أخي الصغير يخاف الناس جداً ومتعلق بي..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أنا أكتب عن مشكلة أخي الصغير عمره 8 سنوات تقريبا منذ كان صغيرا وهو يخاف الناس جدا وكان يبكي بشدة عند رؤية أحد غريب ويرفض التحدث إليه والتعامل معه ويصل الأمر أحيانا إلى عدم التواجد في مكان به شخص غريب ولكن عندما يعتاد وجود الشخص يتعامل معه طبيعيا تماما ويلهو ويضحك معه بشكل طبيعي ولكن إذا غاب هذا الشخص عن زيارتنا فترة ينساه أخي ويعود كما كان في البداية..!
تخف حدة المشكلة بمرور الوقت فالآن من الممكن أن يسلم على أحد جديد ويجيب على أسئلته لكن أشعر بعدم راحته في التواجد معه وبدأت تظهر مشكلات أخرى من صغره وهو يرفض التواجد لوحده في مكان ليس به أمي أو أنا (كان متعلقا بي كثيرا) وحينما جاء وقت ذهابه للمدرسة كان يبكي بكاء حارقا ويجلس مكتئبا طول النهار لا يلعب ولا يمرح إنما يجلس حزينا فقط وعند وقت الذهاب إلى المدرسة يصفر وجهه وتؤلمه بطنه كان يستيقظ من النوم مفزوعا ويستمر هذا لديه شهر أو أكتر في بداية الدراسة ويتكرر عند الذهاب إلى المدرسة بعد الإجازات تكرر هذا في الصفوف من ال kg 1 إلى الصف الثاني الابتدائي الآن هو في الصف الثالث لم يبكِ عند ذهابه للمدرسة هذه السنة لأنه اعتاد عليها فهذه ثالث سنة له بها ولكنه يكره ويتضايق من تغيير باص المدرسة ولكن لا يصل إلى الحالة السابقة..
لقد رويت لك هذا لأعطيك فكرة عن شخصية أخي المشكلة الأساسية الآن أنه يخاف من النوم وحيدا ويخاف أن ينام فيموت ويخاف أن يموت أحد مننا (برغم عدم وجود أي صدمات أو موت لأي أقارب لنا في العائلة أو أحد هو يعرفه) حاولنا أن نقنعه بأنه لا داعي للخوف ولكن بلا فائدة هو يعرف أنه من الممكن لأي إنسان أن يموت في أي لحظة حاولنا تحبيبه في الموت وقلنا له إنه هناك في الجنة ألعابا وأماكن جميلة ولكنه كان يبكي ويقول أنه لا يريد تركنا.
هم يعيشون الآن في الإمارات ومن 5 سنوات سافرت إلى مصر للدراسة بالجامعة وأسافر لهم في الإجازات في آخر إجازة ذهبت فيها إليهم لم يرد النوم في ليلة وصولي كان يخاف أن يموت فلا يراني يخاف من أشياء كثيرة بسهولة إذا سمع عن لصوص لو حتى بالتلفاز يخاف من اللصوص يخاف من أن تنقطع يده لأنه سمع عن شخص قطعت يده بالتلفاز تزداد مخاوفه ليلا ويبكي كثيرا ويظهر عليه الخوف فعلا (ليس مجرد دلع أطفال) لا أعرف كيف أخلصه من مخاوفه كما أنه حساس جدا جدا وأشعر أنه يفكر مثلي ويشبهني في تصرفاتي كثيرا وأنا أتعالج الآن من اضطراب وجداني خفيف مع وساوس (أصبت به بسبب عيوب في شخصيتي مثل القلق والحساسية المفرطة التي تؤثر على علاقاتي مع الناس) أخاف أن يصبح مثلي هل من الممكن أنه يصاب به لمجرد أنه يشبهني في تصرفاتي وسلوكي أم أنه لا علاقة للمرض بهذا..؟
أنتظر الرد الشافي
شكرا لك سيدي..
10/11/2011
رد المستشار
الخوف: حالة وجدانية شعورية يصاحبها انفعال نفسي وبدني تنتاب الطفل عندما يشعر بالخطر ويكون مصدر هذا الخطر داخليا من نفس الطفل، أو خارجيا من البيئة، ومعظم أنواع المخاوف مكتسبة ومتعلمة، عندما يستمر الخوف غير المنطقي يصبح خوفا مرضيا phobia وهذا يتضمن المخاوف الشائعة لدى الأطفال، الخوف من الظلام والجراح والأصوات العالية والمرض والوحوش والحيوانات والغرباء والمواقف غير المألوفة..!
وهناك أسباب عديدة للخوف: فقد يلجأ البعض إلى إثارة الضحك على الطفل أثناء خوفه، وأحيانا يتخذ إخوة الطفل من بعض التصرفات التي تخيف أخاهم وسيلة للاستمتاع أو التندر أمام الأطفال الآخرين..
كما أن هناك بعض الكبار الذين يقومون بتخويف الأطفال الصغار وذلك لجعلهم يسمعون الكلام، فمثلا يقال له: سوف نضعك في غرفة الفئران، أو التخويف من الطبيب والحقن وما إلى ذلك، مما يترك في نفسية الطفل أثرًا سلبيًا خطيرًا.
