زوجتي ما لها وعليها، كيف أغيرها
بسم الله الرحمن الرحيم،
قرأت رسالة فارس بعنوان "زوجتي ما لها وعليها، كيف أغيرها" وأعجبت كثيرا بموضوعية فارس في إقرار ميزات زوجته وحرصه على المشورة، وإن كان رد د. ملهم جاء مقتضبا للغاية، واكتفى بإحالته لقراءة كتاب، الذي لو كان ذكر بعضا مما فيه لأفادنا جميعا;
اسمحوا لي أن أحاول مساعدة فارس بما قرأت وتعلمت وخبرات قد يجد فيها ما يساعده:
بداية جميل أن تبدأ بذكر محاسن زوجتك، وهى دائما البداية الطيبة للإصلاح، وأتمنى أن تردد عليها هذه الميزات في حواراتك معها حتى تكون اللبنة الأساسية لطريق الإصلاح;
هيا نفند معا مصاعبك مع زوجتك ونحاول إيجاد حلول عملية لها:
أولا: تتأثر بكلام الآخرين
ـ أنت تريدها صاحبة رأى ووجهة نظر، ويبدو أنها لم تتدرب على الرؤية النقدية للأشياء والأشخاص فلا تطلب منها اتخاذ رأي محدد، وإنما ناقش معها التفاصيل فقط، اطلب منها أن تذكر سلبيات موضوع ما أو إيجابياته دون الإلزام بتكوين رأي محدد قاطع، فذلك يساعدها على رؤية أوضح للأشياء قد تؤهلها وتساعدها في اتخاذ قرار فيما بعد مستندا إلى بينة وحجة;
ثانيا: تكرارها لنفس الكلام بصورة مضجرة. عندما تفعل ذلك استمع للمرة الأولى فقط، ثم قاطعها بعبارة:
لقد سمعت ما قلته في المرة الأولى، لست بحاجة لتكراره فقد فهمته وأتذكره جيدا، لكن لا يوافقني الأخذ به الآن بسبب; أو لكن أعطني فرصة للتفكير فيه إذا كان مناسبا للتطبيق!
وذلك لأن غاية من يلجأ للتكرار أن يتأكد أن فكرته وصلت واضحة وصريحة، وبتأكيدك على ذلك في أول مشوار الزن يوفر كثيرا من الجهد والحاجة إلى التكرار; وقد جربتها مع أولادي الصغار الزنانين وتوقف إلحاحهم وقتيا;
ثالثا: الكذب الأبيض والأسود
عليك أن تفهم أولا لماذا تلجأ إلى الكذب؟
ـ هل هي تخشى ردود أفعالك العصبية مثلا إذا هي أطلعتك على الحقيقة؟
في هذه الحالة طمئنها أنك ستقدر الوضع إذا بررته بمنطق وأوضحت الدوافع التي ألجأتها لهذا التصرف، واحترم وعدك;
ـ إذا كانت تكذب كذبا أبيضا لتريح نفسها وتريحك من عناء الدخول في تفاصيل يومية كثيرة، فاترك لها مساحة حرية في تلك الأمور الصغيرة دون مراجعتها أو متابعتها فيها، وبذلك لا يكون هناك مجالا للكذب أصلا;
ـ إذا كانت تكذب في أمور صغيرة لأنها تعودت ذلك وألفته، فكن واضحا وحازما معها أنك لا تريد التعامل بتلك الطريقة في صغيرة أو كبيرة وأنك ستساعدها على الإقلاع عن هذه العادة السيئة ولكن عليها أن تظهر حرصا منها أكبر على التوقف عنها;
رابعا: لا تحترم المواعيد
لي هنا وقفة يا فارس ـ إذا سمحت ـ صياغتك لهذه العبارة غير دقيقة بالنسبة لي، فهل هي لا تحترم المواعيد بمعنى أنها تستخف بفكرة الوصول في الميعاد المحدد سلفا؟ أم أنها تكون مشغولة عادة بكثير من الأمور التي تعجِزها دوما عن الالتزام بالموعد المحدد؟
إذا كانت الفرضية الأولى، فلتتحدث معها على ضرورة هذه النقطة، إن لم يكن من باب وجوب احترام المواعيد التي يتشارك فيها آخرون علينا احترامهم واحترام وقتهم بالتالي، فعلى الأقل من باب إرضائك أنت في شيء بالغ الأهمية بالنسبة لك ويساعدك على الاحتفاظ بمكانتك بين الآخرين، وأنه واجبها أن تساندك في ذلك بصرف النظر عن رأيها الشخصي في أهمية المواعيد، طالما أن هذا الأمر متعلقا بآخرين فلا يليق بها أن تستبد برأيها وفرضه على الآخرين!!
