الجنس الثالث.. بين حقوق الإنسان والضغط الاجتماعي
يعد الالتباس النوعي أو الجنسي إحدى الحالات الطبية الفريدة والنادرة من نوعها والتي يولد بها مولود لا هو بالذكر ولا هو بالأنثى، ولكنه يحمل الأعضاء التناسلية للذكر والأنثى معا
وهذه الحالات النادرة كان يقف الطب أمامها في الماضي في حيرة، ومع التقدم والتدخل الجراحي والعلاجي استطاع الطب حسم هذا الأمر وإزالة الالتباس للحالات النادرة والتي كان يتم الكشف عنها بالمصادفة أصبحت الآن في تزايد مستمر وتؤرق مضجع الكثير من الأسر.
وتعتبر الأجهزة التناسلية الخارجية من أكثر وسائل تحديد الجنس بالنسبة للعامة. وكذلك أكثر المؤشرات بالنسبة للأطباء، والتي تثير الشك لدى الأطباء في حالة عدم وضوح الذكورة أو الأنوثة، وتسمى حالة الخلل هذه بالجهاز التناسلي الغامض (وفيها يكون الجهاز التناسلي وسطاً بين الرجولة والأنوثة) وتستوجب إجراء فحوصات كاملة للوصول إلى جنس المولود الصحيح.
الجنس الثالث (الخنثى)
تعريفه: الخنثى شخص اشتبه في أمره ولم يُدرَ أذكر هو أم أنثى، إما لأن له ذكرًا وفرجًا معًا أو لأنه ليس له شيء منهما أصلاً. أو قد يقال في تعريفه هو من له آلة ذكر وآلة أنثى، أو كان لا يشه أحدهما أي لا له آلة ذكر ولا آلة أنثى، وليس فيه علامة مميزة، بحيث نأخذه ونضعه على هذا الجانب أو ذاك. وفي تعريف آخر: الخنثى هو من له ذكر الرجال وفرج النساء، وهو ليس خلقا ثالثا مختلفا عنا، فليس إلا ذكرا أو أنثى، لكن خَفِيَتْ علينا علامَتُهُ فأشكل، وهو نوعان، أولهما الواضح، وهو مَن كانت إحدى العلامتين فيه أظهر من الأخرى، فإن ظهرت فيه علامات الرجال حَكَمْنا بأنه ذكر، وإن ظهرت فيه علامات النساء حَكَمْنا بأنه أنثى، والنوع الثاني هو المشكل، أي الذي استَوَتْ فيه العلامات، بحيث يصعب تغليب إحدى العلامتين، فأصبح مشكلاً.
قد يتبادر إلى ذهن البعض ونحن نتحدث عن الجنس الثالث فكأننا تتحدث عن فضيحة اجتماعية أو جنسية، إذ التبس مفهوم الجنس الثالث فاختلط بمفاهيم الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية، ونسي من ينظر هذه النظرة القاصرة للجنس الثالث أنه واقع إنساني واجتماعي لا يمكن تجاهله، والمصاب بهذا المرض لم يختر ما هو فيه أي لم يختر هويته الجنسية القلقة التي هو عليها.
الاهتمام الفقهي
إن هذا الموضوع موجود منذ قديم الزمان وأشار له الفقهاء تحديدا في كثير من رسائلهم العملية، وسموه (الخنثى) أي النوع الاجتماعي الذي يقع بين الذكر والأنثى، ووضعوا له نظاما تعبديا ومعاملاتيا خاصا به، وتعاملوا معه تعاملا يختلف عن تعاملهم مع الأنثى والذكر، حتى قال بعض الفقهاء بحرمة خلوته بالمرأة فضلا عن حرمة خلوته بالرجل (يقول الدكتور محمد الشحات الجندي -أستاذ ورئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان بمصر- أن القاعدة العامة التي عليها جمهور العلماء هي معاملة الخنثى بالأحوط، ففي العقيقة مثلا عقب مولده يعامل مثل الذكر؛
ويعامل عند الرجال على كونه أنثى، وعند النساء على كونه رجلا، فلا يجوز أن يخلو به رجل أجنبي عنه، ولا أن تخلو به امرأة أجنبية عنه، وكذا لا يجوز كشف عورته أمام الرجال الأجانب عنه، ولا أمام النساء الأجنبيات عنه وذلك لاحتمال كونه مختلفا في الحالتين عنهما) وقال القرطبي في تفسيره: إن الله تعالى خلق أغلب البشر إما ذكرا وإما أنثى، وقد يحدث أن يجمع الله تعالى في إنسان واحد صفتي الأنوثة والذكورة بأن يكون له فرج رجل وقبل امرأة وهذا ما يعرف بالخنثى المشكل.
