بعد ما قام به المجلس العسكري من عمل وطني بدعم الثورة ورفض الوقوف إلى جانب مبارك، وبعد أن نجحت الثورة وتم إسقاط النظام، فإنه يمكننا النظر إلى مصر في مرحلة ما بعد الثورة بوصفها رقعة للشطرنج. يوجد على هذه الرقعة قطع أساسية يتحكم فيها لاعبون أساسيون يسعون لتحريك هذه القطع لتحقيق أهدافهم، وتتمثل هذه القوى في الآتي:
أولا: القوى الثورية: وهدفها إسقاط النظام وبناء نظام جديد، واستراتيجيه هذه القوى في تحقيق أهدافها هي ببساطة أهداف الثورة التي يطالب بها الثوار في ميادين التحرير. ولدى هذه القوى قطع أساسية على الرقعة مثل:
-المجلس العسكري -مجلس الوزراء -الإعلام الحر -حركة كفاية -حركة 6 ابريل -أنصار البرادعي -حزب الجبهة -ائتلافات شباب الثورة -أسر الشهداء والمصابين -الأخوان المسلمين -السلفيون -الجهاد الإسلامي -ثوار مستقلون -العمال المعارضين -أحزاب المعارضة القديمة.
ثانياً: قوى الثورة المضادة: وهم أنصار النظام القديم، الذين فقدوا امتيازاتهم وتضرروا من الثورة، وهدفهم هو الالتفاف على الثورة وإفشالها، وتتلخص إستراتيجيتها في تعطيل تحقيق أهداف الثورة، وإيقاف نشاط القطع التي تستند عليها القوى الثورية؛ إما باستبعادها من الرقعة أو ببث الخلاف والفرقة فيما بينها ليصبح وجودها عديم القيمة والفائدة. وتعتمد قوى الثورة المضادة لتنفيذ إستراتيجيتها على قطع أساسية في الرقعة مثل:
- المسجونين من أعضاء النظام السابق بما في ذلك مبارك وأسرته.
- وسائل الإعلام التابعة للنظام السابق والتي تعمل وفقا لأجندته.
- الجهاز الإداري الفاسد بالدولة - رجال الأعمال الفاسدين - ضباط جهاز أمن الدولة.
- ضباط وأفراد جهاز الشرطة - أعضاء الحزب الوطني المنحل.
- جيش البلطجية الذي يعمل في مشاريعه الخاصة مقابل القيام ببعض المهام للنظام القديم عند الحاجة.
ثالثاً: القوى المراقبة: وهدفها الاستقرار والهدوء في البلاد، وتتمثل إستراتيجيتها لتحقيق هذا الهدف في الاعتزال وعدم المشاركة في التغيير، وتتمثل قطعها الأساسية في:
- الفقراء المنهكون في البحث عن لقمة العيش.
- أصحاب المطالب الفئوية الذين يتوقعون تحسين أحوالهم بعد الثورة بعدما تضرروا من النظام القديم.
- الأغلبية الصامتة التي تأقلمت مع النظام القديم، ولا ترى احتمالية حدوث فارق بعد الثورة عما قبلها.
رابعاً: قوى خارجية: وهذه لها مصالحها وإستراتيجيتها وتسعى لإيجاد قطع لها على الأرض، وهذه القوى هي:
(أ) القوى الغربية وإسرائيل وهدفها بناء شرق أوسط جديد، يقوم على تقسيم دول المنطقة حفاظاً على أمن وسلام إسرائيل، مع منح دول المنطقة بعض من الديمقراطية، وتتمثل إستراتيجيتها لتحقيق هذا الهدف في الفوضى الخلاقة، سرقة الثورة، عمل تحالفات مع قوى الثورة المضادة سواء من يعملون في الداخل أو الخارج، ثم استغلال ما هو متاح من قطع لتنفيذ إستراتيجيتها إما بعمل تحالفات مع هذه القطع أو شرائها بالمال، أو بالضغط عليها بما يمكن لها من وسائل.
(ب) قوى عربية تخشى من تضررها بسبب تأثيرات المد الثوري على استقرارها، وهدفها الأساسي هو إفشال الثورة والالتفاف عليها وهي بذلك تتطابق في الهدف مع هدف قوى الثورة المضادة، وإن لم تستطع تحقيق هذا الهدف فهناك هدف بديل متمثل في سرقة الثورة. وتتمثل إستراتيجيتها لتحقيق الهدف الأساسي في عمل التحالفات مع قوى الثورة المضادة ودعم أدواتها لتحقيق هدفهما المشترك. كما تتمثل إستراتيجيتها لتحقيق الهدف البديل المتمثل في سرقة الثورة؛ في دعم بعض من القطع المحسوبة على القوى الثورية مثل التيارات الدينية. المؤسف أن هذه القوي لا تعلم أنها عندما تنهج هذا النهج فإنما هي تقدم الدعم لتنفيذ أهداف القوى الغربية وإسرائيل، وتدعم نشر الفوضى الخلاقة التي ستنتهي بتقسيم المنطقة العربية.
خامساً: المجلس العسكري: وهناك احتمالان يمكن للمجلس أن يكون واحد منهما، وهذان الاحتمالان هما:
1- أن يكون المجلس معتنقاً لأهداف وأفكار القوى الثورية الداعية لتغيير النظام وبناء نظام جديد، وبهذا فهو يمثل قطعة على الرقعة تخدم أهداف هذه القوى الثورية.
2- أن يكون المجلس قوة مستقلة عن القوى الثورية له أهدافه الخاصة؛ وهو بذلك ليس مجرد قطعة ضمن القطع الموجودة على رقعة الشطرنج؛ وإنما هو أهم اللاعبين الرئيسيين في هذه الرقعة.
إذا صح الاحتمال الأول فإن المجلس العسكري هو أهم القطع التي تملكها تلك القوى الثورية، إذ يلعب دور المنسق والمفاوض الرئيسي بين القطع التابعة للقوى الثورية، كما أنه المفوض الشرعي الوحيد بتنفيذ إستراتيجياتها لأنه الجهة التنفيذية والتشريعية بالدولة. بينما إذا صح الاحتمال الثاني، فإن المجلس يكون واحد من أمرين:
1- أن يكون المجلس هو المنسق العام بين كل القوى اللاعبة وليس القوى الثورية فقط، وهنا تحكمه إستراتيجية توازنات القوى لتحقيق الصالح العام كما يراه. فيستخدم تكنيك القراءة الجيدة للرقعة، والاستماع الجيد لجميع القوى اللاعبة ليقوم في النهاية بتنفيذ قرارات هي الأقرب للصواب من وجهة نظره. وكأن المجلس العسكري يقوم مقام أهم القطع على رقعة الشطرنج وهو الوزير؛ ذو الصلاحيات الواسعة ولكنه يتحرك وفقاً لمحصلة الضغوط المفروضة عليه من جميع القوى بما فيها القوى الثورية والتي حرص المجلس على ألاً يفقد مصداقيته لديها؛ ليؤدي لها ما تريد في حال الضرورة الشديدة. وقد تفهمت باقي القوى هذا الموقف لأنه الأفضل لها من لا شيء، فيما عدا القوى الثورية التي اعتبرت ذلك تباطؤًً إن لم يكن تواطؤً من المجلس العسكري مع القوى المضادة للثورة.
