السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
R03;
قبل أن أبدأ في مشكلتي، أود أن أشكر كل من قام على هذا الموقع لأني بجد استفدت منه كثيراً وأعتقد أني سأستفيد من الموقع، وأعتذر عن أسلوبي غير المرتب، كما أخشى أن يكون كلامي غير مفهوم.
بصراحة لا أدري كيف أكتب مشكلتي، فهي عبارة عن مجموعة مشاكل متداخلة ولا أعلم من أين أبدأ؟ لكن مشكلتي أني أعاني من انطوائية شديدة في شخصيتي منذ صغري؛ أخجل بشدة مما يجعلني عاجز عن التعبير عن مشاعري. لم أكن أشعر باهتمام من أهلي أو من أقاربي، أو لنقل ربما لم يكن هناك انسجام، كنت أحس أيضاً أن الناس تراقبني في كل شيء أفعله فقد كنت أتعرض لمشاجرات في الشارع دون أن يكون لي يد فيها مما جعلني أحس أن بي خطأ ما أو أن الناس تعرف أني فعلاً خائف منهم... لذلك كنت أبقى بمفردي طوال الوقت، الأمر الذي جعل مني طفلاً عدوانياً جداً لمن حولي.. لدرجة أن كل أقاربي أجمعوا أني إنسان سيء..
أنا فعلاً كنت كذلك، لأني كنت أحاول إيذاءهم وخلق المشاكل لهم، كنت أكرههم مع أنهم ربما كانوا يحبونني... مع العلم أنهم لم يعلموا إلا بالقليل من المشاكل التي كنت أسببها جعلني كذاب أيضاً.. كنت أكذب بداعٍ ودون داعٍ.. كنت أكذب على زملائي، وعلى أقاربي، وعلى والداي، كنت أقتبس بعض أفعال زملائي وأنسبها لنفسي (أقصد بالأفعال المواقف)، كنت أتفنن في سرد المواقف الكاذبة لمن حولي، وكنت لا أكشف إلا قليلاً جداً.. لا أعلم لماذا؟ ولكني دائماً أكون واثقاً من نفسي وأنا أكذب أكثر مني وأنا أقول الحقيقة، فأنا بصراحة كنت لا أثق بنفسي ولا بإمكانيات عائلتي..
كنت لا أريد لأحد أن يعرف عائلتي أو حتى مكان سكني.. كنت أرسم صورة خيالية لعائلتي وشخصيتي.. وكنت أضيف أشخاصاً لم يكونوا موجودين في الواقع لأسرتي أو عائلتي، مثلاً: أخ أكبر (مع أني أنا الأكبر في إخوتي)... كنت أرسم هذه الصورة لدرجة أني أتوهم أني كذلك فعلاً.. كنت أتحدث مع أصحابي أو زملائي كأني كذلك فعلاً.. كنت أدّعي أني مريض حتى ألفت انتباه من حولي، لدرجة كنت أتمنى فعلاً أن تحصل لي أي مشكلة حتى لو كانت كبيرة ليشعر الآخرون بي... كنت أتخيل نفسي في مواقف كثيرة أمام الآخرين.. أني أفعل كذا وكذا و كذا، مع أني على يقين تام أني لا أستطيع أن أفعل أي شيء من هذا، لأنه لا يتناسب مع شخصيتي وإمكانياتي، لكن كنت أشعر بسعادة عندما أتخيّل نفسي في هذه المواقف. هذي بعض صور لمرحل عمرية تتراوح بين 9-15 سنة، أما الآن بعد أن انتهيت من المرحلة الجامعية أعاني من بعض هذه المشاكل ولا أستطيع الخلاص منها... إني أعلم أنها كلها صفات ذميمة، عندما أتذكرها أشعر بالألم والحسرة على طفولتي التي ضاعت.
المشاكل تتلخص في- أني انطوائيٌّ بدرجة كبيرة قد تجعلني أظهر بصورة غير لائقة في أماكن مليئة بالتجمعات، أو بين أشخاص لا أعرفهم، وعندما يصارحني أحد بذلك أشعر بغضب شديد بداخلي وأحاول أن أهرب من هذه المصارحة، لأني لا أطيق أن يقول أحد لي ذلك- أني كذاب جداً.. ولا أستطيع التخلص من ذلك لأني إن حاولت سأخسر كل الناس الذين أعرفهم.. لأني تقريباً لم أترك أي شخص لم أكذب عليه.
دائماً أنسب لنفسي أشياء لم أفعلها، وأيضاً للآخرين أنسب لهم أشياء لم يفعلوها. في الحقيقة أنا أفعل ذلك حتى أتمكن من الكلام لأني قليل الكلام جداً.. أو إذا تكلمت بصورة غير لائقة دون أن أدري. أخاف بعض الناس، أخاف المطالبة بحقي، وأشعر بحرج شديد حين يكون لي حاجة عند أحدهم وأطلبها منه، أخجل من طلب حاجة من أحد، أو ربما لا أعرف كيف أطلبها بالأسلوب المناسب، مع أني أقدر على التأخر على أي أحد يطلب مني حاجة.. حتى لوأدى ذلك إلى تعطيلي، أو على حساب نفسي.. لا أقوى على الرفض، وإن رفضت أحس بتأنيب ضمير شديد جداً. أخشى الاعتراض على سلوك خاطئ لأصحابي أو أهلي.. خشية من إيذاء مشاعرهم.. لأني لو فعلت هذا أشعر بتأنيب ضمير- أستطيع أن أتكلم مع صديقي إذا كنا فقط نحن الاثنين... أما إذا كنا أكثر من ذلك فلا أستطيع التجاوب معهم، أو حتى إذا تكلمت يكون كلامي غير واضح قد لا يسمعونه- بالرغم من أني حالياً ملتزم دينياً إلا أني لا أستطيع التأثير في من حولي.. أو أخاف أن يعلم أحد أني متدين.
