ضاعت فلاشتي منذ حوالي الشهر، والمرء حين تضيع فلاشته يضطر للبحث في أجهزته وفلاشاته القديمة ليسترجع آخر نسخ ممكنة مما يمكن استرجاعه وأثناء البحث عثرت على ملف اسمه موقع مجانين والعلاج بالتواصل النصي ففتحته فإذا هو حوار بيني وبين واحد من الصحفيين للأسف لا أذكره.... فرأيت نشر الحوار على مجانين.
1- فكرة موقع مجانين كانت إيه هدفها؟
كما هو موضح في صدر الموقع منذ أغسطس 2003: (الهدف الأساسي لهذا الموقع: التواصل بيننا كأطباء نفسانيين ومهتمين بالصحةِ النفسية والاجتماعية، -على اختلاف خلفياتنا التعليمية، ووحدة خلفيتنا الثقافية المؤمنة بالله-، ثم تواصلنا جميعًا مع جذورنا الثقافية والفكرية، كي نحسن التعامل مع الناس في مجتمعنا. ولا بدَّ لنا من أن نواجِهَ الكثير من الأفكار المغلوطة، لا أن ندير لها ظهورنا مستريحين إلى اتهام ثقافتنا كلها بالتخلف. وبهذا نستطيع تقديم ما ينفع العالمين، عقلاءَ ومجانين، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لذلك ويعيننا عليه. وصدق ربنا إذ يقول: ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)) [الرعد:17])
هذا الكلام قلناه سنة 2003 كانت الصفحات العربية عن الصحة النفسية المجتمعية قليلة على الإنترنت حين بدأنا لم يسبقنا من مصر إلا موقع أبو العزائم وموقع نفساني وصفحة مشاكل وحلول للشباب... لم تكن الإنترنت متاحة عشر ما هي متاحة الآن في مصر ... وفي أغلب العالم العربي باستثناء دول الخليج ... ولم يكن أغلب المستشارين يردون إلكترونيا ... كانوا يكتبون على الورق ... وبعضهم ما يزال ... والحقيقة أن تقديم العلاج النفساني من جانبنا كان يستهدف المجتمع أكثر مما يستهدف الفرد ... بل قولي كنا نغير الأفكار ونبصر القراء فيقصدون أقرب مراكز تقديم الدعم أو الخدمة الطبنفسية... ومنذ معتمدا على مجموعة من المستشارين العرب المتطوعين يحاول الموقع الوصول إلى أهدافه من خلال تقديم الاستشارات النفسية المجانية لكل الناطقين بالعربية على مستوى العالم ومن خلال ما يكتب من مقالات عن الأمراض والاضطرابات النفسية وكذلك الأمور التربوية والاجتماعية...إلخ.
2- ايه الآلية أو الطريقة اللي بيتم بيها العلاج الأونلاين، مراحل العلاج؟
بالنسبة لموقع مجانين ما تزال طريقة العلاج مبنية على النص المكتوب وأحيانا الصور ... بمعنى أن المريض يكتب والمستشار يرد دون اشتراط التزامن بينهما... هذه أولى أساليب العلاج عبر الإنترنت وما تزال تتمتع بأنها الأكثر فائدة للمجتمع العربي... موقع مجانين أحد أوائل المواقع النفسية العربية (إن لم يكن الأول) التي اهتمت بعرض وتبسيط وفي نفس الوقت تأصيل وتطوير مفاهيم الصحة العقلية (النفسية) وهي مفاهيم غابت عن ثقافتنا العربية لعصور... واستوردناها بعد ذلك من الغرب ... ولم يكن رد فعل المجتمعات العربية للمفاهيم المستوردة إلا التوجس ... الحمد لله تغير ذلك الآن لكننا ما نزال نحتاج إلى الكثير ... الشاهد أن قراءة استشارات مجانين وإجابات المستشارين عليها على مدى ما يقارب الـ20 سنة يبين للقارئ هذا التفاعل والتغير والمثمر بثراء... فضلا عن أن كثيرين من المرضى يتابعون على مدى شهور يرسلون أسئلتهم ويطبقون النصائح أو البرامج ثم يتابعون ... هذا علاج معرفي اسمه إعادة الهيكلة المعرفية يحصل عليه كل من صاحب الاستشارة وما شاء الله ممن يقرؤها دون أي تواصل مع الموقع عدا التصفح والقراءة... أي علاج بالتصفح ! وواقعيا فقد دخلت بصمة الموقع عيادات الزملاء ... هذا ظل يحكيه لنا الزملاء من أطباء النفس في العالم العربي منذ 2004 وحتى اليوم لمن يلتقيني لأول مرة يحكي عن مريض قال له قرأت في موقع مجانين كذا .. وبعضهم كان يعطيه للباحثين والدارسين باللغة العربية لعلوم النفس... وهو في كل هذا يعتمد رسالة تثقيفية معرفية أهمها تبسيط مفاهيم التعامل مع الصحة العقلية المجتمعية... ولم يكن الهدف تقديم العلاج الكامل وإنما فقط الإرشاد إليه والتنوير بشأنه باللغة العربية.
