حكاوي القهاوي 41
(189)
الاستفتاء
أظهرت نتائج الاستفتاء إلى أن من قال (نعم) يصلون إلى سبعة وسبعون بالمائة، بينما من قالوا (لا) هم فقط ثلاثة وعشرون بالمائة. وتفسير هذا يعود إلى أسباب كثيرة في تصوري أولها أن الكثيرين لا علاقة لهم بمفهوم الثورة وما تعنيه من تغيير للنظام وإسقاط لدستوره، فكل ما يهمهم هو البحث عن الاستقرار والهدوء بأي ثمن حتى لو كان الثمن هو التغيير عن طريق طويل طويل يا ولدي ففي النهاية سيكون التغيير والسلام.
ثاني الأسباب قد يكون مرجعه إلى الشحن لقول (نعم) من جانب رجال الدين المسلمين وأيضاً من جماعة الإخوان المسلمين الذين أساءوا للدين وأفتى بعضهم ومن على المنبر في صلاة الجمعة بأن من يقل (لا) فهو آثم، ويحتمل أن هذه الفتوى قد وجدت صداها لدى الكثيرين من البسطاء فقالوا (نعم).
الأمر الثالث قد يعود أيضاً إلى رجال الدين المسيحي الذين دفعوا المسيحيين إلى التصويت بـ (لا) وقد تبرع أحد رجال الدين ببث الرعب في المسيحيين حين خطب في الكنيسة قائلاً بأن التصويت بـ (نعم) إنما يعني أن مصر ستصير دولة إسلامية؛ وأن على المسيحيين أن يتكتلوا جميعاً وأن يتواصلوا فيما بينهم لدفعهم للتصويت بـ (لا).
وقد تبرع أحدهم بنشر هذا الفيديو على اليوتيوب لينقسم الصف ويقرر المسلمين بالتصويت بـ (نعم) طالما أن هذا من شأنه الحفاظ على إسلامية مصر وطالما أن هذا يرعب المسيحيين. فصار مقطع الفيديو هذا ضاراً وليس نافعاً فكان هذا القس كالدب الذي قتل صاحبه، أو ينطبق عليه مقولة عم استيفان روستي "نشنت يا فالح". أعتقد أن هذه هي الأسباب التي أدت إلى التصويت بـ (نعم)، عموما رب ضارة نافعة وعلينا أن نسلم بنتيجة الاستفتاء وهذه هي الديمقراطية؛ والحمد لله إنها جت فينا فلدينا من الروح الديمقراطية لنقبل النتيجة أياً كانت، وعلينا أن نعد العدة لنرى ماذا علينا أن نفعل في المرحلة القادمة حتى نضمن مجلساً للشعب محترماً ومعبراً عن ضمير الثورة.
ينبغي علينا أن نلاحظ أيضاً أنه بعد كل هذا الحشد من الكنيسة للتصويت بـ (لا)، إضافة إلى كل الليبراليين الذين قالوا (لا) ولم تتعد النسبة ثلاثة وعشرين بالمائة بما لا يزيد عن خمسة ملايين شخص؛ فهل هذا يعني أنه على إخوانا المسيحيين مراجعة تعدادهم للتأكد من صحة الأرقام التي يذيعونها، أم أن المسيحيين عقلاء ولا يستمعون لرجال الكنيسة من أصله. الأمر الأخير أن سوء استغلال الدين في الحشد للاستفتاء على نحو معين يجعلنا نؤكد ونصر على وجود مادة في الدستور تمنع إنشاء الأحزاب على أساس ديني.
(190)
لو أنا البرادعي
بعد ما تعرض له البرادعي من تطاول من بعض الأشخاص حين ذهب ليدلي بصوته في أحدى الدوائر الانتخابية، أعتقد أن عليه الذهاب لهذا الحي ليجتمع بأبنائه في لقاء يستمع لهم فيه ويصحح لهم معلوماتهم المغلوطة التي ربما حفظها هؤلاء عن النظام السابق. غضب البرادعي أو حزنه لن يدفع الأمور إلى الأمام.
(191)
الحزب الوطني الجديد
المتأمل لسلوكيات قيادات الإخوان المسلمين في البرامج الحوارية نجدهم وقد تميزوا بالصلف والتعالي وكأنهم هم حزب الأغلبية؛ وكأنهم هم الذين دعوا للثورة وقاموا بها منفردون. كذلك نجدهم يتحاورون دون أن يستمعوا لأحد وكل ما يشغلهم فقط التشويش على المتحدث ومقاطعته. كل هذا جعلني أشعر وكأنه قد عاد بي الزمن لما قبل 25 يناير؛ وأني أشاهد بعضاً من أعضاء الحزب الوطني وهم يتحدثون في حواراتهم التليفزيونية.