والسبب الأهم من وجهة نظري والذي يؤدي إلى تأصل خوف الطفل بشكل كبير، هو: خوف الكبار- الوالدين أو الأخوة الأكبر- أمام الطفل الصغير، مما يؤدي إلى شعور الطفل بعدم الأمان والخوف بالتبعية، فالطفل الذي شاهد والدته خائفة وهي راكبة قطارا يمر فوق جسر أسفله نهر استمر يخاف ركوب القطارات عموما.
ومن الأسباب المهمة أيضًا، اضطراب الجو العائلي، حيث أن التوتر والخلافات المستمرة بين الوالدين يترك لدى الطفل شعور كبير بعدم الأمان والخوف والقلق الدائمين.
ولمعالجة هذا الخوف عند الطفل هناك العديد من الطرق والوسائل، منها:
1- ملاحظة النماذج:
تعد هذه الطريقة طريقة طبيعية لتقليل الحساسية، فالطفل يتعلم من خلال الملاحظة كيف يتعامل الأفراد غير الخائفين مع المواقف، والطفل الذي يلاحظ ذلك يبدأ بشكل تدريجي بالتعامل دون خوف مع المواقف تزداد درجة الإخافة فيها شيئا فشيئا، إن الملاحظة تقنع الأطفال أن ما يخافونه هو في الواقع لا خطورة منه.
2- كما أن مكافأة الطفل من الأساليب التي تعد ناجحة على مدى واسع حيث يمكن تحديد سبب المخاوف وزمانها ومكانها تحديداً دقيقاً، ومكافأة الطفل إذا استطاع أن يتحمل مقداراً صغيراً جداً من تلك المواقف، فكثير من الأطفال يستمتعون باكتساب المكافآت عن طريق إظهار مدى شجاعتهم، فإذا قال الطفل مرحباً مثلاً لشخص غريب يحصل على خمس نقاط، وإذا أجاب على الهاتف يحصل على 10 نقاط، وبالتحدث مع أشخاص مختلفين يجمع الطفل تدريجياً عدداً من النقاط التي تستخدم للحصول على امتيازات أو ألعاب..!
3- التخيل الإيجابي:
حيث يطلب من الطفل أن يقوم بتخيل شخص يحبه أو مثل أعلى أنه معه في المواقف التي يخاف منها وكيف سيقوم هذا الشخص بمساعدته على التغلب على هذه المواقف والتصرف بشكل سليم، بذلك لن تكون مخيفة بعد ذلك كما كان يعتقد الطفل.
كما من الممكن أن يطلب من الطفل أنه وأثناء تخيله لموقف محبب له تعرض لموقف من المواقف السلبية أو المثيرة للخوف لديه وذلك لكي يتم ربط الموقف المسبب للقلق والخوف بموقف فيه استرخاء وراحة لتقليل درجة القلق التي تعتري الطفل أثناء هذه المواقف مما يقلل بالتبعية درجة الخوف المرتبطة بالموقف.
4- الاسترخاء (Relaxation):
يعد الاسترخاء العضلي مفيداً جداً للأطفال والمراهقين المتوترين جسمياً، فإرخاء العضلات يعارض ظهور الشعور بالخوف، وكما هو الأمر في حالة التحدث مع الذات الموصوفة سابقاً، فإن الاسترخاء يعطي الأطفال تركيزاً إيجابياً، فالخوف من الظلام مثلاً يمكن أن يضاد بتعلم الاسترخاء التام، ويكون ذلك مفيداً بشكل خاص إذا كرر الطفل التدريب على الاسترخاء في سريره الخاص، حيث يكون بوسعه أن يسترخي لمجرد الإشارة لكلمة بسيطة مثل "استرخ".
وبعض الأطفال يمكن أن يتدربوا على الاسترخاء بفاعلية أثناء حمام دافئ، حيث يعطيهم ذلك تمريناً جيداً، ثم يمكنهم أن يستخدموا مخيلتهم لاستعادة شعور الاسترخاء الدافئ، وبذلك تصبح لديهم طريقة للتغلب على الخوف عندما يذهبون للنوم، فهم يرخون عضلاتهم ويتخيلون أنفسهم في حمام دافئ.
والأهم من ذلك كله هو تدعيم الطفل نفسيًا والاهتمام بما يعانيه والاستماع له إذا رغب بالتحدث عما يخيفه وعدم الاستخفاف بما يشعر، وطمأنة الطفل وإحاطته بالحنان. اجعليه يعتمد على نفسه، نمي شخصيته وإياك والمبالغة في الخوف على الطفل؛ لأن ذلك سوف يشعره بالخوف والإحساس بعدم الأمان، وتذكري أن الطفل مرآة لمشاعر المحيطين به، فإذا كان المحيطين به يشعرون بالقلق والخوف وعدم الاطمئنان فإن ذلك سوف يؤدي إلى شعور الطفل بعدم الأمان والقلق والخوف، أو سيزيد من مشاعر الخوف التي تعتريه..
وأرجو لك ولأخيك بدوام الصحة والعافية..