عاجل إلى الدكتورة رفيف الصباغ
أرجووووكم/ السلام عليكم ورحمة الله تعالى؛ أعتقد أن الوسواس بلغ مني مبلغا لا أستطيع أن أتخيل ما هو أمر وأمكر من هذا التفكير الذي جعلني وسطا بين أفكار مختلطة وأرجوكم أن تساعدوني.
أنا مصاب بالوسواس القهري منذ زمن والآن جاءني في العقيدة وأثناء حديث مع نفسي مع أحد النصارى (أتخيل الحوار فقط) أناقشه في ما جاء في كتابهم حول نشيد الإنشاد وأنه يحتوي عبارات مخلة بالحياء وكأنني قلت له "هل تعتقد فعلا أنه كلام الله إذن ربك - أستغفر الله- وكان تنقيصا" وجاء في ذهني أنه أيضاً يعتقد بوجود الله ولكنه ينسب إليه نقائص وبما أنني قلت هذا الكلام فإنني والعياذ بالله سببت الله والعياذ بالله بحكم أنه (النصراني) يعتقد -تعالى الله- أن نشيد الإنشاد كلام الله والعياذ بالله
وهناك أمر آخر وهو حول إهانة رموز الكفار فتأتيني فكرة عندما أدخل الحمام وأريد قضاء حاجتي تأتيني الفكرة أن أقوم بما يفعله النصارى وأقع في حيرة من أمري الأمر الأول (الفكرة الأولى) هو أن تعظيم شعار الكفر كفر (أي بما أنك امتنعت عن تدنيس شعار الكفر فأنت راض به والعياذ بالله) الأمر الثاني (الفكرة الثانية) إذا تجاهلت الفكرة وقررت الاستمرار في قضاء حاجتي ولم ألتفت للفكرة أحس بالخوف والقلق.
مع العلم أنني لا دخل لي بالصليب وأنا كمسلم لا أعظمه وأعتقد أنه افتراء من النصارى على سيدنا عيسى عليه السلام ولكن القلق والخوف غير مبرر وأدخل المواقع وأرسل الفتاوى "حكم إهانة الكفر" وأدور في دوامة لا نهاية لها الأفكار أصبحت لا تتوقف وأنا في دوامة الأفكار والتي أجدها جنونية فكيف تأمرني الوساوس بتدنيس ما لا أهتم به ولا أعتقده (الصليب) وفي نفس الوقت تؤنبني نفسي إن لم أستجب للفكرة ولم أقاومها
لا أعرف ما العمل وشكرًا
وادعوا لي بالشفاء.
24/01/2013
رد المستشار
الأخ الفاضل "محمد"، أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، أعتذر بداية لعدم تمكن أ. رفيف الصباغ من الرد عليك نظرا لظروف سورية المعروفة الآن، نسأل الله أن يرفع عن الشام البلاء، الوساوس وساوس يا محمد بغض النظر عن محتواها.... بمعنى أنها أفكار تافهة أو مرفوضة أو تتسم بالمبالغة أو فرط التطرف وتجد فيها ربطا لا منطقيا وقوة خرافية تعطى للأفكار وهي بالطبع ليست إلا أفكار لا قوة لها إلا من خلال عمل البشر أي أنه أيا كانت الفكرة فإنها مجرد مفهوم أو معنى أو علاقة بين أكثر من شيء أو شخص.... إلخ لكنها تبقى بلا حول ولا قوة حتى يفعلها صاحبها...... ودينك يا ولدي يحاسب على الأفعال.
أنت تحاسب على نواياك أنت ومفاهيمك أنت ولا علاقة لك بما يعتقده وما وقعت في شراكه هو ربط الموسوسين الذي لا معنى له كما يظهر من قولك (وجاء في ذهني أنه أيضاً يعتقد بوجود الله ولكنه ينسب إليه نقائص وبما أنني قلت هذا الكلام فإنني -والعياذ بالله- سببت الله -والعياذ بالله- بحكم أنه (النصراني) يعتقد -تعالى الله- أن نشيد الإنشاد كلام الله -والعياذ بالله-)..... أنت تحاسب على نيتك أنت ولا علاقة لك بنية من تحادث..... وأترك ما بقي من الرد عليك لأحدث مستشارينا على مجانين... د. أشرف عبد الله.