2- أن المجلس هو قوى لاعبة تعمل لصالحها؛ وأن إستراتيجيتها هي السعي للانقضاض على السلطة، مستخدمة اللعب على مرور الوقت، إضافة إلى تحريك القطع بما يتفق مع مصالحها، مع الحفاظ على التوازنات بين القوى بما لا يؤدي إلى انفجار الوضع على الرقعة لتنتهي الأمور على غير صالح المجلس العسكري.
والآن لنشاهد كيف كان تحرك القطع (النقلات) على رقعة الشطرنج ولصالح أي من القوى كان هذا التحرك:
التحرك على الرقعة:
الثوار - النقلة الأولى (12 فبراير) الانسحاب من الميدان: ارتكنت القوى الثورية على المجلس العسكري في تنفيذ أهداف الثورة وتركت له الميدان خالياً وعادت القوى الثورية لبيوتهم، ظناً من هذه القوى الثورية بأن المجلس يعتنق نفس الهدف الثوري الذي يدعو لتغيير النظام وبناء نظام جديد.
القوى الخارجية (ب) – النقلة الأولى (12 فبراير): قامت القوى الخارجية من دول الجوار بأخذ وعد بعدم المساس بالرئيس المخلوع أو إهانته أو حبسه أو محاكمته.
المجلس العسكري - النقلة الأولى (13 فبراير - 2 مارس) قام المجلس العسكري بتجميد التحرك على الرقعة، فلم يقدم أي شيء ملموس على الأرض ليرضي به القوى الثورية، فكانت هذه الفترة وكأنها وقت مستقطع من الثورة. لم يتخذ فيها المجلس قراراً بحبس مبارك، أو بحل حكومة شفيق التي عينها الرئيس المخلوع في الثلاثين من يناير، بل استمرت في العمل حتى الثالث من مارس. كما تأخر المجلس في عدم السيطرة الفورية عقب الثورة على جهاز أمن الدولة لمنع إتلاف ما لديهم من وثائق ومستندات، تظهر كثير من الحقائق المتعلقة بالنظام السابق. ولم يتخذ المجلس أية خطوة قانونية على أرض الواقع في سبيل استرجاع أموال الفاسدين بما فيهم مبارك وعائلته من بنوك أمريكا وأوروبا؛
كما أصر المجلس على عدم اعتقال أو فرض الإقامة الجبرية على رموز النظام القديم وبلطجيتهم وذلك لحماية الثورة من الثورة المضادة. ولم يتم حل الحزب الوطني الحاكم والمجالس المحلية. كما تباطؤ المجلس في حل أزمة الفراغ الأمني على الرغم من وجود الكثير من الحلول الفعالة التي يمكن القضاء بها على هذه المشكلة. وأيضاً لم يضع المجلس نظاماً للتعامل مع المطالب الفئوية ليحد من الفوضى والانفلات. ساعدت هذه النقلة من تجميد الوضع على الرقعة في أن تفيق القوى غير الثورية من صدمتها بقيام الثورة، وبدأت في التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب قطعها. بهذا لا يمكن القول أن المجلس كان يتحرك لصالح قوى الثورة وإنما لصالح القوى المضادة للثورة أو لصالح نفسه.
قوى الثورة المضادة – النقلة الأولى (12 فبراير – 3 مارس)
استغلت القوى المضادة للثورة فترة تجميد القطع الثورية، فقامت بالتحرك السريع في تهريب الأموال خارج البلاد، كما قامت بعض الشخصيات التابعة للنظام بالهروب من مصر؛ وقامت أيضاً بتحريك إحدى القطع التابعة للقوى المراقبة وهم أصحاب المطالب الفئوية؛ للمطالبة بمطالبهم الفئوية التي يمكن أن تسبب ارتباكاً في البلاد. فضلاً عن إعطائهم الضوء الأخضر لجيش البلطجية التابع لهم للاستمرار في أعمال الترويع والبلطجة والتي بدءوها منذ يوم 28 يناير؛ وذلك حتى تعم الفوضى في البلاد فلا يشعر الناس بالأمن وتهتز الحركة الاقتصادية، فينتهي الحال بالشعب إلى الترحم على أيام حكم مبارك، ويبدءون في رفض الثورة والثوار، فيما يعرف بشيطنة الثورة.
القوى الثورية – النقلة الثانية (أواخر فبراير – 3 مارس)
بدأت القوى الثورية تشعر بالخطر على الثورة وتحركت قطعة الإعلام الحر وعدد من القطع الثورية الأخرى مثل كفاية و6 إبريل وثوار مستقلين، تحركت هذه القوى لرفض تقاعس المجلس عن القيام بما هو متوقع منه. وقام كثير من الثوار في تشكيل ائتلافات لحماية الثورة بعدما بدأ التشكك فيما يجري من حولها من تحركات للمجلس العسكري.
المجلس العسكري - النقلة الثانية (2 مارس)
استجاب المجلس العسكري لضغوط الثوار وقام بتكليف عصام شرف بتشكيل حكومة جديدة. إلاّ أنه ترأس حكومة من ميدان مصطفى محمود التابع للنظام السابق. وقد أكدت هذه النقلة للمجلس على أمرين الأول أنه يجب على الثوار الضغط على المجلس ليحقق لهم مطالبهم الثورية، الأمر الثاني زيادة الشكوك في أن المجلس العسكري ليس قطعة من القطع التابعة لهذه القوى الثورية، وإنما هو يسعى في أفضل الأحوال لتبنى فكراً توافقياً بين رغبات القوى الثورية ورغبات القوى المضادة للثورة، أو أن المجلس يلعب لصالح نفسه ولتحقيق أهداف خاصة به غير معلنة.
قوى الثورة المضادة – النقلة الثانية (5 مارس)
بعد تكليف عصام شرف بتشكيل الحكومة شعرت قوى النظام السابق بالخطر، فقامت أحدى القطع على الرقعة بالتحرك لإخفاء كل ما لديها من وثائق تدينها وتدين النظام السابق، وهذه القطعة هي جهاز مباحث أمن الدولة.
القوى الثورية – النقلة الثالثة (5 مارس)
قام مجموعات من الثوار المستقلين باقتحام مقار جهاز أمن الدولة في العديد من المحافظات؛ عقب مشاهدة ألسنة الدخان تتصاعد من مقاره؛ أثناء قيام ضباط أمن الدولة بحرق ما لديهم من مستندات. وهذا يعني أن التغيير الوزاري كان قرار مفاجئ لقوى الثورة المضادة.
قوى الثورة المضادة – النقلة الثالثة (6 مارس)
شعرت قوى الثورة المضادة بعد إعلان التشكيل الوزاري بما فيه من وزراء تابعين للنظام القديم بالارتياح الشديد، مما ساعد على استخدام القطع الساكنة على رقعة الشطرنج وتحويلها إلى قوى ضاربة لحسابهم. فقاموا باستغلال عملائهم في نشر الفتن الدينية فحدث ما حدث من هدم كنيسة أطفيح في السادس من مارس.
المجلس العسكري - النقلة الثالثة (10 مارس)
اكتمال ظهور نجم سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة بتصريحاته النارية يوم 10 مارس فيما يتعلق بفتح معبر رفح وكذلك تصريحاته حول محاولة الانقلاب الفاشلة لقائد الحرس الجمهوري، وتهديداته لفلول النظام بقوله "إذا ماسكتوش هانوريكوا العين الحمرا". ثم بدأ فيما بعد ترشيحه لمنصب الرئيس على صفحات الفيس بوك. مع ملاحظة أنه قام بالنزول للتحرير يوم 10 فبراير مؤكداً على تحقيق مطالب الثوار برحيل مبارك.
