السلام عليكم،
كما أخبرتكم من قبل أنني مررت ببعض التغيرات النفسية خلال فترة المراهقة وتحديداً حينما كان عمري ستة عشر عاماً، ففي أحد أيام شهر رمضان، كنت أشاهد التلفاز وأنا صائم، وكنت أشاهد قناة الجزيرة فإذا بمقدمة الأخبار لا ترتدي الحجاب، فقمت بتغيير القناة إلى القناة المصرية وكانت تبث في تلك اللحظة برنامجاً اسمه "هادي وفادي"، وبالصدفة كان البرنامج يتحدث عن الاكتئاب وكيفية علاجه، وكان يقدم البرنامج أحد الأساتذة من جامعة عين شمس، ولأنني كنت في مرحلة المراهقة فقد ظننت أنهم يتحدثون عن الاكتئاب بطريقة سلبية، وأن على الإنسان أن يفكر دائماً بطريقة سلبية، ورسخت في ذهني هذه الفكرة لأنني لم أفهم البرنامج جيداً، ومنذ ذلك الوقت وأنا أفكر بطريقة سلبية دائماً، يعني أن البرنامج هو الذي سبب لي هذه المشكلة لأنني لو لم أشاهده لكنت إنساناً آخر الآن؟؛
وبعد عام من الصراع الداخلي أصابني الوسواس القهري لأنني كنت مواظباً على الصلاة، فبدأ معي بوساوس في الوضوء ثم وساوس القتل والعقيدة (فكنت أفكر أن الله تعالى غير موجود). وبعد ست سنوات من الصراع الداخلي بين الكلمات السلبية والوسواس جاء الفرج بالصدفة عندما كنت أشاهد قناة smartway فعرفت من خلالها أنني كنت أفكر بطريقة سلبية، وبدأت أتابع برامجها التي تتحدث عن التفكير الإيجابي وكيفية التغلب على التفكير السلبي، وخاصة برنامج طريق النجاح، حتى أصبح دماغي لا يتقبل التفكير السلبي.
وبعد مرور ستة أشهر تقريباً دخلت إلى أحد المواقع التي تتحدث عن الوسواس القهري وكيفية التغلب عليه، فطبقت ما وجدته على ذلك الموقع، وفي ظرف يوم أو يومين أصبح دماغي لا يتقبل وساوس القتل والعقيدة والوضوء، ولكن المشكلة حدثت عندما دخلت إلى موقع بر الأمان لعبد الله السبيعي وكان يتحدث عن الاكتئاب، وقال أنك إذا كنت تعاني من الاكتئاب فعليك أن تقرأ عنه، وإذا فكرت في الانتحار فيجب عليك أن تذهب إلى طبيب نفسي، وعندما ستقرأ عن الاكتئاب ستجد كلمة "انتحار" كلمة تافهة، وقال أنه استخدم تعبير "كلمة" ولم يسمها "فكرة" لأنك إذا اعتبرتها فكرة فقد أعطيتها قيمة أكبر من حجمها والله أعلم.
وأنا لم أفكر في الانتحار إلا مرة واحدة عام 2000 وأخبرت ابن عمي عن ذلك فلم يهتم بالأمر ووجدت أن الفكرة تافهة فرميتها من عقلي، وبعد أخذ وردّ، ومرور ستة أشهر على قراءتي لهذا الموضوع ذهبت إلى طبيب نفسي، وكنت أظن أنه سيشجعني على إنجازاتي التي قلتها سابقاً، غير أنه لم يهتم بها ووصف لي دواءاً لم أحبه لأنه لمرضى الوسواس القهري وأنا كنت قد تجاوزت الوسواس، وكنت فقط بحاجة لبعض الدعم ودواءٍ خفيف لاكتئاب متوسط، وفي نفس الوقت ذهبت إلى معالج نفسي، وتصوروا معي أنني قلت له: "لقد طبقت كذا وكذا" فلم يهتم بكلامي، فيقول انهض نصف ساعة مرة فأفدني ببعض كلمات كنت شاهدتها في المواقع؟
وكنت قد تحدثت معه عن كلمة "انتحار" لأرى خبرته مع أنني -والحمد لله- لا أتقبلها، فقال لي سوف أعطيك تمريناً منزلياً وهو أن تكتب كلمة "انتحار" ألف مرة يومياً عندما تنهض في الصباح، وقد كنت أكتبها مئة مرة فقط، وبعد أسبوع قال لي "جيد ها قد هزمتها" رغم أنه لو قال لي أزلها من عقلك لأزلتها وانتهى الأمر بدون كتابة، ثم ذهبت إلى طبيب نفسي، وقلت له أنني بحاجة لدواء اكتئاب، لكنني جربت الدواء ولم يفدني فتركته بعد مدة ، وركزت على التفكير الإيجابي والكتب، ودخلت إلى نفس الموقع بر الأمان مرة أخرى فوجدت أن تلك الكلمة التي بسببها ذهبت إلى الطبيب النفسي قد حذفت من الموقع، وإذا دخلتم إلى الموقع فستجدون اكتئاب 2007 وغير موجودة 2009.