السلام عليكم ورحمة الله؛
أشكر أ.د وائل على اهتمامه بمساعدة من يلم بهم الوسواس القهرى. وأشكر محمد لطلبه المعاونة النفسية لما ألم به من أعراض وسواسية تؤرقه وتضيع كثيرا من طاقته. ومن ملاحظاتي في كثير من حالات الوسواس القهري الديني والعقائدي تكون أحد روافده ودعائمه القوية هي الخوف الشديد والقلق من ارتكاب خطأ حتى ولو كان غير مقصود أو محاسب عليه الإنسان لعدم تعمده. فالرعب والفزع من الخطأ يدخل الإنسان في أفكار وسواسية لا نهاية لها وأفعالٍ قهرية تهدر كثيرا من طاقته. ولعل الخطأ هو قانون بشري لو نظرنا إليه بطريقة إيجابية لوجدناه أحد أسس التعلم والإصلاح (trial and error)؛
لأن التجربة والخطأ وتصحيح الخطأ هو منظومة وقانون بشري وتقدم الإنسان بإصلاح الخطأ وليس الاستسلام وإصدار أحكام يائسة وجلد الذات على الخطأ. ينطبق هذا على الإنسانية منذ خلق آدم إلى آخر آدمي. وعلاج خطأ آدم كان بالإصلاح وكان الإصلاح توبته وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي، وقول الله تعالى "إن الحسنات يذهبن السيئات" وقوله تعالى "لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا".
الهدف من كل هذه الآيات والأحاديث هو عدم الرعب والخوف الشديد واليأس أو القنوط إذا وقع الإنسان في خطأ ولكن هو اتخاذ موقف إيجابي وإصلاح الخطأ والعبرة بالخواتيم فإذا انتهى الخطأ بإصلاحه صارت صورة الإنسان الذهنية صورة جيدة إصلاحية وبهذا يحافظ الله عن طريق شرعه على صورة الإنسان وعدم الحكم عليه إلا من قبل الله بعد موته لعلمه بأهمية الصورة الذهنية الجيدة للإنسان عن نفسه. والإنسان الذي عنده وسواس غالبا ما تكون صورته الذهنية عن ذاته سيئة ويرى أن أي خطأ معناه أنه ليس بالإنسان الجيد وأنه سيء ويتبع هذه الصورة وسواس لا نهاية لها أو أفعال قهرية ويصاب بالحيرة الشديدة وتترسخ عنده لسرعته في إصدار الأحكام على نفسه وجلده لذاته لعدم تحقيق الكمال في الامتناع عن أي خطأ إلى تمكن الوسواس منه.
ولقد رأيت كثيرين من مرضى الوسواس تحسنوا بدرجة كبيرة عندما تغير مفهومهم للخطأ وأنه قانون على الانسان وأنه وسيلة للإصلاح والتقدم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم تذنبوا لخلق الله قوما يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم". وفي كثير من الحضارات الإنسانية والثقافات تراهم يجسدون فلسفة الخطأ والإصلاح وعدم الخوف من الخطأ فترى مثلا صانعو السجاد العجمي يعملون خطأ متعمدا بالسجادة .لماذا ليوصلوا رسالة أن الخطأ قانون بشري وأن الكمال لله وحده.
ولقد دلنا القرآن والرسول إلى وسائل لإصلاح الخطأ منها:
1- الاستغفار
2- التسبيح
3- التوبة
4- إصلاح الخطأ
5- عمل الصالحات.... إلخ
والهدف من كل ذلك إبقاء صورة ذهنية جميلة عن نفسه تكون دافعا لعمل الصالحات.
انظروا كيف رسخ رسول الله ذلك في تعامله مع من حاربه وعاداه مثال خالد بن الوليد عندما أسلم أعطاه صورة ذهنية جميلة عن نفسه وسماه سيف الله المسلول, أترى لو كان لامه وعاتبه ووبخه على محاربته للرسول في غزوة أحد هل كان سيجعل خالد بن الوليد عنده من الدافعية لفتح فارس والروم.
نرجع إلى حالة "محمد":
1- مساعدته وتدريبه على استحضار صورة ذهنية جيدة عن نفسه
2- فهمه لقانون الخطأ وعدم الرعب منه ولكن ربط الخطأ بالإصلاح
3- كل سؤال يهاجمه في العقيدة أو الدين حتى وإن بدا غريبا تافها فله إجابة هادئة بدون خوف. ولكن هناك أولويات للإنسان ولوقته ولو فتح باب التساؤل إلى ما لا نهايه فلن يستطيع القيام بشئون حياته فعليه بالهدوء وتنظيم الفكر والتدرب على التوقف عن الاسترسال في الوساوس اللانهائية وهناك طرق تحتاج لتفصيل أكثر من ذلك، وللحديث بقية.
التعليق: السلام عليكم دكتور وائل والدكتور أشرف جزاكما الله خيرا على الرد على مشكلتي ولكني مع احترامي لشخصيكما لم أستفد من الرد ربما يعود ذلك لطبعي الموسوس ولذلك طلبت أن يكون الرد من فقيه متدرب على الطب النفسي لأنه سيفهمني ويعطيني. نصائح أخرج بها مما ألم بي من وسواس فقد أصبحت مضطرب الفكر
مع العلم أني آخذ العلاج الدوائي وهو عبارة عن سيرترالين 50 مغ ثلاث مرات يوميا ورزبيدون 1 مغ ليلا
وعذرا على التعقيب وأرجو منكم صدرا رحبا وصبرا على موسوس مثلي