قوى الثورة المضادة – النقلة الرابعة (11 أبريل)
قام أعضاء من الحزب الوطني في محاولة للالتفاف على الشعب بتعيين طلعت السادات لرئاسة الحزب؛ متصورين أن ذلك سيؤدي إلى تجميل الوجه القبيح للحزب الوطني حتى يمكنه الاستمرار على الساحة.
المجلس العسكري - النقلة الرابعة (14 إبريل)
جاءت حركة تعيين المحافظين الجدد في ستة محافظات وفقاً للشروط المتبعة أيام حكم مبارك وكأن الرجل مازال يحكم، وكان قبلها تعيين عصام شرف رئيساً لوزراء من ميدان مصطفى محمود الموالين لمبارك. كما كان القرار بعدم علانية المحاكمات واستمرار قيادات الشرطة المتهمين بقتل الثوار في مناصبهم. كل هذا يشير إلى أن المجلس لا يعمل لحساب الثوار وإنما يعمل لحساب القوى المضادة للثورة، أو أن هناك توافقاً في الرغبات فيما بينهما.
القوى الثورية – النقلة الرابعة (16 إبريل)
كسبت اليوم القوى الثورية سيطرة جيدة على الرقعة بقرار المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني، هذا القرار من شأنه التأثير سلباً إلى حد بعيد على قوى الثورة المضادة وتحركاتها على الرقعة، وإفشال مخططها بالبقاء على الساحة.
قوى الثورة المضادة – النقلة الخامسة (7 مايو)
استمرت القوى المضادة للثورة في استغلال القطع الساكنة على رقعة الشطرنج وتحويلها إلى قوى ضاربة لحسابها فقاموا باستغلال عملائهم للمرة الثانية في نشر الفتن الدينية كما فعلوا من قبل من هدم كنيسة أطفيح في السادس من مارس. فقاموا ثانية بإشعال الفتن لتحرق كنيسة إمبابة في السابع من مايو. كما قاموا أيضاً باستغلال قطعة الإعلام لشن حرباً إعلامية من خلال قنوات وصحف تعمل لحسابها، ثم استغلال هذا الضغط لتحريك القطع المحسوبة على القوى المراقبة لتزداد وتيرة المطالب الفئوية بدءاً من الشرطة وانتهاء بعمال المصانع، كما استغلت أيضاً الفقراء الذين خرجوا ليصرخوا مطالبين بالاستقرار شاكين وقف الحال، وكذلك الحال مع المطالب الخاصة بالمسيحيين. وقد أجادت القوى المضادة للثورة استخدام جميع المطالب المشروعة لزعزعة البلاد حتى تشكل جبهة ضاغطة على قوى الثورة والمجلس العسكري.
المجلس العسكري - النقلة الخامسة (15 مايو)
قام المجلس العسكري في إطار حلوله التوافقية ولإرضاء القوى الخارجية؛ بالتخلص من نبيل العربي وزير الخارجية في حكومة شرف والذي يكاد أن يكون القطعة الوحيدة الفاعلة والمتحركة بكفاءة عالية على رقعة الشطرنج، فقام المجلس بركله إلى أعلى ليكون الأمين العام لجامعة الدول العربية. وتشير هذه النقلة إلى أن المجلس يتحرك لحساب نفسه وليس لحساب القوى الثورية التي كانت مؤيدة لبقاء الرجل في منصب وزير الخارجية.
القوى الخارجية (أ) و (ب) - النقلة الأولى (12 فبراير – 24 يونيو)
قامت بعض القوى الخارجية بالعمل على إضعاف القوى الثورية وذلك باستقطاب بعض من القطع المحسوبة عليها ليتم عقد الصفقات معها سواء كان ذلك عن طريق التمويل أو بالتوافق الأيديولوجي معها أو بفتح قنوات للاتصال بعد إقناعهم أنهم الأقوى والأصلح لقيادة مصر في المرحلة القادمة. وقد التقطت هذه القطع خاصة الدينية منها هذا الطعم.
المجلس العسكري - النقلة السادسة (15 مايو - 28 يونيو)
أستمر المجلس العسكري في تبني سياسته التوافقية بين القوى الفاعلة المؤثرة على مجريات الأمور على رقعة الشطرنج، فرفض حل المجالس المحلية، وأستمر في تجاهله لمطالب أسر الشهداء بالمحاكمات العاجلة والناجزة فضلاً عن عدم تسلمهم لأية تعويضات، مع إهمال مصابي الثورة وتكفل الجمعيات الأهلية بمبادرات فردية بعلاجهم. ثم جاءت الطامة الكبرى في الثامن والعشرين من يونيو بظهور خلافات حادة بين عصام شرف والمجلس العسكري بسبب الوزراء المحسوبين على قوى النظام السابق، وإصرار المجلس على عدم إقالتهم. وهذا يؤكد على أن المجلس لا يتحرك في صالح القوى الثورية وإنما لصالح أجندة خاصة به.
القوى الثورية – النقلة الخامسة (28 يونيو)
كسبت اليوم القوى الثورية سيطرة جيدة على الرقعة بقرار محكمة القضاء الإداري بحل المجالس المحلية، هذا القرار من شأنه التأثير سلباً على قوى الثورة المضادة وتحركاتها على الرقعة.
القوى الثورية – النقلة السادسة (1 - 8 يوليو)
تحركت بعض القطع المحسوبة على القوى الثورية خاصة منها حركة كفاية، حركة 6 ابريل، الجمعية المصرية للتغيير، حزب الجبهة، أسر الشهداء والمصابين، وثوار مستقلون، يساندهم جميعاً في حملتهم واحدة من أهم القطع الفاعلة والمؤثرة على رقعة الشطرنج وهي قطعة الإعلام الحر الداعم الثورة، وقد شارك على استحياء الجماعات المحسوبة على التيار الإسلامي. وقد نادى هؤلاء جميعاً بمليونية في الثامن من شهر يوليو وأسموها جمعة التطهير للمطالبة بإقالة عصام شرف وتشكيل وزارة خالية من رموز الحزب الوطني، وتنفيذ جميع مطالب الثورة، كما بدأت تظهر مطالبات في ميدان التحرير للمطالبة برحيل المجلس العسكري نفسه، مما يشير بوضوح إلى تنامي الشك في نوايا المجلس العسكري.
المجلس العسكري - النقلة السابعة (10 يوليو)
لقد تبنى المجلس العسكري في كل خطواته السابقة وفي أفضل أحواله السياسة التوافقية بين مختلف القوى الفاعلة في مجريات الأمور على قطعة الشطرنج، فخضع للضغوط الخارجية بعدم محاكمة مبارك وعائلته. كما وقع أيضاً في فخ القوى المضادة للثورة من فلول النظام، وضباط الداخلية الذين يمثلون حلقة الوصل بين فلول النظام وجيش البلطجية، فخشي المجلس من قدرتهم على هز الاستقرار في البلاد. ولم يجد المجلس العسكري ما يفعله كحل توافقي سوى أن يأتي على الشعب ومكتسبات ثورته، وكانت المحصلة في النهاية أنه لا أمن ولا استقرار ولا محاكمات عادلة ناجزة، باختصار لا تغيير بعد الثورة فصار الوضع للأسوأ. فتحقق بذلك أمرين كلاهما يشكل خطراً شديداً على الثورة وهما أن الثورة قد أدت إلى خراب مصر والأمر الثاني أنه لا يوجد استقرار والأوضاع الاقتصادية من سيئ إلى أسوء. وهذا ينبئ بقرب تفجر الوضع في البلاد فالجياع سينقضون على كل شيء قريباً، وهذا يعني أن الكاسب الوحيد هو قوى الثورة المضادة، أما الخاسر الأكبر سيكون القوى الثورية إضافة إلى المجلس العسكري لا محالة لأنه سيخرج سفر اليدين من الثورة بعدما كان كل شيء في قبضته.