وأنا والحمد لله بخير، ولكن عندي بعض الأسئلة المهمة بالنسبة لي الآن وهي:
لماذا عندما سمعت عن شخص وقع في الحب قالت لي نفسي يجب أن تقع في الحب السلبي وإن لم أكن على علاقة بأية فتاة؟
ولماذا عندما قرأت عن شخص غير راضٍ عن لونه وذاته قالت لي نفسي يجب ألا ترضى عن ذاتك ولونك تجاوزتها وسيم؟
ولماذا حينما سمعت عن الاكتئاب المزمن والحاد والاضطراب ثنائي القطب أرادت نفسي أن توقعني فيهم؟ ولكنني تجاوزتهم بعد مدة، ولماذا حينما سمعت عن العلاج بالصدمات الكهربائية، قالت لي نفسي يجب أن تستخدم هذا العلاج ثم قالت لي نفسي والطبيب أنني لست بحاجة إليها فتجاوزتها، ولماذا عندما أسمع مشاكل الناس، تريد نفسي أن توقعني في هذه المشاكل؟ ولكنني أتجاوزها بفضل التفكير الإيجابي وعدم المبالاة
وشكراً.
11/06/2010
رد المستشار
الأخ الكريم؛
وعليكم السلام أما بعد، طويلة تلكم المسافة التي قطعتها من برنامج تلفزيوني إلى برنامج تلفزيوني آخر، ومن عيادة لأخرى ثم لا زلت تعود لفكرة التفكير الإيجابي والسلبي.
أجد أنك لا زلت لم تتعرف بعد على العنوان العريض لمشكلتك والتي يجمع تحتها كل مشاكلك كعنقود أو عقد. سأتناول تساؤلك الحالي ومنه يأتي العنوان العريض المقترح لمشكلتك:
((لماذا عندما سمعت عن شخص وقع في الحب قالت لي نفسي يجب أن تقع في الحب السلبي وإن لم أكن على علاقة بأية فتاة؟ ولماذا عندما قرأت عن شخص غير راضٍ عن لونه وذاته قالت لي نفسي يجب ألا ترضى عن ذاتك ولونك تجاوزتها وسيم؟ ولماذا حينما سمعت عن الاكتئاب المزمن والحاد والاضطراب ثنائي القطب أرادت نفسي أن توقعني فيهم؟ ولكنني تجاوزتهم بعد مدة، ولماذا حينما سمعت عن العلاج بالصدمات الكهربائية، قالت لي نفسي يجب أن تستخدم هذا العلاج ثم قالت لي نفسي والطبيب أنني لست بحاجة إليها فتجاوزتها، ولماذا عندما أسمع مشاكل الناس، تريد نفسي أن توقعني في هذه المشاكل ولكنني أتجاوزها بفضل التفكير الإيجابي وعدم المبالاة؟))
والجواب: أرى أن مشكلتك تعود لطبيعة شخصيتك، فأنت تملك سمات الشخصية الحساسة وهو العنوان العريض لمشكلتك على الأرجح. وأنا أشبه هذه الشخصية بالإسفنجة، وهي شخصية تمتص أحداث الحياة كلها سلبها وإيجابها. وهي شخصية غير قادرة على التكيف والتأقلم مع الحوادث حتى السارة منها بسبب حساسيتها وسهولة التأثير فيها.
والأصل في الشخصية أن تكون كالزجاج تدخل النور والدفء إلى الداخل وتعكس الغبار والأوساخ ، تملك مهارات التعامل مع ضغوطات الحياة.
وهذا هو السبب والجواب لسؤالك، ألا وهو الامتصاص لأي فكرة تسمعها أو مرض تقرأ عنه أو طريقة علاجية تشاهدها ،و ذلك ليس إلا طبيعة شخصيتك.
عزيزي تحتاج لأن تقوّي شخصيتك وتجعلها زجاجية، وتغير طريقتك في التفكير، وسيعينك على ذلك معالج سلوكي متمرس.
ورغم أن التفكير الإيجابي مهم، ولكن السلوكيات الإيجابية هي الأسهل والأكثر نفعاً، وأنت تحتاج للتدرب على مثل تلك السلوكيات، التي لها تأثير كبير على تعديل التفكير السلبي.
وإليك بعض الكتب النافعة:
العقل فوق العاطفة . ترجمة: د/ مأمون مبيض
ما تشعر به يمكن علاجه. تأليف: د/ جون جراي
اضطرب الوسواس أم الشخصية القهرية
تهرب من الوسواس إلى الوسواس
في نفسي مستودع متنقل للأمراض النفسية
مع أطيب أمنياتي