء على الله الذين يُستجاب دعاؤهم! وانا اتساءل اليوم كيف ذلك؟ في أيام مضت كنت أجاهد نفسي، لكن الآن أنا في مرحلة من الإحباط من نفسي، متعبة من نفسي، لم تستقم معي على خير، أشعر وكأني الشخص الذي ترك نفسه هملا، لم يطور ذاته ولم يُشغل بعمل يوم الآخرة! وقلبي غير سليم هناك مشاعر أحملها تجاه والديّ وأقراني من الأهل، ولا أقدر على المواظبة لا بقيام الليل ولا صلاة الفجر ولا القرآن! فكيف يكون لنفسي علاقة خاصة مع الله سبحانه فيجيب دعائي ويوفقني وييسر أموري؟
لكن صعوبة قيام الليل ومواعيد الصلوات المفروضة ربما له علاقة بعبء تنظيم النوم المصاحب لهذا الاضطراب، فقد ينالني تعب لأبسط عمل فأنام طويلا، وقد أشعر بطاقة فأسهر كثيرا وأنجز، ثم أعود للفتور. مرت بي أيام نمت فيها عن صلوات بنهار اليوم بسبب لخبطة في ضبط النوم. علما أن الاضطراب يتسم بما يعرف بعمى الوقت Time blindness شعورنا ووعينا للوقت غير ناضج! لانشعر به ولا نعيه كما هو! فنتأخر عن أعمالنا بل حتى مواعيد صلواتنا وهكذا.
وأخيرا، حاجتي للزواج، يظل معها شعوري بأني قد لا أكون كفؤًا؛ إذ كيف سألبي حاجات رجل وبيت ومن ثم أولاد وأسرة وأنا أعاني حتى مع كنس وترتيب غرفتي، غسل ملابسي، طبخ وجبة أو حلو أو تنسيق وترتيب مكان حتى! وكأني أريد وأشتاق للزواج، في حين داخليا لا أشعر باستحقاقنيه ولاقدرتي عليه! لذلك لم أكلم خطّابة حتى، لذلك السبب الذي شرحته سابقا وأيضا لأنه يصعب علي أن أسعى بنفسي للزواج، إذ نفسيا لطالما تمنيت أن يراني أحدهم فأعجبه ويعجبه منطقي وذاتي فيتقدم لي، وشيء يحزّ في داخلي أن أطلب مساعدة خطابة! لست مرتاحة لذلك. وأنا لا أتوقع من أهلي أن يسعوا لي ويدلّوا علي، فقد ذكرت لكم طبيعة الصلة، ولا أتوقع من والديّ كذلك فالذي بقلبي بُعد كبير ووحدة وغياب الشعور بيننا، فلسنا من البيوت التي تظهر فيها المشاعر، ويحس أحدهم بالآخر، أو يفهمهم والديهم من نظرة عيونهم! كذلك وجود جرح بداخلي يعود لوالديّ، فأنا أخشى امتداد هذي العقدة لتطال علاقتي الزواجية ومن ثم تربيتي لأبنائي إن أكرمني الله بالذرية! فالجرح سيظهر ربما في تعلق خانق بالشريك أو شدة وجفاء في رابطتنا وغياب فهم المشاعر وآلية بالتعامل، أوحتى تكرار الغلط مع الأبناء وهو ما يعرف ب Repetition Compulsion
أتذكرون قصة المرأة التي امتدحت نبي الله موسى عند والدها! لقد فهمها من كلامها عنه. أتعرفون عندما جاء علي رضي الله عنه ليخطب فاطمة فلم يقلها صراحة لكن عرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. لعلكم تعلمون شدة عمر الفاروق لكنه مع ذلك أحس بابنته حفصة فعرضها على صحابة رسول ألله وكتب الله أن تكون زوجة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. سأتوقف الآن، فقد أسهبت بالكلام وأطلت وربما وُفِّقت في التعبير أو لا، ولعلكم فهمتم علي بعض مما شرحت من عقبات وصعوبات.
وأذكركم، ليس غرض رسالتي هو الفضفضه بقدر ماهو حيرتي في أمري وصعوبة فهمي لذاتي واستيعابي لنفسي دون جلد، وعسر إيقاظي من الماضي ومن أحلام اليقظة لأعيش وأسعى وأعمل لليوم وللحظة! فكلام عقلي وصوت داخلي لايكف كي أسكن وأطمئن بالوقت الآني! فإني اريد أجوبة وأريد فهما بي ونصائح تستوعب طبيعتي وطبيعة هذا الاضطراب.