أما الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر فإنه يرى أن الخنثى المشكل -والذي من الصعب إجراء جراحة له- لا تتوافر فيه الأهلية للزواج والعقد عليه، فلا هو بذكر كامل الذكورة ولا بأنثى كاملة الأنوثة، في حين أن الزواج من الأمور التي يعد تحديد النوع فيها بدقة أمرا ضروريا وحتميا، وأن العقد على الخنثى بأي من النوعين -سواء ذكرا أو أنثى- يعد باطلا لفقد هذا الشخص للأهلية الكاملة للزواج.أما إذا تحدد نوعه من حيث كونه ذكرا أو أنثى وأمكن ذلك، أصبح بناء على ذلك من حقه أو حقها الزواج حسب النوع بعد التحقق الكامل منه، والاستعانة في هذا الأمر بأطباء ثقات، لأن هذه الأمور غاية في التعقيد والصعوبة وتبنى عليها أحكام عديدة.
وقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه لا يصح نكاح الخنثى المشكل من الجهتين، فلا يطأ ولا يوطأ حتى يتبين أمره، بل وزادت الشافعية أنه لا يصح العقد عليه وإن بانت أنوثته مادام مشكلا لأنه يعامل بالأحوط حفظا من الفتنة.
ومن أبواب الاهتمام بالجنس الثالث، أن السيد الخوئي يقول في باب ميراث الخنثى، في كتاب منهاج الصالحين إذ يعرف الخنثى (وهو من له فرج الرجال وفرج النساء، إن علم أنه من الرجال أو النساء عمل به وإلا يرجع إلى الإمارات، منها: البول من أحدهما بعينه فإن كان يبول من فرج الرجال فهو رجل وإن كان يبول من فرج النساء فهو امرأة وإن كان يبول من كل منهما، كان المدار على ماسبق البول منه، فإن تساويا في السبق قبل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيرا ولا يخلو من إشكال، وعلى كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الأمرين أعطي نصف سهم رجل ونصف سهم امرأة) ويقول الخوئي (إذا اشتبه بين الذكر والأنثى غسله (يقصد الميت) كل من الذكر والأنثى من وراء الثياب).
ما هي المشكلة في رأي الأطباء؟
ينظر الأطباء إلى هذه المشكلة على أنها معقدة وتسمى بالإنجليزية (INTERSEX) وتعني الاختلاط بين صفات الذكورة والأنوثة فالجنين الذكر والأنثى يكونان متشابهين وتحت تأثير عوامل تحديد الجنس يتميز الجنين إلى ذكر أو أنثى، لافتا أن هناك مستويات لتحديد الجنس وهي:
- مستوى تحديد الجنس بالكروموسومات الجنسية، فالذكر لديه XY والأنثى لديها XX.
- مستوى تحديد الجنس بالغدد الجنسية.. فالذكر لديه خصيتان والأنثى لديها مبيضان.
- مستوى تحديد الجنس بالأجهزة التناسلية الداخلية.. فالذكر له الوعاء الناقل للسائل المنوي والحويصلات المنوية والبربخ والأنثى لديها رحم وقنوات فالوب ومهبل.
- مستوى تحديد الجنس بالأجهزة التناسلية الخارجية.. فالذكر له قضيب وكيس الصفن يحمل الخصيتين، والأنثى لها عضو صغير (البظر) والشفرين الصغيرين والكبيرين وفتحة المهبل.
يقول الأطباء ممن أجروا عمليات تصحيح النوع الاجتماعي، أن العمليات التي أجريت داخل المستشفى ليست تغيير نوع ولكنها تصحيح للنوع لحالات حاملة للجهازين التناسليين (الذكر والأنثى) حيث يتم عمل تحليل دقيق للهرمونات والكرموسومات لكل حالة كذلك عمل الأشعات اللازمة بالتعاون مع معهد البحوث ولا يتم إجراء العملية إلا بعد التأكد من وجود ازدواجية في الأعضاء التناسلية.
