السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أولاً، كل سنة وأنتم طيبون.
ثانياً، عمري 26 سنة، والدي ووالدتي منفصلان من حوالي 14 سنة، أنا أعيش مع ماما وهي مشغولة في عملها، عندما كنت صغيرة كنت أنتظر عودتها من العمل لأتحدث معها، كانت تنظر في الساعة طوال حديثي إليها لأنها تريد الذهاب للنوم وتقول لي أنها متعبة.
بدأت تقتصر حياتي على حجرتي مع النت والتليفزيون والقطة، ومرّت السنين وعدّت حوالي 10 منها حين صرت أحس أن أمي لا تفهمني، لقد تخرجت وأنا وحدي في الحجرة وتعودت وأحببت حياتي وحدي، وأحببت خروجي وتفكيري وحدي. أما بابا فكنا متفاهمين جدا،ً وكنت أزوره وأكلمه.
مشكلتي بدأت من حوالي سنتين وعندما شعرت أني لا أشتاق لأمي، لا أقلق عليها، ولا أحب الجلوس معها! ولا حتى أبي أيضاً، حتى آخر مرة سافرت معه كنت أود أن أتركه وأنزل وحدي للأسف.
أحب وحدتي جداً... كلما أخذت رأيهم في شيء يقولون: "اعملي ما تريدين، أنت عاقلة، تصرفي" كيف أتصرف فيما لا يعرف الكبار التصرف به؟! المهم كنت أبكي.
تخيلوا حين بنتاً يافعة تنزل إعلان وتقف وتقابل الناس لتبيع سيارتها؛ ومنهم من يتسلى... يعني هذا مثلاً حالياً... الآن لما كبرت وفهمت ما يريدون التخلي والتوجيه "اعملي هذا، ولا تعملي ذاك" وعلى أشياء تافهة، أين كانوا وأنا صغيرة ولا أدري كيف أتصرف ولا ماذا أفعل! طبعاً سأفعل ما أريد، هذا رد فعل طبيعي.
أنا لست مرتبطة، وأعتقد أن من الصعب أن أجد رجلاً يفهمني، رغم أني الحمد لله ناجحة جداً في عملي مع أني عصبية وحادة أحياناً وأرجع من عملي أحس بنفس الوحدة. المهم، الآن تسيطر على أفكاري فكرتان: أتمنى لو عمري يعود إلى 15 سنة، أو الأمنية الثانية أن أترك عملي وأعيش في بلد فيها بحر وحدي دون أن أكلم أحداً.
هل أنا طبيعية أم مريضة نفسياً؟ أعرف أن انفصال الوالدين يخلق طفلاً غير سوي، هل أحتاج زيارة دكتور نفساني أم ماذا؟ قلت لماما وهي رفضت لكن أفكر في الذهاب للطبيب من وراءها. أعرف أن طريقة كلامي مشتتة لكن هذا لأن تفكيري مشتت. هدانا الله جميعاً ووفقكم الله لما يحب ويرضى.
السلام عليكم،
وكل عام ونحن بألف خير.
09/12/2008
رد المستشار
الأخت "جنة" السلام عليكم
الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يترعرع فيها الطفل ويفتح عينيه في أحضانها.
الآثار النفسية التي تعرضت لها نتيجة انفصال الوالدين وأنت في أدق مرحلة وهي المراهقة وافتقدت القدوة الحسنة التي لها دور هام في تشكيل شخصية الأبناء بسبب ابتعاد الأبوين؛
إن السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف أفكار الآباء عن أفكار ومفاهيم الأبناء وابتعادهم عنك بسبب الطلاق مما ولد ذلك الإهمال وهو ترك والديك لك دون تشجيع على سلوك مرغوب ترغبين به هذا بسبب الانشغال الدائم عنك وإهمالهم المستمر لك وهذا الأمر تفاقم بعد تخرجك وتدخلهم بشؤونك والآثار المترتبة عليه بالنتيجة سبب الاكتئاب ومن آثارها الابتعاد عن الأبوين والعزلة ورسم صور أماكن ترغبين الذهاب إليها كما في أمنيتك الثانية.
إن الوحدة التي تنشدينها تقع تحت مسمى Anhedonia من عزلة ورغبة بالسفر لبلد به بحر وإن الأمر يحتاج إلى علاج طبي نفسي سلوكي معرفي باستشارة طبيب نفساني قبل أن يستفحل الأمر ولا بأس أن تأخذي عقاري الفلوكستين والزانكس تحت إشرافه.
مع تمنياتي لك بحياة ملؤها النجاح طريقا لتكوين أسرة ناجحة