أما إذا كانت الافتراضية الثانية أقرب إلى الواقع، وهي كثرة انشغالها بأمور أخرى لا تنتهي في الموعد المحدد فهذا متصل بالنقطة التالية أيضا وهى شكواك من "بطئها" في إنجاز مهام المنزل، وفى هذا اقترح عليك:
ـ اقترح عليها أن تنحى جانيا نصيبا من المهام اليومية غير شديدة الضرورة في اليوم الذي لديكم فيه موعدا، حتى تنقص عنها بعضا من المهام التي تُأخرها;
ـ ساعدها في إنجاز المهام الضرورية السابقة للموعد;
ـ سلها دائما عن الوقت المناسب لها أو الذي تتوقع هي أنه يمكنها الالتزام به قبل الإقدام على تحديد موعدا مع الآخرين;
ـ قد تلجأ أيضا إلى إخبارها أم الموعد ساعته قبل الحين الأصلي بنصف ساعة، فمثلا إذا كان موعدكما في التاسعة، قل لها أنه في الثامنة والنصف، وبذلك تعطى نفسك الفرصة أن تصل في موعدك لو تأخرت قليلا عما تظنه هي الموعد الأصلي;
خامسا: هي تعمل في البيت لكن ببطء تام
اسمح لي يا فارس هذه افتراضية يجانبها بعض الدقة! فطالما إن هذا هو معدل سرعتها (أو بطئها) منذ تزوجتما فالأرجح أن هذه هي درجة سرعتها، وإن كانت أبطأ منك فلأن الناس مختلفة قدراتهم وإمكانياتهم، ولا شك أنها أو أي إنسان عموما يتمنى الانتهاء مما عليه سريعا والاستمتاع بوقت راحة بعد الإنجاز، ولكن من الواضح أن هذه هي منتهى قدرتها التي لا يكلف الله نفسا إلا سواها، ويبقى لنا إدارة هذه الأزمة بحكمة تبلغنا المراد:
ـ إذا كنت مقتدرا ماديا فلا تبخل عليها وعلى نفسك بالاستعانة بمن يساعدها في أمور المنزل، حتى لو مرة أسبوعيا، فهذا من شأنها أن يوفر لها بعض الجهد والوقت، ويعطيك بعض ما تأمل فيه من هدوء وترتيب منزلي;
ـ إذا لم يكن في استطاعتك توفير مساعدة في المنزل، فاختر بطواعية ورضا بعض المهام الصغيرة لتتولاها أنت، ولا عيب في ذلك مطلقا، وهي ستقدر لك ذلك إذا فعلته لمساعدتها وليس لإشعارها بتقصيرها الذي تحاول أنت تعويضه;
ـ ضع لها أولوياتك في شئون البيت، فإذا كان منظر المطبخ الشبيه بساحة المعركة هو أكثر ما يضايقك وفي المقابل تطيق صبرا على غيره، فاطلب منها أن تعطيه الأولوية عن أي شيء آخر، فتشعر هي أنها أرضتك بشيء وتشعر أنت برضا عن إنجازها;
ـ في حالة زيارة أحد أقاربك تكون الأولوية للنقاط التي يلاحظها أهلك ويثيرونها معك، فإذا كانت رؤيتهم قاصرة على المطبخ فلتضع هي في المطبخ كل جهدها، وإن كان غرفة الجلوس هي ما تعنيهم فليكن ترتيبها هي الأولى، وإن كان ليس لأهلك الحق بالتدخل كثيرا في مثل هذه الأمور البيتية، لكن طالما أن هذا يسبب لك ضغطا فاصنعا معا الخطة اللازمة للظهور بمظهر أفضل أمام أهلك;
سادسا : مشكلة ملابسك التي لا تزال في الغسيل
سأعطيك هنا نصيحة شخصية جدا وهى "توظيف الروتين" للتقليل من حدة هذه المشكلة كالتالي:
فلتخصص سلة أو ما شابه لوضع ملابسك المتسخة فيها دون غيرك، تكون لملابسك أنت فقط ولتتفق معها على يوم ثابت لغسل ما بسلتك هذه (قد يكون يوم أجازتك مثلا حتى تكون ملابسك نظيفة لأسبوع العمل التالي)، وعليها أن تغسل ملابسك منفصلة دون ملابس بقية الأسرة وتضعها بعد ذلك في سلة أخرى خاصة بك وحدك، وبذلك لا يكون هناك مجالا لكلمة "لا أعرف لا أدرى"، فملابسك إما ستكون في سلة الغسيل أو سلة ما تم غسله لا ثالث لهما ويسهل تحديد أماكن ما تبحث عنه;
تبقى المشكلة السابعة والأخيرة وهى الغيرة!!