لهذا شعر المجلس العسكري بالارتباك الواضح وعدم القدرة على التركيز أو الخروج للشعب في بيان واضح المعالم والأهداف. فقام المجلس بتصدير عصام شرف ليلقى بياناً في العاشر من يوليو ليتلقى الرجل غضب الشعب ثم ألقى بيانه الثاني في اليوم التالي، ولم يحظى كلا البيانين بالقبول بل حظيا بالغضب من الثوار. وقد زاد الطين بلة التخبط في تصريحات رئيس الوزراء المناقضة لتصريحات وزير العدل ووزير الداخلية. فازداد شعور المجلس بالخطر الشديد؛ مما جعله يبتعد ولأول مرة عن الحلول التوافقية أو أن يتخلى عن أجندته بالكامل؛ فمال إلى كفة الثوار وتنفيذ مطالبهم. فطالب المجلس من عصام شرف بتشكيل حكومة جديدة، كما وافق على علانية المحاكمات وإبعاد ضباط الشرطة المتورطين في قتل الثوار الذين تم الإعلان عنهم في حركة التنقلات التي تمت بشكلها النهائي في السابع عشر من يوليو. يتحرك المجلس في هذه النقلة لصالح القوى الثورية ولصالح إنقاذ نفسه أيضاً.
قوى الثورة المضادة – النقلة السادسة (10 يوليو)
شعرت قوى النظام السابق بالقلق الشديد خوفاً من أن ينقلب الأمر عليها خاصة بعد الموافقة على علانية المحاكمات وقرب حركة تنقلات واسعة في الشرطة سيتم على إثرها استبعاد كل القيادات غير المرغوب فيها من الثوار. فبدأت قوى النظام القديم بالتحرك السريع والمباغت باستخدام إستراتيجية بث الفرقة وعمل شرخ في العلاقة بين الثوار والمجلس العسكري بما يجعل من الصعب التقائهما ثانية. فقامت بدس أتباعها في الميدان لسب المجلس العسكري والمشير بشكل مبالغ فيه ومرفوض. ثم حركت في الاتجاه المقابل آخرون يهتفون باسم المجلس العسكري في ميدان روكسي ليتم الإعلان فيما بعد عن انضمام أبناء مبارك إلى مؤيدي المشير ليعتصموا في ميدان روكسي؛
ثم قامت نفس القطعة بتسريب تقارير مغلوطة ومفبركة عن بعض الشخصيات إلى المجلس العسكري. وكانت بداية هذه التقارير ما ذكر عن الدكتور حازم عبد العظيم المرشح لمنصب وزير الاتصالات، وكان لابد من استبعاده لأنه معروف عنه أنه من ثوار التحرير ولا يمكن لقوى الثورة المضادة أن يأمنوا عواقب توليه الوزارة على مصالحهم؛ خاصة فيما يتعلق بوسائل التنصت التي يستخدمها هؤلاء على شبكات الهاتف والمحمول، إضافة إلى إعلانه عن تركيزه لعمل الاقتراع الإليكتروني للسماح للمصريين في الخارج بالمشاركة في الانتخابات القادمة؛ وهو فيما يبدو قد أزعج المجلس العسكري فقرر استبعاده من الوزارة بحجة ما تردد في الصحف من تسريبات عن علاقات تربط شركته بشركة إسرائيلية، رغم أنه ثبت عدم صدق هذه الاتهامات.
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقامت نفس القطعة بمعاونة قطعة الإعلام التابعة لهم بالمساهمة في توسيع الخلافات بين القطع الثورية التي تتحرك على الرقعة، فقاموا بإثارة الإسلاميين على باقي القطع. كما قاموا بكيل الاتهامات إلى المهندس ممدوح حمزة الذي كان يجب استبعاده من الميدان بأي ثمن لقطع خطوط الإمداد والتموين عن الثوار في التحرير. والحال كذلك مع رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي يمتلك قناة تقدم برامجها السياسية تحليلات متزنة كما تقدم دعماً إعلامياً للثوار، إضافة إلى إنشائه لحزباً سياسياً. أما البرادعي فقد كان هدفاً سهلاً فكثيراً مما ادعاه عليه النظام السابق أصبح الناس يرددونه مع الوقت عن ظهر قلب. كما قاموا أيضاّ بدس البلطجية في ميدان التحرير للاعتداء على المعتصمين.
المجلس العسكري - النقلة الثامنة (12 يوليو)
إلقاء اللواء محسن الفنجري اليوم لبياناً استفزازياً لم يكن مرضياً لكافة الثوار؛ ولكنه يعكس في الواقع التسريبات التي تم تسليمها للمجلس عن كثير من الشخصيات والجماعات الثورية. كما صدر في نفس اليوم عن مجلس القضاء الأعلى قراراً بمنع رجال القضاء والنيابة من الظهور على القنوات التليفزيونية. لا يمكن النظر إلى هذا القرار إلاّ إنه إشارة على أن كيل المجلس العسكري قد فاض من حرية التعبير وأنه على وشك الصدام مع الكثيرين.
كما يشير قرار مجلس القضاء إلى رغبة المجلس العسكري في تجفيف حرية الرأي وتحرير العقول من المنبع، ذلك لأن القضاة كانوا يعلقون ويفسرون ما يجري على ساحة القضاء وكشف الكثير من العيوب في القضاء وعملية سير المحاكمات لأركان النظام السابق؛ وهذا من شأنه زيادة الوعي وبالتالي زيادة أعداد الثوار في التحرير عندما يكتشفون الكثير من الحقائق. وتؤكد هذه النقلة الأخيرة للمجلس أنه يلعب لصالحه هو وليس لصالح القوى الثورية، وأن هناك توافقاً فيما بينه وبين قوى الثورة المضادة، وأن النقلة الأخيرة لقوى الثورة المضادة كانت على هوى المجلس إن لم يكن مشاركاً فيها. إلا أن المجلس في تحرك آخر مؤيد لقوى الثورة قرر النزول على رغبات الثوار ووافق على مبدأ علانية المحاكمات وتعد هذه الموافقة تهدئة للموقف مع الثوار، كما تشير أيضاً إلى أن المجلس قرر أنه آن الآون للإطاحة بأركان النظام القديم حتى تخلوا له الساحة.
القوى الثورية – النقلة السابعة (15 يوليو)
دعت اليوم القوى الثورية لجمعة الإنذار الأخير للمجلس العسكري معلنين بذلك رفضهم للتباطؤ الذي يظهره المجلس في دعمه للثورة، كما بدأ بعض من المعتصمين إضرابهم عن الطعام. إلا أنه بدأ يظهر انشقاقاً في الميدان بين الثوار حيث رفضت قوة الإخوان المسلمين والسلفيين المشاركة ثم نزلت من أجل إظهار قوة العضلات، لإرسال رسالة للشعب وللمجلس أنهم القوة الفاعلة في الثورة، وهذا يعطي مؤشراً لوجود مداعبات أو اتفاقات بين القوى الإسلامية والمجلس العسكري للتوافق فيما بينهما على حساب باقي القوى الثورية.