لا أعرف هل نحن أمام حزب وطني جديد وقد أطال أعضاؤه ذقونهم أم ماذا بالضبط؟ أتمنى أن يكون ما يجري هو مجرد حالة هيستيرية يمر بها قادة الأخوان لأن الغمة قد انزاحت عنهم وأنهم صاروا يتكلمون دون خوف، وأنهم يعودون لمنازلهم في أمان دون الاطمئنان على وجود الشنطة التي تحتوي على المستلزمات الضرورية في حال زيارة كلاب أمن الدولة لاعتقالهم.
(192)
كل سنة وأنت طيبة يا أمي
كل سنة وانت طيبة يا أمي، كل سنة وانت طيبة يا أم كل شهيد ضحى بروحه علشانك يا مصر.
(193)
تحايل مرفوض
لو حدث وذهب أي شخص إلى المحكمة وغير اسمه من عبد القوي ليصبح عبد ربه فهل يعني هذا أن شخصيته قد تغيرت؟! الإجابة طبعاً لا. أعتقد أن هذا ما حدث مع جهاز أمن الدولة فتغيير الاسم ليصبح جهاز الأمن الوطني لا يعني حل أو إصلاح هذا الجهاز وإنما هو تحايل على إرادة المصريين ويجب علينا أن نعارض هذا التحايل لنطالب بأن يكون حل هذا الجهاز حلاً على النحو الصحيح.
كما أن قصر مهام الجهاز على مكافحة الإرهاب ومكافحة التخابر والعمل القنصلي ليس بضمانة على عدم تكرار مآسي هذا الجهاز على الإطلاق، لأن إضافة إدارة جديدة سيكون بقرار من وزير الداخلية، مما يعني أنه في أقل من دقيقة يمكن أن يعود الجهاز لسابق عهده أو أشد سوء. لهذا أعتقد أن القرارات التي اتخذت بشأن هذا الجهاز قد تعبر عن حسن نية مفرط من القيادة السياسية، أو قد تكون مجرد تحايل على إرادة هذا الشعب. فإذا فرضنا حسن النوايا لدى القيادة السياسية في مصر؛ فإن عليها ألاّ تفترض المثالية فيمن سيمسكون مقاليد الأمور في مصر من بعدهم. لهذا لزاماً علينا أن نأخذ كل الحيطة لضمان عدم الانزلاق في غياهب الجب المسمى بأمن الدولة ثانية، وحتى تتم هذه الضمانة فيجب في رأيي أن تتخذ الإجراءات التالية جميعها ودون انتقاص:
1) يجب أن يتبع هذا الجهاز لوزارة العدل أو مجلس الوزراء وليس لوزارة الداخلية.
2) أن يرأس هذا الجهاز مدني وليس ضابط شرطة.
3) أن يتم تعريف الإرهاب الذي يقاومه هذا الجهاز؛ ويجب أن تؤخذ موافقة مجلسي الشعب والشورى على هذا التعريف.
4) لا يتم مراقبة أي شخص أو إلقاء القبض عليه إلاّ بأمر من النيابة مع موافقة قاض مختص.
5) يتم التحفظ على المتهمين في السجون العامة وليس في زنازين خاصة بمبنى أمن الدولة، حتى أثناء إجراء التحقيقات معهم، على أن تتم هذه التحقيقات في أماكن التحفظ عليهم.
6) إلغاء جميع المعتقلات السياسية لتكون سجوناً تابعة لإشراف إدارة السجون، والتي يجب أن تتبع بدورها لوزارة العدل وليس وزارة الداخلية.
7) يجب أن تخضع جميع الأبنية التابعة لهذا الجهاز للتفتيش من جانب وزارة العدل ومنظمات حقوق الإنسان.
8) يقدم بيان بجميع الأبنية التابعة لهذا الجهاز لإجراء التفتيش الدوري والمفاجئ عليها، على ألا يزيد عدد مقار هذا الجهاز عن عدد المحافظات بأي حال من الأحوال؛ بمعنى مقر واحد في كل محافظة لا أكثر.
9) تقتصر مهام عمل الجهاز على الثلاث مهام المذكورة مع عدم إمكانية إضافة إي مهمة جديدة إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلسي الشعب والشورى.
إذا تم تطبيق هذه الشروط فأهلاً وسهلاً بهذا الجهاز؛ أما إذا لم يحدث فلا حاجة لنا به وعلينا أن نبحث عن صيغة أخرى.
ويتبع >>>>>>>>: حكاوي القهاوي (43)
واقرأ أيضاً:
كنت في التحرير.. لستُ أمّك!!/ صحيح مبارك كان كابوس وانزاح/ في روضة أطفال الديمقراطية: كى جي ون/ منظومة الحرية/ الرؤية المستقبلية لمصر/ لا.... للإحباط/ حكاوي القهاوي