قد ترجع غيرتها المبالغ فيها لإحساسها المتواصل بعدم وصولها إلى درجة إرضائك وبأنك غير معجب بها نتيجة ما تسرد عنها من عيوب، وذلك يدق ناقوس الخطر لدى حاستها الأنثوية بسهولة ضياعك منها وسهولة صيدك من امرأة أخرى!!
ـ حاول طمأنتها من هذه الجهة واذكر لها ما ترى بها من محاسن ذكرتها أنت في أول رسالتك حتى تعزز إحساسها بنفسها وذلك أيضا يقلص الهوة بينكما ويخفف من حدة توترها في وجود نساء أخريات;
ـ أثني على جمالها أو ملابسها ومظهرها في السر والعلانية;
ـ كن حازما معها بعد ذلك في إخبارها أن تلك الطريقة تفسد عليكما حياتكما وتسد طرق استمتاعكما بالحياة، وأنه يجب عليها محاولة التحكم والتقليل منها على الأقل، وهذا دورها في خطة الإصلاح التي ستبدأنها معا في مقابل ما أسلفت التعامل والتغاضي عنه في النقاط السابقة;
أرجو أن تجد بعض اقتراحاتي مفيدة لك، ولى كلمة أخيرة تعليقا على قول د. ملهم "أنه ما دام الحب متوافرا فإنه الأساس المتين للحياة الزوجية"، فأقول له ولك:
الحب وحدة لا يكفى لدفع حركة الحياة الأسرية، فهو كماء النهر الذي يحتاج لشق المجرى له كي يتدفق ويسقي ويروي ويزرع فنحصد منه السكينة والهناء; نحن نحب بالفطرة، ولكن يلزمنا تعلم توظيف هذا الحب لخلق سعادتنا في الحياة
(أرجو إرسال رسالتي هذه مباشرة فقد يفوته قراءتها إذا نشرت على صفحة مجانين، وشكرا)
رحاب سعده
29/7/2010
رد المستشار
أهلا بك أيتها الفاضلة وشكرا لمشاركتك المسهبة
بداية: هل حل المشاكل في كثرة الكلام أو قلته؟!
بعض الناس يعتقد أن كثرة الكلام تفيد، ولو كان هذا صحيحاً لكانت جلسة 4 أو 5 ساعات مع الأم أو الأخت أو صديق ما أفضل من جلسة مع متخصص نفسي، أو أخذ عشر حبات معا أفيد من حبة واحدة كل يوم.
علمتني الحياة أن حل المشاكل يكون لما تكون الكلمة كبسولة مركّزة تصيب عين المشكلة.
ثم هل تحقق لك الفهم الكامل لمشكلة أخينا صاحب المشكلة وأنت تقرأين المشكلة من طرف واحد فقط دون معرفة رأي الطرف الثاني؟ وبالتالي:
هل يا ترى حلولك التي تفضلت بذكرها ستكون مؤثرة في غياب هذا الفهم الشمولي للمشكلة؟! أو ربما يكون لها تأثير عكسي وخاصة أن الحالة كما ذكرت مهددة بالطلاق.. وهل ما ينطبق عليك أو على زوجك أو أولادك ينطبق بالضرورة عليه وعلى زوجته؟!!!