هل تذكرون طموحاتي التي ذكرتها بداية رسالتي؟ اليوم أنا لا أستطيع أن أمسك كتابا أفتحه لأقرأ بسبب التشتت وعدم التركيز وكثرة الأفكار والخطط دون عمل ودون تطبيق. اليوم طموحي أصبح فقط أن أحصل على وظيفة أغطي بها مصاريفي وأتمكن من مواصلة العلاج النفسي المقترح، وهو ما يعرف بـ DBT - Dialectical Behavioural Therapy الموجه أكثر نحو المهارات بطريق شاملة تتضمن جلسات فردية وأخرى في مجموعة. طموحي أن أنضج في مشاعري وأتمكن من التواصل مع الناس والأهل والأقران والزوج وأهله مستقبلا. والحمد لله على كل حال.
أتمنى ان تجيبني إمرأة، فإن كان لابد، فأطلب من الرجل المجيب ان يستعير اسم أنثى، فإني أخشى على نفسي من التعلّق وهو أمر مررتُ به مسبقا خاصة مع اقترابي من الأربعين دون زواج، فإني أفضل عدم التواصل الشخصي مع رجال.
إن بدا لكم عدم نشر الاستشارة، وإنما إجابتي بشكل خاص، فبها ونعمت.
جزيتم خيرا وكتب الله أجركم وأجرى الخير والبركات على أيديكم بفضله ومنّه وكرمه سبحانه. والحمد لله رب العالمين.
14/9/2025
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع وشجاعتك على مشاركة قصتك وتحدياتك الشخصية بتفاصيلها. من الواضح أن هناك عددًا من التحديات التي تواجهك من طبنفسية٬ نفسانية واجتماعية، ولكن يبدو أنك واعية بذاتك وبتطلعاتك لمن يتجاوز العقبات التي تواجهك.
لا يستطيع الموقع التعليق على التشخيصات التي توصل إليها من قبل الاستشاريين. بالطبع اضطراب عجز الانتباه فرط الحركة يؤثر على نواحٍ متعددة من حياتك، منها الأكاديمية، والاجتماعية، والشخصية. كذلك تفاعلاتك مع أفراد العائلة والأصدقاء تلعب دورًا كبيرًا في كيفية تعاملك مع هذه التحديات، ولكن الخطأ الكبير هو إسقاط اللوم على هذا التشخيص في تفسير التحديات التي تواجه الإنسان ومثل هذا الأمر يتم التعامل معه في جلسات علاج نفسانية.
توصيات الموقع:
١- يبدو أن لديك وعيًا بالكيمياء الدماغية وكيف أن الأدوية لها تأثير محدود. من الممكن أن يكون العلاج النفساني مثل العلاج الجدلي السلوكي هو الاختيار الأول، حيث يساعد في فهم وتعديل السلوكيات الفكرية والمشاعر، ويعد مهارات جديدة للتعامل مع اليوميات.
٢- هناك الحاجة إلى استحداث دوائر دعم جديدة من الأشخاص الذين يمكنهم تقديم فهم وتعاطف حقيقي مع تجربتك. مجموعات الدعم للأشخاص الذين يعانون من عجز الانتباه فرط الحركة يمكن أن تكون مكانًا لتبادل الخبرات والنصائح.
٣- هناك الحاجة إلى إيقاع يومي منتظم ويمكن أن يكون مؤثرًا بشكل إيجابي. الابتعاد عن التشتت يتطلب عملاً واعيًا، مثل استخدام تطبيقات لتنظيم الوقت وتحديد أهداف قصيرة ومتوسطة المدى.
٤- مهما كانت الخلافات مع العائلة، الحوار هو الحل. قد تكون هذه المحادثات صعبة، لكنها ضرورية، ويجب أن تكون بطريقة تعكس احترام الذات والآخرين.
٥- أنت بحاجة إلى تخصيص وقت لأنشطة تمنحك السعادة والراحة وتعزز من قدراتك الشخصية ويفتح آفاقًا جديدة لك.
في يومنا هذا ليس هناك أي تأخير في البدء من جديد في أي وقت في الحياة. طموحاتك يمكن أن تتحقق على مراحل، واليوم هو فرصتك الأولى للبدء خطوة بخطوة.
وفقك الله
واقرئي أيضًا:
اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة ا.ن.ا.ف.ح في البالغين: مقدمة
اضطراب عجز الانتباه فرط الحركة في البالغين