مدونات مجانين: (3) عيد على من عائد يا عيد؟
مدونات مجانين:(4) الجماعة الأدبية رجس من عمل الشيطان
ما أزال أدون عن خبرة الجماعة الأدبية وما خلفته في نفسي من آثار، بدأت الجماعة الأدبية بمجموعة صغيرة من طلاب الطب يتابعون نشاطهم الثقافي في جلسة أسبوعية، حتى وصلت إلى نادٍ أدبي يضم أعضاء من نصف كليات الجامعة، ولكن أهم ما كان في تلك المرحلة هو الصدام الذي اضطرت له جماعتنا الأدبية المتألقة تلك، مع من مثلوا وجهة نظر الإسلامِ المتحجر أو الإسلاميين المتحجرين في مصر وقتها، الذين رأوا في أشعارنا ورسومنا بل وفي أغلب الفن عموما كفرا بينا، وحين قررنا الترشح لانتخابات اتحاد طلاب الكلية، كفريق متجانس موزع على دفعات الكلية، حينها صرخ في وجوهنا شباب من زملائنا وزميلاتنا بأننا رجسٌ من عمل الشيطان، رأوا ذلك فيما نفعله أو نمارسه من هوايات، وبصراحة أكثر لأننا لسنا منهم ولسنا مثلهم، فإننا لسنا من المسلمين الصالحين لحمل أمانة اتحاد الطلبة، أصبحنا باختصار كفارا أو مشركين... حتى أن إحدى زميلاتنا المشهود لهن بالتفوق والالتزام -سامحها الله- كانت تقف يوم الانتخابات أمام المقر تقول للطلاب والطالبات انتخبوا المسلمين لا تنتخبوا الكفار، وطبيعية كانت نتيجة الانتخاب فكيف ينجح الكفار في كلية طب معظم طلابها مسلمون؟!
المهم أن ذلك الصدام ترك جروحا عميقة الأثر في نفوسنا، خطأ وقع فيه ممثلو التيار الإسلامي في الثمانينات -وأخشى أن الشباب والمراهقين منهم مازالوا يقعون فيه- عندما حسبوا أن ما فهموه من الدين هو الإسلام الصحيح، وما عداه باطل، وقابله خطأٌ وقعنا –نحن الجماعة الأدبية- فيه وهو أننا حسبنا إسلامهم هو حقا إسلام صحيح،...،
والحقيقة أنه أبعدُ ما يكونُ عن ذلك.
كانت الصدمة مؤثرة في نفوسنا جميعا وكان على كل واحدٍ أن يحددَ موقفه من تلك الظاهرة الإسلامية المتنامية، وبمعطيات ذلك الوقت الثقافية كان من المستحيل أن نعرفَ نحنُ أو هم أن كلينا على خطأ، فقد كان الخطاب الديني وقتها إقصائيا بالفعل يعتبرُ أن هنالكَ إسلاما واحدا صحيحا وما عداه خطأ، ولم نسمع بفقيه أو داعية يقدمُ خطابا معتدلا أو قادرا على استيعاب النفوس البعيدة -باستثناء الأبواق الدينية الرسمية أو ذات الصلة بالحكومة والبعيدة تماما عن مشكلات الشباب في ذلك الوقت-، كما يوضح لنا ولفوت ساخرا في قصيدته : الشَّيْـخُ جاءَ
المهم صدق زملاؤنا أنهم هم ومن معهم أو مثلهم هم فقط المسلمون، وصدقنا نحن أن الإسلام يعادي هواياتنا وفنوننا وما نحبُّ من الأنشطة......، وكانت نتيجة ذلك أن بعضنا تاه وعاد...... وبعضنا تاه ولم يعدْ!
