علاقة خطيبي ببناته بين الحلال والحرام
السلام عليكم،
أنا على وشك الارتباط بشخص كان متزوجاً ولديه بنتان بالغتان وما زالتا طالبتان. كل ما يتعلق به وببناته جيد ولا غبار عليه فقد عمل الكثير من أجلهما ولم يبخل عليهما بشيء. تمكنت وبحمد الله من إقناعه بالصلاة وبالعودة إلى الدين إلا أن لديه عادات في طريقة تربيته لبناته ما زال يعتقد أنها الأصح، مثل السماح لهما بلبس كل ما يحلو لهما داخل وخارج البيت من ملابس مغرية وقصيرة وشفافة بلا أي حدود.
المشكلة التي أعاني منها أنه ليس لديه أو لدى بناته أي حدود في العلاقة الحسية للتعبير عن شدة حبهم لبعض، فلا مانع لديه أن تجلس ابنته وهي لا ترتدي البنطال في حضنه وتعانقه وتقبله وهو يدللها بنفس الطريقة. أنا لا أشك أبداً بأن هذه التصرفات تنم عن سوء نية أو شذوذ في العلاقة، إلا أنها تضايقني وأحس بأن مثل تلك التصرفات تحرمني من حقي أن أتمتع بخصوصيتي معه كزوج.
حاولت أن أوضح له مراراً أن العلاقة الحسية بين الأب والبنت يجب ألا تتعدى الحنان الأبوي المعهود وأن للفتاة عورة يجب سترها حتى أمام والدها أو أخاها، لكنه لا يقتنع ويعتقد أنني على خطأ، وزاد الأمر سوءاً بأن اتهمني بأنني أشك بطبيعة علاقته ببناته مما أدى إلى خلاف عميق بيننا. أرجو أن تزودوني بوجهة نظر الدين بطبيعة العلاقة بين الأب وابنته البالغة خاصة الحسية منها.
جزاكم الله خيراً.
04/01/2009
رد المستشار
الأخت الكريمة،
قضى الله تعالى أن يكون لكل شيء في هذه الحياة حدوداً وضوابطاً، ليظهر عبوديتنا له من خلال التزامنا بتلك الضوابط، وعدم تخطينا للحدود، ولتتميز الأفعال الاعتيادية من الطاعات التي نستحق الثواب عليها.
ولا شك أن إظهار الحنان الأبوي وتبادل مشاعر الحب مع الأبناء أمر محمود في الفطرة والشرع، ولكنه لا يخرج عن ذلك القانون، فله أيضاً ضوابط وحدود وقيود. ويمكن تلخيص هذه الضوابط بأمرين:
1- المحافظة على قضية العورات بين المحارم -ومنهم الأبناء والأولاد-. فعند أيسر المذاهب في ذلك –وهم الشافعية- لا يحل نظر ولا مسّ ما بين السرة والركبة، والحكمة من ذلك أن هذه المواضع تدعو إلى استثارة المشاعر التي لا ينبغي حصولها إلا بين الزوجين، لهذا كان الابتعاد عن نظرها ومسها حماية من انحراف المشاعر والوقوع في الشذوذ، ورغم أن هناك من لا يشعر بشيء شاذ عند نظر أو مسّ تلك المواضع من المحارم، إلا أنه لا يعفى من تطبيق الحكم، ولا يصبح النظر والمس بالنسبة له حلالاً، لأنه إن كان لا يشعر بشيء فلا يؤمن أن تنحرف مشاعر الطرف الآخر، وكذلك لا يؤمن من انحراف مشاعره في يوم من الأيام، وحتى إن لم يحصل ذلك فهو نادر ولا عبرة للنادر في وضع الأحكام في الشريعة الإسلامية. وعلى كلٍّ فالأمر أولاً وأخيراً أمر رباني علينا التزامه طاعة لله بغض النظر عن الحكمة منه.
2- مراقبة المشاعر. فإذا شعر شخص ما بانحراف مشاعره تجاه أحد محارمه، فلا يحل له النظر إليه ولا مسه، حتى في المواضع التي كانت مباحة قبل انحراف المشاعر، (أي فيما عدا ما بين السرة والركبة)، فالنظر إلى المحارم وتقبيلهم، ومسهم وعناقهم مشروط بأن يكون بدافع الرحمة والشفقة وإلا كان حراماً. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن، فقال إن لي عشرة من الولد ما قبّلت واحداً منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه من لا يَرحم لا يُرحم). قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: (وفي جواب النبي صلى الله عليه وسلم للأقرع إشارة إلى أن تقبيل الولد وغيره من الأهل المحارم وغيرهم من الأجانب إنما يكون للشفقة والرحمة لا للذة والشهوة، وكذا الضم والشم والمعانقة).
وإذا التزمت هذه الحدود فلا حرج أبداً من تقبيل المحارم -كالبنات- وعناقهم، ونحو ذلك، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان (إذا دخلت عليه فاطمة، قام إليها فقبّلها ورحب بها وأجلسها في مجلسه، وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت إليه مستقبلة وقبلت يده).
لهذا فالحق معك في إنكار ما ذكرته عن العلاقة بين خطيبك وبناته، فهو فعلاً أمر محرم، ولكنه يحتاج في التنبيه إليه إلى كثير من الحكمة واللطف والمقدمات المقنعة غير المباشرة، لأنه -وكما رأيت- لا يقفز إلى ذهن من أردت تنبيهه إلى ذلك الأمر إلا أنك تتهمينه في مشاعره وعواطفه، وتهينينه في عرضه وشرفه وهو –كما تعلمين- أغلى ما يملكه الإنسان... لهذا حاولي التلطف في الكلام معه، وإقناعه أن الأمر لا يعدو التنبيه على حكم شرعي أمرنا الله تعالى به، ومن المؤكد أن الله تعالى لا يأمر إلا بما فيه مصلحته ومصلحة بناته في الدنيا والآخرة.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> علاقة خطيبي ببناته مشاركة1