اضطراب الهوية الجنسوية
قبل إجراء عملية التصحيح، تشكل الحالة التي عليها الفرد كحالة مرضية فسيولوجية لها آثارها الاجتماعية والنفسية، إذ يعيش الفرد حالة من الاضطراب النفسي والسلوكي نتيجة للأزمة النفسية التي يعيشها (أزمة الهوية) فضلا عن النظرة الدونية التي ينظرها المجتمع فيقول عن الأنثى التي تميل إلى الهوية الذكورية أنها (مسترجلة) وعن الرجل الذي يميل إلى الهوية الأنثوية أنه (مخنث)،هذه الميول والاضطرابات السلوكية التي يمر بها الفرد ليست بإرادته بل نتيجة لعزوفه عن هويته التي ظهر بها إلى المجتمع وهروبه منها إلى هوية أخرى، ويتأتى هذا نيجة الخلل الفسيولوجي والخلقي الذي يعيشه.
أليس من حق الإنسان أن يختار هويته؟ فلماذا تمارس ضد الجنس الثالث عمليات الفرز الاجتماعي والتهميش والحرمان من العمل أو الدراسة أو الزواج، إذ لا يتيح لهم المجتمع الاندراج في نسيجه وتحقيق عملية الاندماج الاجتماعي. يقول أنتوني غدنز (إن التنشئة الاجتماعية الجنوسية هي من القوة بحيث لا يجرؤ جميع الناس على معارضتها فحينما تتحدد هوية الفرد الجنوسية سواء كان ذكرا أو أنثى يتوقع الجميع من هذا الفرد التصرف كما تتصرف النساء أو كما يتصرف الرجال، وهذه التوقعات إنما تتحقق ويعاد إنتاجها في ممارساتنا الاجتماعية).
وترى الباحثة جودث لوربر أن ثمة عشر هويات جنسية على الأقل: فئة النساء المستقيمات، الرجال المستقيمون، السحاقيات، اللوطيون، النساء الازدواجيات (الخناث)، الرجال الازدواجيون، المخنثات اللواتي يلبسن ملابس الرجال، والمخنثين الذين يتزينون ويتزيون بزي الرجال وزينتهن، والنساء المتحولات (أي الرجال الذين يتحولون بعملية جراحية إلى نساء، والرجال المتحولون الذين ينقلبون إلى إناث بالجراحة (أنتوني غذنز، علم الاجتماع ص 208 ) وهذا ما يحدث في أوروبا نتيجة لظروف ثقافية واقتصادية واجتماعية ونفسية خاصة بتمخضات الثقافة الغربية.
ولكن مشكلة الجنس الثالث لدينا تختلف عن كل هذا، وإن فهمت بشكل سيء في بعض الأحيان، إذ هي لا تعدو عن كونها مرضا لا يختلف عن أي مرض آخر ولكنه يولد منذ تكون الجنين في بطن أمه نتيجة لعوامل وراثية، أو خلل هرموني، أو أي تداخل كيفي.
يشكل هذا الخلل الجسماني عبئا على الفرد والأسرة والمجتمع لأنه يجعل حامل هذا المرض يعيش قلق الهوية، وما يرافقه من آثار نفسية على شخصية الفرد، وفي الكثير من الأحيان قد لا تنتبه الأسرة لهذا الوضع الجسمي الخطير والشاذ إما لعدم وضوحه، أو لسعي الأسرة إلى التستر عليه، إذ تعد هذا المرض خزيا أو عارا توصم به الأسرة.
تصحيح أم تحويل
إن التقدم الطبي يكشف المزيد من الأسرار التي يحملها الجسم البشري يوما بعد يوم، وقد أماط اللثام عن العديد من الأمراض والمعضلات التي كانت تقف عقبة أمام البشر ومن هذه الأسرار والمعضلات ما يسمى بتحويل النوع أو الجنس وهناك فارق كبير بين التدخل لتغيير النوع أو لتصحيح خلل ما أصاب هذا النوع. الأمر الأول مرفوض دينيا ويتيح الفوضى في المجتمع، حتى عُد أمر التحويل بأنه أحد أشكال العبث بالهوية وغياب الأخلاقيات الطبية.