كنتُ أيامها أعيش في مصر وحيدا وأهلي هنالك في الخليج، .... وعرفنا دهاليز اتحادات الطلاب وتوازنات الناس الكبار، ورأينا أنا وزملائي صغائرهم... كنا لذلك نفتقدُ القدوة –ككثيرين من شباب اليوم- ولكن بصراحة لنا اليوم حجتنا إذا قورنا بشباب اليوم، فعالم الثمانينات كان بدائيا تكنولوجيا مقارنة بعالم اليوم، لم نكن نحنُ نرى إلا مصر –خاصة في فترة عزلتها عن العرب- ولم تكن هناك فضائيات ولا إنترنت ولا هواتف محمولة، يعني كنا مُغَفَّـلين بالضرورة، لكن شباب اليوم يستطيعون رؤية الحقائق والنماذج الصحيحة التي يمكنُ أن يقتدوا بها فقط إن هم أرادوا، ومن منهم لا يرى الحقائق اليوم فلابد أنه مصرٌ على عدم الرؤية، أو أصلا مشغول هو فلا يحاول، وبأقل التعبيرات قسوة أقول: أن الشاب اليوم أكثر حرية في اختيار الغفلة، وليس فيهم مغفلون بالضرورة، بل مغفلون باختيار.
إذن كنا ونحن نتاج مجتمعات الناجين من أيام اصطدام السلطة المصرية بالإسلام، بأقل الخسائر، أو بأكثرها بحيث كان الناس في الشارع المصري وفي كثيرٍ من البيوت المصرية بعيدون عن التفعيل الواعي للإسلام، كنا منذُ ازدهرت دول الخليج ونشرت ثقافاتها، كنا متعطشين لمعرفة الدين وكانت الجماعة الإسلامية أو أحدُ أفرادها أو حتى اللحية وحتى الحجاب ترمزُ للإسلام ذاته وليس لمخلوقات بشرية، وبالتالي فقد كانت الصدمات قاسية واللطمات معمية بحق.
ربما لتلك الأسباب فقط أو لغيرها أصبحَ همنا ثقافيا منتميا لما سميناه الإنسانية.... ولم يكن ممكنا لأحد من أعضاء الجماعة الأدبية أن يكونَ "إسلاميَّ الهمِّ" واعيا بذلك، ببساطة لأن الإسلام الصحيح يرفضه! هو وما يحب، وانغمسنا في أنشطتنا التي أصبحت مستقلة حتى عن اتحاد الطلبة، وكنا نعتزُّ بذلك الاستقلال، وما زلنا كذلك حتى أنهى كلٌّ دراسة الطب واتجه في تخصص مختلف، ومعظمنا ما زال يمارس هوايته القديمة والتي كان أعد نفسه لاحترافها وسرقه الطب إغراء وتورطا، وإن كانت دفقات الشباب لا تعوض، وإنتاج معظمنا أصبح أقلَّ وإنما أنضج، ومعظمنا كذلك أصبح أعمق إدراكا لما كنا به مخدوعين، وما كنا عن فهمه قاصرين، وعلى كلٍّ كفى... فما جاء ذكرُ الجماعة الأدبية هنا على مجانين إلا لأنني أبحث عن إجابة السؤال : منذُ متى وأنا إسلاميُّ الهم؟، لعلنا نجيب في المدونة التالية.
ويتبع >>>>>>>: مدونات مجانين(5) الإسلام هو الحل!
المهم أن ذلك الصدام ترك جروحا عميقة الأثر في نفوسنا، خطأ وقع فيه ممثلو التيار الإسلامي في الثمانينات -وأخشى أن الشباب والمراهقين منهم مازالوا يقعون فيه- عندما حسبوا أن ما فهموه من الدين هو الإسلام الصحيح، وما عداه باطل، وقابله خطأٌ وقعنا –نحن الجماعة الأدبية- فيه وهو أننا حسبنا إسلامهم هو حقا إسلام صحيح،...،
والحقيقة أنه أبعدُ ما يكونُ عن ذلك.