المجلس العسكري - النقلة التاسعة (16 يوليو)
صدر اليوم البيان الثامن والستين للمجلس العسكري ليؤكد فيه على ميل المجلس لكفة القوى الثورية بتأكيده على قبول المبادئ الحاكمة للدستور ووضع معايير حاكمة للشخصيات التي ستقوم بوضع الدستور فيما بعد إضافة إلى إلغاء المحاكم العسكرية للمدنيين وحق التظاهر والاعتصام. وكانت الشرطة قد أساءت استخدام المحاكم العسكرية لتقدم المدنيين ليفعل بهم الجيش ما لم يفعلوه هم به؛ فتم تقديم الجميع للمحاكم العسكرية بتهمه البلطجة. بهذا القرار تم تجميد حركة الشرطة في محاولاتها للإيقاع بين المجلس والشعب. وتعتبر هذه النقلة لصالح القوى الثورية.
المجلس العسكري - النقلة العاشرة ( 19 يوليو)
أدانت لجنة القوات المسلحة في مؤتمر الوفاق الوطني استمرار الاعتصام في التحرير وقالت أنه تحت سيطرة البلطجية ويجب إنهاؤه فوراً. مما يؤكد على توتر العلاقة بين المجلس والثوار المعتصمين في التحرير، كما يشير إلى انفصال بين أهداف المجلس والثوار. وأنه يعد إنذاراً للثوار بأن هناك تحرك قادم في الأيام القليلة القادمة لفض الاعتصام بالقوة والقبض عليهم بصفتهم بلطجية ومن ثم يجوز للمجلس محاكمتهم عسكرياً. وتعتبر هذه النقلة في صالح تحقيق أهداف المجلس وليس أهداف القوى الثورية.
القوى الإسلامية – النقلة الأولى (20 يوليو)
بدأت تظهر أصوات الإسلاميين منفصلة عن القوى الثورية معلنة تأييدها لوجهة نظر المجلس العسكري بأن من في التحرير هم بلطجية. مما يشير إلى وجود توافق أو اتفاق مصالح بينهما، ومما يؤكد على تفتت جبهة القوى الثورية.
القوى الإسلامية – النقلة الثانية (22 يوليو)
أعلنت الحركات الإسلامية خاصة السلفيين والجماعة الإسلامية أنهم سينزلون ميدان التحرير الجمعة القادمة لتطهيره من الثوار البلطجية؛ وليعلنوا عن رفضهم للمبادئ الدستورية، مما أُعتبر نذيراً بصدام بين الإسلاميين والثوار، ونذيراً لانفصال الإسلاميين عن الثوار وتشكيلهم جبهة منفصلة لها أجندتها الخاصة بعيداً عن أجندة الثوار. كما شنوا هجوماً شرساً على ممدوح إسماعيل واحد من أقوى الشخصيات الداعمة للثوار بدعوى أنه ليبرالي، كما شنوا هجوماً آخر على رجل الأعمال نجيب ساويرس صاحب قناة (أون تي في)، والتي تقدم البرامج الداعمة للثورة والثوار، وكان هجومهم عليه بدعوى أنه مسيحي كافر. إن هذا التحرك تأكيد وإعلان واضح عن تفتيت جبهة القوى الثورية تماماً.
قوى الثورة المضادة – النقلة السابعة (22 يوليو)
بدأ إندساس واضح للبعض في ميدان التحرير والسب بشكل غير مقبول في شخص المشير وفي المجلس العسكري. كما ظهرت دعوات للتوجه إلى المجلس العسكري والتي لا يعلم أحد من بدأها فلا توجد قوى تعلن موافقتها على هذا التحرك ولا يعلمون من الذي دعا لها. وقد وضح وقوع الميدان تحت سيطرة البلطجية من حادثة الاعتداء التي تعرضت لها مذيعة قناة الجزيرة مباشر مصر في الميدان.
قوى الثورة المضادة – النقلة الثامنة (23 يوليو)
بعد قرار علانية المحاكمات والتفكير في تفعيل قانون الغدر، والذي يعني إمكانية الزج بالكثيرين في السجون بسبب الفساد، قررت قوى الثورة المضادة استغلال الغضب الشعبي ضد المجلس العسكري لإحداث شرخ من شأنه أن يخلخل الاستقرار في البلد. فقام البعض باعتلاء المنصات وترديدهم لشعارات ضد المجلس والمشير بشكل عدائي مبالغ فيه وغير مبرر، حتى أن بعض شباب التحرير أنفسهم لا يعرفون ما يحدث ولماذا يحدث. كما تم أيضاً الإعلان عن إنضمام مؤيدي مبارك في ميدان مصطفى محمود إلى مؤيدي المجلس العسكري المتواجدين في ميدان روكسي وذلك لدعم المجلس العسكري في إجراءاته ضد الثوار، وإعلانهم عن نيتهم النزول لميدان التحرير يوم الجمعة القادم منضمين مع الجماعات الإسلامية لتطهير الميدان من الثوار.
المجلس العسكري- النقلة الحادية عشر (23 يوليو)
استطاع بعض المندسين في الميدان من التأثير على شباب المعتصمين بالتحرك إلى قيادة المجلس العسكري، رغم نفي شباب الثوار أنهم الداعين إلى هذا التحرك، ولا يعرفون من هو صاحب الفكرة. وقد وجد المتظاهرون أن مدرعات الجيش قد حاصرتهم في ميدان العباسية ليتركوهم إلى البلطجية بدعوى أنهم سكان العباسية الرافضين للثوار المخربين، ليوسعوا المتظاهرين ضرباً. لقد كانت هذه النقلة للإيقاع بالمتظاهرين في كمين وتحريض أهالي الشعب ضدهم مع دعمهم بجيش من البلطجية ليقوموا بضرب الثوار ولا مانع أيضاً من ضرب البلطجية لأهالي العباسية في نفس الوقت ليزداد رفض الأهالي للثوار، ظناً بأن الثوار هم من يضربونهم. التحليل المنطقي لمجريات الأحداث تشير أن هذه النقلة مسئول عنها المجلس العسكري وليس قوى الثورة المضادة، وهذا يعني أن المجلس يتحرك للإيقاع بين القوى الثورية والشعب كما يعني أيضاً أن المجلس العسكري أصبح يمتلك جيشاً من البلطجية منتهجاً بذلك نفس أساليب النظام السابق في قمع المعارضين له.
المجلس العسكري – النقلة الثانية عشر (24 يوليو)
أتهم عضو المجلس العسكري اللواء الرويني، حركة 6 ابريل بأنها تابعة للصرب وأن القبضة الموجودة في اللوجو الخاص بها هي علامة صربيه، وأن شبابها تلقوا تدريباً هناك وتلقوا دعماً مادياً من الخارج. كما أتهم أيضاً حركة كفاية بأنها حركة ليست مصرية. وقد اتهم جماعة 6 إبريل بأنها هي التي قادت المظاهرات أمس إلى المجلس العسكري. كما أكد على أن المتظاهرين كانوا يحملون معهم قنابل المولوتوف. وقد وجه اللواء الرويني في نهاية كلمته الشكر لأهالي العباسية الذين صدوا المتظاهرين المخربين. كما بدا على المجلس ضيقه الواضح من الإعلام الحر الذي يدعم الثوار فقام اللواء الرويني بالتدخل في أحد البرامج التليفزيونية وتحدث بطريقة عنيفة مع المذيعة، التي رفضت بدورها أسلوبه وأبدت اعتراضها، لينتهي الأمر بوقف البرنامج في حادثة تدل على اتخاذ المجلس العسكري منحى جديداً في السيطرة على البلاد مشابهة لمنهج النظام السابق.