أما الأمر الثاني وهو تصحيح الخلل فهو مطلوب لتستقيم به حياه الإنسان، وقديما كانت مثل هذه العمليات مرفوضة ولا يقبل عليها أحد ويظل حامل الخلل في معاناة سرية وتتكتم عليه أسرته وتعد هذا الخلل مصيبة يجب المداراة عليها وعدم كشفها. غير أنه مع تفتح الوعي والتقدم الطبي تولدت الجرأة في الإقدام على مثل هذه العمليات وخاصة أنها تصلح أوضاعاً أراد لها الله أن تستقيم في حياتها بالتدخل الجراحي والطبي.
عملية التصحيح التي يتم إجراؤها لا تتم على وفق أهواء الأطباء وحسب مشيئتهم، أو على وفق طلبات طالبي التصحيح بل يتم بحسب موازنة تجرى بين الأجهزة الجنسية الموجودة وإلى أية كفة تميل للأنثى أم للذكر، فضلا عن الوضع النفسي والسلوكي لطالب التصحيح الذي لابد أن يأخذ بنظر الاعتبار. فالتدخل لتغيير النوع الاجتماعي يعد تدخلا بخلق الله، وهو ما يرفضه الشرع فلأننا مسلمون فلا بد من أن نترك كل جنس على ما هو عليه، أما ما هو متعارف عليه وما اتفق على حليته أغلب الفقهاء فهو تصحيح النوع الاجتماعي، أي استرداد الهوية الجنسوية المفقودة للفرد، أما في الغرب فإذا وجدت أي حالة التباس جنسي يكون من السهل تحويله إلى أنثى دون النظر إلى وجود هرمونات الذكور أو وجود الأعضاء التناسلية الذكرية مختفية داخل البطن.
فإذا كان التصحيح قد تم قبوله في مجتمعاتنا الإسلامية، فأن التحويل يعني الفوضى الاجتماعية والخروج على المألوف والمقبول شرعا وقانونا، وإذا كان قد تم قبوله في مجتمعات أخرى لها ثقافات وخصوصيات تختلف عن واقعنا.
أهمية الاكتشاف المبكر
أعراض الأنوثة والذكورة تظهر منذ اكتمال الجنين في رحم الأم والكشف عليها بالأشعة التلفزيونية تظهر الأجهزة التناسلية واضحة المعالم ومنها يعرف أنها ذكر أو أنثى ولكن قد يكون هذا الأمر ظاهريا فقط وتوجد حالات استثنائية تختفي فيها الأجهزة التناسلية أو يحمل المولود جهازا تناسليا ظاهراً وآخر مختفيا والظاهري لا يؤدي عمله بالكفاءة المطلوبة ومن هنا يجب التدخل الجراحي لتصحيح الخلل وإعادة الأمور إلى نصابها. وأهم مراحل العلاج هي مرحلة التهيئة النفسية والاستعداد لتقبل المريض لحياته الجديدة سواء في عالم الأولاد أو عالم البنات.
ولابد أن تنتبه الأمهات والأسر إلى هذا لأن اكتشافه مبكراً أفضل بالنسبة للطفل كي يعرف نوعه وينشأ عليه ولا يجب أن تترك الأسرة الوقت يمضي أو أنها تخجل من وضعية طفلها لأن هذه أمراض وعيوب خلقية كغيرها. أما في عملية خلل الهرمونات فشيء آخر فقد يكون هو ولد وبه جميع الأعضاء التناسلية الذكرية ولكن يظهر أن صوته مثل صوت البنات أو أشياء مثل هذه.
والعكس تكون أنثى ويكون صوتها صوت رجل ولها حركات الأولاد وفي هذه الحالة بعد الفحص يتم البحث عن علاج أولاً وقد يكون هناك اضطراب في الهرمونات وهذه يمكن علاجها عن طريق تقوية الهرمون الذي يتناسب مع نوع العضو التناسلي في جسم المريض. ولابد أن يتم الاكتشاف في كل الحالات قبل سن 12 سنة حتى ينشأ كل نوع وهو يعرف نفسه حتى لا يتعرض لمشكلات نفسية فيما بعد.