هذه بعض مشكلاتي التي أعاني منها وأتمنى التخلص منها وأرضى عن نفسي،
حاولت كثيراً لكن شخصيتي تمنعني، أنا تعبت جداً.
21/12/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تدور شكواك حول بعض عيوب الشخصية التي يمكن التخلص منها إن كنت جاداً في المحاولة.
هناك فرق بين الطبع والتطبع؛ فالطبع هو الفطرة السوية التي خلق الله الناس عليها أما، التطبع فهو ما نكتسبه في الحياة نتيجة الخبرات التي تكون الشخصية، ويجمع بين الناس رغبات أساسية من ضمنها الحاجة للتقدير والحاجة للشعور بالأمن تكون مهمة الشخصية تحقيقها. وفي حين أن كذبك أو ما تضفيه على حياتك من قصص يقصد به إشباع حاجتك للتقدير- وهو ما تحصل عليه إلى حد ما من خلال تصديق الآخرين لحكاياتك- بالإضافة لما تزودك به من شعور بالقوة والقدرة على التلاعب بالآخرين، ولكن هذه المحاولات غير ناجحة تماماً لأنها بداية تهدد شعورك بالأمن، حيث يبقى كل كاذب خائفاً من انكشافه.
كما أنك داخلياً تعرف أن التقدير الذي تناله ليس حقيقياً بل موجهاً لما ترويه من خيالات فتبقى حاجتك للتقدير أيضاً غير مشبعة، وهذا سبب معاناتك وخوفك من مواجهة الناس وتراكم الخوف غالباً ما يؤدي لاستجابات عدوانية، وكانت النتيجة حصولك على شخصية ضعيفة غير مؤكدة، ولا حتى مدركة لنقاط ضعفها الحقيقية، وهو ما يسبب لك الانطواء والألم وانخفاض التوكيد الذاتي -الثقة بالنفس- لأنها لم تحصل بصورتها الحقيقة على أي تقدير، ولا يعني هذا أنها غير جديرة بالتقدير.
يساعد إدراكك لآلية تكوين شخصيتك في العمل على تغيير ما ترى أنه مشكلات حالية، من الخوف من مواجهة الآخرين إلى صعوبة التعبير عن الذات.
اكتب عهداً على نفسك بأنك لن تكرر السلوك المتبجح -الكذب- وأشهد خير الشاهدين عليه، ثم أعطي نفسك ما تستحقه من قيمة حقيقة وهي كونك إنسان، فأنت جدير بالحب والتقدير بعيداً عن محكات التقييم المرتبطة بالثقافة مثل الجمال والمال والمناصب، فهي أمور واهية ومتغيرة، وعندما ترى أنك تملك أهم وأكبر قيمة في هذه الحياة ستبدأ ثقتك بنفسك بالنمو، واجعل لنفسك جدولاً للتعزيز وآخر للعقاب يحوي الأول أمور تحبها والآخر أمور تزعجك، وقيّم نفسك مع نهاية كل يوم، فإن انتهى دون كذب يكون من حقك تعزيز نفسك، وإن كان هناك كذب انظر لحجمه وعاقب نفسك إما بحرمانها مما تحب أو بتكليفها بما يزعجها، وقد تكون مثل هذه الأمور معاودة الاتصال بمن كذبت عليه وتوضيح خطئك، وابدأ التنفيذ مع من يهمك من الناس. وللتنفيس عن رغبتك في التأليف والسرد يمكنك أن تبدأ في كتابة ما تتمنى، علّك تكتشف وتستثمر في نفسك طاقة خلاقة ككاتب.
لن يجبرك على التغيير سوى نفسك، أما ما يضمن التزامك فهو حبك لنفسك الذي هو جزء من فطرتك، فمهما كانت بساطة حالتك أو مخالفتها للصورة التي تتمنى فإن إدراكها والتعامل معها هو الخطوة الأولى نحو تغييرها، ولا تقل أن شخصيتك تمنعك فالشخصية هي تنظيم دينامي أي دائم التغير والحركة نتيجة التأثر بالخبرات، فنبتعد عما يسبب الألم ونلتزم بما يسعدنا ويشعرنا بالرضا، فابنِ لنفسك شخصية قوية تساعدك في تحقيق أهدافك، واستعن بباب توكيد الذات على الموقع.
واقرأ على مجانين:
أولا الكذب وثانيا الكذب وليس...مشاركة
احذر الكذب والتزوير
البنت الشقية والكذب القهري