دعتني مجموعة من طالبات قسم الصحافة بكلية الإعلام، جامعة القاهرة إلى حلقة نقاشية حضرها معي ضيوف آخرون، وتناولت بالنقاش موضوع: تدريس التربية الجنسية في المقررات والمناهج التعليمية بين الرفض والقبول، وهو موضوع يثير الكثير من اللغط والنقاش هنا وهناك، وأصل منشأه جاء من الخارج فمع انفجار ثورة الاتصالات حيث صار متاحا أن تصل إلى الإنسان موجات متلاحقة من فيض المعلومات غير المدققة علميا، وبعضها يهدف إلى الإثارة والربح، والبعض الآخر ملون بالثقافات التي تتداولها فتعطيها أحكاما قيمية أو مواقف أخلاقية، هذا الانفتاح ضغط علينا لنكتشف جوانب النقص والقصور التي لدينا في شتى المجالات.
وقبل أن أتحدث أمامهن استمعت إلى أرقام ملفتة فقد أدهشني أن المتفرج في مصر –مثلا– يمكنه استقبال أكثر من ثلاثة آلاف وأربعمائة (3400) قناة فضائية تبث عبر الأقمار المختلفة، ويتضمن هذا العدد القنوات المشفرة والمفتوحة التي تبلغ وحدها أكثر من ثمانمائة وثمانين (880) قناة !!! وعشرات القنوات تبث مواد جنسية متنوعة فتكون بذلك مصدرا للمعلومات – ومعظمها مغلوط – ومصدرا للإثارة أيضا.
ودون إلقاء التبعة على أحد بعينه قلت للبنات أن مدارسنا ومدرسونا بحالتهم الواقعية لن يكونوا أفضل ناقل لهذه المعلومات أو المناهج في حالة إعدادها للتدريس، كما أرفض أن يكون توصيل المعلومة نفسها عبر الإعلام المحلي بعيوبه، مع اهتمامي بإصلاح وتنمية الإعلام والتعليم بشدة.
وخلصت إلى أن البداية يمكن أن تكون من الأسرة بتعريف الأب والأم وتشجيعهم على الدخول في هذه المسألة معرفة وتوجيها، كما أشرت إلى دور الدعاة ومنتجي الخطاب الديني أيضا في استعادة دورهم للتوجيه السليم حول هذه الأمور كونها جزء من فقه الحياة، وأحكام الشرع بالتالي.
ولا يبتعد عن هذا وذاك دور الطبيب مهما كان تخصصه، وفي حالة أمراض النساء، والذكورة، والطب النفسي، والصحة العامة فإن الاهتمام ينبغي أن يكون أكثر تركيزا.
وعدت إلى دور الإعلام فتحدثت عن تصحيح ما هو قائم وترشيده ومراقبته ونقده، ودور كلية الإعلام في هذا الصدد، وكذلك دورها ودور المجتمع المدني بتجمعاته في نشر الوعي السليم، وإطلاق الإعلام المجتمعي ببدائله المتعددة للتواصل حول هذه القضية الملحة ضمن قضايا أخرى هامة في حياتنا.
وجود القنوات الفضائية في كل بيت من شأنه أن يقلل من تأثيرها تدريجيا لأنها تعددت، ولأن كل برنامج هنا أوهناك يصبح مجرد وجهة نظر أو قطرة في بحر، وربما فإن إعادة الاستماع لبرنامج أو مشاهدته ثم مناقشته في جلسة حوارية يصبح أهم من مجرد رؤيته على الشاشة مرة ثم انتهى!!!
وهناك أشكال كثيرة وأفكار متعددة للإعلام الذي يسميه العالم الآن "إعلاما بديلا"، وكتبت في هذا مقالا أدعو الله أن يفك أسره من كهفه الإليكتروني في ملفات المادة المعدة للنشر على إسلام أون لاين حيث أنه هناك في محبسه منذ الصيف الماضي!!!
إحدى الطالبات قالت أنها لا تشاهد القنوات الأرضية، ولكن تتحول مثل غيرها إلى الفضائيات ثم عادت ولاحظت أن على إسلام أون لاين أسئلة ترى أنها تتناول مسائل "خارجة"، فردت عليها د . سعاد صالح الأستاذة بجامعة الأزهر: ينبغي أن تتغير نظرتنا هذه، فلا توجد أسئلة ممنوعة ولا موضوعات خارجة طالما هي داخلة في شئون الحياة، والمهم كيف نعالجها ونتعامل معها ... وأقول: يسلم فمك يا دكتورة.
واقرأ أيضا على مجانين:
على باب الله القاهرة الدار البيضاء 17/4/2005/ على باب الله ما أروعك يا مراكش–18/4/2005/ على باب الله: التغيير – 19 / 4 / 2005/ على باب الله: بناة الحضارة – 20 / 4 / 2005/ على باب الله: تداعيات أربعينية