وأول أساسيات العلاج هو التشخيص الجيد، واختيار الوقت المناسب والبحث عن أسباب التغير في شكل الأعضاء التناسلية فلو كان خللاً يتم علاجه ثم نرى النتيجة أولاً وإذا لم يكن هناك نتيجة من العلاج نلجأ إلى الجراحة فلا شك أن العمليات الجراحية معقدة وتحتاج إلى وقت. كما أن هذا الأمر يكون صعباً جداً على الأسر أو الوالدين. ويكون لديهم مشكلة ودائما في مصر يأخذون وقتا كبيرا حتى يحصلوا على قدر من الشجاعة وهذا خطأ كبير لأن الأطفال قبل سن المدرسة لابد أن ينشأوا إما على أنهم بنات أو أولاد.
القبول الاجتماعي
والعملية تتم على مراحل عبر عدة شهور ولابد أن يرافق هذه العملية إعداد نفسي حتى لا يدخل الطفل في دوامة شديدة. يبدو لفظ تصحيح الجنس للوهلة الأولى جديدا وغريبا وشائكا، إلا أن علامات التعجب سريعا ما تزول عندما نعلم أن هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، توصلوا إلى فتوى تجيز عمليات تصحيح الجنس وتحرم تغييره، مما جعل المجتمع أكثر تفهما لمثل هذه الجراحات التي أجازها العلماء والفقهاء بشروط.
إن ظهور هذه الحالات على السطح في الآونة الأخيرة، راجع لزواج الأقارب حيث قال: "ينبغي تجنب زواج الأقارب؛ لأن ذلك يزيد من فرصة حدوث مثل هذه المشاكل، وينبغي عدم تناول الهرمونات وغيرها من الأدوية التي قد يكون لها تأثير هرموني على الجنين، وتؤدي إلى خلل في تكوين الأجهزة التناسلية"، العمليات التي تجرى مبكراً تكون نتائجها أفضل فالشخص يمكن أن يعطى بعض العلاج بالهرمونات مبكراً، والتي تحسن نتائج العملية الجراحية، أما من الناحية الاجتماعية فإن الحالات التي تشخص مبكراً، لا تمر عادة بصعوبات التحول من جنس لآخر كما يحدث في الحالات التي تشخص في سن متأخر، إذ تعاني تلك الحالات من بعض المصاعب في تعاملها واندماجها مع المجتمع المحيط بها، والذي لم يتفهم بشكل واعٍ الفرق بين التصحيح والتغيير.
أهمية التفريق بين تصحيح الجنس، الذي يعني تصحيح بعض الاختلافات لتصل بالشخص إلى الجنس الحقيقي، والتغيير الذي يعني التغيير الكامل من ذكر إلى أنثى أو العكس، وبين أن عمليات التصحيح تجرى طبقاً للرؤية الشرعية التي تجيز تلك العمليات، والتي أفتت بجواز تصحيحه وتحريم تغييره، علما بأن هناك بعض الحالات في الدول العربية تم تغيير جنسها باعتبارها حالات غير جائزة، ولا تدخل في إطار الشكل التصحيحي للجنس، وإنما هي أحد أشكال العبث بالهوية، وغياب الأخلاقيات الطبية.
وعمليات تصحيح الجنس من ذكر إلى أنثى أو العكس تمت الموافقة عليها من الجهات الشرعية، لكنها نتساءل عن مدى تقبل المجتمع لها ومدى معرفة العديد من أفراد المجتمع أن هناك حالات تحتاج إلى تصحيح الجنس، سواء في سن مبكرة أو متأخرة وأهمية وسائل الإعلام في تثقيف المجتمع من أجل تحقيق عملية التوافق الاجتماعي للمصححين كي يندرجوا في أوساطهم المجتمعية ويحققوا ذواتهم الاجتماعية الإنسانية بعيدا عن التهميش والإقصاء الاجتماعي وتوفير أطر قانونية حقوقية تنظم عملية استرداد هوية هؤلاء لهم وحقوقهم في العمل والدراسة والزواج، ويمكن أن تلعب منظمات المجتمع المدني دورا إيجابيا لتحقيق القبول الاجتماعي للمصححين.
واقرأ أيضًا:
خلل الهوية الجنسية Gender Disorders