إن الهدف من هذه النقلة التأكيد على شق صفوف الثوار وتفتيت جبهتهم التي بدأت بوادرها منذ الأسبوع الماضي بفصل القوى الإسلامية عن الثوار، وتوجيه القوى الإسلامية الاتهامات لممدوح حمزة ونجيب ساويرس. ثم يأتي المجلس اليوم ويؤكد على فصل شباب الثورة عن المواطنين من خلال التأكيد على مبدأ أن شباب الثوار هدفهم تخريب البلد. وقد ركزت هذه النقلة على التشكيك في أهم جماعتين ثوريتين وهما حركة 6 إبريل وحركة كفاية. كما يؤكد على أن المجلس لا يلعب لصالح الثورة والثوار وإنما يعلن في صراحة ووضوح بأن له أجندته الخاصة وأنه على استعداد للتنكيل بالمعارضين، ولتزداد هنا الشكوك حول البلطجية الموجودون في ميدان التحرير بأن من يحركهم قد يكون المجلس العسكري أيضاً.
قوى شباب الإخوان النقلة الأولى (25 يوليو)
بدأت تظهر قوة جديدة على السطح وهي شباب الإخوان الذين شاركوا في الثورة دون موافقة شيوخهم والذين بدءوا الآن في رفض بعض من قرارات الجماعة وبدأت تظهر لهم مواقف منفردة عن الجماعة ولا ينتظرون حتى تصدر التعليمات من مكتب الإرشاد. فقد رفض شباب الإخوان الاتهامات بالتخوين والعمالة لشباب 6 إبريل، مما يشير إلى رفضهم لشيوخهم الذين عقدوا الصفقات بين التيارات الإسلامية من جهة وبين المجلس العسكري من جهة أخرى.
القوى الثورية – النقلة السابعة (26 - 28 يوليو)
تم عقد اجتماعات مستمرة لتوحيد الصف بين القوى الثورية والقوى الإسلامية حتى لا يحدث صدام يوم الجمعة. وتم الوصول إلى اتفاقات بهذا الشأن والتوقيع عليها من كل الأطراف. وانتهوا إلى تسمية يوم الجمعة القادم بجمعة لم الشمل. وينظر إلى هذه النقلة باعتبارها ضربة استباقية حتى لا تستغل قوى الثورة المضادة أية انشقاقات بين صفوف القوى الثورية.
المجلس العسكري - النقلة الثالثة عشر (26 يوليو)
طالب مجلس الوزراء بتفعيل قانون الغدر لمحاكمة رموز النظام السابق على جريمة إفساد الحياة السياسية. ويبدو أن هذه النقلة تدعم القوى الثورية. ولكن يمكن النظر إليها أيضاً على أن المجلس قد استتب له الأمر الآن، فلم يعد في حاجة إلى الحفاظ على موائمات أو عقد صفقات مع أي من القوى اللاعبة على الرقعة. لهذا قد تشير هذه النقلة في الحقيقة إلى أن المجلس أصبح قادراً على الإطاحة بكل القوى لصالح تنفيذ ما يريد الآن وأنه سيقوم بتصفية الجميع من الساحة قريباً حيثما تسنى له. إن هذه النقلة تخدم بالأساس المجلس لزيادة شعبيته لدى عموم الشعب لتصور لهم أن المجلس هو حامي الثورة.
المجلس العسكري - النقلة الرابعة عشر (28 يوليو)
طالب مجلس الوزراء باستبعاد قيادات الحزب الوطني المنحل من العمل في الحياة السياسية ومن العمل في المؤسسات الصحفية والإذاعة والتليفزيون. وما ينطبق من تصوري على قانون الغدر فإنه ينطبق على قانون الاستبعاد لقيادات الحزب الوطني، فهذه النقلة أيضاً تخدم بالأساس المجلس بهدف تصفية الساحة من جميع المعارضين المحتملين له ومن جميع التابعين للنظام السابق تمهيداً لخلق وضعاً جديداً بتابعين جدد يتوافقون مع أجندته الخاصة.
القوى الإسلامية – النقلة الثالثة (29 يوليو)
بعد أن اجتمعت القوى السياسية في اجتماعات متوالية وبعد التوقيع على اتفاقات مكتوبة بين القوى الإسلامية والقوى الثورية بعدم رفع شعارات مغايرة لما اتفقوا عليه، قامت القوى الإسلامية برفع الشعارات الدينية التي تنادي بالدولة الدينية، وبتطبيق الشريعة الإسلامية. فكانت جمعة شق الصف وتمزيقه، وليعلن الإسلاميون أنهم قوة منفصلة عن قوى الثورة؛ تضم الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية. وقد أعلن انضمامه لهم بعض الرموز الدينية التي كانت محسوبة على القوى الثورية مثل صفوت حجازي. إن هذه النقلة لا تخدم سوى قوى الثورة المضادة الداخلية والخارجية وكذلك تخدم المجلس العسكري الذي اطمأن إلى تفتت القوى الثورية. وتشير أيضاً هذه النقلة أن هناك اتفاقات قد جرت بين المجلس العسكري والقوى الإسلامية لخروج الإسلاميين من جبهة القوى الثورية في مقابل وعود لا تظهر معالمها الآن في الأفق، مما يؤكد على أن المجلس يمهد الساحة في المرحلة القادمة لنفسه فقط.
المجلس العسكري - النقلة الخامسة عشر (31 يوليو)
أعلن المجلس العسكري عن رفع حد التعويضات المخصصة لأهالي الشهداء لتصل إلى ثلاثين ألف جنيه لكل أسرة، وتحديد التعويضات للمصابين حسب مستوى الإصابة. هذه النقلة قد ينظر إليها طبعاً باعتبارها خطوة في خدمة القوى الثورية، إلاّ أنه يمكن أيضاً اعتبارها خطوة لتفريغ الميدان من أهالي الثوار مما يساعد على إضعاف القوى الثورية باستبعاد واحد من أهم القطع الثورية الفاعلة . فبعد قرار علانية المحاكمات وبعد قرار القرار بزيادة التعويضات يفترض أن يعود هؤلاء لمنازلهم وألا ينضموا لمظاهرات الثوار ثانية، وبهذا فإنها خطوة يمكن اعتبارها تصفية لجبهة الثوار. ويؤكد وجهة النظر هذه تصريح نائب رئيس الوزراء بأن من في الميدان ليس لهم انتماءات سياسية ويجب أن يخرجوا من الميدان.