كانت الصدمة مؤثرة في نفوسنا جميعا وكان على كل واحدٍ أن يحددَ موقفه من تلك الظاهرة الإسلامية المتنامية، وبمعطيات ذلك الوقت الثقافية كان من المستحيل أن نعرفَ نحنُ أو هم أن كلينا على خطأ، فقد كان الخطاب الديني وقتها إقصائيا بالفعل يعتبرُ أن هنالكَ إسلاما واحدا صحيحا وما عداه خطأ، ولم نسمع بفقيه أو داعية يقدمُ خطابا معتدلا أو قادرا على استيعاب النفوس البعيدة -باستثناء الأبواق الدينية الرسمية أو ذات الصلة بالحكومة والبعيدة تماما عن مشكلات الشباب في ذلك الوقت-، كما يوضح لنا ولفوت ساخرا في قصيدته : الشَّيْـخُ جاءَ
المهم صدق زملاؤنا أنهم هم ومن معهم أو مثلهم هم فقط المسلمون، وصدقنا نحن أن الإسلام يعادي هواياتنا وفنوننا وما نحبُّ من الأنشطة......، وكانت نتيجة ذلك أن بعضنا تاه وعاد...... وبعضنا تاه ولم يعدْ!
كنتُ أيامها أعيش في مصر وحيدا وأهلي هنالك في الخليج، .... وعرفنا دهاليز اتحادات الطلاب وتوازنات الناس الكبار، ورأينا أنا وزملائي صغائرهم... كنا لذلك نفتقدُ القدوة –ككثيرين من شباب اليوم- ولكن بصراحة لنا اليوم حجتنا إذا قورنا بشباب اليوم، فعالم الثمانينات كان بدائيا تكنولوجيا مقارنة بعالم اليوم، لم نكن نحنُ نرى إلا مصر –خاصة في فترة عزلتها عن العرب- ولم تكن هناك فضائيات ولا إنترنت ولا هواتف محمولة، يعني كنا مُغَفَّـلين بالضرورة، لكن شباب اليوم يستطيعون رؤية الحقائق والنماذج الصحيحة التي يمكنُ أن يقتدوا بها فقط إن هم أرادوا، ومن منهم لا يرى الحقائق اليوم فلابد أنه مصرٌ على عدم الرؤية، أو أصلا مشغول هو فلا يحاول، وبأقل التعبيرات قسوة أقول: أن الشاب اليوم أكثر حرية في اختيار الغفلة، وليس فيهم مغفلون بالضرورة، بل مغفلون باختيار.
إذن كنا ونحن نتاج مجتمعات الناجين من أيام اصطدام السلطة المصرية بالإسلام، بأقل الخسائر، أو بأكثرها بحيث كان الناس في الشارع المصري وفي كثيرٍ من البيوت المصرية بعيدون عن التفعيل الواعي للإسلام، كنا منذُ ازدهرت دول الخليج ونشرت ثقافاتها، كنا متعطشين لمعرفة الدين وكانت الجماعة الإسلامية أو أحدُ أفرادها أو حتى اللحية وحتى الحجاب ترمزُ للإسلام ذاته وليس لمخلوقات بشرية، وبالتالي فقد كانت الصدمات قاسية واللطمات معمية بحق.
ربما لتلك الأسباب فقط أو لغيرها أصبحَ همنا ثقافيا منتميا لما سميناه الإنسانية.... ولم يكن ممكنا لأحد من أعضاء الجماعة الأدبية أن يكونَ "إسلاميَّ الهمِّ" واعيا بذلك، ببساطة لأن الإسلام الصحيح يرفضه! هو وما يحب، وانغمسنا في أنشطتنا التي أصبحت مستقلة حتى عن اتحاد الطلبة، وكنا نعتزُّ بذلك الاستقلال، وما زلنا كذلك حتى أنهى كلٌّ دراسة الطب واتجه في تخصص مختلف، ومعظمنا ما زال يمارس هوايته القديمة والتي كان أعد نفسه لاحترافها وسرقه الطب إغراء وتورطا، وإن كانت دفقات الشباب لا تعوض، وإنتاج معظمنا أصبح أقلَّ وإنما أنضج، ومعظمنا كذلك أصبح أعمق إدراكا لما كنا به مخدوعين، وما كنا عن فهمه قاصرين، وعلى كلٍّ كفى... فما جاء ذكرُ الجماعة الأدبية هنا على مجانين إلا لأنني أبحث عن إجابة السؤال : منذُ متى وأنا إسلاميُّ الهم؟، لعلنا نجيب في المدونة التالية.
ويتبع >>>>>>>: مدونات مجانين(5) الإسلام هو الحل!