التطورات الأخيرة التي أصبحت تسمح بالتواصل المتزامن بالصوت والصورة ما تزال قيد التطوير ولا نتوقع أنها ستكون مجانية, دعواتكم.
3- هل العلاج النفسي الأونلاين بيحقق نفس نتائج العلاج بالعيادة؟
المسألة تعتمد حقيقة على متغيرات كثيرة ولكن إذا توفر المريض المثقف الخبير بالتواصل عبر الإنترنت مع المعالج المتمرس على العلاج عبر الإنترنت فإن العلاج في بعض الاضطرابات (وليس كلها) يعطي نتائج تقارب النتائج في العيادة.
4- هل العلاج النفسي الأونلاين بيمثل مصدر ضغط على حضرتك مقارنة بالعلاج في العيادة؟
إطلاقا المسألة فقط تتطلب تنظيم الوقت، والحقيقة أن هذه التقنية أفادت كثيرا في متابعة المرضى في محافظات الصعيد أو البحر الأحمر أو سيناء ... ولكن أغلبهم يحضر للعيادة على الأقل مرة أو مرتين... ثم نتابع العلاج النفسي أونلاين.
5- كيف تغلبت على أزمة ثقة المريض في العلاج النفسي الأونلاين؟
واقعيا لم تكن أزمة ثقة من جانب المرضى بقدر ما كانت من جانبي أنا شخصيا ... بمعنى أنني لم أثق في العلاج بالتليفون ولا أتواصل مع مرضاي الحقيقيين عبر الإنترنت إلا قليلا ... لكنني مع الكورونا فقط تأقلمت وبدأت أقتنع وقد ارتبط ذلك بالنسبة لي غالبا مع تطور التواصل بالفيديو عبر زووم وغيره من برامج التواصل.
6- ما الفرق بين العلاج النفسي الأونلاين، والعلاج في العيادة؟
لابد هناك فرق في الواقع بين مريض تراه كله ويراك كلك وتتواصلان كما يتواصل الناس عادة ... وبين أن أرى منك فقط ما تريدني أنا أرى !! ربما تتطور في المستقبل القريب -ولعلها موجودة- طرق تواصل إليكتروني تزيد من إمكانية الرؤية المتبادلة الأوضح لكنها تبقى أكثر عرضة للخداع... بالرغم من ذلك هناك دراسات تشير إلى نجاح العلاج النفساني عبر الإنترنت بمستويات تقارب المعتاد.
7- كيف تهيأ المريض نفسيا في العلاج الأونلاين؟
نحن لا نمارس العلاج أونلاين بين مستشاري مجانين ومستشيريهم حتى الآن ... أيضًا لأن الموقع مجاني ما يزال ... منذ بداية فترة الكورونا وظهور التطورات التي لحقت بها سريعا في التواصل اضطر أغلب مستشارينا للتعامل مع المرضى أونلاين كل في عمله الخاص وفي بلده أو مكان إقامته ... وهذا فتح الباب لإمكانية دخول مجانين هذا العالم ... أقصد عالم العلاج الأونلاين.
8- هل يتمتع العلاج النفسي الأونلاين بالخصوصية؟
بالتأكيد يتمتع بشرط إحكام السرية في وسيلة التواصل والمعلومات المنقولة عبرها... هذا أمارسه في عملي الخاص كطبيب نفساني ... لكن لا يمارسه حاليا موقع مجانين.
9- هل كل الحالات يمكن علاجها اونلاين؟ ومتى يتطلب الحضور بالعيادة؟
لا بكل تأكيد هذا غير ممكن إلا إذا كان هناك من على مسؤوليته يصف الحالة من طرف المريض ... والذي عادة ما يحكي ما لا يشترط أن تراه وعليك كمعالج أونلاين أن تصدقه وتبني عليه التشخيص وتصف العقاقير!! وهي في رأيي مغامرة غير محسوبة إلا بحذر شديد ولظروف استثنائية.
واقرأ أيضًا:
قشرة المخ قبل الجبهية Prefrontal Cortex ق.ج1 / التواكب المرضي بين الوسواس القهري والاكتئاب2