المجلس العسكري - النقلة السادسة عشر (1 أغسطس)
قامت قوات تابعة للشرطة العسكرية والأمن المركزي بمحاصرة الميدان وفض الاعتصام بالقوة بحجة أنهم يعطلون سير الحياة الاقتصادية بشكل طبيعي، وتم القبض على أكثر من مائة معتصم. تأتي هذه الخطوة لإظهار أن صبر المجلس بدأ في النفاذ، وقد استغل المجلس أن اليوم هو الأول من رمضان والكل مشغول في الصيام وفي البرامج الرمضانية التي توقفت بسببها جميع المتغطيات الإعلامية لفعاليات الثورة. فيما يبدو أن المجلس العسكري سيستغل الشهر الكريم في تنفيذ أجندته بأسرع ما يمكن حتى يجد الناس أن الأمور مستقرة لصالحه بعد انتهاء العيد كحد أقصى. اللافت للنظر أن بين المعتصمين من كان يرفض إخلاء الميدان كلما طرح أحد هذه الفكرة، وعند دخول قوات الجيش للميدان لفض الاعتصام إذا بهؤلاء يتحولون إلى مرشدين للجيش للقبض على المعتصمين؛ ليكتشف المعتصمين أن هؤلاء تابعين للتحريات العسكرية. تشير هذه النقلة إلى أن الجيش لم يكن يريد إلا فض الاعتصام بالقوة ليرسل رسالة للجميع أنه صاحب القرار وأنه هو الذي يسمح وهو الذي لا يسمح في هذه البلاد؛ ولهذا كان مرفوضاً فض الاعتصام من جانب المعتصمين أنفسهم. كما تؤكد هذه النقلة أيضاً على إتباع المجلس لأسلوب دس عناصره داخل المتظاهرين لتحريكهم ليفعلوا ما يريده المجلس؛ مما يؤكد على فرضية أن الذي حرض المتظاهرين على التحرك إلى المجلس العسكري هو المجلس العسكري نفسه باستخدام عناصره المندسة داخل صفوف المتظاهرين.
المجلس العسكري - النقلة السابعة عشر (3 أغسطس)
جرت اليوم أولى جلسات محاكمات مبارك ونجليه وظهورهم في القفص مما يعطي رسالة واضحة لا لبس فيها إلى قوى الثورة المضادة بأن زمانكم قد انتهى وعليكم بالالتزام في الجحور وإلاّ فلن تجدوا إلاّ ما يسر أعداؤكم. كانت الرسالة صادمة لم تتحملها قوى الثورة المضادة وظنوا لآخر لحظة أن هناك أمر ما سوف يحدث ولن تعقد المحاكمة أو لن يحضر مبارك ومن ثم يزداد أملهم بأن مبارك مازال بيده السلطة وأن هناك من يحميه. حضر كثير من مؤيدي مبارك ومن البلطجية لمشاهدة المحاكمة على شاشات العرض خارج أكاديمية الشرطة وقاموا بضرب المتجمعين لمشاهدة المحاكمة، ولكن بمجرد ظهور مبارك في القفص أدركوا أنه بالفعل قد انتهى الأمر؛ فلم يعد لمبارك وجود، لهذا إنصرفوا جميعاً لتنتهي صفحة قوى الثورة المضادة إلى حد كبير. وتؤكد هذه النقلة على أن اللعب أصبح محصوراً بين القوى الثورية والمجلس العسكري بالأساس، ولتراقب القوى الخارجية عن كثب لتنظر ماذا يمكنها أن تفعل.
المجلس العسكري - النقلة الثامنة عشر (4 أغسطس)
تم إعلان حركة المحافظين اليوم لتكشف لنا عن أن معايير اختيار المحافظين كما هي قبل الثورة مقسمة بين الجيش والشرطة بالدرجة الأولى، مما يعني أن المجلس يتحرك وفقاً لما يراه مناسباً له وليس وفقاً لما هو مناسب للثورة. كما يعبر أيضاً عن أن المجلس مازال مهتماً بترضية الشرطة، حفاظاً على استقرار الجبهة الداخلية.
القوى الإسلامية – النقلة الرابعة (5 أغسطس)
لم تنزل القوى الإسلامية اليوم إلى ميدان التحرير للأقطار المجمع وإقامة صلاة التراويح في الميدان، كما أعلنت من قبل في جمعة شق الصف، مما يعني صدور أوامر لهم من المجلس بعدم النزول، ويعني أيضاً أن نزولهم من عدمه يخضع لأوامر المجلس العسكري. وهذا يشير إلى وجود اتفاقات بين القوى الإسلامية والمجلس. أيضاً يعني عدم النزول إلى أنهم كانوا على علم تام بما سيجري من هجوم على الميدان لفض أية محاولة للإفطار فيه. إن هذا يشير في تصوري إلى أن الإسلاميين أصبحوا ورقة ضاربة في يد المجلس وأن بينهم تنسيق تام، يستخدمهم المجلس لضرب القوى الثورية وشق صفها.
مما سبق يمكن القول أن اللاعبون الأساسيون على هذه الرقعة هم القوى الثورية والتي انقسمت فيما بينها فيما بعد إلى إسلاميين وغير إسلاميين ثم ظهرت بوادر انقسام داخل جماعة الإخوان من جانب شباب الإخوان. ثم قام المجلس العسكري بمحاولات تشويه جماعة كفاية وجماعة 6 إبريل، مما يعني أن القوى الثورية تفتت إلى درجة يخشى على هذه القوى الثورية من القدرة على الصمود ضد محاولات التفتيت هذه. كما نجد من ناحية أخرى القوى المضادة للثورة والتي فيما يبدو أنها على وشك الانهيار بعد ظهور مبارك في قفص بالمحكمة. ثم تأتي القوى المراقبة والتي أحسن استغلالها القوى المضادة للثورة والآن يحسن استغلالها المجلس العسكري، والتي وللأسف لم تحسن القوى الثورية استغلالهم نهائياً.
كما نجد أيضاً من اللاعبون الأساسيون القوى الخارجية والتي لها قسمين الأول يضم الدول الغربية وإسرائيل والثاني يضم بعض من دول الجوار. وأخيراً نجد على رأس القوى اللاعبة المجلس العسكري الذي يتضح من تحركاته أنه قوى قائمة بذاتها وليس مجرد قطعة تتحرك لتنفيذ مخططات الآخرين بما فيهم القوى الثورية. بل يصل بنا الأمر للقول بأنه ومن قبل تنحي مبارك كان المجلس مقرراً أن يكون القوى الفاعلة الرئيسية والوحيدة، وبعبارة أدق كان المجلس مقرراً سرقة الثورة من قبل تنحي مبارك. فبما أن قرار تنحي مبارك عن السلطة جاء بناء على أوامر المجلس العسكري ورغم أنف مبارك؛ فإنه وبالضرورة تكون الجهة التي يسلم لها مبارك السلطة أيضاً ينطبق عليها نفس الشرط (رغم أنفه) بدليل أنه جاء مخالفاً للدستور الذي يقضي بتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، بمعنى أن تسليم السلطة للجيش لم يكن برغبة مبارك وإنما بناء على أمر من المجلس العسكري لأنه قرر أنه لن يكون حامي الثورة وإنما حراميها.
تمثلت نقلات القوى اللاعبة على الرقعة في عدد ثمانية نقلات قامت بها القوى المضادة للثورة، بينما قامت القوى الخارجية بعدد نقلتين فقط، أما القوى الثورية فقامت بعدد سبع نقلات. وقام المجلس العسكري بعدد ثمانية عشر نقلة، كانت النقلة الأولى (13 فبراير - 2 مارس) لصالح القوى المضادة للثورة أو لصالح المجلس نفسه. ثم جاءت النقلة الثانية (2 مارس) توافقية بين القوى الثورية والقوى المضادة للثورة. أما النقلة الرابعة (14 إبريل) فكانت لصالح القوى المضادة للثورة، أو أنها تمثل توافقاً في الرغبات فيما بينهما. وكانتا النقلة السابعة (10 يوليو) لصالح القوى الثورية والمجلس العسكري نفسه، أما النقلة التاسعة (16 يوليو) فكانت لصالح القوى الثورية.
