إنَّ الصحة الجسدية من أهم ما يعتني به الناس، والعلاقة بين صحة الجسد وصحة النفس وثيقة، وصحة النفس تتأثر بالخبرات والصعوبات التي يواجهها الشخص، كما قد تؤثر على الانفعالات والسلوك اليومي بصورة كبيرة، وبالتالي نمط الحياة الخاص بالشخص. فهذا يعني أن الاهتمام بالوضع الجسدي لا يشكل أكثر من نصف عملية الرِّعاية الصحية، فالنصف الآخر للرِّعاية، هو الرِّعاية النَّفسية.
ما الذي يحدث؟
يتفاعل الإنسان مع الحياة وظروفها من خلال خبراته وتجاربه، وطريقته في التفكير تؤثر على مشاعره وسلوكه، وتغير في نمط حياته، ومن الطبيعي في كثير من الأحيان أن تتقلب ظروف الحياة، وقد تمر على أي إنسان أوقات صعبة، وفي هذه الفترات العصيبة تصبح ردود فعل الإنسان مختلفة عن الظروف العادية، خصوصًا عند التعرض لأحداث مؤثرة، أو لدرجات عالية من الضغوط النَّفسية.
المختص بالرِّعاية النَّفسية يقدم المشورة:
إنَّ مقدم الرِّعاية النَّفسية ليس قاضيًا، أو حكمًا، فهو لا يلوم الشخص المنتفع من تقديم المشورة، ولا ينظر له كشخص ضعيف، أو غير كفء، فهدف مقدم الرِّعاية الدخول لعالم المنتفعين بطريقة مهنية، وفهم العالم الداخلي للمنتفع، ورؤية الأحداث، والأحكام، والمشاعر، وردود الفعل من وجهة نظر المنتفع، لمساعدته في إدارة العقبات الانفعالية، والضغوط النفسية، بهدف رفع درجة التَّكَيف وتحسين نوعية الحياة.
تقديم المشورة:
من أهم أهداف تقديم المشورة رعاية الشخص المنتفع، بسماعه يعبر عن نفسه وأفكاره ومشاعره، وتفهم ردود فعله، سعيًا لتمكين الشخص من التكيف وإدارة العقبات النفسية، من خلال تطبيق مهارات متخصصة، للوصول للإحساس بالأمان، والاسترخاء، مع ردود الفعل المناسبة للمواقف والأحداث، والتفاعل مع الحياة اليومية، والاجتماعية، والعملية بجوانبها المختلفة بشكل أفضل.
أشكال تقديم المشورة:
يتم تقديم المشورة النفسية، حسب طبيعة الحاجة لهذة المشورة، من خلال:
- جلسات فردية للمنتفع، توفر له المشورة المتخصصة والمباشرة والشخصية.
- جلسات جماعية للمنتفع وأسرته، أو الأقارب لتقديم المشورة المناسبة لرعاية المنتفع، وتقديم الدعم المناسب له بطريقة صحيحة.
- جلسات جماعية لعدد من المنتفعين، لتبادل الخبرات وتقديم الدعم من قبل أفراد المجموعة.
- جلسات تقييم متخصصة (اختبارت ذكاء، شخصية،....) للمساعدة في تقديم الرِّعاية النَّفسية الصحيحة.
لمشورة أفضل:
تأكد أخي وأختي المنتفعين من المشورة، أن من يقدم المشورة لكم هو أخصائي ومتخصص في المجال الذي تريدون الانتفاع منه، كما أنه يحمل ترخيص مزاولة المهنة من قبل وزارة الصحة والجهات الرسمية المختصة لتقديم الاستشارات، وكما تعرفون فإن الوضع النفسي يحمل من الحساسية أضعاف الجانب الجسدي.
أريد أن أغير سلوكي ولكن؟؟؟ ماذا يحتاج الناس لتغيير سلوكهم؟
1 ) مرحلة ما قبل العزم
يرغب الشخص بتغيير سلوك ما بسبب ضغط الآخرين عليه، فالشخص لا يرى أنَّ لديه أي مشكلة فعلاً، ولذلك فالتغير بسيط وغير مستمر، وقد يكون الشخص يرفض التغيير تمامًا.
لتجاوز المرحلة (مواجهة الشخص، تسجيل وقائع، التعريف بالعواقب، الاستعانة بشهود، القراءة أو مشاهدة أوضاع مشابهة)
2 ) مرحلة العزم
يشعر الفرد بوجود مشكلة ما، ويكون هنالك الكثير من التساؤل حول مشكلته، وقد يحددها بدقة، وقد يشعر الشخص أنه قد لا يستطيع التغيير، علمًا أن هنالك أشخاص يمضون عدة سنوات في مرحلة العزم دون محاولة حقيقية لمعالجة المشكلة.
لتجاوز المرحلة (تجارب الآخرين، السؤال والبحث، القراءة ومشاهدة نماذج، التعرف على عواقب الأمور، التحفيز الذاتي)
3 ) مرحلة التحضير
وهنا يعقد الفرد العزم بصدق على التعامل مع مشكلته، لكن الفرد لم يتخذ أي خطوة بعد، لكنه مستعد للبدء.
(البحث عن مصادر المساعدة، البحث عن قصص مساعدة حقيقية، البحث في مدى القدرة على التعامل مع المشكلة)
4 ) مرحلة العمل
وهي مثل الانتقال من تشغيل محرك السيَّارة لقيادتها، وتحمل هذه الفترة الكثير من الأساليب في طياتها للتعامل مع المشكلة، من خلال تعديل أسلوب الحياة، تعلم المهارات المناسبة، تقليل عدد تكرارات المشكلة، النظر في عواقب الأمور، والتعرف على مثيرات المشكلة للتعامل معها، وقد يمر الشخص خلال هذه الفترة بعدة صعوبات أو انتكاسات، لكن المهم أن يسير حتى إنهاء هذه المرحلة ليحقق النجاح.
(تعلم المهارات، تدوين مسار هذه المرحلة للفائدة، تقبل الانتكاسات البسيطة، عدم الخوف من أي تراجع، والإبقاء على السير للأمام)
5 ) مرحلة المحافظة
وسميت بذلك لسعي الشخص للمحافظة على ما تعلمه من مهارات أو ما تدرب عليه، وإبقاء التقدم والتحسن الذي حققه خلال فترة العمل، وأهم ما يجب تعلمه في هذه المرحلة هو (مهارات منع الانتكاس)، وبذلك يحقق الشخص التقدم المرغوب، والقدرة على التعامل مع السلوك الذي يرغب بتغييره.
(القدرة على التعامل مع المسببات، مهارات معرفة مسببات التراجع، الواقعية في تقبل الوضع، نمط حياة مناسب)
واقرأ أيضاً:
ما هو الغضب؟! / ما هو الخوف؟ / ما هو الحزن؟ / ما هو فقدان الأمان؟