وذلك لما ذكرت أسلوب التعامل مع الزن: ((وقد جربتها مع أولادي الصغار الزنانين وتوقف إلحاحهم وقتيا))
نعم لقد تعلمت من خلال خبرتي في العيادة النفسية ألا أقدم الحل بسرعة وأتريث، وأن أفهم ثم أفهم ثم أفهم ثم أشرع بالحل.
إن جوهر مشكلة الأخ "فارس" حسب ما قرأت في رسالته ليس في سلة الغسيل أو إلحاح الزوجة أو... هو محب لها وهي محبة له، ويبدو لي أنهما يحتاجا لفهم نفسية الذكر ونفسية الأنثى ثم تعلم فقه العلاقات الزوجية. لأنه من جراء عدم الفهم هذا تراكم على الحب مشاعر سلبية، فالأخ الكريم يحتاج ونحتاج نحن كمستشارين أن نفهم طبيعية شخصيته وشخصية زوجته حتى ندرّبه وندرّبها على التعامل فيما بينهما.
ثم أنا لم أقل أن الحب وحدة يكفى لدفع حركة الحياة الأسرية، قلت ((هو الأساس)) وما دام موجودا فعلينا إزالة ما تراكم عليه.
أما كيف تكون الإزالة فتكون عبر فنيات التعامل مع المشاعر السلبية حاليا ثم تدريبهما على فهم نفسيتهما وشخصيتهما ثانيا تفاديا للمشاكل الزوجية ولتحقيق حياة زوجية مستقرة، وذلك بوجود أخصائي زواجي أو أسري بالمقام الأول لأن العلاقة قد تصل للطلاق المعنوي أو الحقيقي، وبالمقام الثاني قد تفيد القراءة والتعلم عن الحياة الزوجية، وأجد أن كتب د/ جون جراي جيدة لهذا، إضافة إلى كتب أخرى.
وليس مقام الاستشارة الإلكترونية هو شرح ما في هذا الكتاب ما دام متوفر بين يدي الناس، علما أنني ذكرت جوهر الكتاب قبل أن أذكره في رسالتي، وأذكرك به:
((ما دام الحب متوفرا بينكما فاعلم أنه هو الأساس المتين للحياة الأسرية، ولكن هذا الأساس تراكمت عليه الكثير من المشاعر السلبية فاختفى وغار في عمق المشاكل، ويحتاج لجهودكما لكي يعود الحب متدفق يترقرق، واعلم أن الحياة الزوجية مخلوطة من العسر واليسر والصواب والخطأ، والعلاقة الزوجية القوية هي العلاقة القادرة على التعامل مع السلبيات وتجاوز الأخطاء بل والاستفادة منها))، فالكتاب يتحدث عن مهارات لإزالة المشاعر السلبية المعيقة عن تدفق الحب في مجراه. ومن هنا يتبين أني لم أكتف كما ذكرت بإحالة الأخ فارس إلى كتاب فقط.
من جانب آخر، لم لا نقرأ عن أهم المواضيع المؤثرة جوهريا في حياتنا وننتظر من يحكي لنا عنها، وترانا نقضي الساعات الطوال في تعلم طبخة أو مشاهدة فيلم... وترانا لا نطلب الاستشارة الشخصية أو على الأقل الهاتفية، ونلجأ للشرح الكتابي المبتور ونريد الحل الشمولي عبر الرسالة الإلكترونية، وهذا يستحيل تحققه بسبب ضعف التواصل عبر الكتابة.
وأهمس في أذنك: لمَ نقبل أنه لا يستطيع الطبيب غير النفسي أن يقدم الدواء من خلال مشكلة مكتوبة دون المشاهدة والمعاينة المباشرة للمريض إلا أن يرشد إلى بعض الخطوات الأساسية للعلاج وينصح بالتوجه المباشر لأقرب عيادة أو مشفى، ولا نقبل ذلك من الأطباء النفسانيين؟!
بل يتوجب عليهم أن يحلوا المشكلة من الورق عبر الورق...
شكرا لك ولمشاركتك وتعقيبك وأرحب بانتقادك، ولكني أشدد على الأخ "فارس" متابعة جلسات العلاج الزواجي مع التثقف عن الحياة الزوجية وفهم نفسية النساء وزوجته خاصة من خلال الكتب والمحاضرات والدورات.
ودمتم بود