أما النقلات الثالثة (10 مارس)، والخامسة (15 مايو) والسادسة (15 مايو - 28 يونيو)، والثامنة (12 يوليو)، والنقلة العاشرة (19 يوليو) وحتى الثامنة عشر (4 أغسطس) كانت جميعها خالصة لصالح المجلس العسكري. مما يعني أن ثلاثة عشر من الثمانية عشر نقلة كانت لصالح أجندة المجلس، بينما نقلتان فقط كانت واحدة منهما متوافقة مع مصالح القوى الثورية والمجلس العسكري معاً، أما الثانية فكانت لصالح القوى الثورية. ونقلة لصالح دول الجوار ونقلتان توافقيتان بين المجلس والقوى المضادة للثورة.
عند محاولة استقراء النقلات المستقبلية للمجلس العسكري فإنه يمكننا القول بأن المجلس سيقوم بعمل عدة نقلات من شأنها تقوية صورته لدى الشعب لينتهي الأمر بمطالبة الشعب له بالبقاء في السلطة، وستكون هذه النقلات المحتملة على النحو التالي:
- سيحصل المجلس على دعم القوى الخارجية سواء الغربية أو دول الجوار باعتبار أن المجلس هو الخيار الأفضل لهم في هذه المرحلة؛ بدلاً من الدخول في غيب لا يعلمه إلا الله، وستدعم جميع القوى الخارجية هذا الخيار بكل ما لديها من وسائل للدعم لبقاء الجيش في السلطة.
- سيقوم المجلس بعقد الصفقات مع القوى الإسلامية ومن يتضامن معهم من أكشاك المعارضة في عهد مبارك ليكتسحوا انتخابات مجلسي الشعب والشورى في مقابل الانفصال التام عن القوى الثورية بل ومساعدة المجلس في التخلص منهم جميعاً سواء كانوا أفراداً أو ائتلافات.
- سيقوم المجلس بإصدار قانون العبادة الموحد حتى يضمن ولاء المسيحيين له وتبنيهم الدعاوى لتولي المجلس مقاليد السلطة في البلاد.
- سيقوم المجلس ببث كل ما من شأنه فقد الشعب الثقة في مرشحي الرئاسة فالبرادعي بدأت قوى الثورة المضادة تشويه صورته ويمكنها أن تستمر في ذلك ليس حباً في المجلس ولكن كرهاً في البرادعي الذي كان الرصاصة الأولى لإسقاط مبارك ونظامه. ويمكن للمجلس تجنيد من يقوم بتشويه صورة عمرو موسى عن طريق نشر علاقاته بمبارك أو نشر علاقات ابنه باليهود أو غيرها من الأمور المتعلقة بالرجل شخصياً وقت أن كان أميناً لجامعة الدول العربية. وسيكون على المجلس إيجاد التسويات اللازمة لسليم العوا وعبد المنعم أبو الفتوح حتى يتخلوا عن فكرة الترشيح، خاصة أن لدى المجلس الموقع الذي ينشر التوقعات المحتملة بخصوص المرشحين للرئاسة والتي يمكن التلاعب بها بسهولة للتأثير على الرأي العام.
- إلغاء فكرة اقتراع المصريين في الخارج حتى يمكن السيطرة على تشكيل وعي من هم في الداخل. فالمجلس يثق في أن من في الخارج لن يقبلوا بحال حكماً يكون للعسكر بأي شكل من الأشكال.
- افتعال مشكلة في الأمن الداخلي، لكشف أداء الشرطة الضعيف في السيطرة على الأمور، مما يدفع المجلس للتحرك بناءً على المطالبات الشعبية بالإطاحة بكل قيادات الشرطة ولن يبقي المجلس على متقاعس منهم، وقد يصل الأمر بتولي رجال من الجيش المناصب القيادية في الشرطة بدءاً من الوزير وحتى مديري الأمن في بعض المحافظات، ليلحظ الشعب الفارق في الأداء، وليثبت للشعب أنه الأجدر بتولي مقاليد الحكم؛ مما يعزز من مطالبات الشعب التي ستصل إلى حد الرجاء ببقاء المجلس في السلطة، ولا مانع من تسيير بعض المظاهرات التي تهتف للمجلس.
- دخول سامي عنان كأحد المرشحين للرئاسة ليكتسح الجميع ويفوز بالرئاسة القادمة لمصر وبهذا يبقى المجلس العسكري في الحكم بشكل يبدو ديمقراطياً، وستفرح كل القوى الخارجية بهذا الاختيار، كما ستفرح القوى المضادة للثورة على أمل أن تجد لها مساحة عند الرجل تستفيد منها لتحقيق مصالحها الخاصة.
- بعد فوز سامي عنان بالرئاسة ستكون أولى الخطوات هي رفع الحد الأدنى للأجور إلى ألف ومائتين جنيه حتى يهلل الشعب للمجلس وليكتسب شرعية لدى العامة من الشعب. كما سيقوم المجلس بمنح بعض الامتيازات للقوى الثورية الناشئة، وكذلك العمل على دعم أكشاك المعارضة في أيام حكم مبارك لتبقى مؤيدة للنظام لتسبح بحمده لتستمر في الدور الذي كانت تلعبه وتجيده بكفاءة عالية.
- سيقوم الرئيس الجديد بعد عام على الأكثر من استقرار الأمور بتحجيم حركة الإخوان والإسلاميين ولا مانع من فتح السجون لهم جميعاً ثانية.
ماذا على القوى الثورية أن يفعلوا كخطوة احترازية؟
فبما يحكم الإخوان المسلمون من عشق مسك العصا من المنتصف، إضافة إلى رغبة الجماعة الإسلامية والسلفيين بأن يكون لهم حرية الممارسة السياسية، فلا أعتقد أن هناك أمل للقوى الثورية أن تتكاتف معهم القوى الإسلامية، لأنهم إن دخلوا فيها فسيعملون لصالح المجلس العسكري ولصالح تنفيذ مخططاته في الوصول للسلطة. لهذا فإن الاحتمال الوحيد الممكن هو إنشاء مجلس أمناء للثورة يضم بعض الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والاحترام من مرشحي الرئاسة مثل البرادعي، سليم العوا، عمرو موسى، أيمن نور، حمدين صباحي، عبد المنعم أبو الفتوح، حازم أبو إسماعيل، إضافة إلى بعض الرموز الوطنية الأخرى الممثلة للقوى الثورية خاصة من الأحزاب السياسية الجديدة غير الدينية حتى لا يسهل شق صفهم وحتى يسهل عليهم الوصول لقرار موحد، إضافة إلى ممثل عن اسر الشهداء وممثل عن مصابي الثورة.
وتكون وظيفة هذا المجلس أمر واحد فقط هو العمل على جعل مصر دولة مدنية وليست عسكرية وكشف ومقاومة أية محاولة للمجلس العسكري للالتفاف على الثورة وسرقتها بأي وسيلة كانت، ونشر الوعي بين الناس حتى لا يتم سرقة الثورة، ومواجهة وفضح أساليب المجلس والدخول معه في صدام مباشر لمنع سرقة المجلس العسكري للثورة والاستيلاء على الحكم في مصر. كما يحظر على هذا المجلس الدخول في أية معارك أخرى من شأنها أن تقضي على الهدف الرئيسي لإنشائه. وليكن معلوماً لديهم أن المجلس العسكري سيعمل حتماً إلى إدخالهم في صراعات تبعدهم عن هدفهم الرئيسي، وسيعمل على تحريض الشعب ضدهم. إن لم ينتبه الثوار لهذا المخطط من المجلس العسكري، وإن لم يتم إنشاء هذا المجلس؛ فلنقل من الآن مبارك للمجلس العسكري مصر.
8- 8 - 2011